الرئيس: مصر لا تعارض تحقيق أي تنمية للشركاء والأشقاء في دول حوض النيل    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف.. صور    الغرف التجارية: أسعار الأسمنت مرتفعة رغم زيادة الإنتاج وانخفاض الصادرات    الملك عبد الله يستقبل مصطفى مدبولي بالديوان الملكي    غرفة الجيزة التجارية ناعيةً علي المصيلحي: قامة وطنية خدمت الوطن في مجال التجارة والتموين    سيد عبد الحفيظ يعلّق على أزمة زيزو وجماهير الزمالك: الرد الرسمي من حق الأهلي    الأعلى للإعلام يحيل شكوى الزمالك ضد أحمد شوبير إلى لجنة الشكاوى    وقف عمل عمال النظافة خلال وقت الذروة بمحلية نجع حمادي بقنا.. والمواطنون: قرار سليم    مفتي الأردن: الفتوى تتغير بتغيُّر الأشخاص والظروف ولا يمكن للذكاء الاصطناعي مراعاة هذه الأبعاد    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    تقرير: إسبانيا تخاطر بعداء ترامب نتيجة سياساتها الدفاعية وعلاقاتها مع الصين    شبانة يكشف: منتخب مصر يواجه نيجيريا قبل كأس الأمم    لن تتخيل.. سعر خاتم الألماس الذي أهداه كريستيانو رونالدو إلى جورجينا    إخلاء بعض المناطق السكنية غرب اليونان إثر اندلاع عدة حرائق    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    كريستال بالاس يهاجم يويفا بعد حرمانه من الدوري الأوروبي    بعد تحقيقه إيرادات ضعيفة هل سيتم سحب فيلم "ريستارت" من دور العرض؟    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    وفد مجموعة الحكماء الداعمة للسلام يزور مستشفى العريش العام    خبراء: قرار إسرائيل احتلال غزة ينتهك حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    بعد 6 شهور.. وائل جسار يعود لإحياء الحفلات الغنائية في أوبرا دبي    تجديد تكليف الدكتور حسن سند قائمًا بأعمال عميد حقوق المنيا    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    إنجاز طبي جديد بقنا العام: إنقاذ سيدة من نزيف حاد بتقنية دقيقة دون استئصال الرحم    "أبو كبير" تنعى ابنها البار.. ماذا قال أهالي الشرقية عن الراحل علي المصيلحي؟ -صور    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلاً غنائياً في رأس الحكمة    هاني تمام: "القرآن يأمرنا بالمعاشرة بالمعروف حتى في حالات الكراهية بين الزوجين"    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    قطع مياه الشرب عن مدينة ديرمواس بالمنيا غدا لمدة 6 ساعات    خاص| وسام أبوعلي يستخرج تأشيرة العمل في أمريكا تمهيدا للانضمام إلى كولومبوس كرو (صورة)    كيف تحمى نفسك من ضربة الشمس فى موجات الحر.. خبير صحة عامة يجيب    الرئيس الصيني يؤكد: العلاقات الثنائية مع البرازيل في أفضل حالاتها    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    حملات موسعة لهيئة البترول للتصدي لمخالفات تداول وتوزيع المنتجات البترولية    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    موعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والمقاولون العرب    تزامنًا مع ارتفاع الحرارة.. محافظ الشرقية يكلف بتوفير "مياه باردة" لعمال النظافة    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    أول هبوط في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 12-8-2025 صباحًا    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العولمة بريئة من دم العرب

إن مفهوم العولمة هو غير ظاهرتها وتأثيراتها على مجتمعاتنا التى لا يملك أغلبها زمام أمره، ومواطنها الشهيرة التى تتضمنها مركزيات جيوستراتيجية، وثمة مقترحات أراها عملية فى تأسيس مستقبلنا إزاء العولمة التى تداخلت فى نسيج مجتمعات وثقافات واقتصاديات كل العالم، ومن أبرز تلك المقترحات: السعى لتأسيس كتلة اقتصادية فى منطقتنا قبل أن تكون تحالفية سياسية لأن عصر التحالفات سينتهى عند نهاية العقد الأول من هذا القرن كى يبدأ عصر التكتلات.. ثم السعى الحثيث لأجيالنا القادمة من قبل النخب الفاعلة فى مجتمعاتنا العربية والمسلمة لتأسيس دور فعال لها على الساحة فى معالجة التحديات والمخاطر التى حللتها فى كتابى العولمة والمستقبل (9991). وقد اختلف معى البعض فى الذى نشروه حول طروحاتى هذه، ولهم الحق كل الحق فى ذلك ولكنهم لم يعطوا البديل مع الأسف!
العولمة الجديدة!
لابد من تفكير جديد يمكننا استحضاره وبنائه إزاء ظاهرة العولمة التى لا يمكنها أن تموت بسرعة كما يتوقع البعض من قصيرى النظر.. ومرة أخرى لابد أن يحمل مضمون التفكير الجديد للأجيال القادمة عندنا نقداً معرفياً صارخاً لأوضاعنا سواء فى واقعنا أم تفكيرنا، فلابد من أن يفكك التفكير الجديد العولمة كظاهرة تاريخية معاصرة ومستقبلية ضمن سلسلة الظواهر الكبرى فى التاريخ.. فهى ظاهرة كابيتالية تأتى بعد ظاهرة الاشتراكية وظاهرة الاستعمار وظاهرة الثورة الصناعية.. إلخ من الظواهر الكبرى فى التاريخ؛ ولكننى أختلف عن بقية المحللين والمفكرين العرب الذين يحيلون كل مآسينا وأوضارنا على مرجعية العوامل الخارجية، إذ أننى أجدها أساسا فى العوامل الداخلية وما عشناه وما عنينا من الأخطاء، ولم نزل نرسخ تفكيرنا على الذهنية المركبة والتفكير الذى يروج للشعارات والنصوص المؤدلجة والمسوغات المخيالية بعيداً عن المهارات والاعتراف بالأخطاء والاستفادة من التجارب.. ناهيكم عن الانقسامات وحدة التناقضات والثنائيات! وأزعم أن فى كتابات فكرية لبعض المستنيرين أجوبة مفيدة لأسئلة يفرضها التاريخ علينا ليس لمعالجة التخوفات من المستقبل، بل لإيجاد وسائل وأدوات وأساليب للخروج من مأزق مألوفات الحاضر المر، والسؤال: هل نسعى لإعادة أسئلة التاريخ برؤية مستقبلية، فيما تنطلق دعوة ملحة اليوم فى الأوساط المعرفية لتخليص الماضى من المستقبل وتخليص المستقبل من الماضى؟ دعونى أقول بأن المجتمعات الواعية والشعوب المتمدنة لا تهرب من حقائق تاريخها ولا من فهم ثقافاتها، بل نجحت فى توظيفها من أجل بناء مستقبلياتها.. وعلينا أن نعترف بقصورنا الفاضح فى الهروب من استكشاف أنفسنا وتواريخنا وتنوعات ثقافاتنا!! ثمة حقائق دامغة تواجهنا لا يمكن أن نهرب منها تحت ذرائع ومسوغات وحجج واهية مرة باسم التراث ومرة باسم المقدس ومرة باسم الادلجة ومرة باسم السياسات!! ذلك لأن أسئلة التاريخ مفروضة علينا شئنا أم أبينا ومزروعة بقاياها الموجبة وخطاياها السالبة فى جوانحنا وأفكارنا وتصرفاتنا وحتى فى لاوعينا!!
متى نتخلص من الحكواتية؟
وهناك اليوم خلط مبهم فى المفاهيم والمصطلحات والمضامين والمعلومات حتى عند ابرز مفكرينا، نظرا لضآلة معرفتهم وثقافتهم التاريخية والعامة، وليست هناك؛ أمة تحترم نفسها إن لم تفهم تاريخها وثقافتها، أقول تفهمه ولا تقدسه، وكم عزف »التقدميون« معزوفاتهم للجميع بين النقائض ورقصوا على مسألة التراث والحفاظ عليه، وهى مسألة واهية وضعيفة كونها لم تؤسس على أساس من القطيعة المعرفية! إن المشكلة عندنا غير محددة من أجل معالجتها، فهناك أوساط »معرفية« لا تعالج بقايا التاريخ فى الذهنية المسيطرة! وهناك أوساط »سياسية« تنطلق من أفكار مؤدلجة مسبقة! وهناك أوساط »جماهيرية« تربت على مفاهيم خاطئة ومختلطة وكلها لا تعرف غير التمجيد والمفاخرات واعتمادهم على الحكواتية! وهناك أوساط لا تفهم من النزعة القومية إلا »الشوفينية« وبأسوأ ممارساتها الخاطئة! وهناك أوساط من الناس يتلذذون بقراءة الأكاذيب »والمفبركات« الإعلامية الرائجة! وهناك أوساط »منعزلة« تقفز على تواريخها بعيدا حتى عن واقعها وليس لها أية رؤية معاصرة بل تبقى فى إسار زاوية ضيقة ومحددة! واستجدت أوساط اليوم ليس لها إلا بناء الجدران الوهمية السامقة وإشاعة الرعب الدينى والتطرف الأسود واستخدام كل المحرمات!
والنقد والتفكيك والمكاشفات
لقد باتت الحاجة أن يتخلص التفكير العربى الراهن والذهنية المركبة من عبادة النصوص والشخوص والتغنى بالأمجاد والمفاخرة بالبطولات إلى تأسيس القطيعة مع البقايا المستهلكة المرعبة والترسبات التاريخية الصعبة.. وهنا نسأل:: هل نبتعد عن مجاراة الواقع، وخاصة الرأى العام، وهل من الخطأ - أيضا - قياس الغائب التاريخى على الشاهد الزمانى، ألا يعنى ذلك أصلا أن اطلاع أسئلة بوجه التاريخ تضيف لنا معضلة إلى معضلة التاريخ نفسه؟ أقول: إنها تعنى به من أجل المكاشفة تعرية لكل الموبقات وزيف المفبركات.. إنها تحرره وتطلقه! إن تاريخنا كما مضى ليس معضلة بحد ذاته، إن المعضلة تكمن فى ذاك الذى مازال يحمله على كاهله صباح مساء، هذه الكتل البشرية التى تحمل ذهنيات مركبة من التراث والمعاصرة معا هى معضلة بحد ذاتها! إن مجتمعاتنا قاطبة لم تتحرر أبدا من سطوة البقايا والترسبات فتأخرت كثيرا عن الركب وستبقى تلوك الغث والسمين وتجتر النصوص والشعارات باغتراب حقيقى عنها وعن الواقع ومن دون أى تفكير يثير أسئلة الذهن الحقيقية وإجراء حفريات نقدية فيه! لقد مضت قرابة ستة أجيال من حياة العصر الحديث فى قرنين كاملين من الزمن وتحولات الواقع بطيئة جدا قياسا لما غدت عليه المجتمعات الأخرى التى لا تملك تواريخ ومواريث معقدة كالتى نمتلكها نحن.. معنى ذلك: إننا بحاجة إلى ضرورات مضاعفة من أجل ترتيب علاقتنا الفكرية والمغرفية من خلال القطيعة النقدية الفاعلة والمفاهيم المنهجية والفلسفية العليا التى لا تقف أمامها أية خطوط حمراء! فمتى يحدث ذلك؟ إننى أحترم الرأى العام، ولكنه لم ينشأ ويتربى أبدا على الديمقراطية! ولهذا تراه يخرق القانون والعقيدة والنظام والحريات والإعلام باسمها! لقد كان ولم يزل ترعبه السلطويات مهما كان نوعها سياسية واجتماعية وأيديولوجية! ألم يحن الوقت ونحن فى عصر ثورة المعلومات أن يثير نقديا أسئلة التاريخ والسياسة والمجتمع والفلسفة والأدب.. من أجل أن يتعلم التفكير المعرفى بعيدا عن المراوغة والتسويغ والتسويف والإطناب والتبرير والتزوير والمفاخرة والتمجيد.. ومن أجل أن يتخلص من مشكلة التلفيق التى تعلمها مؤخرا بين التراث والمعاصرة؟؟
سر تخلفنا
تقول فلسفة التكوين التاريخى ونظرية سلاسل الأجيال، بأن مجتمعاتنا قد تأخرت عن الدورة الحضارية الحديثة بفعل ما صنعته بنا الأفكار الجاهزة والسياسات الداخلية والأيديولوجيات المستوردة واجترار الأفكار والمحددات ذات الخطوط الحمراء ناهيك عن التربويات الهزيلة والانغلاقيات على النصوص والمسجونات من المقتبسات التى علمت الرأى العام ليس كظم غضبه وكبت رأيه واللعب بعواطفه والاستخفاف بمبدعيه وآرائهم.. بل ودجنته على الخوف من أى سلطة سياسية واجتماعية وإعلامية وعلموه هز الرءوس وأن يقول نعم لكل ما يسمعه ويقرأه، وأن يقيم فى محراب المدائح والتمجيديات والمفاخر والتشبب والتقديس للماضويات وعلى الشوفينية والقطرية والعشائرية والتظاهرات الصارخة والشعارات.. إلخ التى لم تعد تجدى نفعا بديلا عن النقد والحوارات والتواضع والجداليات والانفتاح الفكرى وثورة المعلومات.. واليوم زاد الضرب على أوتار الماضى بسعى أغلب سياسيات العالم الإسلامى عن إبعاد الجيل الجديد عن المعرفة المدنية وعن المؤسسات العلمية، وأنها تساهم من حيث تدرى ولا تدرى بزج التراث مهما كان نوعه فى التكوين العلمى المعاصر بعبادته وتقديسه بدل نقده وفهمه! ما الذى يعلمنا إياه الدرس من ضرورات؟ ينبغى اتخاذ سياسات جديدة ومستقبلية تراعى فيها المصالح الإقليمية والأمنية وتأسيس التكتلات الاقتصادية لتطوير مجتمعاتنا التى أنهكتها الحروب والصراعات السياسية والدكتاتوريات من أجل بدء عصر جديد يستطيع أبناؤنا التعامل مع العولمة الجديدة على أسس وقواعد جديدة وعقليات جديدة وقوانين جديدة ودساتير جديدة وتربويات جديدة.. أما إن بقيت الأمور كما كانت سائدة فى القرن العشرين فستحل التفككات والانقسامات والانهيارات لا سمح الله.. ولا يمكننا فهم ومعالجة المشكلات المستقبلية لمجتمعاتنا بكل أصقاعه ومدياته من دون إدراك المجالات الحيوية فيه وطبيعة العلاقات البونية بين جزئياته المتباينة. إن الحاجة باتت ماسة لتغيير جملة من المفاهيم الخاطئة التى سادت فى القرن العشرين، وإن ذلك التغيير لا يمكن أن يتم من دون الوعى بقيمة الأجيال المتعاقبة كوحدات تاريخية صغرى وسماتها فى عصرنا الراهن من أجل أن يكون لمجتمعاتنا شأن مهم فى المستقبل.. وهذا يعتمد على ما ستفعله الأجيال الثلاثة القادمة فى القرن الواحد والعشرين.. فهل سيحدث ذلك بمنتهى السهولة؟ إننى أشك فى ذلك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.