كان الخريف السياسي في مصر غاضبا عام ..1981المناخ أصابه التشنج جراء حمله اعتقالات طالت الهواة والمحترفين في الساحة السياسية آنذاك.. وبلغ الفزع ذروته بدماء الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومقتله في العرض العسكري أمام العالم سجل به تنظيم الجهاد اسمه في أرشيف الجريمة السياسية المصري.. بل كان مقتل السادات ومازال أكبر جريمة سياسية «مكتملة» عرفتها مصر منذ قيام ثوره 1952 فلم تكن الجرائم السياسية بعد ثورة يوليو تتعدي اتهامات بمحاولات قلب نظام الحكم أو محاولات اغتيال وحتي وإن تم الاغتيال فلم يكن البارود يصل إلي رئيس الدولة والذي كان هو الآخر استثنائيا وله شعبيته كبطل منتصر واحترام عالمي فريد مزين بجائزة «نوبل» للسلام. ومع عام 1982 اعتقل الأمن المصري حوالي 242 شابا في قضية الانتماء لتنظيم الجهاد وكان الظهور الأول للغز شائك اسمه «عادل عبدالمجيد عبدالباري» دون استجواب أو محاكمه في بريطانيا منذ عام .1998 ورغم اختلافنا السياسي والايديولوجي معه، لكنه يبقي مواطنا مصريا منسيا داخل سجون بريطانيا وهي الرسالة التي حرصنا علي نقلها إلي شقيقه «طارق» الذي روي لنا الدراما السياسية لأخيه التي بدأت داخل المعتقل قبل 29 عاما في قضية الانتماء لتنظيم الجهاد وداخل المعتقل الذي مكث بداخله ثلاث سنوات تعرف علي «منتصر الزيات» الذي أصبح فيما بعد أشهر محام عن الجماعات الإسلامية وكانا وقتها ملتحقين بكلية الحقوق جامعة القاهرة. وخرج من المعتقل عام 1985 بعدما حفظت القضية وكان عادل عبد الباري قد تمكن من الحصول علي ليسانس الحقوق في هذه الفترة وشرع في ممارسة المحاماة مسخرا جهده في الدفاع عن قضايا الجماعات الإسلامية والمعتقلين السياسيين وأسس مكتباً للمحاماة مع زميله منتصر الزيات لهذا الغرض وخلال الفترة من عام 1985 إلي عام 1991 تم اعتقال عادل عبدالباري أكثر من مرة وصل الأمر إلي حوالي عشرة اعتقالات في ست سنوات ولكنها جميعا كانت من نوعية «الباب الدوار» التي أتاحها قانون الطوارئ. وفي السنوات الأولي من التسعينيات شهدت الولاياتالمتحدة حادثة قتل مدوية انتبه لها الرأي العام الأمريكي واستغلتها إسرائيل في إلصاق التطرف بالعرب والمسلمين وذلك عندما اتهم شاب مصري يدعي «السيد نصير» بقتل حاخام يهودي اسمه «مائير كاهان» وسافر عادل عبدالباري ومنتصر الزيات والدكتور عبدالحليم مندور المحامي إلي الولاياتالمتحدة للدفاع عن المتهم المصري وفي هذه الرحلة اتخذ عادل عبدالباري قراره بعدم العودة إلي مصر وذهب إلي بريطانيا طالبا اللجوء السياسي وبالفعل حصل علي حق اللجوء السياسي بعدما قدم ما يثبت أنه مضطهد سياسيا في بلده وفي هذه الفترة كانت بريطانيا والغرب بصفة عامة تفتح هذا الباب كنوع من المناورة مع الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية وذلك قبل أن تتبدل وتعاد الصياغة الأمنية الدولية من جديد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ومع استقرار عادل عبدالمجيد عبدالباري في بريطانيا قام بتأسيس صحيفة أسماها «الدليل» وكذلك أنشأ ما يسمي ب«المكتب الدولي للدفاع عن حقوق الشعب المصري» وكما هو واضح من التسمية فإن كلا المشروعين كانا منصة للهجوم علي الوضع في مصر وسياسات النظام السابق وفي عام 1998 ومع حدوث تفجيرات استهدفت سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام قامت السلطات البريطانية بإلقاء القبض عليه لمدة خمسة أيام وصرفته أجهزة التحقيق دون توجيه اتهامات ثم باغتته بعدها بأشهر في أواسط عام 1999 وقامت باعتقاله بناء علي طلب من السلطات الأمريكية التي طلبت أيضا ترحيله إليها ليحاكم أمام القضاء الأمريكي إلا أن ذلك لم يتم وحتي هذه اللحظة مازال عادل عبدالمجيد عبدالباري داخل سجن بيل مارش في لندن.. وعادة ما يؤكد في كل اتصال مع أسرته - كان آخرها أول أيام شهر رمضان الجاري - أنه بريء من التهم الأمريكية وكذلك أنه لم يحاكم ولم يتم استجوابه. ويقول شقيقه أنه في شهر يوليو الماضي تم تحريك دعوي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للبت في أمر أخيه وأضاف أن كلا من عبود وطارق الزمر قاما بالاتصال به بعد الإفراج عنهما وأنهما سيبذلان ما يستطيعان من مساع وجهد للإفراج عن شقيقه عادل عبدالمجيد عبدالباري. وبحسب مصادرنا، فإنه علي مدار 12 عاما من السجن لم يطلب عادل عبدالمجيد عبدالباري أي تدخل من أي نوع من جانب السفارة أو القنصلية المصرية في لندن!!.. وكذلك لم تذهب أسرته في القاهرة إلي الخارجية المصرية وتطالبها بأن تباشر حالته كما هو معتاد أو كسلوك تلقائي في مثل هذه الحالات سواء من جانب السجين أو من جانب ذويه!!. «روزاليوسف» تحدثت إلي السفير عمرو الحناوي قنصل مصر لدي المملكة المتحدة الذي أكد أن هناك ضرورة إجرائية عامة تكون حاكمة ومقيدة لتحرك القنصلية ومباشرتها لأحوال أي مواطن وإجراء الاتصالات وبحث حالته مع السلطات في الدولة المعتمدة لديها البعثة الدبلوماسية وهي أن يطلب المواطن تدخل القنصلية وهو ما لم يحدث وفي لندن وتحديدا في العاشر من يوليو الماضي أصدر المرصد الإعلامي الإسلامي بيانا في صيغة نداء للإفراج عن عادل عبدالمجيد عبدالباري لحين محاكمته أو إعادته إلي مصر ومحاكمته منتقدا سجنه 12 عاما دون محاكمة من جانب السلطات البريطانية متسائلا: هل من الممكن أن يقضي أي بريطاني 12 عاما في السجون المصرية بدون محاكمة؟