يرفرف القلب فرحا كلما شاهد مواكب الحجاج وهي مسافرة في مواكب الفرح لتلبية النداء الرباني للحج وزيارة بيت الله الحرام. ويسترجع كل من كتب الله له زيارة المكان كل ذكرياته التي لا تنسي في رحلة العمر التي تحفر أحداثها في القلوب والأرواح التي تظل ترفرف حول المكان داعية الله أن يكتب لها زيارة بيته مرات ومرات. وأستوقفني مشهد الإنشاد في مطار جدة للحجاج الإندونيسيين الذين وقفوا يرددون عبارات جميلة حبا في رسول الله.وبكيت مع الحاج الذي وقف باكيا عندما وصل إلي مطار المدينةالمنورة وتذكرت بكائي عندما دخلت مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وشاهدت الكعبة الشريفة للمرة الأولي. وأمام هذه المشاعر الروحية التي جعلها الله عصية علي النسيان في ذاكرتنا لتكون لنا رسالة تذكرة دائمة أن هذه الدنيا لا تساوي لحظة صدق ودعاء واحدة وقفت فيها بقلبك تطلب العفو والرضا من رب العالمين مهما كان الذنب ومهما كان الشكل واللغة ، مازلت أتمني أن يكون لدينا اهتمام أكبر بالإعداد لهذه الرحلة المقدسة وأن يجمع كل الحجيج في ندوات تثقيفية ليس فقط للتعريف بالمناسك والشعائر ولكن لإتقان آداب وسلوكيات التعامل في هذه الأيام المباركة كي يكون حجا مبرورا مقبولا بإذن الله من الجميع. فلا تذهب من ذاكرتي مشاهد الشجار التي كانت تحدث من البعض فوق جبل عرفات والحجيج يستعدون للنزول إلي مزدلفة بسبب عدم انتظام الباصات وصعوبة الوصول إليها في الوقت الذي كان يجب أن يشغلوه بالدعاء. كما تتكرر كل عام ظاهرة إلقاء القمامة في شوارع عرفات وكأن من ذهب صعد للجبل من أجل الأكل والشرب وترك هذا المكان المقدس متسخا في انتظار عمال النظافة. وأذكر أيضا مأساة حجاج الفرادي الذين يذهبون بدعوات من السفير السعودي ليجدوا خدمات سيئة من بعض المطوفين الذين يجعلوا أداء المناسك صعبا خاصة علي المرضي وكبار السن الذين لا يحتملون درجات الحرارة العالية داخل مخيمات لا يوجد بها حتي مروحة. والبعض الذين يسافرون دون قراءة ومعرفة بما يجب عليهم فعله من مناسك ونترك لعشوائية سلوكيات خاطئة فهناك من تصرخ وتولول في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وهناك أخري تزغرد فرحا والأصل التأدب وخفض الصوت في حضرة الحبيب المصطفي »صلي الله عليه وسلم». ولن أنسي رغم كل السلبيات التي نتذكرها لأننا نريد لرحلة العمر في ضيافة الرحمن أن لا يعكر صفوها شيئ أن نشكر الجنود المجهولين من عمال وحراس بيت الله الحرام والأماكن المقدسة والذين يقومون بجهد جبار من أجل نظافة هذه الأماكن وترتيب دخول وخروج الملايين من الحجيج طوال ساعات اليوم دون كلل أو ملل. ولا يسعنا الآن غير التلبية وترديد كلمات أبو السعود الإبياري »يا رايحين للنبي الغالي هنية لكم وعقبالي» أنا وكل المشتاقين.