على الرغم من المشاكل الاقتصادية التى تعيشها مصر خلال الفترة الحالية، وارتفاع نسبة عجز الموازنة ليبلغ 38,9٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2011/2012 بعدما كان فى حدود 5,8٪، فضلا عن استمرار العجز فى الميزان التجارى ليصبح خطرا يهدد التنمية الشاملة فى مصر، ليبلغ العجز فى الميزان التجارى خلال شهر سبتمبر الماضى نسبة 69,2٪ ليصل إلى 13 ,603 مليار جنيه مقابل 10,994 مليار جنيه خلال سبتمبر 2010 فضلا عن الانكماش الاقتصادى بسبب انخفاض عائدات السياحة والقبض على عدد من رجال الأعمال وأصحاب المصانع والشركات وهروب المستثمرين من الاستثمار فى مصر وعودة المصريين العاملين فى ليبيا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأكل والسلع، وانخفاض احتياطات القمح والغلال. فضلا عن ارتفاع ديون مصر حيث بلغ الدين العام لمصر نحو 254,1 تريليون جنيه، نسبة الديون المحلية.. منها أكثر من تريليون جنيه، والديون الخارجية 210 مليارات جنيه، وهو ما يعنى أن (مصر الثورة) زادت ديونها بنسبة 6,3٪ فقط، بسبب الثورة، وهى نسبة لا تذكر مقارنة بتريليونات ديون مبارك، التى يبلغ نصيب المواطن الواحد منها 15 ألفا و500 جنيه تقريبا، حيث تبلغ قيمة الديون الإجمالية التى تركها مبارك لمصر تريليون و172 مليار جنيه بما يعادل أكثر من 91٪ من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، الذى يبلغ 373,1 تريليون جنيه. بالإضافة إلى قيام مؤسسات مالية دولية بخفض التصنيف الائتمانى لمصر عدة مرات خلال العام الماضى، نتيجة تدهور الوضع الاقتصادى، على خلفية التوترات الأمنية والسياسية والغموض الذى يحيط بمستقبل البلاد، فى أعقاب ثورة 25 يناير 2010، والتى أطاحت بنظام الرئيس السابق، حسنى مبارك. إلا أن اللافت للانتباه كان ارتفاع حجم الصادرات المصرية خلال العام الماضى، وارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج، فضلا عن ارتفاع عائدات قناة السويس. البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية أكدت أن قناة السويس حققت خلال العام الماضى إيرادات بلغ إجماليها 5 مليارات و221 مليون دولار بزيادة بلغت 456 مليون دولار عن العام الأسبق (2010) الذى حققت خلاله قناة السويس إيرادات بلغت 4 مليارات و765 مليون دولار. ومن جانبه، أرجع رئيس قناة السويس - الفريق أحمد فاضل - هذه الزيادة إلى زيادة السفن العابرة لقناة السويس خلال العام الماضى والتى بلغت نحو 17 ألفا و799 سفينة متنوعة مقابل 17 ألفا و993 سفينة متنوعة خلال العام الأسبق بانخفاض بلغت نسبته 1,1٪. بينما بلغت الحمولات العابرة للقناة خلال العام الماضى نحو 928 مليونا و880 ألف طن مقابل 846 مليونا و391 ألف طن خلال العام الأسبق بارتفاع بلغ 7,9٪، حيث تحصل الإيرادات وفقا للحمولة المنقولة مما أدى لتضاعف الإيرادات. وأشار إلى أن القناة خلال شهر ديسمبر الماضى (وحده) بلغت إيراداتها 443 مليونا و700 ألف دولار مقابل 423 مليونا و400 ألف دولار خلال شهر ديسمبر من العام الأسبق من بينها أعلى إيراد يومى يوم 6 ديسمبر الماضى بلغ إجماليه 19 مليونا و450 ألف دولار نتيجة عبور حمولة مقدارها 3 ملايين و449 ألف طن للمجرى الملاحى لقناة السويس المصرية. وأكدت الإحصاءات الرسمية لهيئة قناة السويس عبور القناة 1574 سفينة خلال الشهر الماضى بحمولات بلغت 80 مليونا و805 آلاف طن مقابل 1544 سفينة بحمولات بلغت 76 مليونا و563 ألف طن خلال شهر ديسمبر من العام الأسبق (2010) بزيادة بلغت 30 سفينة بنسبة 9,1٪، وزيادة فى الحمولات بلغت 4 ملايين و242 ألف طن بنسبة 5,5٪ مقارنة بشهر ديسمبر من عام .2010 وعلى صعيد آخر، فإن الصادرات المصرية حققت أرقاماً قياسية العام الماضى، فوفقا لبيانات حديثة لمستودع التجارة الخارجية الذى أكد على أن مصر حققت 82٪ من خطة مضاعفة الصادرات حتى نهاية سبتمبر الماضى برصيد 5,98 مليار دولار، مقابل 3,81 مليار دولار عن الشهور التسعة الأولى فى العام السابق. وقد بلغت نسبة الزيادة 21٪ بما يعنى إمكانية تجاوز قيمة الصادرات المستهدف، بنهاية ديسمبر الماضى. احتلت صادرات الغزل والنسيج المرتبة الأولى فى تحقيق خطة مضاعفة الصادرات برصيد 4 مليارات و58 مليون جنيه وبنسبة 101٪ من مستهدف الخطة، تلتها صادرات المفروشات والتى حققت فى نهاية سبتمبر 3 مليارات و182 مليون جنيه بنسبة 96٪ من المستهدف حتى نهاية .2011 أما صادرات مواد البناء فحققت 90٪ من مستهدف الخطة حتى سبتمبر برصيد26 مليار جنيه. كما حقق قطاع الصناعات الغذائية 88٪ من مستهدف صادراته برصيد 13 مليار جنيه. وبالنسبة لصادرات الحاصلات الزراعية فقد حققت 70٪ من المستهدف برصيد 8 مليارات و902 مليون جنيه. وتلاها صادرات الأثاث التى حققت 69٪ من المستهدف، وقطاع الصناعات الكيماوية بنفس النسبة، وتلاها صادرات الصناعات الهندسية بنسبة 60٪ من الخطة. أما القطاعات التى لم تحقق نصف مستهدف الخطة فقد شملت قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية 39٪، والكتب والمصنفات الفنية 4٪. البيانات الرسمية كشفت عن أن السعودية جاءت فى المرتبة الأولى كأهم سوق للصادرات المصرية خلال 2011 بقيمة إجمالية بلغت 8 مليارات و265 مليون جنيه، تلتها السوق الأمريكية والتى استقبلت سلعاً مصرية بقيمة 7 مليارات و70 مليون جنيه ثم إيطاليا فى المركز الثالث بقيمة صادرات 6 مليارات و662 مليون دولار. وجاءت تركيا فى المركز الرابع بين أسواق السلع المصرية بقيمة 5 مليارات و263 مليون جنيه، تلتها المملكة المتحدة برصيد 4 مليارات و351 مليون جنيه ثم فرنسا فى المركز السادس برصيد 4 مليارات و312 مليون جنيه، والإمارات فى المركز السابع برصيد 3 مليارات و408 ملايين جنيه، وسوريا فى المركز الثامن برصيد 2 مليار و748 مليون جنيه، والسودان فى المركز التاسع برصيد 2 مليار و508 مليون جنيه، وليبيا فى المركز العاشر برصيد مليار و848 مليون جنيه. أما القطاعات التى شهدت تراجعا فى صادراتها وإن كان بنسبة طفيفة فهى الجلود والأحذية والمنتجات الجلدية وتراجعت صادراتها بنسبة 7٪ لتحقق 055,1 مليار جنيه والكتب والمصنفات الفنية وتراجعت صادراتها بأقل من 1٪ لتحقق 115 مليون جنيه. ويؤكد محمد شفيق رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات أن مواد البناء حافظت على مركزها على رأس قائمة المجالس التصديرية من حيث قيمة الصادرات ونسب النمو أيضا لتحقق 517,34 مليار جنيه بنسبة زيادة 8,22٪ يليها المنتجات الكيماوية والأسمدة بزيادة 9,21٪ لتحقق 941,26 مليار جنيه وفى المركز الثالث منتجات الأثاث بنسبة نمو 5,22٪ لتحقق مليارا و764 مليون جنيه ثم المفروشات وحققت 3,16٪ زيادة لتسجل 320,4 مليار جنيه ثم الملابس الجاهزة بزيادة 17٪ لتحقق 233,9 مليار جنيه ثم الصناعات الغذائية وحققت زيادة 16٪ وصادرات بقيمة 945,16 مليار جنيه ثم قطاع الغزل والمنسوجات بنفس النسبة وحقق صادرات بقيمة 261,5 مليار جنيه وفى المركز الثامن صادرات الهندسية وحققت 8,15٪ لتحصد 562,14 مليار جنيه ثم الصادرات الصناعات الطبية بقيمة 345,2 مليار جنيه بزيادة 12٪ عن العام السابق وفى المركز العاشر صادرات الحاصلات الزراعية وحققت 727,10 مليار جنيه بزيادة 3٪. ويؤكد الخبير الاقتصادى د. حمدى عبدالعظيم - إن هناك ارتفاعا فى قيمة الصادرات المصرية بسبب تراجع مبيعات السوق المحلية. ويشير إلى أن ارتفاع أسعار بعض السلع عالميا خلال 2011 ساهم فى زيادة القيمة الإجمالية للصادرات المصرية. ويضيف أن الدول العربية تعد المستقبل الأول للصادرات المصرية، حيث استوردت منتجات مصرية بنحو 15 مليار جنيه، يليها دول الاتحاد الأوروبى بنحو 63 مليار جنيه، وبقيمة 44 مليارا لباقى دول العالم، منها 9 مليارات جنيه لأمريكا، موضحا أن مبادرات بعض العمال بمضاعفة الإنتاج نجحت فى تصدير كميات أكبر فى شركات المناطق الحرة. ووفقا لتقديرات ميزان المدفوعات، فإن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت 4,10 مليار دولار، خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2011 مقارنة ب3,9 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى، وكان تقدير سابق للبنك المركزى قد أوضح أن قيمة تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت فى العام المالى 2000- 2001 مستوى 9,2 مليار دولار، وتشير بعض التقديرات إلى أن حجم المصريين العاملين بالخارج تجاوز 7 ملايين نسمة. وقال الخبير المصرفى- محمد بدرة- أن الزيادة الكبيرة التى حدثت فى تحويلات المصريين للخارج على الرغم من الأزمة الاقتصادية التى تعيشها البلاد حاليا تجعلنا نضعها على رأس الأولويات خلال الفترة القادمة، ومنحهم الاهتمام، خاصة مع تضرر العاملين المصريين بليبيا بشدة نتيجة أحداث الثورة الليبية. وأكد بدرة أن النمو فى التحويلات سيكون له أثر إيجابى على الأسواق المحلية، وتوقع انتعاش السوق العقارى خلال الفترة القادمة فى السوق العقارية نتيجة إقبال العائدين من الخارج على شراء الأصول والممتلكات العقارية خلال الفترة القادمة.
