هي عادتنا ولن نشتريها.. أن نتحرك في مواجهة الكارثة أو الأزمة في ربع الساعة الأخير.. وبعد أن تكون الفأس قد وقعت في الرأس.. فنصرخ ونولول ونلطم الخدود ونشق الجيوب.. ونصدر بيانات الشجب والرفض والإدانة.. ثم خلاص.. نهدأ تماماً وقد أدينا الواجب.. وكيف تفسر سعادتك هذا التقاعس عن الدفاع عن المآذن التي حظروها في سويسرا.. مع أننا بلد الأزهر والمآذن؟!.. والخيبة أننا تركنا الحكومة والبرلمان السويسريين يحاربان وحدهما دعاة الحظر.. فخرجت الحكومة السويسرية تناشد مواطنيها عدم الموافقة علي الحظر.. وأصدر البرلمان السويسري عدة بيانات تخاطب الناخبين وتحرضهم علي الدفاع عن المآذن ووقف الحزب المسيحي السويسري في خندق المسلمين.. يدعو المواطنين للموافقة علي بناء المزيد من المآذن.. أما عندنا فقد وضعنا يدنا في الماء البارد ووقفنا نتفرج...!! ولا أعرف لماذا غضب علماء المسلمين المفاجيء؟! وأين كان الشيخ القرضاوي والشيخ سيد طنطاوي وغيرهما من علماء الحناجر وبيانات الغضب؟! ولماذا التحرك بعد فوات الأوان؟! وقد كانت الساحة السويسرية خالية أمامهم للتحرك ومخاطبة المجتمع السويسري وتوضيح سماحة الدين الإسلامي.. وحزب الشعب النازي المتطرف وجد الساحة أمامه للتحرك بعد أن جمع مائة ألف توقيع من مواطني سويسرا يطالبون بطرح مستقبل المآذن للاستفتاء العام.. وهناك في سويسرا يستطيع أي مواطن أو جماعة أو حزب سياسي طرح القضايا العامة للاستفتاء العام بشرط جمع مائة ألف توقيع.. ليحدد المواطنون جميعاً وجهة نظرهم في القضية ومحل الخلاف.. وقد ذهب المواطنون للاستفتاء علي قضايا مهمة.. كالاستغناء عن الجيش بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. وتسريح البوليس الذي لا لزوم له في عصر الكمبيوتر وكاميرات الشوارع.. ثم جاءت قضية حظر بناء المآذن.. ونجح حزب الشعب اليميني المتطرف في الحصول علي موافقة الناخبين علي الحظر.. بما يعني أن الحكومة ملزمة بالخضوع لرأي الناخبين..!! الخيبة.. أن نجاح الحزب اليميني السويسري في حملته ضد المسلمين.... يغري الآن دعاة التطرف هناك إلي المزيد من التشدد لحصار المسلمين تماماً.. بل يغري أحزاب اليمين في جموع أوروبا إلي التحرك ضد الديانة الإسلامية التي تشكل الديانة الثانية في معظم أرجاء أوروبا.. .. وقد أعطيناهم المبررات والأسباب للتحرك ضدنا.. خصوصا أننا خبراء في المناكفة.. وخذ عندك.. 1 - الرياضة في سويسرا ليست ثنياً ومداً.. وإنما الرياضة عندهم هي السباحة في المدارس الإلزامية.. في حين أن السباحة عندنا حرام حرام... وهناك العشرات من القضايا يرفعها المسلمون هناك يطالبون بإعفاء أبنائهم وبناتهم من دروس السباحة.. بحجة أنها تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف..! 2 - يطالب العديد من إخوتنا في الإسلام.. بحظر الاحتفال بالكريسماس.. ومصادرة بابا نويل.. وحجتهم أن بابا نويل يمثل رمزاً دينيا مسيحياً.. بما يتعارض مع معتقدات أبنائهم الإسلامية.. ومع أن الحكومة هناك أوضحت أن بابا نويل ليس رمزاً دينياً بقدر ما هو عادة اجتماعية احتفالية.. لكن خبراء المناكفة من إخوتنا يواصلون الحملة في الصحافة وفي المحاكم..!! 3 - يطالب إخوتنا المسلمون بتخصيص مقابر خاصة للمسلمين في أماكن يحددونها.. في حين تعترض السلطات المحلية هناك.. علي اعتبار أن المقابر موجودة بالفعل.. وهناك أقسام في جميع المقابر خاصة بالأديان الأخري.. لكن إخوتنا يصرون علي تخصيص مقابر خاصة بهم بعيداً عن مقابر المسيحيين..! 4 - يطالب المسلمون هناك بتخصيص مذابح وسلخانات للذبح علي الطريقة الإسلامية.. في حين تري السلطات المحلية في سويسرا أنه من الأفضل استيراد اللحوم من فرنسا أو ألمانيا المجاورة.. وهي لحوم مذبوحة علي الطريقة الإسلامية ثم إنها تنقل يومياً طازجة إلي سويسرا.. والمعركة محتدمة علي صفحات الجرائد هناك في حاجة إلي الحسم.. 5 - اكتشفت السلطات السويسرية أن إخوتنا المسلمين.. يدعون في خطبهم بالمساجد إلي أمور يحظرها المجتمع السويسري تماماً مثل منع المرأه من العمل ! وهناك من يطالب بضرب المرأة لتأديبها!.. هم يدعون في الخطب إلي منع المرأة من العمل والاختلاط بالمجتمع.. في حين أن سويسرا تدعو الجميع للمشاركة في البناء.. الرجل والمرأة.. وهناك من دعاة المساجد من يطالب بضرب المرأة لتأديبها وهو ما ترفضه السلطات تماماً.. ثم اكتشفت سلطات سويسرا أن هناك من الدعاة من يدعو المصلين إلي التوقف عن دفع الضرائب.. علي اعتبار أنها تذهب إلي الحاكم المسيحي.. والتوقف عن دفع الضريبة جريمة كبري هناك. المعركة الآن محتدمة علي الأراضي السويسرية.. ولن تتوقف أبداً عند حظر بناء المآذن.. وأتوقع امتدادها إلي أبعاد أخري.. أخشي ألا تكون في صالح المسلمين هناك.. وندعو العقلاء للتصدي والمشاركة.. وقبل أن تقع فأس جديدة في رءوسنا وساعتها لن نستطيع الرد.. وإنما وكما هي عادتنا.. سوف نتحرك في ربع الساعة الأخير..!!