وكأننا لسنا في القرن الحادي والعشرين.. فعلي الرغم من تقلد المرأة أعلي المناصب السيادية في الدولة إلا أن التعصب للرجل وثقافة المجتمع الذكوري مازالت هي المسيطرة علي بعض قبائل الصعيد، فمسلسل اضطهاد الفتاة وحرمانها من أبسط حقوقها في استكمال مشوارها الجامعي وأن تصبح معيدة أو أستاذة مازال هو السائد برغم ما حققته من إنجازات في مختلف نواحي الحياة. مؤخراً.. تقدمت إحدي الطالبات بالفرقة الرابعة في كلية الحقوق جامعة جنوبالوادي وتدعي هند عادل الطيب بشكوي لرئيس جامعة جنوبالوادي د. عباس منصور وأيضاً إلي مقررة المجلس القومي للمرأة في قنا عنايات أحمد محمد ضد أحد الأساتذة بكلية الحقوق جامعة جنوبالوادي، وهو د. علي باشا خليفة لوقوفه أمام تعيينها معيدة بالكلية.. هند حصلت في الفرقتين الأولي والثانية علي تقدير عام امتياز أما في الفرقة الثالثة فحصلت علي جيد فقط بسبب مادتي القانون الدولي الخاص والمرافعات اللتين كان يقوم بتدريسهما حيث حصلت علي تقدير مقبول في هاتين المادتين وتم تصعيد أحد زملائها- كما تقول في الشكوي- لمنع تعيينها. هند الطيب تقول إنها تحاول تطبيق نظام الجودة في ورقة الامتحان، حيث تستند في إجاباتها ليس فقط علي مواد القانون النظرية وإنما تدعمها بنماذج واقعية لما يحدث في النيابات والمحاكم.. وهذا ما اعتبره د. علي الباشا مخالفاً للمنهج الذي يدرسه حيث كان يقول في المحاضرات إن الطالب الذي يجيب عن أي سؤال في ورقة الامتحان من خارج المنهج معتمداً علي المراجع والأبحاث والأمثلة الواقعية سيكون مصيره الرسوب في الامتحان، ولم يكتف بذلك بل إنه قام بإعداد مذكرات تلخيص للمنهج لطلبة الفرقة الثالثة بالرغم من التحذيرات التي تلقاها من د. رفعت محمد بهجت- عميد الكلية الأسبق- بمنعه من طبع تلك المذكرات لمخالفتها للوائح الجامعية الداخلية. هند قالت إنه برغم أن أعداد الطالبات داخل كلية الحقوق تشكل أكثر من الثلث إلا أنها تعاني الأمرين من السيطرة الذكورية علي هيئة التدريس ويكفي أن كلية الحقوق جامعة أسيوط ليس بها أية معيدات أو أساتذة قانون فتيات حتي لو كانت الفتاة جديرة بهذا المنصب، ويكفي أن د. علي باشا قال في إحدي محاضراته أمام جميع الطلاب: إحنا عايزين في الكلية رجالة مش نسوان يبقوا دكاترة. الطالبة أوضحت عن أنها لا تريد سوي حقها خاصة أن هذه أول دفعة يتم تخريجها في الكلية موضحة أنها لا تستند إلي مراجع وأبحاث من خارج المادة، ولكنها تعتمد عليها في تدعيم الإجابة، وهذا معيار الجودة الذي نادت به وزارة التعليم العالي، فهل هذا نتيجته أن يستغل أستاذ المادة سلطته التقديرية في تصحيح أوراق الامتحانات لكونه لا يريد أن تصبح أول معيدة في الكلية أنثي. لذلك فهند تلتمس من رئيس الجامعة أن تتم إعادة تصحيح هاتين المادتين التي قام الدكتور علي باشا بتدريسهما وخصوصاً جميع الأوراق التي حصلت علي درجة امتياز أو جيد جداً ومقارنتها بورقة إجابتها التي حصلت فيها علي مقبول، وأن يتم تشكيل لجنة لتصحيح هذه الأوراق من خارج جامعة جنوبالوادي أو من جامعة أسيوط. الظلم الذكوري لم يقمع هند وحدها في جامعة جنوبالوادي، حيث قالت لنا طالبة رفضت ذكر اسمها أنها حصلت علي تقدير عام جيد جداً في الفرقتين الأولي والثانية، وفي الفرقة الرابعة حصلت علي امتياز في 4 مواد وسجلت في مادة غياب غ بالرغم من حضورها الامتحان، وعندما اشتكت للعميد قال لها لو مسكتيش سوف أدخلك مجلس تأديبي فخافت أن يتم إيذاؤها خاصة أنها لم تقم بعمل محضر ضد هذه الواقعة. بعدها واجهنا د. علي باشا إدريس بهذه الاتهامات فرفضها بشدة وقال: كل هذه الادعاءات باطلة، والدليل أن هند فور تظلمها تم تشكيل لجنة مكونة من 3 أساتذة بالإضافة إلي عميد كلية الحقوق.. كما أن إجابات الطالبة لا ترقي لدرجة الامتياز، فهي عادية؛ فالمقبول درجة مناسبة لها والخروج عن الكتاب الجامعي لا يفيد في دراسة القانون، مشيراً إلي أنه سيقاضي والد الطالبة للإساءة لسمعته خاصة أنه يقدر دور المرأة في المجتمع، ولكن كل مجتمع له طبيعته الخاصة وعاداته وتقاليده التي تحكمه. وقال د. علي: إن هناك معايير موضوعية يتم تطبيقها في تقدير الدرجات، فليست الإجابة النموذجية هي المعيار الوحيد وإنما هناك عدة معايير منها التنظيم في ورقة الامتحان وخطة الإجابة والخط الجيد، فكل هذه درجات، وتساءل: لماذا لم تتظلم باقي بنات الكلية من الدرجات التي حصلن عليها مثلما فعلت هند، فهي ليست حالة خاصة ويتم التعامل معها من خلال لجنة التظلمات التي تقدمت إليها لبحث أوراقها. ورفض د. علي باشا ما تردده الطالبة بأنه لا يريد أن تتقلد المرأة مناصب قيادية للجامعة موضحاً أن المرأة شغلت مناصب سيادية في الدولة، وأنه لم يقل أنه لا يريد في الجامعة بنات. أما د. ثروت عبدالعال عميد كلية الحقوق جامعة جنوبالوادي فقال: قانوناً لا يصح الحديث عن هذا الموضوع لأن إدارة الجامعة شكلت لجنة لدراسة أوراق الطالبة ومازالت تحت الدراسة، وسوف تصدر اللجنة تقديرها الأسبوع القادم.. مشيراً إلي أن المرأة مثل الرجل ولا تتم إهانتها بأي شكل من الأشكال ولم، تتعرض لأي اضطهاد كما يدعي البعض لأن وضعها أصبح أفضل في مختلف المجالات. د. عباس منصور رئيس جامعة جنوبالوادي علق علي هذه الواقعة قائلاً أنه تم تشكيل لجنتين لفحص أوراق الطالبة، الأولي تم رفضها من قبل الطالبة لأن الأستاذ الذي تم اتهامه كان ضمن أعضاء اللجنة، لذلك قررنا تشكيل لجنة تظلمات، جميع أعضائها من كلية الحقوق جامعة أسيوط، ولن يتم التلاعب في أية أوراق لأننا لا نسمح بأية تجاوزات داخل الجامعة، موضحاً أنه في حالة ثبوت براعة الطالبة وتطبيقها معايير الجودة في الإجابة سيعاقب دكتور المادة، فالكل في الجامعة سواسية، لأننا لا نفرق بين طالب وطالبة وسوف يتم إعداد كشوف بأسماء الطلاب وتقديراتهم. أما عنايات أحمد محمد مقررة المجلس القومي للمرأة فأكدت أن اضطهاد الفتيات في قنا مازالت تسيطر علي القبائل البدوية العصبية التي ترفض تقلد المرأة أي منصب قيادي، مشيرة إلي أنها في أحيان كثيرة تفشل في معالجة بعض الأمور، فالموروث الثقافي بأن المرأة لابد أن تصبح أقل من الرجل هو المسيطر، وبرغم وسائل الإعلام ودور المجلس القومي للمرأة في زيادة الوعي في المحافظات إلا أن غيرة الرجل ورغبته في السيطرة ستظلان الحاكم إلي الأبد.