الأجور الفلكية التي كان النجوم يحصلون عليها والتي تعد أحد أهم أسباب نكسة الدراما المصرية بدأت في طريقها للاختفاء الذي نتمني أن يكون اختفاء بلا عودة. انهيار عصر الأجور الفلكية للنجوم بدأت ملامحه تظهر في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي أعقبت ثورة 25 يناير والتي أسقطت جشع وطمع النجوم الذين كانوا يتنافسون وبشراسة علي من يتصدر منهم قائمة الأجر الأعلي، وهو ما كان يمثل ليس فقط تعجيزا للمنتجين أمام جودة الصناعة الدرامية، وإنما يمثل كذلك استفزازا للمصريين في ظل وجود غلاء في المعيشة ونسبة فقر تصل إلي 06%. الأجور الفلكية للنجوم هي التي وقفت وراء انهيار صناعة الدراما بعد أن أصبحت السيطرة الأساسية علي العمل في يد النجم الذي أصبح يتحكم في اختيار النص والمخرج وفريق العمل. سعي النجوم لتخفيض أجورهم بعد ثورة 25 يناير جاء بعد أن انخفضت نجوميتهم، وأصبح غير مرغوب فيهم، خاصة ممن هاجموا الثورة، وشعروا أنهم لو أصروا علي أجورهم الفلكية سيمثل ذلك لهم خطرا كبيرا ويهدد استمرارهم علي الساحة، وستطيح بهم كما أطاحت بمن قبلهم بالإنتاج الدرامي، والذي انخفض حجمه بنسبة 75%، فبعد أن كان لدينا في العام الماضي ما يقرب من مائة مسلسل أصبح هذا العام 25 مسلسلا فقط. رغم سعي النجوم لتخفيض أجورهم الفلكية إلا أن كثيرا منهم لم يتمكن من التواجد علي الشاشة الرمضانية هذا العام بسبب المشاكل الإنتاجية التي جاءت نتيجة ضعف التسويق نتيجة ضعف نسب الإعلانات التي تأثر أصحابها بالأزمة الاقتصادية، فلم نر هذا العام يحيي الفخراني والذي كان مقررا ظهوره في عملين هما ( محمد علي باشا ) و(بواقي صالح) ورغم تخفيض الفخراني أجره من 9 ملايين جنيه إلي 5 ملايين جنيه إلي أن تعثر الشركة المنتجة حال دون إتمام الإنتاج هذا العام وتأجل المسلسلان إلي أجل غير مسمي، نفس الشيء حدث مع ( إلهام شاهين ) التي أجلت تصوير مسلسلها ( معالي الوزيرة ) رغم أنها خفضت أجرها من 5 ملايين جنيه إلي 3 ملايين جنيه، كما أن توقف التصوير بخلاف المشاكل الإنتاجية جاء بسبب إعادة النظر في موضوع المسلسل الذي يحكي عن زواج السلطة برأس المال وهو ما تم القضاء عليه مع قيام ثورة يناير. عادل إمام الذي كان مصرا علي عدم تخفيض مليم واحد اضطر لتخفيض أجره بعد أن شعر بغضب شعبي تجاهه نتيجة هجومه علي الثورة ووافق علي الحصول علي 20 مليون جنيه بدلا من 30 مليون جنيه عن مسلسل فرقة ( ناجي عطاالله) رغم أنه تحجج بصعوبة استكمال التصوير في وقت قياسي قبل شهر رمضان ليتمكن من تأجيله لرمضان القادم بعد أن استشعر نبض الشارع المصري ضده وخوفه من مقاطعة عمله كما حدث مع غادة عبد الرازق في سمارة الذي حصل علي نسبة مشاهدة ضعيفة بسبب هجومها علي الثورة والثوار ولم تفلح معها محاولات تحسين وتبيض وجهها بتخفيض أجرها من 7 ملايين جنيه إلي 4 ملايين جنيه وقيل أن أجرها كان قد وصل بعد ( زهرة وأزواجها الخمسة ) إلي 12 مليون جنيه. ( تامر حسني ) هو الآخر بعد رد فعل الجماهير ضده قام بتخفيض أجره من 27 مليون جنيه إلي 15 مليون جنيه عن مسلسل (آدم ) وقام ( هنيدي) بتخفيض أجره عن مسلسل ( مسيو رمضان مبروك ) من 25 مليون جنيه إلي 19 مليون جنيه. أما ليلي علوي فرفضت تخفيض أجرها عن مسلسل (الشوارع الخلفية) وأصرت علي حصولها علي 5 ملايين جنيه في الوقت الذي قيل فيه أن إصرارها هذا جعل وجودها علي الساحة مهددا، أما (يسرا) التي أجلت مسلسلها (شربات لوز) بسبب حالتها النفسية التي ساءت في أعقاب الثورة فأبدت استعدادها لتخفيض أجرها من 7 ملايين جنيه إلي 5 ملايين جنيه. ( سمية الخشاب ) في ( كيد النسا ) خفضت أجرها من 5 ملايين جنيه إلي 3 ملايين جنيه و( فيفي عبده) نفس الأجر عن نفس المسلسل. أما ( صابرين ) فقد خفضت أجرها من 2 مليون ونصف جنيه إلي مليون ونصف جنيه عن كل مسلسل من مسلسليها ( وادي الملوك) و(لحظة ميلاد )، و( عمر وسعد) خفض أجره من 4 ملايين جنيه إلي 2 مليون جنيه وهو نفس الأجر الذي حصل عليه (أحمد مكي ) في (الكبير قوي ) بعد أن كان أجره في العام الماضي 5 ملايين جنيه، ورغم أن الأجور تم تخفيضها إلا أنها مازالت مرتفعة أمام الأجور التي يتقاضها عامة الشعب والتي تثير استفزازهم. انهيار عصر الأجور الفلكية للنجوم بدأ يفرز جيلا جديدا من النجوم بأجور معتدلة غير مبالغ فيها، والتي لا يزيد علي المليون جنيه مما يتيح الفرصة أمام الاهتمام بالتكلفة الفعلية للمسلسل الذي كان الأجور الفلكية تجور عليها، فمن النجوم الجدد التي لا تزيد أجورهم علي المليون جنيه ( درة ) التي خفضت أجرها من مليون جنيه إلي 750 ألف جنيه وريم البارودي من مليون إلي 650 ألف جنيه وإدوارد من 500 ألف جنيه إلي 450 ألف جنيه وأحمد السعدني 180 ألف جنيه ومحمد رمضان 120 ألف جنيه. المنتج محمد فوزي يري أن كبار النجوم سيسيطرون علي الساحة الفنية لفترة محدودة حتي يتم تثبيت أقدام النجوم الجدد، رغم أن النجوم الكبار اضطروا لتخفيض أجورهم إلا أن الساحة فيما بعد لن تقبل أجورا فلكية جديدة من أجل صالح صناعة الدراما ويتفق إسماعيل كتكت مع محمد فوزي فيما قاله بخصوص أجور النجوم وأضاف بأن انهيار عصر الأجور الفلكية سيعيد المنتج إلي دوره الطبيعي في حرية اختيار النصوص والمخرجين والممثلين والتي يفرضها عليه أصحاب الأجور المرتفعة لتحكمهم في العمل من بابه.