محافظ قنا: 119 ألف مستفيد من الحملة التاسعة بمشروع صك الأضحية    عبد العظيم: استمرار دور معمل متبقيات المبيدات أيام عطلات عيد الأضحى    انقطاع الكهرباء أزمة مزمة في الكويت.. الصحة توجه إداراتها بإغلاق المصابيح بنهاية الدوام    تدخل ضار.. السويد تُحمِّل روسيا مسئولية التشويش على أقمارها الاصطناعية    الرئيس السيسى يوجه بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات وفاة الحجاج المصريين.. إنفو    الدنمارك بالقوة الضاربة في مواجهة إنجلترا بأمم أوروبا    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة ال 26 من بطولة دوري nile    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق بمحل دون إصابات في العمرانية    سلسال الدماء لا يتوقف.. مقتل سيدة في اشتباكات مسلحة بين عائلتين بقنا    استخراج نتائج الثالث متوسط 2024 بالاسم ورقمك الامتحاني    الرئيس السيسي يوجه الهيئة الهندسية بسرعة ترميم مقبرة الشيخ الشعراوي    سكرتير عام البحيرة يتابع تنفيذ حملات الإشغالات والنظافة بكفر الدوار    "صحة سوهاج": تقديم حملات توعية لأكثر من 18 ألف مواطن    تنسيق الجامعات.. برنامج الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان    برنامج تكافل وكرامة، طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامه 2024... فرحة ملهاش حدود    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    مستعمرون يقتحمون ساحات المسجد الأقصى    لحظة استهداف الحوثيين لسفينة "توتور" وإغراقها (فيديو)    قصور الثقافة تختتم برنامج "فرحتنا فى لمتنا" مع أطفال الأسمرات    بعد تصدر ولاد رزق 3.. تركي آل الشيخ:" أفلام كثيرة نجحت ولكن أفلام قليلة تركت بصمة"    مؤسسات الأسرى: عدد أسرى غزة لدى الاحتلال ارتفع منذ 7 أكتوبر إلى 9000    وزارة الحج والعمرة تبدأ استقبال المعتمرين وإصدار تأشيراتهم    محافظ المنيا: ذبح 2319 أضحية بالمجازر الحكومية خلال أيام العيد    طريقة المشاهير للاستشفاء والهروب من الحر.. ماذا تفعل حمامات الثلج بالجسم؟    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في البدرشين    عمرو القماطي: 30 يونيو أعادت بناء الوطن ورسخت قيم التعايش    مصدر من الأهلي ل في الجول: لم نتلق عرضا رسميا من الوحدة لضم الشناوي.. وموقف النادي    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديد سوف يتأخر    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    التعليم الفلسطينية: أكثر من 600 ألف طالب بغزة حرمهم الاحتلال من استكمال الدراسة    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    اللجنة الأولمبية: إذا تواجد محمد صلاح سيحمل علم مصر بافتتاح أولمبياد باريس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    قيثارة السماء.. ذكرى رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي    محافظ القاهرة يعلن نجاح خطة استقبال عيد الأضحى: وفرنا احتياجات المواطنين    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    خبيرة فلك تبشر العذراء والأسد وتُحذر الحوت والجوزاء    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    مصدر مقرب من عواد ليلا كورة: الغياب عن التدريبات الجماعية بالاتفاق مع عبد الواحد    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    تشكيل الأهلى المتوقع أمام الداخلية في الدوري الممتاز    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون لم يتفقوا فيما بينهم على «إسلام» واحد


كتب : سامح فوزى
شمل العدد الماضى من «روزاليوسف» مغامرة صحفية، جديدة وشيقة، حوت حوارات مع عدد من الشخصيات القيادية فى الأحزاب الإسلامية التى تظهر تباعا، بأسماء متنوعة، وتحمل توجهات فكرية متباينة ما بين وسطية وسلفية. وبرغم أن الحوارات جاءت مقتضبة، وتمحورت حول عدد من الأسئلة العامة التى تطفو على السطح، ولم تدخل إلى عمق الأفكار والاتجاهات الرئيسية إلا أنها وفرت للقارئ خيوطا يمكن تتبعها للنظر فى رؤى هذه الأحزاب، ومنهج التفكير، والنظرة إلى الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية.
وقبل الشروع فى القراءة النقدية لهذه الحوارات، أود أن أسجل ملاحظة أساسية أن الشخصيات التى تحدثت إلى «روز اليوسف» تحلت إلى حد كبير بالصراحة مع النفس، والوضوح فى الرأى، ولم تلجأ إلى المواربة، والعبارات الفضفاضة التى قد تحمل الشىء ونقيضه فى آن واحد. أتصور أن الصراحة هى المدخل الطبيعى لتطوير الأفكار والاتجاهات، وبخاصة الصراحة الصادمة التى تجعل الشخص على بينة من أمره، وموقعه فى المجتمع، وتوفر له التحدى المطلوب لإنتاج الحجج والبراهين المقنعة. والتيار الإسلامى، أسوة بأى فصيل سياسى آخر ينبغى أن يكون داخل المنظومة السياسية، ليس بوصفه تيارا فوقيا، لا يصله النقد، ولكن لكونه تيارا طبيعيا، يطرح أفكاره، ويتعرض لنقد، ويسعى للتطوير. وبالتالى فإن «الاستيعاب» أفضل دائما من «الاستبعاد»، فى الأولى خبرة تبادل حوارى تراكمى، وفى الثانية خبرة إقصاء وتهميش. ولا أتوقع أن يطور تيار سياسى من أطروحاته، وهو يشعر أنه تحت مطرقة الاستبعاد والإقصاء والملاحقة، ولكن المناخ الطبيعى للتطوير هو فى البقاء داخل المنظومة السائدة، بحيث يشعر دائما بتوازناتها، ويلاحظ مزاج التقلبات بها، ويسعى للبقاء فى قلبها.
العدد الماضى من مجلة روزاليوسف
الملاحظة الأولى التى يمكن التوقف عندها هى أن الأحزاب الإسلامية تعلن أنها تنطلق من مرجعية إسلامية، لكنها مختلفة فى فهم هذه المرجعية. هذه ليست مشكلة حديثة طارئة على التيار الإسلامى، لكنها قديمة، عمرها عدة عقود، حيث لم يجر الإسلاميون حوارات جادة بينهم للتوافق على مرجعية واحدة، قد يكون ذلك بسبب القمع الذى مارسه نظام مبارك حيالهم، ولكن يبدو الاتفاق حول المرجعية أمرا ملحا، وهو ما سوف يستتبع تقليص أعداد الأحزاب الإسلامية. فإذا كانت جميعا تنهل من معين واحد، فلماذا تتعدد وتتفرق وتتنافس سياسيا؟. الظاهر أن الاختلاف ليس فى الموقف الفكرى قدر الخلاف السياسى. هناك انتقاد للإخوان المسلمين فى أكثر من موضع من جانب ممثلى الأحزاب الإسلامية الأخرى، وهناك تباين سلفى-سلفى ما بين سلفيى الإسكندرية وسلفيى القاهرة، وهو ما قد يؤدى إلى التباين الشديد فى التكوين الفكرى والممارسة العملية للأحزاب الإسلامية البازغة.
هذه الأحزاب، تعلن أنها لكل المصريين، مسلمين وأقباطا، بهدف بناء دولة تحمل القيم العليا للإسلام من الحرية والعدالة والمساواة.. الخ. لكن هذه الأحزاب، باستثناء «حزب النهضة»، تطرح مشروعا لدولة ينتقص من حقوق المساواة لدى الأقباط. فهم لا يرون فيهم أهلية للترشح لمنصب رئيس الجمهورية أسوة بالمرأة. وهناك فارق بين «الأهلية» و«الممارسة»، فقد يكون للشخص الحق فى الترشح، ولكن تفاعلات الواقع لا تسمح له بالفوز بموقع ما. هذه هى حال الديمقراطية فى كل مكان، ولكن ما تراه الأحزاب الإسلامية هو «وضع» عقدى، لا يعتريه التغيير، ولا يتعرض للمراجعة.
هذا الموقف لا يأخذ فى الاعتبار الاجتهادات الحديثة فى الفكر الإسلامى. فقد ذهب عدد من العلماء المعتبرين من بينهم المستشار طارق البشرى والدكتور محمد سليم العوا إلى أن الدولة الحديثة ليست هى الدولة التى عرفها الفقهاء القدامى، هى دولة تقوم على المؤسسات والمساواة فى تولى الوظائف، وبالتالى فإن «الولاية العامة» فى الدولة الحديثة، مثلما كان الحال قديما، لم تعد قائمة، والولاية اليوم للمؤسسات، والشخص الذى يأتى على قمة هذه المؤسسات تحكمه القوانين واللوائح، ولا دخل لدينه فى فهم أو إدارة الأمور.
وقد أخذت أحزاب ذات طبيعة إسلامية مثل «الوسط»، و«النهضة» بهذه الاجتهادات، فى حين أن حزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن الإخوان المسلمين، وحزب «النور» السلفى، وغيرهما من أحزاب إسلامية ناشئة لم تأخذ بهذه الاجتهادات، ولا تزال تدور حول التصورات القديمة فى حين أنها تتحدث عن دولة مدنية حديثة. وهنا تبدو المفارقة، والتى تحتاج إلى اجتهاد من رموز هذه الأحزاب.
الملاحظة الثانية: ضعف القدرة البرنامجية فى أحاديث قادة الأحزاب الإسلامية، فمازال الخطاب السائد عاما فضفاضا، يتداخل فيه الدينى والسياسى دون أن يتمخض عن برنامج يواجه المشكلات القائمة، اقتصادية واجتماعية وثقافية، ولم ألمح فى الأحاديث أفكاراً اقتصادية، اجتماعية حديثة، وبعضهم أعلن وجود تصورات ناهضة لديه فى مجال بناء دولة قوية اقتصادية سيطبقها بعد الوصول إلى الحكم. ومن البديهى أن نتساءل على أى أساس سوف ينتخبهم الناس؟ هل لمظهر التقوى أم لرجاحة البرامج؟ أليست هذه التصورات جديرة الآن بالنقاش فى المجال العام فى معرض المفاضلة بين القوى والتيارات السياسية؟
ولا أود أن أكون قاسيا على الحركة الإسلامية بتفريعاتها، لأن الأحزاب الأخرى الليبرالية واليسارية لم تهتم كثيرا بالبرامج، وحتى إن حدث اهتمام فهو على صعيد صياغة الأفكار دون طرح تقييم نقدى لمجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وحال النخبة المصرية، إسلامية أو علمانية يكشف عن تراجع فى طرح مشروعات النهضة الكبرى، وكيف يمكن النهوض بالمجتمع المصرى. نجد ذلك بوضوح فى المساجلات التى أعقبت سقوط نظام الرئيس مبارك حتى الآن، وهى فى مجملها مساجلات استقطابية، تستخدم اللغة القديمة، تفتقر إلى الإبداع، وتقتصر على العناوين الكبرى دون الولوج فى القضايا التفصيلية خاصة فى المجالات الاقتصادية، وإدارة الموارد، والبيئة، والسياسة الخارجية. هذه الظاهرة نجدها فى حوارات الإسلاميين فى «روز اليوسف».
حين يتعرض د.صفوت عبدالغنى للسياحة، لا يراها صناعة لها مقومات وأسس، ولكن ما يقلقه فيها هو غياب الضوابط الدينية. نفس النظرة غلبت على الأستاذ ممدوح إسماعيل الذى لم ير فى السياحة سوى العرى والزنى فى شوارع شرم الشيخ. وإن كنت لا أختلف معهما فى أهمية مراعاة قيم وتقاليد المجتمع، إلا أن هناك جوانب أخرى مهمة يتعين وضعها فى الاعتبار، وفى مقدمتها صناعة وتنوع المنتج السياحى. نفس الأمر تكرر فى النظرة إلى «الآثار»، حيث لم يلفت د.صفوت عبدالغنى الانتباه مثلا إلى أهمية إدارة التراث المصرى بشكل أفضل، ولكن اقتصر فى نظرته على الموقف من الآثار، وعدم رفضها أو هدمها. الأمر نفسه نجده فى حالة الثقافة، فالنشر ورعاية الفنون الرفيعة والمسرح والسينما يتطلب صناعة، أما ما يطرحه الإسلاميون فهو لا يعدو سوى أن يكون رقابة على المضمون، دون رغبة فى جعل الثقافة جزءا من الوجدان العام فى المجتمع، ويكفى أن يطالب د.محمد إمام وكيل مؤسسى حزب «الفضيلة» بعدم نشر كتب قال صراحة إنه لم يقرأها، ولا يقرأ مثلها.
الملاحظة الثالثة: إسلامية الدولة، فقد ذهب د.صفوت عبدالغنى إلى أن «السقف الوحيد للدولة هو ألا تخرج عن المبادئ العليا للدين الإسلامى- وما تحدده الشريعة الإسلامية هو خط أحمر يجب ألا نتعداه»، ويقول د.يسرى حمادة «كفانا تخاصما مع الله، وما عانيناه خلال سنين طويلة من رفض منهج الله الذى اصطفاه دستورا لهذه الأمة»، ويشدد الأستاذ ممدوح إسماعيل أن الدولة التى يريدها حزبه «النهضة السلفى» هى «دولة أقرب لما يرضى الله وما يرضى ربنا هو الأساس»، ويقول اللواء عادل عفيفى «حزب الأصالة» «نحن نتوجه إلى تكوين دولة إسلامية عربية، فالحلال بين والحرام بين...». هناك إذن حرص على إنشاء دولة إسلامية، فما هى هذه الدولة الإسلامية، وما مدى اختلافها عما هو قائم الآن. إذ ينص دستور 1971م، والذى حل محله الإعلان الدستورى بنفس الصياغة أن «الإسلام دين الدولة... ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». وعندما أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بيان الأزهر قال إنه يستند إلى الفقه المصرى، والأحكام المستقرة فى هذا الخصوص أن الإسلام دين الدولة... ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ويحتكم غير المسلمين إلى شرائعهم فى الأحوال الشخصية.
أى دولة إسلامية إذن تريد أن تأتى بها الأحزاب الإسلامية؟ فإذا كانت غير مستقرة على مرجعية واحدة، فهل لها أن تحتكم إلى مرجعية الأزهر؟. الدولة التى نحن بها إسلامية، فما هى الإسلامية المنتقصة فى هذه الدولة حتى نأتى بدولة إسلامية أخرى غير تلك القائمة الآن؟
لا أريد الإفاضة فى ذلك، ولكن هذه الأحزاب تحتاج إلى بلورة رؤية إسلامية واضحة لما تريد تطبيقه من سياسات عامة فى مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، أى فيما يتعلق بإدارة شئون المجتمع، تجسد من خلالها التصور الإسلامى الذى تؤمن به، وهل سيكون متفقا مع الفقه المصرى التقليدى الرحب أم أنه يعبر عن فقه مستورد لم يعرفه المجتمع المصرى فى تاريخه، ولم يرتح إليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.