البورصة المصرية تربح 34 مليار جنيه في ختام التعاملات    الجريدة الرسمية تنشر قرارات الرقابة المالية بشان ضوابط غسل الأموال بشركات التمويل    اليونيفيل تعلن إطلاق دبابة إسرائيلية النار على قواتها في جنوب لبنان    د. معتز صلاح الدين يكتب : مصر والسودان لنا... وإنجلترا إن أمكن!    نتنياهو يواجه الانتقادات.. عام انتخابى وهجمات تمهيدية من داخل الليكود وخارجه    شاهد فرحة فريق مرموش بالفوز على دونجا فى مران منتخب مصر قبل مواجهة كاب فيردى    دقيقة حداد على روح محمد صبرى نجم الزمالك السابق فى قمة 2005    مدرب منتخب مصر للكوميتية: مستعدون لبطولة العالم للكاراتيه.. وننتظر مساندة الجماهير    محافظ الفيوم يتابع جهود ضبط الأسواق ومراقبة الأسعار    تأجيل نظر استئناف «توربيني البحيرة» ل20 ديسمبر للمرافعة    ضبط طرفي مشاجرة بالشرقية بسبب خلافات الجيرة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    عرض فيلم «المهاجر» ضمن برنامج كلاسيكيات القاهرة    الحالم البهيج    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    أجواء شتوية رائعة فى أسوان واستقبال أفواج سياحية جديدة.. فيديو    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    تشكيل البرتغال المتوقع لمواجهة أرمينيا.. رونالدو يغيب للايقاف    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    كاتب بالتايمز يتغنى بالمتحف المصرى الكبير: أحد أعظم متاحف العالم    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    حكاية وباء يضرب الحياة البرية.. إنفلونزا الطيور تفتك بآلاف أفيال البحر في الأطلسي    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    عراقجي: النهج الحالي للولايات المتحدة لا يدلّ على الاستعداد لمفاوضات عادلة ولن نشارك في مفاوضات هدفها الإملاء    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الإحصاء: حجم قوة العمل 34.727 مليون فرد بزيادة 3.3% خلال 3 شهور    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    أيمن عاشور يبحث سبل التعاون مع وزيرة التعليم والعلوم وسفيرة دولة مقدونيا الشمالية بالقاهرة    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الرئيس في يوم صعب

كان الخميس الماضي يوما سياسيا ساخنا.. نوقشت فيه أمور متنوعة مما تشغل الناس في البلد.. بدءا من أن وضع أرغفة الخبز في أكياس يؤدي إلي (تعجينه).. وإن كان ذلك قد حل أزمة توافره.. وصولا إلي مشكلة السلام في الشرق الأوسط.. ومن طريقة توزيع أنابيب الغاز في المحافظات.. إلي حال العراق وما فيه من فوضي.. وحتي نظام الانتخابات القادمة في مصر.. والذي سيكون فرديا كما هو الآن.. بعد أن أقر ذلك الرئيس.. فانتهت تماما فكرة اللجوء إلي نظام القائمة من أي نوع.
لقد كان حدثا حزبيا، لكن له في الوقت نفسه أبعاداً قومية متنوعة، ذلك أن المجتمعين كانوا يمثلون حزب الأغلبية الذي تنتمي له الحكومة.. ويناقشون مسائل سوف تقرر شكل مؤتمر الحزب السنوي في نوفمبر القادم.. وهو بدوره مؤتمر تتقرر فيه سياسات وتوجهات تؤثر في مصالح الجماهير.. فالقرار بمقتضي العملية الديمقراطية في يد الأغلبية التي يستحوذ عليها الحزب الوطني.. ومثل تلك الأحداث في الدول ذات الديمقراطية العريقة إنما تحظي باهتمام كبير من الرأي العام.. خصوصا إذا كان النقاش الداخلي متاحا للإطلاع العام أو يمكن للصحافة الوثوب إليه.
حوار بلا أساطير
ويحيط بالحوار داخل الحزب الوطني دعائيا نوع من الأساطير.. ويتصور البعض أنه تقريبا لا يوجد نقاش.. غير أن الحقيقة غير هذا علي الإطلاق.. إلي الدرجة التي تدفعني أن أشير إلي أن أحد أمناء الحزب في المحافظات حين حصل علي حقه في الكلمة في الاجتماع الأول يوم الخميس طرح أمامه انتقادات متنوعة للأداء التنفيذي في مشكلات مختلفة.. وقد كانت تفصيلية بحيث إن الجميع قد وجد أن هذا ليس هو ما يجب مناقشته في اجتماع مع رئيس الحزب.. لكن الرئيس استمع.. وعلَّق علي كل ما طرحه المشاركون.. قبل أن يشهد الحزب في جلسة تالية نقاشا حادا وساخنا ومتفاعلا.. حيث كان المجال متاحا للتفاصيل الدقيقة جدا.
المناسبة، هي ما أطلق عليه الحزب (مؤتمر اليوم الواحد)، وقد تمت الدعوة إليه بعد اجتماعين لهيئة المكتب بقيادة الأمين العام صفوت الشريف.. والهدف هو إجراء حوار حول القضايا التي يمكن أن يتناولها المؤتمر السنوي.. وطبيعة التحديات والمشكلات التي تواجه العمل اليومي والتنفيذي والأداء علي مستوي المحافظات.. من خلال استماع مباشر للمدعوين للاجتماع.. وهم: أعضاء الأمانة العامه للحزب.. وأمناء المحافظات.. ولم يكن مدعوا له بقية تشكيلات قيادة الحزب.. أي مثلا أعضاء المكتب السياسي.
ولم يكن النقاش مفتوحا بلا أجندة.. بل أقيم علي أساس تحليل مدقق لنتائج استطلاع رأي موسع أجرته أمانة السياسات في الحزب.. رصد اهتمامات الناس.. والمشكلات التي تؤرقهم.. وأُخضعت النتائج للتحليل.. ووجهت إلي أمانات الحزب في المحافظات لكي تحللها بدورها وتقول رأيها وتعلق علي ما فيها.. ومن ثم فإن الحوار دار حول ذلك.. واستمر النقاش نحو خمس ساعات.. بحضور عدد من الوزراء لاسيما المختصين بالخدمات.. ورؤساء اللجان النوعية في أمانة السياسات المعنية بوضع الأوراق التي سوف تناقش في المؤتمر.

- عملية صعبة
الجزء الأول من (مؤتمر اليوم الواحد) أقيم في مركز الدراسات الوطنية في مصر الجديدة.. وهو أحد مقرات الحزب ومنه أديرت من قبل الحملة الانتخابية للرئيس في عام 5002. عندما أطلق برنامجه الأشهر والمنظم الذي أكد يوم الخميس أنه يشهد تقدما تنفيذيا في قضاء مجموعة مختلفة من التزاماته في مجالات مختلفة.. وبما يفوق الجداول الزمنية الموضوعة.. وهذا لم يمنعه من أن يشير إلي أن هناك مجالات أخري معدلات التنفيذ فيها تحتاج إلي مزيد من الوقت خلال العامين المقبلين.. وقبل أن يبلغ البرنامج مداه الزمني المخطط.
كانت الصراحة هي عنوان اللقاء.. بدءا من استعراض العملية الانتخابية المعقدة التي جرت علي مستوي وحدات الحزب في مختلف المحافظات ويبلغ عددها 1876 وحدة (تم فيها الانتخاب - إذ هناك وحدات لم تجر فيها انتخابات).. وصولا إلي مناقشة جميع أوضاع الإقليم وتأثيرات ذلك علي مصر.
ومن ثم فإن الحزب الذي يؤكد أن عضويته تبلغ ال 3 ملايين عضو.. لم يجد غضاضة أن يقر أمام رئيسه، بينما يشاهد فيلما يستعرض عملية الانتخاب التي جرت خلال الأسابيع الماضية.. أن المشاركين في الانتخابات هم 5,1 مليون عضو.. تم تحديث عضويتهم.. وقد كلفت القيادات المنتخبة بأن تقوم بعملية تحديث بيانات العضوية للباقين.
إن الكثيرين لايعرفون أن قواعد الحزب شهدت قبيل الانتخابات عمليات تحديث هدفها توثيق بيانات الأعضاء.. بحيث يكون متوافرا لدي الحزب جميع بيانات العضو وصورة بطاقته ورقم تليفونه وأن يقوم بنفسه بدفع اشتراكه بطريقة فردية بدلا من الطريقة الجماعية التي كانت تتم من قبل ويلجأ إليها بعض قيادات الوحدات.. وهي عملية صعبة جدا.. كشفت عن خطوات ضرورية يجب القيام بها لكي يكون الحزب واثقا من أنه متفاعل مع كل عضويته وليس بينها ما هو غير حقيقي.

ما يستوقف النظر هنا بعض الأرقام التي عرضت علي الرئيس، ومنها أن 22 ألف سيدة تنافسن علي مقاعد المرأة في الوحدات.. و62 ألف عضو تنافسوا علي مقاعد الشباب.. وأسفرت الانتخابات التي فاز فيها 98 ألف عضو جديد (من بين 331 ألف مقعد) عن ظهور 679 فائزاً من حملة الماجستير والدكتوراه.. و43 ألف عضو من المؤهلات العليا.. بينهم 4644 مهندسا و2993 محاميا و808 أطباء و26 أستاذاً جامعياً.

وتعني هذه الأرقام ارتفاع المستوي الثقافي لعضوية الحزب وقيادته علي مستوي الوحدات.. في حين كانت الصورة السابقة تعطي انطباعا بأن حزب الأغلبية لايجتذب المثقفين والنخبة المجتمعية علي مستوي الأحياء والقري.. وأظن أن هذا يعود إلي عملية اجتذاب عضوية علي نطاق واسع.. ساعدت في لفت نظرها عملية التطوير والإصلاح الجارية في الحزب.. والجدل المثار حولها.
- أحاديث مهمة

أثني الرئيس علي الانتخابات.. وذكَّر الحاضرين بأن النصر قاد الطريق إلي السلام ومنه إلي التنمية والديمقراطية.. وقال إن انتخابات الوحدات تعكس المشاركة في صنع القرار داخل الحزب.. مؤكدا أهمية أن تتسع دوائر الديمقراطية التي مورست في الوحدات الحزبية إلي جميع المؤسسات.. ومن ثم كان أن استمع إلي مداخلات من بعض أمناء المحافظات (القليوبية، الدقهلية، البحيرة، السويس، بني سويف، كفر الشيخ، وأسوان، بخلاف عضو واحد من الأمانة العامة).. وفي كل مرة كان يعلق علي ما يرد من تساؤلات.. حيث يمكن أن نرصد عددا من الرسائل المهمة التي يجب أن نحلل أبعادها:
1- بدا الرئيس منشغلا برياح الفوضي التي تعم المنطقة من حول مصر.. وبالتالي الحرص علي تأمين البلد من التحديات التي تفرضها تلك المتغيرات في الشرق الأوسط.. ولذا كان طبيعيا أن يخوض في عملية شرح تفصيلية لقيادات الحزب حول أوضاع ملف السلام والجهود التي تبذلها مصر من أجل قضية فلسطين.. وما يجري في أفغانستان ودارفور ولبنان.. وأكد أن المنطقة تعاني من مخاطر ومستجدات وتحديات وصراعات وعنف جاءت كلها نتيجة غزو العراق.. وقد دلف علي الخلاف الدائر بين العراق وسوريا.

ولابد أن الحضور قد تذكروا وقتها التحذيرات المتوالية والحثيثة التي أطلقتها مصر وكررها الرئيس قبل عملية غزو العراق.. والنتائج الكارثية التي سوف تسفر عنها.. وهي التي نشهدها الآن.. لكن تلك الفوضي المحيطة بنا.. بقدر ما أشارت إلي تميز بلدنا بقدر ما أكدت الرسالة الأهم التي يمكن قراءتها فيما قال الرئيس خلال هذا اللقاء وهي أن (الاستقرار هو نقطة البدء).

وإذا كان السلام هو أساس الاستقرار.. فإن الرئيس ركز علي أن طريق السلام لم يبدأ إلا حين فتحه نصر أكتوبر.. وهذا النصر هو الذي أعاد إلي مصر وزنها القيادي والطبيعي في المنطقة.. وأن السلام بعد النصر هو الذي فتح الباب لطريق التنمية والديمقراطية.. وقد قال الرئيس حرفيا (لولا النصر ما كنا موجودين في هذا الاجتماع الآن).. وهي عبارة تحمل مدلولات مختلفة.

وإذا كان غزو العراق هو الذي فتح باب الفوضي علي مصراعيه.. فإن مفتاح الاستقرار في المنطقة كما يري الرئيس هو قيام الدولة الفلسطينية الذي وصفه بأنه (أكبر تأمين لاستقرار المنطقة وبما في ذلك إسرائيل نفسها).

- علاقات خارجية

2- الرسالة الثانية مرتبطة بالأولي.. وهي أن هدف السياسة الخارجية المصرية هو تحقيق التنمية ومن أجلها.. ومن ثم ترسيخ الاستقرار.. وكنتيجة له تدعيم الديمقراطية.. وإذا ما كانت لدي مصر التزامات قومية وواجبات تاريخية.. فإن مساعيها الإقليمية والدولية ترنو أولا وقبل كل شيء إلي تحقيق مصلحة المواطن.. وما يحتاجه البلد.

وقد تناول الرئيس نتائج زيارته الأخيرة للولايات المتحدة.. وتأثير نجاحها علي الجهود الإقليمية وعلي العلاقات الثنائية بين البلدين.. ومن الواجب أن نؤكد علي أن منهجية (سياسة خارجية من أجل التنمية) ظلت حاكمة منطق علاقات مصر مع صديقها الرئيسي (الولايات المتحدة).. خاصة كلما أتيحت لتلك العلاقات فترة رخاء وازدهار وتفاهم وتواصل.. بغض النظر عن الفترة الاستثنائية من البرود والجفاء التي تلت عملية غزو العراق ومواقف إدارة الرئيس بوش الابن.

لقد استثمر الرئيس في فترة الرئيس بوش الأب علاقات مصر الطيبة مع واشنطن في تخطي أزمة الديون الخارجية.. وبما في ذلك توظيفه لعلاقاته الشخصية الجيدة مع أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ.. وقتها كانت الديون الخارجية قد بلغت 55 مليار دولار.. وبلغت الفوائد السنوية للدين ما بين 6 مليارات و7 مليارات جنيه.. وكانت الأقساط السنوية الواجب سدادها تفوق الناتج القومي المصري.. أي أن تسديد الديون يعني ألا يبق شيء لصالح أي عمل في الداخل من أي نوع.. ولا حتي افتتاح مدرسة.

لقد مثَّل هذا الجهد الذي بذله الرئيس علي مستوي علاقات مصر مع الولايات المتحدة وأيضا أوروبا إنجازا تاريخيا رفع عن كاهل البلد الكثير مما كان يمكن له أن يعوقها.. ويؤدي إلي عرقلة أي تنمية.. بل وعدم بلوغ الحال الذي نحن فيه الآن.
- رؤية شاملة
3- ويفهم من المعني السابق ما يمكن أن نعتبره الرسالة الثالثة.. وهي رسالة لم ترد نصا علي لسان الرئيس.. لكن يمكن أن نصل إلي معناها استنتاجا.. وهي أن علينا أن ندرك حجم الصعوبات في إدارة البلد في ضوء الإمكانيات المتاحة وشح الموارد.. هذا ليس أمرا سهلا علي الإطلاق.. ويبقي القرار مقيدا.. والطموحات في حدود المتاح.. خاصة إذا كانت إدارة الدولة تتمتع بالحس الوطني غير الراغب إطلاقا في أن يقدم أي نوع من التنازلات.. أو أن يضحي بالأمن القومي للبلد مقابل أمور لا يقبلها تاريخه ولا ترتضيها مصلحة الأمة.
وبقدر الصعوبة التي تكتنف الإدارة بموارد محدودة.. فإن من الواجب الانتباه إلي أن العالم لايحترم إلا الأقوياء.. إذ لو وجد أي كيان ضعيفا لالتهمه.. أو تركه ينزوي.. وهو ما يعني أن الصعوبة تتضاعف.. إذ علينا في ظل الموارد المحدودة (نحن لانملك فيضا من البترول والمواد الخام) أن نواصل التماسك وتقديم أنفسنا - عن حق - وليس اصطناعا باعتبارنا قوة أكيدة.. ينبغي احترامها والتعامل معها من منطلق الندية.. والمساواة.. فهو - أي العالم - لن يقبل إلا الأقوياء.. ويدهس الضعيف ولو كان له حق.

4- الرسالة الرابعة هي أن العمل الوطني لايمكن أن يجري (بالقطاعي).. بل لابد له من رؤية شاملة.. خطوات بنائية.. تتلو بعضها البعض.. ووفق مراحل.. وفي ضوء الإمكانيات والقدرات.. وقد تحدث الرئيس في هذا اللقاء عن المؤتمر الأول الذي انعقد في بداية عصره من أجل التعامل مع الواقع الاقتصادي المصري الذي بدا منهارا بعيد فترة قصيرة من انتهاء الحروب.
ولايمكن القول أن هذا المؤتمر هو المسئول عن الإصلاح الاقتصادي المستمر الذي بدا فيما بعد.. وشد عضد البلد.. لكنه بالتأكيد كان قد وضع يده علي موطن الداء وتوقعات أساليب العلاج.. ومنه انطلقت الأفكار التي تطورت فيما بعد.. مرة تلو مرة.. وحسب قدرتها علي تجاوز المعوقات الاجتماعية والثقافية المختلفة.. وأيضا حسب ما يمكن توفيره من تمويلات لتحريكها وتحقيقها.
- اجتماع آخر
هذه هي الرسائل التي أمكنني أن أطلع علي مضمونها من خلال مجريات الاجتماع الذي جري في يوم سياسي صعب.. ليس فقط لأن الصيام الرمضاني قد فرض نفسه علي تفاعلات الحضور.. ولكن أيضا لأن المناقشات التي تلت ذلك في اجتماع آخر بحضور أمين السياسات وعدد من الوزراء كانت ساخنة ومتعمقة وممتدة.. ومن الصدف أنه كان علي الحكومة أن تتوزع ما بينه وبين اجتماع آخر لمجلس المحافظين كان يناقش أوضاع وطريقة علاج ومتابعة أزمة أنفلونزا الخنازير.
لقد توالت مداخلات أمناء المحافظات.. وكلها كانت تعلق علي نتائج الاستطلاع.. وتشير من خلال الواقع المعاش في الشارع المصري إلي حجم التحديات التي تواجه الأداء التنفيذي.. ومطالب الجماهير.. واستحقاقات النواب الممثلين للحزب الوطني في مجلس الشعب وكل منهم في طريقه لأن يخوض انتخابات برلمانية مقبلة في العام القادم.
وهكذا كان أن انفتح الحوار ليشمل كل شيء.. ذاكرا الإيجابيات.. وباحثا عن حلول للسلبيات.. وقد اهتم المشاركون في الاجتماع كثيرا بالأمور الخدمية.. فهي الأساس في ما يلمسه الناس.. ونوقشت مشكلة النظافة والتلوث.. ولم يتجاهل أحد حال الطرق بين المراكز والقري بخلاف ما طرأ علي الطرق الأسرع من تطوير.. وعلق الكثيرون علي نظام الثانوية العامة الجديد والمقترح.. ونوقش كيف أدي نظام كادر المعلم إلي تحسين الحالة المالية للمدرسين ولكن بقي أنه لم يؤثر بعد في جودة التعليم.. وطرحت أمور تخص بطاقات التموين.. وأوضاع توزيعات الري ومشكلات نهايات الترع.. وأحوال الفلاحين في ضوء الأزمة العالمية إذ تراجع سعر المحاصيل وبقيت التكاليف عالية كما هي عليه.. وأخذ القطن وقتا من النقاش باعتبار أن الطلب عليه قد انخفض وهناك مخزون كبير من المحصول.. وغير ذلك.

ويمكنني في هذا السياق أن أسجل بضع ملاحظات.. في ضوء النقاشات:

1- شهد الاجتماع أطروحات مختلفة وبناءة مستوحاة من واقع الشارع واحتياجاته بخصوص حل مشكلات متنوعة.. سوف تكون محصلتها مطروحة للنقاش فيما بين الحكومة والحزب.. ومنها مثلا اقتراح بخصوص الدعم النقدي للخبز.. واقتراح بخصوص وضع الدقيق علي البطاقة التموينية في ضوء عودة ظاهرة قيام الأفراد بالخبز منزليا.. ومنها أفكار تتعلق بتعليق وقف تصدير الأرز للخارج ولو مؤقتا.. وأفكار تخص انضباط توزيع أنابيب البوتاجاز.
2- الملاحظة الثانية أن هذه القضايا الجماهيرية الملحة سوف تفرض نفسها علي جدول أعمال المؤتمر القادم للحزب.. بحيث لن تكتفي لجان السياسات النوعية بطرح رؤاها للسياسات المكلفة باقتراحها من قيادة الحزب.. وإنما سوف تعطي أهمية أكبر لملف خدمي جماهيري رئيسي في مجال عمل كل لجنة.. وبقصد الوصول إلي حلول في تحسين أحوال الخدمات.
-جولة حزبية أخيرة في أسوان أن هناك تجربة يتم اختبارها الآن في طريقة التعامل المالي محليا مع الموازنات علي مستوي المحافظات.. إذ تم توفير مبلغ قدره 3 مليارات جنيه.. وزعت كما يلي: 04٪ من المبلغ في قبضة المحافظات.. تخصص 01٪ منها لعاصمة المحافظة.. و03 ٪ توجه من المحافظة إلي بقية الوحدات المحلية.. ال06٪ المتبقية تسلم إلي المراكز التي تقوم بتوجيهها إلي الوحدات المحلية الأكثر احتياجا أو أي مشروع يفيد الوحدات المحلية المختلفة.

عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
www.rosaonline.net
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.