رغم محاولات احتواء الأزمة المتصاعدة بين حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للإخوان من جانب وأحزاب الأصالة والنور «السلفيين» و«البناء والتنمية» التابع للجماعة الإسلامية من جانب آخر، إلا أن المشهد يبدو - في مجمله - أكثر قابلية للاشتعال، وأن ما يظهر سواء كان مبادرات إلكترونية للتوافق، أو محاولات واقعية للحوار ليس إلا انعكاساً لصورة أكبر من التنافسية التي يحاول كلا الطرفان صبغها بالصبغة المقدسة! ففي حين أطلقت جماعة الإخوان ما أسمته محاولة للتوفيق بين التيار السلفي والطرق الصوفية، في محاولة - بدت مكشوفة - للعب دور «كبير العائلة الإسلامية» كانت ساحة المعركة الانتخابية خاصة علي صعيد التيارات الدينية في محافظة كبري مثل «الإسكندرية» تبدو أكثر قابلية للاشتعال عما كانت عليه من قبل. الإسكندرية تعتبر معقلاً سياسياً للدعوة السلفية، التي دعمها كل من الشيخ محمد إسماعيل المقدم والدكتور ياسر برهامي وعدد كبير من مشايخ الدعوة الذين كونوا فيما بعد حزب «النور».. وهو الحزب الذي يخوض الانتخابات علي المحافظة بقائمتين: يتصدر الأولي منها أشرف ثابت والثانية الدكتور أحمد خليل عضو الهيئة العليا للحزب في مواجهة قائمة الحرية والعدالة والتي يتصدرها القيادي الإخواني صبحي صالح وحسين إبراهيم أمين حزب الحرية والعدالة بالمحافظة ومسئول المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية. كما تشهد المعركة - كذلك - علي المقاعد الفردية منافسة حادة بين د.عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية في مواجهة حسين دويدار مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين الفرعية بالمحافظة. وفي مينا البصل رشح حزب النور الشيخ عصام حسنين في مواجهة القيادي الإخواني البارز حمدي حسن علي مقعد الفئات.. ويواجه حسن كامل شحاتة مرشح النور.. محمود عطية مرشح الإخوان «فئات» بدائرة محرم بك.. وهو ما يؤكد أن التنسيق داخل المحافظة مات «إكلينيكيا» رغم محاولات تجنب الصدام الذي بات من المؤكد أن جماعة الإخوان تخشاه إلي أقصي درجة. وفي الوقت الذي تواجه خلاله قائمة حزب النور التي يتصدرها الشيخ سيد مصطفي نائب رئيس الحزب في محافظة كفر الشيخ قائمة حزب الحرية والعدالة التي يتصدرها حسن أبوشعيشع مسئول المكتب الإداري للإخوان بالمحافظة.. يتصدر قائمة حزب النور في دمياط طارق الدسوقي أمين الحزب بالمحافظة وذلك في مواجهة قائمة الحرية والعدالة التي يتصدرها جابر عبدالصادق عضو مجلس الشعب في برلمان 2000 وعضو الهيئة العليا للحزب. وفي الصعيد لم تختلف الصورة كثيراً حيث يتنافس في المنيا الدكتور سعد الكتاتني أمين عام «الحرية والعدالة» مع مرشح حزب الوسط أبو العلا ماضي.. والاثنان يواجهان مرشحا ثالثا للتيار السلفي! وفي سوهاج هناك منافسة حامية بين الشيخ محمد الصغير أحد رموز التيار السلفي ومرشح حزب النور مع محمد عطية عضو المكتب الإداري للإخوان بالمحافظة والمرشح عن الحرية والعدالة. وتشتد المعركة في أسيوط بين البناء والتنمية وبين الحرية والعدالة خاصة أن هناك رواسب قديمة بين الاثنين منذ السبعينيات والثمانينيات لم تجد طريقها للحل بعد، حيث كان الفريقان يتنازعان الشارع وقتئذ. أما في القاهرة فيدخل الحرية والعدالة في منافسة ترشحه مع مرشحي حزب الأصالة السلفي، حيث تتنافس علي شمال القاهرة قائمة العدالة التي يتصدرها نائب الإخوان السابق د. حازم فاروق وقائمة التحالف الإسلامي التي يتصدرها ممدوح إسماعيل نائب رئيس حزب الأصالة. وفي الدائرة الثانية شرق القاهرة يخوض الإخوان المنافسة بقائمة يتصدرها محمد إمام ومعه مجدي قرقر القيادي بحزب العمل في مواجهة قائمة الأصالة التي يتصدرها الدكتور عادل عفيفي رئيس الحزب. -- المواجهة (الإسلامية - الإسلامية)، المرشحة للتصاعد.. ألقت بظلالها علي العديد من الأجواء، حيث شهدت دمياط تمزيقا من قبل بعض الإسلاميين ولافتات التيارات الإسلامية المتنافسة.. وكان قد اتهم حزب الوسط أنصار مرشحي حزب النور السلفي بتمزيق اللافتات الدعائية للحزب خلال أيام عيد الأضحي بمختلف أنحاء المحافظة، كما اتهم الإخوان السلفيون بأنهم قاموا بدس عدد من أعضاء حزب النور السلفي داخل المؤتمرات الانتخابية لمرشحي الحرية والعدالة والقيام بمهاجمة المرشحين وانتقادهم وإفساد المؤتمر.. وكذلك قيام السلفيين بعقد مؤتمراتهم في نفس وقت انعقاد مؤتمرات حزب الحرية والعدالة إظهارا للقوة مما أدي إلي وقوع اشتباكات بين الطرفين خلال أيام العيد.. لكن الطامة الكبري التي لم يتوقعها السلفيون هو خروج الشيخ سعيد رسلان أحد أقطاب الدعوة السلفية في الوجه البحري علي قيادات السلفية واتهامهم علانية بأنهم خرجوا عن المنهج السلفي الصحيح الذي يبعد كل البعد عن الدخول في السياسة وخوض غمار الانتخابات. ففي مركز أشمون بالمنوفية ( مسقط رأس الشيخ محمد سعيد رسلان) قام أنصاره، رغم سفره للحج وقتئذ بتوزيع منشور أمام الساحات صلاة عيد الأضحي تحت اسم هذه دعوتنا يدعون خلالها لمقاطعة السياسة.. وكان هناك أعضاء حزب النور الذين قاموا بدورهم بتوزيع دعايتهم الانتخابية! وبحسب المنشور، فإن الشيخ سعيد رسلان قال: إننا ندعو للألفة ونبذ الفرقة والاختلاف ودعا الناس إلي خمسة أصول أولها توحيد الله وعدم الشرك به وآخرها الاحتكام إلي كتاب الله وسنة نبيه.. وشن رسلان هجوما شديدا علي التيار السلفي خاصة الذين ذهبوا لتأسيس الأحزاب وأشاعوا التحزب في الأمة مؤكدا أنهم يأتون بإجماع ينسبونه إلي السلف وما هي إلا من عند أنفسهم!