استدعاء قوي الشر: »جوبلز» وزير الدعاية السياسية الألماني في حكم هتلر، هو الأب الروحي لبث الشائعات النازية التي تدمر الدول وتفني الشعوب، ويسير علي دربه أشرار العالم، المخضبة أفواههم بالأكاذيب، ومن بينهم الجماعة الإرهابية التي تطلق الغرف الإلكترونية الجهنمية، لتعكير صفو الحياة، وإصابة الناس بالإحباط والقلق والتوتر، سعياً للوصول إلي الفوضي، ومعهم كيانات أخري تضمر شراً، ولا يسعدها أن تقف مصر علي قدميها، فأعادت إحياء الأساليب النازية، الأقوي فتكاً من القنابل والمتفجرات، ولكن فاتهم أن المصريين جربوا بأنفسهم واكتشفوا بأنفسهم.. ورغم ذلك وجب التحذير والتنبيه. اكذب ثم اكذب ثم اكذب: وتكملة الجملة »قد يصدقك الناس».. وهذه النظرية اسمها »التأطير» ومؤسسها »جوبلز»، ومعناها إبراز الجوانب السيئة من الحدث والتركيز عليها، وطمس أجزاء أخري، لإحداث الضرر وتأكيد التأثير، فعندما تنتشر شائعة في مصر، حول إجراء حذف عشوائي للمواطنين في البطاقات التموينية، مع الغلاء وارتفاع الأسعار، فالهدف هو إشاعة الغضب والسخط علي الحكومة، ولا يفكر المواطن في شئ آخر إيجابي، مثل حذف أسماء الأثرياء والقادرين، وتحويل مخصصاتهم للمحتاجين، ويتعطل إجراء إصلاحي الهدف منه تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجاً، ويستمر النزيف والخلل في توزيع الموارد. ماذا تفعل الشائعات؟: تسلب العقل والتفكير، ومع الإلحاح والتكرار ترسخ الأكاذيب في الأذهان، وتكون أكثر ضررا بعقول الشعوب، ونفس الأسلوب يستخدم في السياسة والإعلام، وتضع الشائعات الجمهور المستهدف في المرمي التدميري. وإذا كانت الساحة مليئة بالراقصين علي جميع الأحبال، يزداد المشهد ارتباكاً، وتكتمل المنظومة بضرب المثقفين والوطنيين وإخراجهم من الساحة، لتخلو للمغرضين والأشرار، تنفيذاً لنصيحة جوبلز »كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي»، وإذا أردت أن تعرف مأساة أي دولة، فانظر إلي الإعلاميين الذين يتحركون علي الشاشات وفوق صفحات الصحف. أخطر الشائعات في مصر : 250 شائعة تتدفق علينا كل يوم، وعندما تنتشر شائعة أن الدولة ستحذف 200 ألف أسرة من معاش تكافل وكرامة، فهي تستهدف ضرب الجهود الضخمة في المشروعات المختلفة وأبرزها الإسكان الاجتماعي، وعندما يزعمون توزيع التابلت علي المدارس ب 600 جنيه، فهم يعرقلون خطة الدولة لإصلاح التعليم، وعندما تنتشر شائعة توقف حركة الملاحة في قناة السويس عقب اصطدام 6 سفن، فذلك يجهض عبور أكبر عدد من السفن في تاريخ القناة بعد شق القناة الجديدة، وهكذا يعمد الأشرار إلي التشكيك في أي إنجاز يتحقق، لإصابة الناس باليأس والإحباط وشحنهم بالتمرد والغضب. لماذا يستهدفون مصر ؟: الأسباب كثيرة ومتشعبة ومتداخلة، واتحدت مصالح الجماعة الإرهابية التي كانت تستهدف اختطاف البلاد، مع إمارة صغيرة تعبث كأصابع الشيطان لإشعال المنطقة، مع دول كبري ليس في مصلحتها أن تقف مصر علي قدميها، وتسترد العواصم العربية من الفوضي، مع دولة تحلم بعودة أمجاد العثمانيين والتحكم في مصير المنطقة، وهم جميعاً في حيرة: لماذا أفلتت مصر من مصيدة النار التي نصبوها في المنطقة؟، لماذا وقفت علي قدميها واستردت عافيتها؟، وكيف نستهدفها بالدمار فتقف وتبني وتقوي وتعالج مشاكلها وأزماتها؟.. ولنعلم ان مصر كلما تقدمت الدولة خطوة للأمام، فلن يتركونا في حالنا. ما حك جلدك غير ظفرك: وعي المصريين هو السلاح الفتاك، لإفشال المؤامرات الجبانة، وكما كانت نهاية جوبلز وزوجته وأولاده الستة، الانتحار بتناول السم، بعد أن انهارت نازيته في المعركة الكبري بالعلمين بين روميل ومونتجمري، ستكون نهاية المتآمرين علي أيدي المصريين، الذين يدركون أن تحملهم الصعاب، أفضل مليون مرة من أن تدمر الشائعات وطنهم وتشرد نساءهم.. ولكن الله لا يساعد قوما إلا إذا ساعدوا أنفسهم، ونساعد أنفسنا بإيقاظ الوعي، فلا نترك حريقاً يشتعل من مستصغر الشرر.