الكل غاضب من روى قصة حياته فى مسلسل غاضب لأن هذه لم تكن وجهة نظره بالضبط بل خيال الكاتب أضاف وحذف مثل «صباح» التى تقاضت أجراً لكى تروى وأجراً أيضا لكى تصمت عن مهاجمة مسلسل «الشحرورة» بعد عرضه. وهو ما تكرر أيضا مع «أحمد الريان» الذى لم يترك فضائية إلا وفتح النيران على مسلسل «الريان» الذى يروى تاريخ حياته، أما من لم يرو حياته لرحيله عن الحياة فإن ورثته هم الغاضبون مثل الشاعر «محمود درويش» الوحيد الذى أفلت من الغضب كان مسلسل «رجل لهذا الزمان» الذى يروى حياة عالم الذرة د. «على مصطفى مشرفة» كان الورثة سعداء خاصة أن المخرجة «إنعام محمد على» والكاتب «محمد السيد عيد» لا يقدمان سوى الجانب المشرق من الصورة فقط! الغضب لا يعيشه فقط أصحاب السيرة الذاتية بل من يأتى ذكره داخل الحلقات يثور غاضباً ورثة عازف الكمان «أنور منسى» أحد أزواج «صباح» وأبو ابنتها هويدا لم يكتفوا بالغضب بل أقاموا دعوى قضائية لأنهم قدموا «أنور منسى» باعتباره إنسانا شريرا لا تفارقه الخمر ولا يتوقف عن لعب القمار. البعض ممن عاشوا هذا الزمن يؤكدون هذه المعلومة إلا أن الورثة وليس هذا متعلقا فقط بورثة «أنور منسى» ولكن الورثة عادة ما يبحثون عن الجوانب المضيئة فى وريثهم ولا يعتقدون أو يصدقون أبدا أن للصورة وجها آخر ربما لا يعلم البعض أن الزعيم الوطنى «سعد زغلول» لم يجد أى حرج فى الاعتراف بضعفه أمام إغواء القمار، وأكد فى مذكراته الشخصية أنه كثيراً ما حاول الإقلاع عن تلك العادة السيئة دون جدوى، ليس الجميع لديهم هذه الجرأة كما أن المجتمع صار لا يتسامح بسهولة مع مثل هذه الأخطاء ولكن دعونا نقترب من قضية أراها أشمل وهى المصادر التى نلجأ إليها ونعتبرهم شهود الإثبات مثلا «صباح» هى التى روت للكاتب «فداء الشندويلى» كل الوقائع التى تؤكد أن الجميع هاموا بها حباً وعشقاً وطلبوها للزواج «عبدالوهاب»، «فريد»، «عبدالحليم»، «أنور وجدى»، «هنرى بركات» وغيرهم لم يتبق رجل فى الوسط الفنى إلا وكان مغرما صبابة ب «صباح» لا شك أن «صباح» لديها جاذبية وأنوثة ومن الممكن أن تحظى بإعجاب كل هؤلاء وأكثر إلا أن الإعجاب شىء والحب والرغبة فى الزواج شىء آخر. الكل يريد أن يصبح هو المحور المسيطر على مجريات الأمور فى كل الأحداث لو قرأت المذكرات التى كتبها رجال ثورة 23 يوليو سوف تكتشف عشرات من التناقضات التى تطيح بالحقائق كل من تناول الثورة شاهد نفسه أولا وذكر التى تعلى من شأنه هو ولا يهم بعد ذلك هل كانت هى الحقيقة أم شطحة خيال! «أحمد الريان» من المؤكد لديه أسبابه للدفاع عن موقفه فهو يرى أنه من خلال شركات توظيف الأموال كان يناصر الاقتصاد الحر ولم يكن يسعى لخراب البلد وهو لهذا غاضب رغم أن المسلسل قدمه فى شخصية إيجابية حتى ولعه بالنساء لم يجعله يرتكب الرذيلة بل هو يتزوج على سنة الله ورسوله. الحقيقة التى نوثقها بأصواتنا أو فى كتاب ليست بالضرورة هى الحقيقة التى حدثت بالفعل ارجع إلى الأرشيف «أم كلثوم» و «عبدالوهاب» و«عبدالحليم» وغيرهم ستكتشف أن مثلا «أم كلثوم» لا تذكر أبداً علاقتها بالملحن «محمود الشريف» برغم ما كان بينهما من خطوبة معلنة على صفحات الجرائد عام 1946 ورغم ذلك تعمدت «أم كلثوم» أن تتجاهل علاقتها العاطفية مع «الشريف» كان البعض يقول إنها تطورت إلى زواج سرى، «عبدالحليم» لم يذكر أبدا أنه عاش فى الملجأ 7 سنوات بينما زميله فى الملجأ الشاعر «أحمد فؤاد نجم» هو الذى أشار إلى ذلك. الحقيقة تحتاج إلى بحث وجهد حتى صاحب السيرة يكذب أحيانا سواء عن تعمد أو عن سهو برغم أننا نتحدث عن التاريخ الذى تجرحه الأكاذيب ودور الكاتب الدرامى هو أن ينقب عن الحقيقة ومع كل المصادر ولكن تقول لمين.