قرار وزير الإعلام أسامة هيكل بتشكيل لجنة من كبار الموسيقيين للنهوض بالغناء من أبرز القرارات الواعية التى سكنت ماسبيرو لرد الاعتبار للغناء المصرى وكبار النجوم الذين أضيروا فى السنوات التى سبقت الثورة من موجات التغييب الغنائى والشطب على نجوم الجيل المزيفين العالقين بالسلطة والنظام. إن ثورة 25 يناير قد كشفت الوجه البائس لنجوم الجيل وأكدت التراجع المروع للغناء المصرى وفشل المطربين فى تسجيل الحدث الأعظم فى تاريخ مصر وترجمته للبسطاء من أبناء هذا الوطن باستثناء محاولات فردية خرجت لحفظ ماء وجه الغناء المصرى، لملكة جمال الثورات فى العالم أمام تخاذل مطربى الوهم وعدم تفهمهم لقيمة الحدث فى تاريخ مصر. لجنة «هيكل» الغنائية أمام مهمة قومية لتصحيح الأوضاع ورسم خريطة غنائية جديدة تكون مهمتها الأولى النهوض بالغناء وخلق كوادر من أحفاد المبدعين أم كلثوم وعبدالحليم والإشراف على إنتاج مجموعة من الأغانى الوطنية التى تخلد أهم المراحل فى تاريخ مصر للأجيال الجديدة. مجلس قيادة الغناء ضم أسماء بارزة فى عالم الغناء توضح جدية المشروع وأهميته باعتبارهم حلقة الوصل الطبيعية بين غناء الرواد والجيل الجديد المفترض وجوده على الخريطة الغنائية فى مقدمتهم الموسيقار القدير حلمى بكر أبرز رموز التمرد على أعمال الجيل ورائد مكافحة الإسفاف الغنائى فى فترة ما قبل الثورة وهو صاحب بصمة وتاريخ جميل فى الغناء المصرى والعربى كما أن أعماله الوطنية فى اللحظات الحاسمة فى تاريخ مصر خصوصا بعد نصر أكتوبر وأيضا استرداد الأرض : راجع «حبايب مصر».. و«على ضفافك يا نيل» ورائعته «الله ع الشعب» وهو الأوبريت الذى قدمته فايزة أحمد مع مجموعة أصوات غنائية فى مقدمتها هانى شاكر وعماد عبدالحليم وإيمان الطوخى وأحمد إبراهيم وكلماته التى وضعها الشاعر مصطفى الضمرانى وهى نموذج يسجل أصالة الشعب المصرى ودوره فى كتابة تاريخ الوطن والأوبريت يتضمن دعوة فريدة للتوحيد ورفض الفتنة وهو من الأعمال التى يجب على التليفزيون المصرى إعادة تقديمها بأصوات جديدة فهو تحفة غنائية نادرة. من أعضاء المجلس أيضا الموسيقار العملاق عمار الشريعى صاحب أبرز الباقات الوطنية فى السنوات الأخيرة والموسيقار محمد سلطان وإبراهيم رجب ومحمد على سليمان وصلاح الشرنوبى وعدد من الشعراء فى مقدمتهم العملاق سيد حجاب صاحب أبرز الأعمال الوطنية الرصينة وجمال بخيت مؤلف رائعته «المصرى » للطيفة وبهاء الدين محمد وعماد حسن ويقف وراء كل هؤلاء الإعلامى وجدى الحكيم المستند الوحيد على عصر الغناء الجميل والشاهد الأول على روائع نجوم الغناء، وهو طاقة غنائية متجددة وهو قادر مع مجموعة المجلس على وضع خطة للنهوض بالأغنية الوطنية وتوثيق ثورتنا البديعة ووضع الغناء المصرى عموما على الطريق السليم وفوق كل هذا استرداد الزعامة المفقودة. مهمة اللجنة لن تقتصر على إعادة القديم الذى أهملوه والذى أعادت الثورة اكتشافه باعتباره خير معبر عنها مثل «أنا الشعب» لأم كلثوم و«صورة» لعبد الحليم حافظ و«يا حبيبتى يا مصر» لشادية وهى الأغانى التى ترددت فى قلب ميدان التحرير، بل ستكون المهمة الأكبر هى تقديم أصوات للشارع الغنائى وعمل مسح شامل للمعروض على السوق الغنائى وإتاحة فرصة جديدة لأبرز الأصوات المصرية التى ضلت الطريق فى أجواء كانت مسمومة وموجهة أمثال على الحجار ومدحت صالح ومحمد الحلو وأحمد إبراهيم إلى جانب المناضل الاستثنائى محمد منير ومعهم أنغام وشيرين وآمال ماهر وريهام عبد الحكيم وفتح الباب للمواهب الموسيقية الجديدة أمثال الملحن عزيز الشافعى صاحب أروع أغنية للثورة والثوار. ثورة التصحيح الغنائية التى أطلقها وزير الإعلام أسامة هيكل خطوة رائعة وموفقة لعودة الدولة لإعادة صياغة «صناعة الغناء» فى مصر وللدور الكبير الذى يلعبه فى الوجدان المصرى مطلوب ثورة أخرى فى الدراما وقطاعات التليفزيون المصرى المنتجة لاسترداد عرشها المفقود لتأصيل أروع اللحظات فى تاريخ هذا الوطن.