مازال التطرف هو الدافع الذى يبدد جهود السعى من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة التى عاشت أكثر من نصف قرن فى دوامة من القتال وسقوط الضحايا وتدمير المبانى.. فقد انطلق الأسبوع الماضى صاروخان من قرية لبنانية.. أطلقتهما جماعة صغيرة منشقة عن حزب الله على القطاع الغربى من الخليل وانتهزت حكومة إسرائيل الفرصة فردت بإطلاق 15 قذيفة مدفعية على بلدة القليلة التى تبعد 15 كيلومترا عن الحدود مع لبنان. والمثير أن يعود هذا القتال فى الوقت الذى يجنح فيه لبنان للهدوء وتختار بعد تكليف رئيس الجمهورية ميشال سليمان لسعد الحريرى كرئيس للوزراء واعتذار الأخير بعد مشاورات بتشكيل الوزارة استمرت حوالى شهرين.. وعندما وقع اختياره على تشكيلة وزارية رفضت المعارضة وعادت الأمور بعد الاعتذار إلى نقطة الصفر.. وصحب ذلك العودة إلى إطلاق الصواريخ عبر الخط الأزرق وقوات اليونيفيل، وأصدر مكتب الأممالمتحدة فى بيروت بيانا جاء فيه أن ما حدث يعد تطورا خطيرا، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس. والحقيقة أن حكومات إسرائيل المتعاقبة هى التى يجب أن تطالب بضبط النفس لأنها تتحمل مسئولية إهدار فرص السلام.. فهم الذين يحتلون الأرض ويقيمون المستوطنات ويعملون على تهويد القدس ويرفضون عودة اللاجئين فى وقت لا يطلب العرب فيه سوى أرضهم المحتلة.. ودولتهم فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. فى مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتعاملهم معها كما جاء فى قرار قمة بيروت العربية عام ,2002 الذى لا يكفل فقط إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، وإنما التعايش والتطبيع معها فى نظام إقليمى. والحقيقة أن الظروف فى المنطقة كانت تتجه إلى السلام والبعد عن مساندة المتطرفين دعاة الصهيونية التوسعية فى إسرائيل الذين ناصرهم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش طوال فترة حكمه، مما جعل السلام يتحول إلى سراب.. أما بعد انتخاب الرئيس باراك حسين أوباما رئيسا للولايات المتحدة فقد ظهرت فرصة مناسبة من أجل السلام وتسوية الصراع العربى - الإسرائيلى تقوم على أساس جهود الإدارة الأمريكية وحشد الجهود الدولية والإقليمية. ومع ذلك، فإن أعمال العنف كما حدث خلال هذا الأسبوع فى تبادل القصف الصاروخى بين لبنان وإسرائيل ستظل مرشحة للاستمرار والتصاعد ما لم تستقر الأمور على أساس حل سلمى لا يدفع الفلسطينيين إلى خيار مقاومة الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما اختارته فتح فى مؤتمرها الأخير ردا على تعنت وأسلوب الحكومة الإسرائيلية فى تثبيت الاستعمار الاستيطانى. ومن جهة أخرى فإن الموقف داخل المجتمع الإسرائيلى مازال يجنح إلى التطرف، فقد أظهر استطلاع للرأى نشر فى صحيفة جيروزاليم بوست يوم 28 أغسطس 2009 أن غالبية الإسرائيليين اليهود يعارضون تجميد الاستيطان، وتجميد أعمال البناء، كما أظهر استطلاع آخر للرأى نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 10 أغسطس 2009 أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون سياسة حكومة بنيامين نتانياهو التى تشجع استمرار عمليات البناء والمستوطنات، كما كشف استطلاع لمركز الحرب والسلام فى جامعة تل أبيب أن 66 ٪ من الإسرائيليين يؤيدون البناء فى مدينة القدس لأنها تشكل حسب رأيهم عاصمة دولة إسرائيل بقسميها! وهذا التوجه الذى تكشفه استطلاعات الرأي المختلفة داخل إسرائيل يرجح كفة العدوان وإهدار فرص السلام. الشرطة فى خدمة الشعب كان هذا الشعار الذي رفعته قيادات الشرطة فى بداية ثورة يوليو الشرطة فى خدمة الشعب شعارا معبرا عن الدور الذى أصبح يقوم به رجال الشرطة لحماية الجماهير من أخطار المجرمين والمتطرفين والإرهابيين، وكانت ثمرة هذا الشعار ترابطا واندماجا بين الشعب ورجال الشرطة، واستمرت هذه الحالة من الأمن إلى السنوات الأخيرة عندما تتابعت أحداث الاعتداء على عدد من المسئولين فى الشرطة وآخرهم اللواء الشهيد إبراهيم عبدالمعبود مدير مباحث السويس الذى قتله بعض تجار المخدرات الذين هربوا ولم يعتقلوا بعد.. وقد سبق هذا الحادث الشنيع عدة حوادث أخرى مؤلمة استشهد فيها عدد من ضباط الشرطة من مختلف الرتب، وكان تأثيرها عنيفا على نفوس الذين صدموا بتكرارها وخاصة خلال الفترة الأخيرة. واجبنا العمل على حماية الشرطة التى تخدم الشعب فعلا بما توفره من أمن وأمان، وما تعمل على تيسيره من متاعب تتعرض لها الجماهير. والواجب أن تتكاتف كل القوى الشعبية والرسمية من أجل التعرف على المجرمين ومحاكمتهم.؟