إلى رحمة الله يا محمود يا سعدنى لتنضم إلى أغلى الحبايب لتلحق بهم وإن طال الزمن سألحق بكم بإذن الله.. حقيقى. يا «محمود» لقد خلت الدنيا برحيل أعز الحبايب والزملاء والأصحاب واحدا بعد الآخر.. ولا أملك إلا الدعاء لكم بالرحمة والمغفرة بإذن الله فى رحاب الله وفى جناته ونعيمه.. وأعيش على الذكرى والذكريات. وأذكر اليوم.. يوم التقينا أول مرة.. يوم دخلت مكتبى تطلب منى وكنت سكرتيرة لأستاذنا إحسان عبدالقدوس عام «1952» وفى يدك جورنال «الجمهور المصرى» وقال لى السعدنى: اعرضى عليه هذا المقال إللى أنا كاتبه وعايز أقابل الأستاذ إحسان بعد ما يقرأ المقال.. وأخذت الجورنال وقرأت العنوان الآتى لمقال السعدنى فى «الجمهور المصرى» الاحتفال برائد الفضاء «إنجريد برجمان» بالخط العريض فقلت له إيه التخريف ده.. إنجريد برجمان دى ممثلة يا أفندى مش رائد فضاء.. فصرخ فى وقال لى وأنت مالك يا ستى ادخلى أعطى الجورنال للأستاذ إحسان وقولى له: أنى عايز أقابله.. ومن باب الفكاهة أخذت الجورنال ودخلت على إحسان وأنا أضحك وأخذ أستاذنا الجورنال وقرأ العنوان وضحك وقال خليه يدخل ده عبقرى. قلت إزاى عبقرى وهو مش عارف مين إنجريد برجمان قال عبقرى لأنه بهذا المقال كشف جهل صاحب الجورنال الأمى أبوالخير نجيب وفعلا بدأت علاقة محمود السعدنى بروزاليوسف منذ هذا اليوم ولو أنه لم يعين، وكان يتردد على المجلة يكتب من الخارج حتى عام «1958» ثم انتظم فى الكتابة فى مجلة روزاليوسف حتى عام «1960» وبدأ يكتب فى صباح الخير حتى عين رئيسا لتحرير صباح الخير عام «1971» ثم ترك صباح الخير وعاد يكتب فى روزاليوسف من عام «1973» حتى «1982» وأحيل إلى المعاش عام «1987». ومن ذكريات أول مقابلة مع أستاذ إحسان وسمع أنه قال عليه عبقرى قال لى.. إن مدرس الحساب فى المدرسة أيام الدراسة كان يقول إنى حمار، وإحسان عبدالقدوس قال أنى عبقرى.. وأنا اكتشفت إن أنا لا حمار ولا عبقرى، أنا مزيج من الحمار والعبقرى، إذا أنا «حمقرى».. وكنا أنا والعزيز الفنان الرسام جمال كامل لا نناديه إلا يا حمقرى كلم رئيس التحرير.. يا حمقرى كلم.. حتى أنه كتب هذه الحدوتة فى أحد كتبه. ومن النوادر الكثيرة لمحمود السعدنى.. كان كبير البنائين العزيز عثمان أحمد عثمان مؤسس المقاولون العرب بانى السد العالى يحب محمود السعدنى جدا ومن الطرائف أن الابنة العزيزة هالة ابنة محمود السعدنى الكبيرة كانت فى حاجة للعلاج فى لندن وباتصالاته حجز عثمان أحمد عثمان عند أحد الأطباء فى لندن ولما وصل «السعدنى» إلى عيادة الدكتور وعلى ما أذكر اسم الدكتور «أوزمان» قالت الممرضة له ميعادك كان أمس لابد من تحديد ميعاد ثان فقال لها السعدنى بخفة دمه وذكائه الحاضر:.. قولى للدكتور إنى جاى من طرف قريبه «أوزمان» بك أحمد «أوزمان»، كان يحكى هذه النادرة الكبير عثمان أحمد عثمان.. ومن النوادر أيضا كان عثمان يريد أن يصالح السعدنى على الرئيس السادات أثناء زيارة الرئيس السادات للكويت، وفشلت المصالحة. ومن النوادر الكثيرة التى عشتها مع مجموعة من الزملاء والسعدنى فى الغردقة بدعوة من رياسة الجمهورية للاحتفال بعيد الثورة العاشر - وكنا أنا ومحمود السعدنى وكامل زهيرى وبهجت عثمان رسام الكاريكاتير ومصطفى محمود وجمال كامل.. ولما كنت البنت الوحيدة فى الوفد كان مكان استضافتى فى الجناح الخاص للمحافظ والباقى فى استراحة المحافظة.. وكانت حرم المحافظ ترسل لى الفاكهة والحلوى ليلا وذهبت إليهم فى الاستراحة وقلت إللى عايز فاكهة وحلويات ييجى يأخذها. فقال لى السعدنى.. وأنت ليه ماتجبيش لنا الفاكهة.. قلت له: أنا مش «لونجيه أبوكم» ومن يومها وهو كل ما يقابلنى يقول أهلا الست «اللومنجية»، وقد كتب لى هذا على كتابه «المضحكون» إلى العزيزة اللومنجية «مديحة»، أما مصطفى محمود فقد كتب لى إهداء على كتابه «أكل عيش» إلى «لونجيه» قصر السلطان مصطفى محمود العزيزة مديحة!! وحدث أثناء وجودنا فى الغردقة وكانت أيامها بلدا مهجورا لايوجد فيه غير بعض المشاريع الصغيرة ويتولى إنشاءها مجموعة الخبراء الألمان.. وفى ليلة سمعت صراخا وبوليسا وسيدة ألمانية تتهم شابا مهندسا مصريا بمحاولة اغتصابها وأثناء التحقيق اجتمعنا علشان نبرأ الشاب المصرى وتدخل السعدنى وقال للسيد المحقق: يا فندم ده ولد أهبل لو فتحت رأسه ستجد خرابة وفيها عسكرى ماسك حرامى مكان مخه»!! وكان السعدنى يقول دائما أنا عشت حياتى بالطول والعرض ولست نادما على شىء، ويقول قد كتبت عشرات الكتب وثلاث مسرحيات ومئات البرامج الإذاعية ومقالات تكفى عشرة دكاكين تبيع فيها اللب.. وكان يقول بصراحة أنا أخاف من الموت وأخاف النوم مع الموتى، لذلك أريد لما أموت أنام جنب الأحياء.. وكنا نقول «اصطبح» وبطل تتكلم فى الموت بعدين تموت حالا.. كان يقول لا، أنا أتمنى ألا أموت قبل سن التسعين علشان أتعرف على الحياة أكثر مما عرفت وأقرأ كثيرا عن الموت علشان أموت وأنا عارف كل شىء عن الحياة لأتعرف على كل شىء عن الموت!! ومات السعدنى.. وكان آخر لقائى به فى نادى الصحفيين بشارع البحر الأعظم والذى كان يضحك معى ويقول لى إيه رأيك فى مدفن على النيل.. كنت أقول له بطل كلام عن الموت.. وكان آخر يوم أذهب فيه وألتقى بالسعدنى فى النادى النهرى ولا أذكر بالضبط كان إمتى كلمنى مرة واحدة بعد ذلك فى التليفون وبعد ذلك كانت أخباره أسمعها وأقرأها فى الصحف.. ورحل محمود السعدنى وترك لى ذكرى عشناها زملاء وأصدقاء عشنا بين جدران روزاليوسف أكثر من عشرين عاما وزمالة وصداقة أكثر من خمسين سنة.. عليك رحمة الله وغفرانه أنت والذين معك فى رحاب الله من الحبايب والأصدقاء والزملاء. ونوادر السعدنى كثيرة وحكاياتنا فى روزاليوسف مع عباقرة الصحافة والأدب والفن فى جامعة الصحافة والفن روزاليوسف.وكل عام وأنتم بخير وإليكم الحب كله وتصبحون على حب.؟