مواجهة منتخب السلاح المصرى للكبار لمنتخب الكيان الصهيونى فى بطولة العالم الماضية بإيطاليا وضعت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب خاصة بعد خوض ثلاثى المنتخب (طارق فؤاد) و(شريف فرج) و(علاء السيد) 9 مواجهات مع اللاعبين الإسرائيليين فى الوقت التى حرصت فيه بطلة المبارزة التونسية (سارة بيسباس) على إعلان موقف من خلال اللعب السلبى فى نفس البطولة وأيضا مريم موسى بطلة الجودو الجزائرية التى انسحبت وضحت بالبطولة وحلم الأولمبياد تجنبا لمواجهة لاعبة إسرائيلية حسبما نشرنا فى العدد الماضى. هذه الوقائع المتناقضة فتحت ملف التطبيع الرياضى مع إسرائيل الذى مازالت تمارس انتهاكها للحقوق العربية تحت سمع وبصر المجتمع الدولى وبمساعدته جرائم هذا الكيان الصهيونى وكان آخر جرائمه قتل الجنود المصريين على الحدود المصرية ورفض حتى مجرد الاعتذار وهو ما فتح الباب على مصراعيه للأصوات الغاضبة المطالبة برفض اللعب مع إسرائيل رياضيا ومعاقبة المسئولين عن اتحاد السلاح واللاعبين وكل من كان وراء هذه المواجهات التى يرفضها الجميع. مواجهة فرق ولاعبى الكيان الصهيونى (إسرائيل) لم تكن الأولى فتاريخ التطبيع الرياضى بين مصر وإسرائيل خاصة فى عصر النظام البائد ملىء بالأمثلة حيث تقابل لاعبا المنتخب الإسرائيلى للشطرنج (آميل سوتوبسكى ويبجنى بوستان) مع المنتخب المصرى بقيادة (محمد عزت وخالد عبدالرازق) فى أكتوبر الماضى واستطاعا هزيمة المنتخب المصرى فى بطولة العالم للشطرنج بتركيا وهو الفوز الذى احتفلت به الصحف الإسرائيلية واعتبرته نصرا عظيما فى ذكرى أكتوبر خاصة أنها الهزيمة الثانية فى الشطرنج حيث كان الفوز الأول فى أولمبياد الشطرنج عام 2008 والتى أجريت فى ألمانيا. أما لعبة كرة اليد، فقد شهدت عدة لقاءات إسرائيلية مصرية الأول كان بين مصر وإسرائيل فى بطولة العالم عام 1992 وأذيع على شاشات التليفزيون المصرى! وشهد اللقاء توترا شديدا، انقلب إلى معركة حامية انتهت بقيام أيمن صلاح، حارس المرمى المصرى بإلقاء العلم الإسرائيلى على الأرض ودهسه بقدمه. وفى نوفمبر 1996، التقى المنتخبان وديا فى هولندا وهو اللقاء الذى حرصت الخارجية المصرية آنذاك على فرض سياج من السرية عليه خشية رد فعل الشارع، ورغم خسارة مصر المباراة بفارق هدفين فإن المباراة كانت أشبه بمعركة حربية، انتهت بإصابة خمسة مصابين من الفريق الإسرائيلى الذى فوجئ الاتحاد المصرى بمشاركته بدلا من منتخب البرازيل. وبينما تقرر عودة الفريق المصرى إلى القاهرة على الفور، طالبت السفارة المصرية باشتراك الفريق فى البطولة خوفا من وقوع أزمة دبلوماسية. وفى المقابل يعج التاريخ بأمثلة لفرق مصرية رفضت التطبيع. ففى إطار محاولات الكيان الصهيونى للتطبيع رياضيا مع مصر قدم الاتحاد الإسرائيلى لكرة القدم طلبا للعب مباراة ودية مع المنتخب المصرى فترة تولى حسن شحاتة قيادة الجهاز الفنى بعد فوزه بالبطولة الإفريقية وهو ما قوبل بالرفض من شحاتة والاتحاد المصرى أيضا، وفى يونيو عام 2002، وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الباسلة، قرر الاتحاد المصرى لكرة السلة الانسحاب من بطولة إسبانيا الدولية احتجاجا على مشاركة الجانب الإسرائيلى، أيضا قرر اتحاد السباحة وألعاب الماء الاعتذار عن عدم المشاركة فى بطولة البحر المتوسط لكرة الماء، التى أقيمت فى نوفمبر عام 2002 بإسرائيل، رغم المحاولات الإسرائيلية المستميتة التى جرت لإقناع الاتحاد المصرى من خلال اللجنة الأولمبية الإسرائيلية، التى كثفت اتصالاتها باتحاد دول البحر المتوسط، إلا أن مصر أصرت على الرفض. وتأتى الواقعة الأكثر إثارة للجدل فى تاريخ مواجهات مصر وإسرائيل رياضيا على خلفية واقعة ملاقاة منتخب مصر فى تصفيات كأس العالم إيطاليا عام 34 لمنتخب فلسطين فى مباراته الدولية الأولى الرسمية والتى خسر فيها أمام المنتخب المصرى ذهابا 7-1 وإيابا 4-1، وأقيمت مباراة الذهاب فى القدس وهو ما تنفيه إسرائيل ومصادر التوثيق الأوروبية والعالمية، حيث تؤكد أن المنتخب الإسرائيلى لعب مباراته الدولية الأولى أمام المنتخب المصرى فى تصفيات كأس العالم وأن مباراة الذهاب كانت فى تل أبيب وليس القدس! فى محاولة للسطو الممنهج على التاريخ الفلسطينى حتى فى المجال الرياضى، وهو ما يؤكد أن حرص إسرائيل على مواجهة مصر رياضيا غرضه سياسى فى المقام الأول. لعبة القط والفأر السياسية بين القاهرة وتل أبيب والتى انتقلت عدواها إلى المحافل الرياضية مازالت مستمرة والشارع المصرى الثائر يرفض التطبيع بأى حال مع إسرائيل خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة وبعد إسالة دم شهداء الوطن على الحدود وتبرز فى الخلفية أصوات تحتكم إلى المنطق وتؤكد استحالة الانسحاب أو الامتناع عن اللعب مع الفرق الإسرائيلية. اللواء أحمد إسماعيل رئيس اتحاد السلاح بدأ حديثه لنا بعبارة صادمة حيث قال: «مواجهتنا لإسرائيل رياضياً لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة». وأضاف: نخوض فى لعبة السلاح من 40:50 بطولة سنويا وقد تفرض علينا القرعة مواجهة الفرق الإسرائيلية وإذا رفض لاعبونا مواجهة لاعبيهم كانوا سيعرضون أنفسهم لعقوبات قاسية من قبل الاتحاد الدولى قد تصل إلى حد شطب اللاعب نهائياً وربما شطب الاتحاد التابع له اللاعب أيضاً، وكان لاعبونا أيضاً متفهمين لذلك ولم يكن لديهم أى مشكلة فى مواجهة أى لاعب من الفريق الإسرائيلى بل كانوا متحفزين للفوز عليهم. ويعود بنا رئيس الاتحاد بالذاكرة إلى الوراء وتحديداً عام 2002 فى بطولة العالم للناشئين التى أقيمت فى تركيا عندما وصل للنهائى اللاعب المصرى أحمد نبيل فى مواجهة لاعب إسرائيلى وعندها اتصل بصفته نائب رئيس الاتحاد بكل جهات الدولة ومنهم رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق والمحبوس (زكريا عزمى) ووزير الشباب آنذاك على الدين هلال ولم يجد لديهم جوابا شافيا وهو ما اضطره إلى إجبار اللاعب على ادعاء الإصابة تجنباً لمواجهة الإسرائيلى وما قد يسببه ذلك من أزمة فى مصر وهو ما حدث بالفعل وكانت النتيجة هى تكريم وزير الشباب على الدين هلال للاعب على أساس حصوله على المركز الأول وليس الثانى!! وهنا أضاف: كان من الأشرف لنا أن نواجه اللاعب الإسرائيلى ونهزمه فى هذه المرة لم نجد أى ضرورة للحصول على إذن من اللجنة الأوليمبية أو المجلس القومى للرياضة نظراً لعلمهم التام بالقواعد الصارمة التى تفرضها الاتحادات الدولية التى تحذر من التمييز العنصرى. ويوضح نقطة التمييز العنصرى اللواء أحمد الفولى نائب رئيس اللجنة الأوليمبية بقوله: ميثاق اللجنة الأوليمبية يجرم التمييز أو العنصرية أو خلط السياسة بالرياضة ولذا فإن الاتحادات الرياضية المصرية والفرق التابعة لها مجبرة على مواجهة إسرائيل متى وضعتهما القرعة سوياً لأن الانسحاب يعنى عقوبات متعددة، وإذا شعرت اللجنة الأوليمبية بأن هناك تدخلات حكومية فى شأن الاتحادات الرياضية فإنها قد تجمد النشاط الرياضى فى مصر تماماً وتستبعدها من المحافل العالمية، وأضاف الفولى: إذا أردنا عدم مواجهة إسرائيل فمن الأفضل أن نعتذر عن المشاركة فى البطولات العالمية فى جميع اللعبات، وأضاف أنه يعتقد أن توجه الدولة لا يمنع مواجهة الإسرائيليين رياضياً والدليل أنه لم يتلق أية مخاطبات أو ملحوظات سواء من المجلس العسكرى أو مجلس الوزراء أو المجلس القومى للرياضة بهذا الشأن، ولذا فإن اللجنة الأوليمبية المصرية لا تتدخل فى عمل الاتحادات وتترك لهم القرار فى مثل تلك المواقف. أما نادر السيد حارس مرمى المنتخب المصرى السابق وأحد أبرز الرياضيين المشاركين فى ائتلاف الثورة فنقلنا إلى قراءة المشهد السياسى عموماً بقوله: التطبيع مرفوض ولكن قبل أن نلقى اللوم على الرياضيين الذين يواجهون إسرائيليين ونتهمهم بالتطبيع يجب أن نلقى اللوم على السياسة المصرية التى تعترف بإسرائيل وتطبع معها بالفعل اقتصادياً وتجارياً وسياحياً فى نفس الوقت الذى تختصر فيه الدولة المصرية دولة فلسطين فى حركة أو مدينة مثل غزة، فهل التطبيع هو أن تلاقى فرق رياضية مصرية فرقاً إسرائيلية فى بطولات عالمية أو أن يقدم مطرب مصرى حفلاً غنائياً فى فلسطين! وأتصور عموماً أنه لا يمكن أن نختزل التطبيع فى ذلك ونترك التطبيع الأسوأ فى جميع المجالات، وطالب السيد بتأييد صريح لدولة فلسطين وإنكار دولة إسرائيل تماماً، حينها يمكن اتخاذ قرارات فى الجانب الرياضى وفقاً لظروف كل لعبة.