انتهت المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية في أول محطة من محطات تسليم المجلس الأعلي للقوات المسلحة للسلطة التشريعية بانعقاد برلمان الثورة لندخل بعد ذلك في المحطة الأخيرة وهي الانتخابات الرئاسية وتسليم الدولة لسلطة مدنية، وبذلك يكون انتهي دور المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد للمرحلة الانتقالية التي تسلمها بعد تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك. وستبدأ بذلك مرحلة جديدة في يوليو المقبل بوجود برلمان حقيقي ورئيس منتخب بإرادة الشعب وسط الكثير من التساؤلات عن مستقبل أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة ال «19» وهل يتنازلون عن السلطة في الموعد المقرر في بداية يوليو، وهل يستمر بقاؤهم كأعضاء للمجلس، وماذا عن بقاء المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع، وما هي المهام التي سيقتصر عليها دورهم، وكيف يكون تقييم أدائهم خلال إدارة شئون البلاد؟! اللواء عبدالمنعم كاطو - خبير أمني - قال: إن المجلس سيلتزم بما قاله عن تسليم إدارة الدولة لرئيس دولة مدني في بداية يوليو ويعود إلي ثكناته ليمارس مهامه التي نصت عليها الدساتير السابقة، وهي الدفاع عن الدولة وحماية الشرعية الدستورية والمشاركة في إدارة الكوارث والأزمات. وقال: أعتقد أن المشير حسين طنطاوي لن يقبل أن يكون وزيرا للدفاع بعد أن أصبح رئيسا للدولة، ومن الممكن أن يترشح لرئاسة الجمهورية إذا كان ذلك مطلبا شعبيا، خاصة أنه يلقي قبولا في الشارع ولديه «كاريزما»، لكنه لا يقدم علي ذلك من دافع ذاتي، وهو ما وعد به المجلس العسكري بأنه لم يكن لهم مرشح في رئاسة الجمهورية، لكن من الممكن أن يستقيل أحد الأعضاء ويترشح بصفته مواطنا مصريا يكفله القانون والدستور حق الترشح. وأشار كاطو إلي أنه من الممكن أن يتم منح المشير منصبا شرفيا تكريما له، أما بقية الأعضاء فهم منصوص عليهم طبقا للقانون وعلي المجلس أن يستعين بأي قيادات أخري طبقا لما يراه من أجل حماية مصر وحدودها، فهي مسئوليته حماية أمن الدولة وليس حماية النظام. واتفق معه اللواء سامح سيف اليزل - الخبير الأمني - أن وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي لن يقبل أن يكون فوقه رئيس للوزراء ورئيس للجمهورية بعد تسليم السلطة لرئيس مدني، بل يكتفي بذلك ويختتم حياته العسكرية بتسليم السلطة لرئيس مدني في الموعد الذي حدده وسيلتزم به. وأضاف سيف اليزل: إن المجلس سيعود إلي ثكناته وتنتهي مهمته السياسية ويتفرغ لمهمته العسكرية، ولن يكون له مرشح في الانتخابات الرئاسية استجابة للرغبة الشعبية التي تطالب برئاسة مدنية. اللواء فؤاد علام - الخبير الأمني - قال: إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيتنازل عن سلطاته التشريعية بعد تشكيل البرلمان وفي نهاية يونيو يسلم السلطة السياسية لرئيس مدني وتقتصر مهامه علي إدارة الشئون العسكرية. وأضاف علام: إن دوره أيضا حماية الشرعية الدستورية باعتباره جزءا من مؤسسات الدولة وحماية الدولة من الاعتداء الخارجي ويتدخل في الشئون الداخلية للتأمين إذا طلبت منه السلطة بعد ذلك، وهو ما نراه الآن الشرطة العسكرية تعمل علي تأمين الانتخابات. وقال: أعتقد أن المشير سيكتفي بالدور الوطني الذي قام به في مساندة ودعم الثورة وتحمله عبء إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية ويختتم حياته العملية بتسليم السلطة وهو في قمة سعادته ولا أظن أنه سيترشح للرئاسة أو لديه نية لذلك، ويكرم بمنحه وساما أو قلادة أو منصبا شرفيا فلا يوجد في الجيش. وأضاف أن هذه النية لا توجد أيضا لدي الأعضاء من المجلس فلا توجد أي مقدمات أو بوادر لترشحه في الانتخابات الرئاسية. وأكد علام أن ما يتردد عن رغبة المجلس في الحصول علي ضمانات، فهذا خطأ لأن الدساتير القديمة 1971 ,1954 ,1923 فيها من الضمانات للقوات المسلحة ما لم يجرؤ أحد أن يمسها، مثل تقدير صفقات السلاح وقيمتها والتخطيط للحرب، وهذا ما يحدث في كل دول العالم، فهناك أمور تستوجب السرية واعتراض البعض عليها خطأ ليس له أي مبرر، وأقرب مثال علي ذلك طلمبات المياه التي كنا نحتاجها في 1973 لتحطيم خط بارليف لو تمت مناقشة هذا الأمر والمبالغ الطائلة التي تم الشراء بها تحت قبة البرلمان لم يكن النصر تحقق لأن إسرائيل ستعلم بالأمر. وأوضح أن ما جاء في وثيقة السلمي لم تأت بجديد، ومع ذلك فإنه تم التوافق علي أن تكون لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب مختصة بمناقشة بعض هذه الأمور، وإن كنت أري أن مثل هذه الأمور يجب أن تكون مقصورة علي المجلس العسكري. وحول ما إذا كان المجلس العسكري سيقبل أن يكون رئيسه مدنيا قال: إن هذا المنصب شرفي ولا يتدخل في تفصيلات، أما عدم قبوله ورفضه فهذه أمور يجب عدم الخوض فيها. وأكد اللواء محمود خلف - الخبير الأمني - أن رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو رئيس الدولة طبقا للدستور. وأشار إلي أن الشعب تعود من الجيش الالتزام والمصداقية وهو وعد بإعادة السلطة إلي رئيس مدني منتخب في بداية يوليو، وهو ما سيلتزم به خاصة أنه لم يكن السبب في التأخير، بل طلبات الأحزاب في ترك ساحة لها لكي تتفاعل علي الساحة قبل الانتخابات، سيعود المجلس إلي ثكناته ويكون دوره الحفاظ علي أمن وسلامة البلاد. حول ما إذا كان من الممكن أن يترشح أحد أعضاء المجلس لرئاسة الجمهورية قال: أستبعد ذلك، لكن لا يوجد ما يمنع فأي شخص تتوافر فيه شروط الترشح لرئاسة الجمهورية له حق الترشح. وأشار إلي أن استمرار المشير حسين طنطاوي وزيرا للدفاع أمر متروك لرئيس الدولة هو الذي سيقرر استمراره من عدمه. وألمح اللواء محمد عبدالفتاح عمر إلي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة لم يتفرغ لإدارة أعمال البلاد، بل يمارس أعضاؤه مهامهم في وحداتهم العسكرية، لذا فهم يستعجلون تسليم السلطة حتي يتفرغوا تماما لمهامهم الرئيسية وهي التدريب والدفاع عن أرض الوطن. وأضاف أنهم لن يفرضوا أنفسهم أو أي شخص منهم علي إرادة الشعب، ولن يكون لهم مرشح في الانتخابات، لكن يجب أن نقر أن الدستور كفل لهم حق الترشح، أما من يستقيل ويترشح فلا يقع اللوم علي المجلس العسكري. وقال: أتخيل أن المشير حسين طنطاوي ربما يتولي موقعا آخر وهو ما يحدث في دول العالم المتقدمة، فهيلاري كلينتون كانت مرشحة لرئاسة الجمهورية وأصبحت وزيرة للخارجية، وهذه أشياء تحكمها دساتير وقوانين، وربما يتقاعد المشير ويكتفي بما قام به من مهام وخدمة للبلاد. وأكد اللواء طلعت مسلم: إن المجلس العسكري جاد في تنفيذ ما وعد به وهو تسليم السلطة في يوليو، وبذلك ينتهي شقه الأول من مهامه ويتفرغ لمهامه الأساسية وهي إدارة المؤسسة العسكرية. وأوضح أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو مجلس موجود وسيظل مدي الحياة مهمته مراجعة خطط القوات المسلحة الدفاعية والتطوير وإعداد الدولة للحرب وتنفيذها ومتابعتها. وأضاف: إن المشير سيكتفي بدوره، ومن الممكن أن يتولي منصبا شرفيا أكثر منه منصبا وظيفيا، ولن يكون هناك مرشح في الرئاسة من المجلس، لكن إذا استقال أحدهم وترشح فلا يلام علي ذلك المجلس، وهو ما حدث مثل ترشح أحمد شفيق ومحمد علي بلال وهما عضوان سابقان في المجلس العسكري. وحول مستقبل أعضاء المجلس ال 19 قال: إن الدستور ,1964 أو 1971 لم يذكر شيئا عنهم، وبذلك من الممكن أن تكرمهم الدولة وتمنحهم قلادة النيل التي يتمتع حاملها بمزايا وتتولي القوات المسلحة تشكيل مجلسها. وأوضح مسلم أن دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة يجب أن يكون حماية المجتمع من الأخطار الخارجية، وهو ما نص عليه دستور ,1961 أما حماية الشرعية الدستورية فجاء بها الرئيس أنور السادات في دستور ,1971 وهو ما يجب أن تضع لها تعريفا هل هي حماية الدستور ممن يخالفه أم أنها حماية لرئيس الدولة.