جماهير الزمالك ونجومه ليسوا فقط هم الذين جاءوا للمباراة النهائية وفى جيوبهم «الكأس» المضمون، بل كان معهم أيضا المعلم «شحاتة» وجهازه الفنى والذين جلسوا كمتفرجين وسبقهم رئيس النادى المستشار جلال إبراهيم الذى قام بدور «أبوالعروسة» فى المحطات الفضائية والأرضية لتوزيع كروت الدعوة للحبايب والأقارب لزفاف «الأبيض» على الكأس واحتضانه والذهاب به إلى بيت «العدل» فى ميت عقبة، لكن الجميع فوجئوا بأنهم أمام غرفة عمليات مفتوحة وجراحة عاجلة أعلنت مولد «معلم جديد» وهو «مختار مختار». المدير الفنى الخلوق كان هو مفاجأة المباراة النهائية التى جمعت بين الزمالك والفريق البترولى«إنبى»، حيث كتب شهادة ميلاد مدير فنى عملاق رفض أن يقوم بدور المتفرج فى حفل زفاف الزمالك على الكأس «مختار مختار» وخالف كل التوقعات و«ضرب كرسى فى الكلوب» أمام 80 ألف متفرج زملكاوى والملايين من عشاقه أمام الشاشات. مختار قبل مباراته مع الأهلى فى دور ال 16 بذكاء أوهم منافسه أنه يرفع راية الاستسلام وأنه جاء مهزوما، ولكنه فاجأ الجميع بخروجه فائزا بالتنويم المغناطيسى وفى مباراتى دور الثمانية وقبل النهائى مع الشرطة بعد صراع ماراثونى وصل بفريقه إلى معدل كاف من التجهيز الفنى والبدنى لمواجهة الزمالك المنشغل هو وجماهيره وإدارته وجهازه «بكوشة» الكأس. مختار لعب على المضمون بشل حركة مفاتيح فوز الزمالك وهى أطرافه وقاد حرب استنزاف فى وسط الملعب فأمسك بزمام المباراة ولهذا تفوق الثلاثى شعبان وصبحى ومصطفى على الثلاثى الزملكاوى ميرغنى وصلاح وحسن، فالثنائى الميرغنى وصلاح فى مهمة دفاعية دائما على الأطراف بينما عمق الوسط غائب رغم وجود أحمد حسن المشغول بالشق الهجومى وإهمال القيام بدور «صانع الألعاب» وخلق منطقة مناورات من العمق لإصراره على اللف والدوران 180 درجة فى كل كرة يتسلمها ففقد شحاتة منطقة العمليات بسهولة. أزمة وجود «صانع ألعاب» من العمق هى مأساة الزمالك فى السنوات الأخيرة بعد رحيل «جمال حمزة» ولم ينجح العميد والمعلم فى صناعة نجم يملك هذه المقومات للتخفيف على أطراف الزمالك وتسهيل مهمتها أو حتى مدافع دائرة «دفندر» يقوم بدور منسق عام بين الدفاع والهجوم.. مختار مختار فى المقابل امتلك هذا فى وجود «دفندر» قوى وهو محمد شعبان ومنسق عام فاهم وهو عادل مصطفى الذي أدى دور الرابط لخطى الدفاع والهجوم والمكمل إلى جانب الاستفادة الكاملة من حيوية «صبحى» و«مانو» هذا الرباعى كانوا السند الأقوى لتعويض الخروج الاضطرارى لقلبى الدفاع «السقا وفهيم» فلم يشعر أحد بخروجهما رغم أن خروج واحد منهم كان كفيلا باهتزاز الدفاع. «مختار» راهن على غلق الأطراف وامتلاك نصف الملعب، ولهذا صمد وباغت بهدفين ورسم سيناريو البطولة، بينما وقف «المعلم» متفرجا بعد تمسكه بالخطة الكلاسيكية فلم يغامر برزاق رغم الصخب حوله ما بين ترقب وصوله وتجهيزه للقيام بدور فى المباراة والدفع ب «جعفر» قليل الحيلة وهو مهاجم من طراز غريب. «شاهدوا سيناريو منعه لهدف محقق ثم توريط أحمد حسن فى التسلل فى نفس اللعبة»، وهى واقعة غير مسبوقة لمهاجم غير واعٍ بالمكان الذى يقف فيه، وهذه الصفة «كارثة» وبنفس التوليفة كان «حسين حمدى» البديل التائه والباحث عن نفسه دائما! المعلم شحاتة نجح فى إعادة اكتشاف «حازم إمام» وهو قوة كبيرة ومفتاح لعب هائل وأيضا «الميرغنى» الذى يتقدم من مباراة لأخرى و«صلاح سليمان» وهو مشروع مدافع كبير، لكن عليه إعادة النظر فى مركز «الدفندر»، أو المنسق العام وصانع ألعاب تحت رأس الحربة لتسهيل مهمة زكى ورزاق ولتخفيف الضغوط التى يواجهها شيكابالا مع احتياج «فتح الله» إلى إعادة تأهيل ومعه الحارس عبدالواحد السيد الذى فقد ظله وتحول إلى لغز كبير (راجعوا الأهداف التى سكنت مرمى الزمالك فى المباريات المصيرية بالدورى وأمام الأفريقى التونسى فى البطولة الأفريقية، ثم مباريات الكأس الأخيرة حاجة تكسف فعلا). أمام شحاتة بإمكانياته الأسطورية الوقت الكافى لاسترداد عرشه وإصلاح الأخطاء وإغلاق الثغرات وفتح صفحة جديدة مع النجم «ميدو» المتلهف للعودة، فإن عودته لمستواه العالمى مهمة المعلم كقوة كبيرة ومفتاح لعب رهيب ومساند لجبهة عبدالشافى الذى يجاهد بمفرده فى الجهة الشمال فى مقابل جبهة شيكا وحازم إمام، مع ضرورة زراعة مدافع وسط قوى وصانع ألعاب من بين كريم الغانى وهانى سعيد ومحمد إبراهيم أو من صفقات يناير. أما «مختار مختار» قاهر الأهلى والزمالك فأمامه فرصة ذهبية لتقديم موسم رائع باعتباره المنافس الأقوى الآن من واقع الأداء والنتائج وإثبات أن تفوقه لم يكن مجرد ضربة حظ خصوصا بعد تأكد مشاركته فى البطولة الكونفدرالية الأفريقية. أخيرا، فإن التقدير والاحترام واجب هنا مع بداية الموسم الجديد لجماهير الزمالك الوفية التى ملأت استاد القاهرة فى مشهد أسطورى ربما يكون غير مسبوق للاحتفال بالكأس والمئوية رغم حساسية توقيت المباراة بعد أحداث موقعة «ماسبيرو» المؤسفة التى هزت كل المصريين وعدم استقرار الأوضاع الأمنية عموما فقد كان أى خروج عن النص يعنى إعادة النظر فى مسابقة الدورى العام، لكنهم التزموا بالحزن النبيل والاكتفاء بتقديم «بروفة» هائلة لبداية موسم قوى. وتوجيه رسالة متحضرة من قلب القاهرة إلى العالم بأن مصر هى بلد الأمن والأمان.