باكستان تعلن ارتفاع حصيلة قتلاها جراء الضربات الهندية إلى 31    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4810 جنيهاً    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    الأخضر بكام.. تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    استعدادا لعيد الأضحى.. سلسلة ندوات بسيناء حول مبادرة «صحتك تهمنا»    اليوم، إضراب المحامين أمام محاكم استئناف الجمهورية    أعلام فلسطيني: 4 إصابات جراء قصف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين بخان يونس    أيمن موسى يكتب: سباق المصالح بين بوتين وترامب    دوري نايل.. موعد مباراة الأهلي أمام المصري البورسعيدي والقنوات الناقلة وطاقم التحكيم    كمال الدين رضا يكتب: إصابات نفسية للأهلي    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والصغرى بالقاهرة 22    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالقاهرة الجديدة    حبس سائق توك توك تحرش بسيدة أجنبية بالسيدة زينب    سهير رمزي تكشف علاقة الشيخ الشعراوي بارتدائها الحجاب وسر رفضها ميراث والدها (فيديو)    تفاصيل تعاقد الزمالك مع أيمن الرمادي    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    أنطونيو جوتيريش: الهجمات الأخيرة على بورتسودان تُمثل تصعيدًا كبيرًا    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    وول ستريت جورنال: أحمد الشرع طلب لقاء ترامب خلال زيارته لدول الخليج    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون.. شرطان لتطبيق الدعم النقدي.. وزير التموين يكشف التفاصيل    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    بحضور نواب البرلمان.. «الاتحاد» ينظم حلقة نقاشية موسعة حول الإيجار القديم| صور    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    وزير الاستثمار يلتقي مع السفير السويدى لتعزيز العلاقات الاقتصادية    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لا الشوارع هي الشوارع ولا البيوت هي البيوت ولا البشر هم البشر»
أحوال مصر لو استمر الإخوان في حكمها!
نشر في أخبار السيارات يوم 29 - 06 - 2018

الإخوان تسلحوا بالسلمية المتوحشة وأعلنوا النفير العام وأعدوا عشرات الآلاف من المقاتلين
تأكدوا أن الجيش ليس جيشهم والشرطة ليست شرطتهم فأسسوا ميليشياتهم الخاصة
حاولوا إدخال البلاد في »حزام الحروب الدينية»‬ المشتعل في المنطقة
مارسوا العزل والإقصاء والإبعاد ولم يفهموا أن قوة مصر في التعايش السلمي
لماذا يرسل الإخوان أولادهم إلي أوروبا وأمريكا ويبعثون أولاد الفقراء إلي جهنم؟
حاولوا تحويل الحكم الرئاسي من الاتحادية إلي مكتب الإرشاد في المقطم
لماذا رفض المصريون المصالحة؟ ولماذا لجأ الأقباط إلي أحضان الوطن؟
تسلح الإخوان بالسلمية المتوحشة، واغتالوا خيرة شباب الوطن، وهل نسينا كيف اعتبروا غيرهم عدوا وكافرا ورويبضة، وفتحوا الجنة لقتلاهم والنار لغيرهم، سلمية جعلت المصري يقتل أخاه المصري بدم بارد ويمثل بالجثث ويبثها علي الإنترنت، ولم يحدث في تاريخ مصر أن واجهت عدوا بمثل هذه الوحشية، وكانوا أول من يعلم أنهم لن يكسبوا شيئا من سلمية المطالب المستحيلة، وأن رئيسهم المعزول لن يفلت، ولن تعود شرعيتهم الكاذبة، ولن يقبل أحد التصالح مع من تلوثت أيديهم بالدماء، ومن حرضوا علي العنف، لا تصالح لأن »‬هؤلاء السلميين» الذين أسقطوا من أبناء وطنهم عشرات الشهداء من الضباط والجنود والمدنيين، ولم يطلقوا رصاصة في الهواء تجاه إسرائيل، ولم يذهبوا إلي القدس والأقصي الشريف، التي كان مسيلمتهم الكذاب يخدع الأبرياء بالزحف إليها بالملايين، ولكنهم ذهبوا للسيطرة علي »‬رابعة» في مشهد أسوأ من احتلال إسرائيل.
كانت سلمية محشوة بالمتفجرات تستهدف إنهاك المجتمع، وإضعاف قوته، وإصابة المصريين باليأس والإحباط، ولا يهمهم أن يسقط الضحايا في صفوفهم أو في صفوف الآخرين، أو أن تتراكم المشاكل والأزمات وتزداد معاناة الناس، فقد كان الهدف الأسمي للجماعة الإرهابية هو الوصول بالبلاد إلي »‬نقطة الانفجار»، ليجتروا من جديد حلم إبليس بالعودة إلي السلطة فوق الخراب والدمار والجثث والأشلاء، وكان مستحيلا أن يصدق أحد أن مصر كانت تحتضن منذ سنوات مثل هذا الوحش الشرس، لولا أن شاهدوا بأعينهم ما يحدث من أعمال إرهاب وعنف وترويع، فانتزعهم الشعب قبل أن يغرسوا أنيابهم وأظافرهم في عنق الوطن.
■ ■ ■
لم يفهم الإخوان »‬سر مصر» في قبولها الآخر، من علمانيين وناصريين وشيوعيين ويساريين وتيارات سياسية مثل ألوان الطيف، ومارسوا سياسة الإقصاء والإبعاد والتصنيف والتفرقة، وكانوا متعجلين جدا لالتهام كعكة السلطة بأقصي سرعة، فانحشرت في زورهم وكتمت أنفاسهم، ووحدت ضدهم كل فصائل المجتمع، فمصر أكبر من أن تحتلها جماعة وأقوي من أن يقهرها تنظيم، وظهرت في وقت الشدة مجموعة الدروع الواقية، التي تحمي مصر دائما في أوقات الشدة والأزمات، لم يفهم الإخوان لماذا حقق رصيد كراهية المصريين لهم رقما قياسيا، رغم أن حكمهم لم يستمر أكثر من عام، ولا لماذا خرج المصريون بالملايين في 30 يونيو، وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم حتي يستردوا بلدهم.
ارتضي المصريون أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط علي قاعدة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وكان المسمار النافذ في نعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفي والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم في افتعال معارك تشق وحدة الصف، وفوجئوا بأن مسلمي مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط في وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، والتحم عنصرا الأمة ضد العدو المشترك، جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها.
سقوط الإخوان كان حتميا، لأنهم لم يفهموا أن »‬سر مصر»، في التعايش السلمي الهادئ بين مكونات شعبها، وسعوا إلي الصراع وليس التنافس، دون أن يدركوا أن هذا البلد الذي يعيش فيه أكثر من 90 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم في الحكم، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه، مصر ليس فيها صراع مذهبي، وإذا سألت مسلما »‬أنت سني أم شيعي»، إما يصمت أو ينهرك، وكما يقول الشيخ الشعراوي »‬هي من علمت الإسلام للدنيا كلها وصدرته حتي إلي البلد الذي نزل فيه الإسلام، هي التي صدرت لعلماء الدنيا علم الإسلام»، والمصريون يعشقون آل البيت، وتتميز ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء، وليس العنف والقسوة والدماء، وفيها الأزهر الشريف منارة الوسطية والإسلام الصحيح.
وحسم المصريون منذ دخول الإسلام مصر قضية الصراع المذهبي، مسلمون تكتسي ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء، وليس العنف والقسوة، ولما حاول مرسي وجماعته استنساخ الصراع الديني في مصر، اصطدم بحائط صد قوي، فلن تكون مصر عراقا ممزقا بين سنته وشيعته، ولن تصبح لبنان يظهر فيه محمد بديع في هيئة حسن نصرالله، ولم يفهم الإخوان حتي الآن لماذا حققوا رقما قياسيا من الكراهية، رغم أن حكمهم لم يستمر أكثر من عام، ولا لماذا كان الشعب مطمئنا لأن الجيش سوف يتدخل في الوقت المناسب.
■ ■ ■
لم ينخدع المصريون بأكذوبة »‬المصالحة» ومعناها المسالمة، لأنها لا تكون ممن يحملون السلاح، ويقتلون الأبرياء ويحرضون علي العنف، وترويج هذا المعني الخبيث يهدر دولة القانون، ويمس هيبة أحكام القضاء، فالإخوان ليسوا دولة داخل الدولة، ينازعون سلطتها وقوتها، ثم يجلسون معها علي مائدة التفاوض لفض الاشتباك، ولم يُقصهم أحد كما فعلوا مع غيرهم، ولا توجد قيود ليعيشوا كسائر المصريين في سلام، ومن اختار منهم أن يكون مواطنا كغيره من الناس، لم يلحق به ضرر أو أذي، أما من يتآمر ويحرض ويخرب، فيطبق عليه نفس القانون كغيره من الناس، فجنسيتنا مصرية وليست إخوانية، والبلد الذي يحتوينا جميعا هو مصر وليس دولة الخلافة.
من يريد أن يتصالح مع الشعب، لا يقتل أبناء الشعب ولا يمكن أن يقول أحد لزوجات الشهداء وأبنائهم وذويهم »‬عفا الله عما سلف»، فهم ينتظرون القصاص العادل وليس الصلح الكاذب، والإخوان لم يقتلوا عدوا مدافعين عن الأرض وتراب الوطن، بل يقتلون شباباً مصرياً يدافع عن الوطن وضحايا الإرهاب ليسوا كفارا أو رويبضة كما يقولون، بل مؤمنون بالله والوطن يصلون ويصومون ويذهبون إلي المساجد والكنائس، وتهلل دوائرهم الإعلامية للقتل وإراقة الدماء، فيزداد إصرار الجيش والشرطة علي المضي في الحرب العادلة، حتي تطهير سيناء من آخر إرهابي.
■ ■ ■
نموذجان لشيوخ الدم
- يوسف القرضاوي.. له سبعة أبناء، أربع بنات وثلاثة ذكور، أرسلهم جميعا للدراسة في الجامعات الأوروبية والأمريكية، وله أحفاد كثيرون ينعمون برغد العيش، ويعيشون جميعا في القصور والمنتجعات، ولهم أرصدة وممتلكات توفر لهم عيشة الملوك والأمراء، والمؤكد أنه لم يفكر يوما أن يرسل بعض أولاده وأحفاده »‬للجماعة» لتلف حول خصرهم ديناميت، وتأمرهم أن يفجروا أنفسهم في »‬تجمعات النظام الفاجر» حتي لو نتج عن ذلك »‬خسائر في صفوف المدنيين» كما يقول في فتاويه، فأولاد الفقراء والشباب الذين يغسل أمخاخهم، هم فقط وقود آرائه الدموية، وليس مهماً عنده أن يسقط أبرياء ليس لهم ذنب.
- وجدي غنيم.. نموذج لتصريحات المسخرة، مثلما قال أن طشت الست أمه أوسع من قناة السويس الجديدة، والحقد والغل الذي يأكل قلبه، يؤكد أنه شرب ماء النيل سماً وأكل زرعها حنظلاً، ووهب نفسه للهجوم علي بلده، ويتمني لمصر ما يحدث في سوريا من خراب وقتل ودمار، ويخلع صلعته ويرفع يديه للسماء، متمنيا أن تحتل داعش مصر، إنه سفاح همجي ويتمني لنسائنا السبي والتشريد والبيع في أسواق الرقيق، كما يحدث لنساء سوريا والعراق، والفقر والهزيمة والانكسار، وينشر فيديوهات بالزي العسكري يطالب فيه أنصار الإخوان بتنفيذ عمليات استشهادية ضد الجيش والشرطة، داعيا إياهم بضرورة الاستشهاد في سبيل الله، مؤكدا أن ما حدث هو معركة بين الإسلام والكفر، واصفا رجال الجيش والشرطة بالكافرين.
■ ■ ■
إعادة التذكير بهذه الأيام السوداء مهم وضروري، لمقاومة حالة »‬ضعف الذاكرة» ونسيان الخطر، التي تتسلل تدريجياً، وأهم مظاهرها الآراء والكتابات التي بدأت تطل برأسها، ونسيان أن مصر عاشت أياماً أسود من السواد وكانت البلاد علي شفا الضياع.
علموا شبابنا أن حب الأوطان لا يتعارض مع الأديان، وأن عشق العَلَمْ والنشيد والأرض، ليس معصية ولا خطيئة ولا رجسا من عمل الشيطان، وأن الحدود لا تستوجب إقامة الحد علي من يقيمها، وإنما هي خطوط تحمي الأوطان والهوية، وتحفظ السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية.
امسحوا الأفكار الظلامية من عقول الشباب الذين انخرطوا في مستنقع التطرف والإرهاب، فصاروا يقتلون أبناء وطنهم، متصورين أن ذلك جهاد في سبيل الله، بينما الضحايا هم محمد وعلي ومحمود، ضباطاً وجنوداً، مسلمين مصلين عابدين، يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
أمهات وآباء وزوجات وأبناء الشهداء، هم منا ونحن منهم، أهالينا البسطاء المكلومون، أفزعهم موت زهرات شبابهم، علي أيدي أخس أنواع البشر، وأقذر من أنجبت الحياة، قتلة مجرمون صناعتهم الموت وليس الحياة، ويروون الأرض بالدماء، وليس الماء والخضرة والنماء.
قالوا لهم إن الأوطان بدعة وضلالة، وأن الجهاد لن يستقيم إلا إذا قتلوا وذبحوا من يرفع علم وطنه ويغني نشيده، فجاء مرشدهم يقول لهم »‬مصر إيه.. طظ في مصر»، ولماذا لا يحكمها ماليزي أو سريلانكي ما دام مسلماً.
قالوا : اكرهوا بلدكم وجاهدوا ضد شعبكم، وغرسوا في قلوبهم السوداء، أن كراهية الأوطان درجة من درجات الجهاد، وأن مواكب الشهداء هي الطريق الوحيد لاعتلائهم مقاعد السلطة والحكم، ويا لها من مخططات للخزي والعار.. فالدماء سترتد إلي وجوهكم، والرصاص لن يخترق إلا صدوركم.
حب الوطن من درجات الإيمان، ومن يُقتَل دفاعاً عن أرضه وماله وعرضه فهو شهيد، أما أنتم فليس لكم مال ولا أرض ولا عرض، ولا أي شيء تدافعون عنه.. أنتم قتلة مأجورون لمن يدفع وتعبث بكم أصابع الشيطان، تقتلون لحساب من يدفع، وتدركون أنكم مجرد جثث نتنة سوف تلتهمها الوحوش في الصحراء، لن تكون لكم جنازات ولا قبور، ولن يصلي عليكم أحد.
■ ■ ■
ثقافة مصر التي خاف المصريون عليها من الإخوان، هي عصارة وعي أدبائها العظام، وعندنا احتياطي الذهب، أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم والسنباطي وعبدالمطلب ومحمد قنديل، وطابور طويل من عظماء الفن، الذين يتجاوز عددهم أعضاء الإخوان وتنظيماتهم المتطرفة.. لسنا أمة مكفهرة ولا شعبا متجهما، وكان صعبا أن تركب »‬تركيبة» الإخوان الانتقامية، علي المزاج المصري المتسامح.
لم تنطل مظاهر »‬الإسلام الشكلي» التي جاء بها الإخوان، علي شعب يعشق بفطرته الأديان، وفوجئوا ب»‬إسلام حقيقي» يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به، ولم ينخدع المصريون بتخاريفهم الليلية، مثل قدوم جبريل عليه السلام لصلاة الفجر في رابعة، أو أن نبينا الكريم طلب من المعزول أن يؤمه في الصلاة.. ولم يبتلع الطعم سوي »‬مخدوعين بإرادتهم»، يعرفون أنها أكاذيب ويصدقونها.
■ ■ ■
»‬لو» استمر الإخوان في حكم مصر، كانت أحوال البلاد علي النحو التالي:
- الحرب الأهلية: تأكد الإخوان أن الجيش ليس جيشهم وأن الشرطة ليست شرطتهم، وأن هذه المؤسسات الوطنية الراسخة يستحيل أخونتها، وبدأوا في تأسيس ميليشياتهم المسلحة الخاصة، لقمع معارضيهم علي غرار ما كان يحدث في المقطم، والتحرير وعلي أسوار الاتحادية، وفي حصار مدينة الإنتاج الإعلامي وأقسام الشرطة والمحكمة الدستورية، ميليشيات »‬الصيع والبلطجية»، واستنساخ لتجربة الحرس الثوري الإيراني، وأشرف علي تنفيذها خيرت الشاطر وحازم صلاح أبو إسماعيل.
- الصراع الديني: وتوطيد دعائم حكمهم بإدخال البلاد في حزام الحروب الدينية المشتعلة في المنطقة، وتوريط الأزهر الشريف في الحرب، ليفقد مكانته التاريخية كمنبر للاعتدال والتسامح والوسطية، واختيار القرضاوي شيخا للأزهر، ومشرفا عاما مع مرشد الإخوان علي إقامة الخلافة، ونشر الفكر الإخواني في ربوع البلاد، وإحكام السيطرة علي المنابر الدينية.
- أخونة الجيش والشرطة والقضاء.. وظهر في الميادين الضباط وأمناء الشرطة الملتحون.. ولكن الجيش استعصي عليهم، وأعاد اللحمة لمؤسسات الدولة الراسخة، وكانت الخطة المعدة هي النزول بسن تقاعد القضاة إلي 60 سنة، وفتح التعيينات لقضاة جدد من الإخوان أعضاء نقابة المحامين، والكشوف والترشيحات معدة سلفا، وتم اختيار وزير عدل إخواني، ونائب عام ملاكي لتنفيذ هذه المهمة.
- الأقباط والجزية: في زمن الإخوان ازدهرت فتاوي دفع الجزية، وزادت معدلات تهجير الأقباط من القري بشكل لم يحدث في تاريخ مصر، وكانت المفاجأة أنه كلما زاد القهر والقتل والحرق، زاد تشبث الأقباط بتراب وطنهم، وزاد إصرار المسلمين علي الوقوف في خندق واحد مع شركائهم في الوطن، واتحدت الأمة علي قلب واحد، رغم أنف الإخوان والسلفيين والمتطرفين، فانتقموا من مصر كلها بحرق وتفجيرات الكنائس، وجاءت كلمات البابا تواضروس الرائعة بلسما شافيا »‬وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».
- ضياع سيناء: تعددت عمليات اختراق الحدود، ورفع أعلام حماس علي أماكن سيادية في رفح والعريش، وهجوم الحمساويين لشراء الأراضي من رفح حتي الإسماعيلية بأسعار باهظة، علي غرار ما فعله اليهود قبل احتلال فلسطين، وكان قادة حماس يتصرفون علي أن سيناء هي أرض الميعاد، وقتلوا جنودنا تحت رعاية رئيس خائن.
- الزعيم الروحي: المرشد علي غرار إيران، وتحويل مرجعية الحكم الرئاسي من الاتحادية إلي المقطم، ويكون ترشيح الرئيس من مكتب الإرشاد، وأداؤه اليمين أمام المرشد أولا، وبدأت البروفة بتعيين العناصر الإخوانية المطلوبة للعدالة في القصر الرئاسي، وأصبحوا المستشارين وكبار رجال الدولة، وتعاملوا مع أخطر الأسرار وأدقها بعقلية الجواسيس.
الحمد لله زال الكابوس وانقشعت الغمة، ولو استمر الإخوان في حكم مصر، لم نكن نجد شيئا اسمه مصر.. لا الشوارع هي الشوارع ولا البيوت هي البيوت ولا البشر هم البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.