«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استهتار الحكومة في أزمة خالد سعيد


خطورة الاستسلام لدعاية الدولة «البوليسية»
استهترت الحكومة إلي حد الاستخفاف بحملة (الكراهية) التي تواصلت ضدها وضد مؤسسات الدولة علي مدي الأعوام الخمسة الماضية.. حتي أصبحت الحكومة (سُبة).. قراراتها (مرفوضة مسبقا).. توجهاتها (ملفوظة).. تصريحاتها(غير مقبولة).. وتطورت الأمور بصورة فادحة.. بينما المسئولون عن التعامل مع هذا الموقف المعقد والمتراكم لايلوون علي شيء ولاينشغلون بأمر، ويتعاملون مع الموقف كما لو أنه غير موجود.. ويلقي كل طرف بعبء المسئولية علي الآخرين غيره.. فتفرق الدم بين القبائل.
تفاعلات مسألة (خالد سعيد)، الشاب السكندري المتوفي قبل ما يزيد علي 20 يوما، ولم تزل قضيته تثير لغطا مهولا.. إنما تشير في عمقها إلي هذا.. الآن وقد مرت تلك المسألة بمراحل مختلفة.. ولم تبلغ نهايتها بعد.. يمكن القول أن الأمر لايتعلق بملف العلاقة بين المواطن والشرطة.. ولا طريقة تعامل جهاز الداخلية مع المتهمين فحسب.. وإنما يتعداه إلي ما هو أبعد وأعمق بكثير.. خاصة أن الداخلية - بغض النظر عن مسئولية المنتسبين إليها عن وفاة خالد سعيد.. في انتظار ما سوف تقره التحقيقات - قد تركت وحيدة.. مكشوفة الظهر.
وقد يعتقد البعض أن التحليل التالي يمثل نوعا من الدفاع المستتر أو حتي المنكشف عن (الداخلية)، غير أن الأمر أعمق من هذا بكثير.. وأولي بنا أن ندافع عن القانون، وأن نساند مؤسسات البلد، وأن ندعم معني الدولة وقيمها، فالمسألة ليست مقصورة علي (الشرطة).. مع التسليم بأن هناك احتمالاً أن يدين التحقيق القانوني اثنين من المنتمين إلي جهاز الداخلية.
لقد تناولت هذه المسألة علي مدي الأيام الماضية مرتين.. الأولي بعد وقوع الحادث بأيام.. تحت عنوان (أضواء وتساؤلات حول قضية المرحوم خالد سعيد).. خلصت فيه إلي أن علينا أن ننتظر نتائج التحقيق الذي تجريه النيابة العامة بأسلوب مختلف حين أحيلت القضية إلي نيابة استئناف الإسكندرية.. وأعيد تشريح الجثة.. وكانت المرة الثانية بعد أن صدر التقرير المبدئي للجنة الثلاثية للطب الشرعي في التشريح الثاني للجثمان.. وكتبت (شرحوه أنتم في الاستديو) حيث انتقدت ملاحظات تليفزيونية في المحطات الرسمية حول نتائج التقرير.. وطالبت المعترضين بأن يشرحوا الجثمان بأنفسهم.. إن كانوا يكذبون الطب الشرعي.
مجموعة من المفارقات لابد أن نتوقف أمامها ونحن نقيم الأمر:
- بغض النظر عن أنه ليس من حق أي سلطة أن تعاقب أي متهم (ضربا وصولا إلي احتمال الموت)، أو (ضربا حتي الموت)، وأن التاريخ الإجرامي للمتهم لا يجيز معاملته السيئة، أيا ما كانت مساوئه، وأن للإنسان حقوقاً لابد أن تراعي، فإن المتوفي بالفعل لديه تاريخ من الإدانات.. والسلوك غير المقبول.. لكن هذا لم يمنع التعاطف الجماعي معه.. ومع قضيته.. وقد تجاهل الكافة تقريبا نقاش أي أمر يتعلق بكونه مدمن مخدرات.. أو متهرباً من التجنيد أثناء أدائه الخدمة.
- إن قطاعات واسعة من المتابعين للمسألة صمت آذانها وأشاحت ببصرها عن مضمون الحقائق التي احتواها تقرير الطب الشرعي، في مرحلته الثانية، وتعامل الكثيرون مع القول الفصل فنيا وعلميا في الملف باستخفاف دعا إلي اتهامه بالتزييف وخضوعه للإملاء من جهات رسمية.. وبما هز صورة الطب الشرعي في مصر.. علي غير أسس واقعة وبما يناقض حياده الأكيد.
- أنت لاتعرف علي وجه اليقين ما هو الهدف المباشر من التصعيد، الذي لا يعرف من يحركه علي وجه اليقين.. وهل هو فرد أم مجموعة، هل يريد هذا التصعيد إثبات أن خالد سعيد قد مات من الضرب؟.. هذه في عرف القانون لو ثبت الاتهام تسمي جريمة ضرب أفضي إلي الموت. وهي تختلف تماما عن جريمة التعذيب لنيل اعتراف أو إقرار بجريمة.. ولم يسع المتهمون المحبوسون الآن علي ذمة التحقيق بقرار النيابة الصادر يوم الأربعاء الماضي إلي هذا الاعتراف.. ومن ثم يبقي السؤال: ما هو هدف التصعيد؟.. وماذا يريد؟ وهل سوف ينتهي عند مرحلة بعينها؟
المتوفي، الذي لم يكن يحلم علي الإطلاق في حياته بأن تحيطه هذه الهالة من البطولة، أصبح (أيقونة)، ورمزاً، بما يناقض وضعه المجتمعي، وتقمص الكثيرون من الشباب صورته، واعتلي أعداداً مهولة من صفحات البروفايل في شبكة الفيس بووك، وأطلق عليه وصف مدهش من حيث مضمونه، وهو (شهيد الطوارئ)، علي الرغم من أنه وفق رواية الواقعة في النيابة كان بصدد التعرض لعملية اشتباه مفهومة.. حتي لو كانت قد ذهبت إلي ما يخالف القانون في تنفيذها.. ويعني الوصف الذي أطلق علي (خالد سعيد) أن واقعته قد استخدمت لتحقيق أهداف سياسية.. وأغراض بعينها.. لاعلاقة له هو بها علي الإطلاق.
لقد طبقت في هذه الواقعة مشاهد شوهدت من قبل في أفلام سينمائية، أثار جدلا، ومولت من الاتحاد الأوروبي، وتم اجترار مشاهد رسخت في أذهان المواطنين عن العلاقة بين الشرطة والناس.. بدءا من عبارة (انطق يا روح أمك).. إلي (أنا هاوريك هتتكلم إزاي).. ولا يمكن إغفال تأثير هذه الدعاية السياسية المضادة للشرطة، بغض النظر عن أدائها، في ترسيخ الانطباع بالتناقض فيما بين أهدافها وأهداف الرأي العام.
لا أحد يمكن أن يتضرر من التعبير عن الاحتجاج، بل إن من المفيد أن يخرج الناس ما في داخل نفوسهم ويظهرون ما يدور فيما بينهم وبين ذواتهم، ومن الصحي أن يكون ذلك مكشوفا.. لأن انكشافه يحمي المجتمع من أمراض الكتمان.. ويصونه من مخاطر الصمت الذي قد يفجر فجأة ما لا تحمد نتائجه.
لكن، ومنذ تم تعديل الدستور في 2005، وقبل انتخابات الرئاسة، ومع انطلاق الحراك السياسي، صارت السمة الأساسية في الحياة السياسية المصرية هي أن يكون هناك موضوع ما متفجر، يتم تقديمه بطلا للجدل، وبحيث يدور حوله نقاش واسع، كما لو أنه تمرين دوري، سرعان ما ينتهي بغض النظر عن النتيجة التي بلغها.. وبعد وقت وجيز من الراحة.. سرعان ما يتفجر أمر جديد.. تنطبق عليه نفس المواصفات والتفاعلات.. بدءا من واقعة تقرير (نهي الزيني) حول انتخابات دائرة دمنهور، تلك التي لم يعد أحد يذكرها الآن، وصولا إلي واقعة خالد سعيد.
يمكن أن تلاحظ في هذه الوقائع مايلي:
- في الأغلب يتصدرها بطل ما، تدور حول موقفه أو ما تعرض له أو ما تطلبه المناقشات.. وهو ما يؤدي إلي إكساب الملفات بعدا إنسانيا جاذبا.. ومثيرا للتعاطف.
- ليس مهما ما هي مواصفات البطل.. قد يكون قيمة وله وزن مجتمعي.. وقد لاتتخطي مواصفاته حدود (عماد الكبير) أو (خالد سعيد).
- من الممكن أن تكون القضية لا علاقة لها بمصر بشكل مباشر، مثلا واقعة قتل (مروة الشربيني)، تلك التي تحولت إلي وسيلة لإثارة الرأي العام ضد وزارة الخارجية.
- في كل الأحوال هناك مؤسسة من مقومات الدولة تتعرض للهجوم الحاد.. والانتقاد الشديد.. وإفقاد المصداقية.. سواء كانت العدل أو الداخلية أو الخارجية أو غير ذلك.. في إطار حملة كراهية واسعة النطاق.. تتجاوز حدود الاعتراض السياسي.
- تتصدر الداخلية المؤسسات المستهدفة من تلك الحملات لأكثر من سبب.. أولا انخراطها مع المجتمع في تعاملات يومية تجعل هناك رواسب مختلفة.. وثانيا لأن لدي عدد من السياسيين ثأراً شخصياً تجاهها باعتبارها قامت علي تنفيذ القانون بحيث انكشفوا.. وثالثا لأنها المؤسسة الأكثر تأثيرا علي المستوي اليومي فيما يتعلق بحماية أمن البلد واستقراره.
- تتصدر الصحف الخاصة، ومن بعدها مباشرة الشبكات الاجتماعية الإلكترونية، بالذات الفيس بووك، أدوات تصدير وتوزيع الحدث الدوري للمجتمع، ومنهما ينتقل إلي البرامج التليفزيونية المسائية التي تعطيها زخما وتحدد توجه النقاش، وتدفع الرأي العام في اتجاه بعينه.
- تستخدم هذه الوقائع في ملء الفراغ البيني في فواصل الأحداث السياسية الكبيرة، التي تستغرق وقتا أطول، وربما يكون يجري الاستعداد لها، ومن ثم لن تجد خلال أزمة نادي القضاة في 2006 وقائع مماثلة.. وتجد أن واقعة خالد سعيد قد أخذت الأضواء من انفجار جمعية التغيير التي تأسست تحت اسم البرادعي.. في حين أنه حين ظهر في الساحة السياسية لم تكن هناك وقائع مماثلة.
- يخلو الجدل حول تلك الأمور عادة من قواعد منطقية بسيطة لايجوز تجاهلها، وصولا إلي تحقيق هدف محدد عنوانه (الدولة ظالمة).. ليست مشغولة بالشعب.. مؤسساتها ضده.. لاتقوم بدورها.. تفتقد الأهلية.. مثلا في واقعة (عماد الكبير) وقد حوكم فيها ضابط شرطة تم تجاهل صفته باعتباره صاحب نشاط غير قانوني في مواقف الميكروباص.. وأيضا مثل الادعاء بأن مصر لم تحصل سوي علي صوت واحد في انتخابات مجلس حقوق الإنسان.. ويثور المجتمع دون أن ينتبه إلي أن مصر لم تكن مرشحة أصلا.
وبالاعتياد علي افتقاد المنطق في الوقائع الصغيرة.. فإن هذا يتم عكسه علي الوقائع الكبيرة.. مثل تجاهل ضرورة أن يحظي الدكتور محمد البرادعي بمقومات دستورية بعينها لكي يكون مؤهلا للترشح لانتخابات الرئاسة.
- جميع هذه الوقائع تخلو من تداخل مباشر من آليات إعلام وسياسة الدولة.. فإما أن ينعدم هذا التداخل بتجاهل كامل.. أو يتأخر التداخل بعد أن يكون وقت اندفاعه واشتباكه قد انتهي.. فتبدو الدولة كما لو أنها منسحبة من الميدان.. أو أنها في موقف دفاعي.. تحاول فقط أن تقلل عدد النقاط التي تخسرها.
- غالبا مايحدث تداخل خارجي في الواقعة التي تم تفجيرها.. إما إعلاميا.. أو حتي علي المستوي السياسي.. وهو ما يضيف زخما وطاقة دافعة للوقائع.
في واقعة خالد سعيد تداخلت السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبي عدة مرات لأن المتوفي شقيقه أمريكي.. وطرحت أسئلة بشأنه علي وزارة الخارجية وعلي محافظة الإسكندرية.. ومن المدهش أن سفراء الاتحاد الأوروبي الذين وبختهم وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي علي تدخلهم في شئون مصر، كانوا يحضرون قبل ذلك غداءً.. ودار نقاش حول الموضوع.. كان مثيرا أن المشاركات الأساسيات فيه هن زوجات السفراء.
- ليس مطلوبا في أي من تلك الوقائع أن يتحقق هدف بعينه.. في أغلب الأحوال.. وفق مسار التحركات.. أو يبدو الهدف مستحيل التحقق تماما.. ولكن التصعيد يمضي في اتجاهه لأعلي.. كما لو أن الهدف هو إلهاب المشاعر.. وتعلية مستوي الاهتمام بالأمر.. وترفيع مستوي الأماني.. فلما لا يتحقق أي أمر من هذه أو تلك.. تكون النتيجة هي إحباط المتابعين.. ومن ثم تنمية الرصيد المتراكم في نفوسهم ضد البلد وإفقادهم الانتماء إليه.. وإبعادهم عن الثقة في المؤسسات.
في ضوء هذه المواصفات لتلك المواقف المتوالية التي لن ينتهي تفجيرها، فإنه لايمكن تجاهل احتمال أن تكون تلك كلها أموراً مرتبة، حتي لو كانت أسس هذه الواقعة أو تلك قد انفجرت علي سبيل الصدفة، المهم كيف تطورت الأمور.. وكيف صيغ تواليها.. وإلي أين تدفع لكي تثير صخبا مهولا.. علي سبيل المثال قال الدكتور السباعي إبراهيم كبير الأطباء الشرعيين في معرض دفاعه عن أداء الطب الشرعي ونزاهته في حوار نشرته «روزاليوسف» يوم الثلاثاء الماضي: (لقد أدان تقرير للطب الشرعي خمسة ضباط عذبوا متهما في السجن حتي الموت).. وعلي الرغم من هذا الإعلان.. الذي يمكن أن يجعل أي مهتم بقضية حقوق الإنسان ينشغل فورا بما قال الطبيب.. إلا أن أحدا لم يذهب إلي هذا الاتجاه وبقي الأمر محصورا في مسألة تشريح خالد سعيد.
والمبرر واضح، وهو أن الواقعة التي يتحدث عنها الطبيب، أخذت مسارها القانوني من خلال التحقيقات ودفعت إلي القضاء.. حيث سيحاكم الضباط.. في حين أن المستهدف من قضية خالد سعيد هو استغلالها ليس دفاعا عن حقه.. وإنما لتشويه صورة مؤسسات الدولة.. وإفقاد المواطن للثقة فيها.
إننا أمام مجموعة من الانطباعات والمفاهيم التي يجري ترسيخها داخل نفوس المواطنين، عمدا، بينما الحكومة تمارس الاستهتار المتجاهل.... وهي:
- إن مصر (دولة بوليسية)، أي ليس فيها حرية، ولاديمقراطية، تعاني من الاستبداد الشرطي المقيد لتصرفات الناس، وأن المواطنين ملاحقون ومطاردون.
ولايؤثر هذا المعني علي صورة الدولة في الخارج، إلي الدرجة التي تدفع بعض الصحف الأجنبية إلي أن تكتب عنها إنها (دولة ديكتاتورية)، فإن هذا يؤدي إلي نشوء فجوة بين الدولة ومواطنيها.. واعتقادهم أنها ضدهم.. وتستهدفهم بدلا من أن تحميهم وتعمل علي تلبية حقوقهم.
- إن مصر (دولة فاشلة)، أي خارج سياق التحضر والعصرية، لايمكنها أن تستجيب لمتطلبات سكانها، أو تحقق ما يحتاجون، متخلفة عن التقدم، فيها تفاوتات اجتماعية مهولة.
وفي حين أن الفترة التي تشهد هذه الدعاية هي علي النقيض من ذلك شهدت ارتفاعاً في معدلات النمو وتحسن مؤشرات المجتمع وتحقق نجاح اقتصادي مميز، فإن وصف الدولة بأنها (فاشلة)، توزع علي نطاق واسع.. وعضد من خلال تقارير ومقالات.
إن من شأن هذا، حتي لو كان مخالفا للحقيقة، أن يعمق الفجوة ما بين الدولة والأجيال الجديدة.. وأن يسيء إلي صورتها الخارجية.. وأن يشعر المواطنين بأنهم يواجهون مشكلة لم يكتشفوها.. وإن كان الآخرون يعرفونها.. وهذه الانطباعات هي رافد جديد في مسار الاتجاه نحو الإحباط.
- إن مصر (دولة بلا دور)، فقدت قيمتها، ومواصفاتها، ولم تعد كفؤاً، والآخرون يتجاوزونها، وتأثيرها غير فعال.. وهو انطباع - بغض النظر عن أنه يخالف الواقع - يحدث ابتسارا في الشعور الوطني ويفقد المواطن إحساسه بقيمة بلده.. ويؤدي إلي إحباطه.
وتحت هذه المفاهيم التي تسوق علي نطاق واسع، وبدون توقف، يمكن أن تدرج عشرات من العناوين الأخري، لانطباعات يتم حشو عقول الناس بها.. وتنتشر علي نطاق واسع.. إلي الدرجة التي تدفع مقيمين مصريين في الخارج إلي الاعتقاد بأن البلد قد انهار.. فلما يعودون أو يواجهون ذويهم بما يسمعون.. ويكتشفون الحقائق، وبغض النظر عن النتيجة التي تحدث بعد ذلك الاكتشاف، فإن الظاهرة التي تتزايد نموا الآن هي صعود إحساس بالقلق لدي قطاعات المصريين في الخارج.. تأثرا بكل هذا.. وبما يقرأونه في المواقع الإلكترونية المصرية وما يشاهدونه في الفضائيات ومايضاف إلي كليهما من دعايات سلبية أخري يقوم بها الأشقاء أو غيرهم.
بخلاف المصريين في الخارج، وهم نخبة ذات خصائص مهنية وعلمية ومالية، فإن المستهدفين الذين يتأثرون أيضا بما يجري هم الأجيال الجديدة.. والشباب، الذي صار يوصف دائما بأنه محبط وضائع وتائه.. ناهيك عن التأثيرات المعنوية التي تلاحق فئات أخري في المجتمع.
وعلي غير ما قد توحي به الأحداث، فإن تلك المجريات تقود إلي اتساع رقعة الممتنعين عن المشاركة في الحياة العامة.. والمنعزلين في رحاب الشبكات الإلكترونية الاجتماعية.. والمحبطين التائهين.. الذين فقدوا الأمل.. وضاعت أواصر ارتباطهم بالبلد.. بغض النظر عن المظاهرات التي يتم تصويرها للتعبير عن وجود الاحتجاج علي هذا المشهد أو ذاك.. ذلك أن تلك المظاهرات هي غالبا محدودة العدد.. وثانيا نتائجها الأخيرة ترسيخ الإحباط.
إن التعامل مع كل هذه المواقف بنفس الطريقة الحكومية المتغافلة، والمتجاهلة، والمستهترة، وإلقاء تبعة كل موقف علي الجهة المعنية به مباشرة، بدون أن يتضامن الجميع دفاعا عن مؤسسات الدولة وقيمتها ومعناها، إنما يؤدي إلي تراكم مشكلات كبيرة وذات أثر عميق.. قد يحتاج إلي خمس حكومات تالية لإصلاحه.. خصوصا أنه لا تلوح في أفق هذه الحكومة معالم انتباه لخطورة ما يجري وتراه الحكومة يوميا ولاتعيره انتباها.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة على موقعه الشخصى
www.abkamal.net
أو موقع روزاليوسف:
www.rosaonline.net
أو على المدونة على العنوان التالى: http//alsiasy.blospot.com
أو على صفحة الكاتب فى موقع الفيس بوك أو للمتابعة على موقع تويتر:
twitter.com/abkamal
البريد الإلكترونى
Email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.