نعلم جميعا أن الازمة المالية مستحكمة، صحيح أنني تكلمت عن بوادر انفراج، لكن الكثير من الخبراء يحذرون من الانخداع بالفجر الكاذب الذي قد يصور لنا ومضة خاطفة علي أنها مقدمة صبح منير، أضف إلي ذلك أن أكثر التوقعات تفاؤلا كما قلت لك في الأسبوع الماضي تتحدث عن التخلص من أعداد( كبيرة) من العمالة بعد أن كنا نتحدث عن الاستغناء عن أعداد (هائلة) إذن الموقف لا يزال معقدا وتحويلات المهاجرين من بلدان العالم الثالث من المحتم أن تواصل التراجع. هذا ما كنت أتصوره حتي فوجئت بتقرير علي بريدي الإلكتروني من برنامج الهجرة من أجل التنمية يقول: إن تحويلات العاملين الفلبينيين بالخارج زادت علي العام الماضي بمعدل 3,3 بالمائة بعد أن وصلت إلي مليار وخمسمائة مليون دولار في يونيو 9002 أي أن هذا المبلغ هو غلة يونيو وحده. طبعا هذا الكلام أكد لي أن كل ما يقال عن الحتميات بالنسبة للإنسان هو كلام فارغ. فالإنسان هو صانع قدره، الإنسان إرادة ومسئولية .. ولهذا فالفلبين لم تستسلم للأزمة المالية العالمية بل واجهتها بأفضل أدوات المواجهة :التخطيط علي أساس علمي والتنظيم وحشد الموارد .. ماذا فعلت الفلبين بالضبط؟ قال محافظ بنك الادخار الفلبيني أماندو تيتانجو إن الطلب العالمي المستمر علي المهنيين الفلبينيين وعلي العمالة الفلبينية الماهرة واصل تصاعده. إضافة إلي التوسع في الخيارات المتاحة من الخدمات المالية للفلبينيين العاملين بالخارج وللمستفيدين من تحويلاتهم عبر البنوك والمؤسسات المالية الأخري، معتبرا أن هذا هو القوة المحركة الأولي وراء زيادة التحويلات بشكل متواصل. ويتوقع التقرير استمرار نمو معدلات تشغيل الفلبينيين في الخارج طوال الأشهر القادمة بناء علي الترتيبات التي توصلت إليها الفلبين مع حكومات قطر والمملكة العربية السعودية وكندا وأستراليا وكوريا الجنوبية وإضافة إلي أربعة آلاف من العاملين في الخدمات الطبية تم الاتفاق علي تشغيلهم في ليبيا فإن المكتب الفلبيني الدولي للعمل وراء البحار الذي يتخذ طرابلس مقرا له يستكشف الآن فرص تشغيل الفلبينيين في أسواق غير تقليدية بالنسبة للعمالة الفلبينية مثل الجزائر والمغرب ومالطة وغير واردة علي بال أحد في مصر مثل تشاد، والمجالات التي يركزون عليها هي الفندقة وقطاعات الصناعة والغاز والنفط، كما نجحت جهات حكومية لم نعتد أن تكون لها علاقة في مساعدة العمالة في توفير فرص تشغيل إضافية في المجالات الإنتاجية في تايوان، ومن هذه الجهات مكتب مانيلا للخدمات الاقتصادية والثقافية.. ويلخص التقرير الموضوع بقوله: إن المساندة الحكومية القوية للعاملين الفلبينيين في الخارج لها الفضل الأول في التغلب علي الأزمة المالية العالمية وحصر سلبياتها في هذا المجال. في الوقت ذاته فقد واصلت المؤسسات المالية وغير البنكية تطوير وتوسيع خدماتها، بتوجيه من الحكومة وفي إطار استراتيجياتها لتغطية السوق المحلية والعالمية بهدف تعظيم حصتها من سوق التحويلات المالية. وقد ساهم تعزيز العمليات الخارجية لتلك المؤسسات وإدخال منتجات وخدمات تمويلية جديدة في الوفاء بالاحتياجات التمويلية للعمالة المهاجرة وللمستفيدين من تحويلاتهم. والدرس المستفاد هنا هو التفكير خارج المربع بحشد كل أجهزة الحكومة وراء العمالة المهاجرة باقتحام أسواق توظيف جديدة ولو في تشاد بترقية المستوي المهني والحرفي والفني للمهاجر وبتقديم خدمات مالية جذابة ومغرية للراغبين في التحويل، وهذه النقطة الأخيرة هي الأهم. إن القدرة علي التحويل بكلفة أقل إلي الأسرة التي تنتظر هذا التحويل المالي علي أحر من الجمر بسهولة ويسر عن طريق مكاتب البريد أو باستخدام الهاتف المحمول هو الأمر الذي يمكن أن يحدث طفرة في التحويلات رغم استمرار الأزمة العالمية.