بين الحذر ومحاولات البحث عن حلول سريعة، نبه الخبير الاستراتيجى د. سعد الزنط رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، إلى أن هناك قنبلة موقوتة على وشك الانفجار، ربما تقودنا خطوات وخطوات للخلف، بعد أن تحركنا فقط بضعة مترات! قال الزنط فى حواره معنا أن الدلائل تشير إلى أننا على مشارف ثورة جديدة خلال شهرين ربما ستخرج من العشوائيات لكنها ستطال بالتبعية باقى أطياف وطبقات المجتمع فالفتنة تقف بالمرصاد، والفقر لا يزال يدق الأبواب وبين هذا وذاك شباب لا يزال عاجزاً عن إيجاد فرصة عمل مناسبة! فالمقدمات - والقول للزنط - تؤدى دائما إلى النتائج والمعطيات الحالية من عجز الموازنة العامة الذى يوازى الناتج المحلى وحزام العشوائيات الناسف حول القاهرة الكبرى والذى يقال إن ما بين 7-10 ملايين نسمة بجانب الصامتين من أبناء الطبقة المتوسطة الذين يشكلون 70% من الشعب المصرى والتى لا تزال تعانى حتى اليوم تنذر بمزيد من التوتر. فالدخل ازداد تآكلاً بعد الثورة نتيجة لارتفاع الأسعار من جانب والخوف وانعدام الأمن والفتنة الطائفية من جانب آخر وكل هذه الأمور تحتاج لرؤية واضحة تخرج بنا من بين براثن أزمة محتملة. د . سعد الزنط سألناه: ألم تتحسن الأمور الأمنية نوعا ما، عما كانت عليه فى أعقاب جمعة الغضب؟ قال منذ أيام اطلعت على إحصائية النشاط الأمنى عن مصلحة أمن الموانئ بمنفذ السلوم، خلال شهر مايو فقط، وكانت المؤشرات خطيرة للغاية فقد تم ضبط كميات كبيرة من الأسلحة وأجهزة اللاسلكى الحديثة جداً والمخدرات والأموال المهربة، وأعتقد أن هذه المضبوطات لا تمثل إلا نسبة ضئيلة للغاية مما تم دخوله إلى مصر بالفعل فضلاً عن وجود أكثر من 40 ألف مسجل خطر يتحركون بحرية الآن فى الشوارع! وهذا وضع خطير بالفعل فإذا أعقب هذا الأمر تحرك شعبى، فلن يكون هادئا مثل ثورة 25 يناير وبل ستكون الثورة الجديدة أكثر عنفا نتيجة ضعف الأجهزة الأمنية. فيجب التنبيه إلى أن كل أزمات مصر قبل ثورة 25 يناير كانت المؤسسة الأمنية تمثل فيها صمام الأمان، وفى حالة غياب الأمن ماذا يمنع من حدوث مشكلة بين النظام القائم والشعب فى الوقت الذى أعلن فيه المجلس العسكرى أكثر من مرة عن عدم استخدام القوة مع الشعب.. مما يوضح مدى خطورة الموقف القادم وقد حذرت المجلس العسكرى فى مؤتمره لمناقشة الأمن فى مصر فى ابريل الماضى إلى ما ستؤول إليه الأمور لأنها تسير بشكل تراكمى وسريع تجاه انفجار عام. ما الحل من وجهة نظرك؟ أولاً: لابد من الاهتمام بالملف الأمنى فلا يمكن إحراز أى تقدم فى ظل غيابه وأعتقد أن الوضع الحالى يتطلب وجود وزير داخلية شاب. عندما توقعت حدوث ثورة فى 25 يناير، ما هى المعطيات التى بنيت عليها هذا التصوير؟ كانت هناك مؤشرات كثيرة منها الفارق العمرى الكبير بين القيادات الموجودة على رأس جميع الهياكل التنظيمية فى مصر والجيل الجديد فقد كانت أعمار القادة تتخطى ال 60 عاما والشباب المتوقع قيامهم بالثورة تتراوح أعمارهم ما بين 20-30 عاما وبينهما مجموعة من الأجيال. هذه مشكلة كبيرة لأن آليات الجيل القديم تعتمد على الخبرة بينما الجيل الجديد الذى لم تتلوث أفكاره بعد لديه آليات ومهارات جديدة لم تكن فى الماضى، ومنها القوة الناعمة، والتكنولوجيا وتعتمد مصادر ثقافته على النت والفيس بوك والقنوات الفضائية المفتوحة فهو جيل تختلف مصادر سلوكياته وثقافته عن جيل القادة ومن هنا حدثت الفجوة بين الأجيال. وفى منتصف ديسمبر الماضى عقد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية مؤتمرا عن الجرائم الإلكترونية، قدمت فيه ورقة أشرت فيها للقوة الناعمة وأثرها على مجموعة الأمن القومى فى مصر وأثرها الكبير فى إعادة تشكيل وتوجيه الرأى العام تجاه قضايا معينة. ونبهت إلى أن هذا قد يؤدى إلى حدوث الثورة فى ظل وجود جيل جديد يتقن استخدام هذه الآلية الحديثة. ودللت على خطورة القوة الناعمة بتسريبات ويكيليكس وقلت أنها مقصودة وليست عفوية فمن غير الممكن تصور أن أمريكا أكبر وأعمق دولة تستخدم التكنولوجيا لا تستطيع التوصل لمن سرب هذه المعلومات على مدى 7 أو 8 شهور ثم لماذا كانت التسريبات فى أكثرها حول قضايا تتعلق بالشرق الأوسط وقادة المنطقة. واليوم بعد الثورة تأكد لدى صحة وجهة نظرى تجاه هذه التسريبات لأنها نبهت قراء الفيس بوك والنت وكان لها عظيم الأثر عليهم ومن قام بهذا التسريب كان يعلم تماما أن معظم قيادات الشرق الأوسط خاصة المنطقة العربية ليس لديهم الدراية الكافية بأثر هذه الآليات التكنولوجية الحديثة على الجيل الجديد.