ألقت جهات إسرائيلية مقربة للدوائر المخابراتية الضوء خلال الأيام الماضية علي «عبدالمنعم أبوالفتوح» القيادي بجماعة الإخوان، علي خلفية إعلانه ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة إلا أن التقارير التي نشر بعضها موقع «تيك ديبكا» الإسرائيلي لم تلتفت إلي الصراع الدائر بين أجنحة الجماعة في مصر لإثناء أبوالفتوح عن الترشح، وتناولت الحدث من زاوية خاصة جدًا واصفة هذا الصراع بأنه «دعائي»، لكن في النهاية - وفقا لما ذكرته التقارير - سيكون للإخوان مرشح مدعم من واشنطن بين متنافسي الرئاسة المصرية. و«أبوالفتوح» ليس أول من عبرت جهات إسرائيلية عن قلقها حيالهم بين متنافسي الرئاسة المصرية، حتي إن بعض المحللين المصريين شكوا في فكرة أن هذه الدوائر الإسرائيلية تهدف إلي عكس المراد المباشر من تناولها، وهو حرق هذا الشخص، بل في حقيقة الأمر تهدف إلي تلميعه من خلال هذه النوعية من التقارير، وهو ما سبق وفعلته مع «عمرو موسي»، الذي زادت شعبيته لدي البعض عندما علموا أن إسرائيل ترفضه. يري المحللون أن «أبوالفتوح» لن يكمل الطريق للنهاية لأن الإخوان لا يفكرون في الرئاسة المصرية الآن بالفعل، لكنهم يهدفون لاستعراض قوتهم فقط في إطار الاستعداد للانتخابات البرلمانية المرتقبة، ولدي الإسرائيليين معلومات غير معلنة حيث قال خبراؤهم من خلال مصادرهم في واشنطن والمنطقة أن «أبوالفتوح» ليس مرشحا إسلاميا مستقلا لأن الإخوان يدعمونه، وأشارت الأسبوعية الإسرائيلية DNW إلي أن أبوالفتوح - بحسب توصيفها - صاحب ماضٍ متطرف لكنه يعرف كمعتدل يدعو لحماية حقوق المرأة والأقباط، وأصبح في الفترة الأخيرة واحداً من أبرز الشخصيات المصرية التي تنشر مقالات في الصحف الأمريكية. وكانت نتائج الاستطلاعات في أعقاب ظهور نتائج استفتاء التعديلات الدستورية الأخيرة في 19 مارس الماضي قد أكدت أن أغلب المؤيدين للتعديلات من الإخوان والإسلاميين، وبالتالي يستطيع الإخوان والإسلاميون حسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمتين. وكشفت النتائج عن أن مرشحا إخوانيا مثل أبوالفتوح من السهل أن يفوز بالانتخابات الرئاسية بنسب تأييد عالية جدًا، وهذه المؤشرات صدمت الأحزاب والقوي الليبرالية والديمقراطية لأن الإخوان سيقفزون بذلك علي البرلمان والرئاسة، وسيصبحون القوة الرئيسية في مصر، ومن الممكن أن يصل الأمر أن تختفي هذه القوي تمامًا من الساحة السياسية المصرية. -- التتبع الإسرائيلي للخريطة السياسية الجديدة في مصر واحتمال وصول «أبوالفتوح» للرئاسة عاد بنا إلي 48 ساعة قبل سقوط مبارك في 9 فبراير، حينما كتب «أبوالفتوح» في صحيفة «الواشنطن بوست» مؤكدًا أن الإخوان والغرب ليسوا أعداء، وأشار إلي الاختلافات الأيديولوجية والسياسية بين الإخوان وأمريكا، وبعد 11 يومًا من سقوط مبارك قال «أبوالفتوح» في «الواشنطن بوست» أيضًا أن هدف الإخوان هو المشاركة في السلطة لا السيطرة عليها، إلا أن محللين إسرائيليين يرون أن مفكري الإخوان يحاولون تقديم صورة هادئة عنهم للغرب. وأشارت «الأسبوعية الإسرائيلية» إلي أن «أبوالفتوح» كان مؤسسًا للجماعة الإسلامية في كلية طب القاهرة في السبعينيات حينما كان طالبًا، مذكرة أنها جماعة إرهابية في مصر وأمريكا، وأعضاؤها من اغتالوا السادات بعد أن وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكان من الذين تم اعتقالهم في أجواء كامب ديفيد لمعارضته الشرسة لها، لكنه في السنوات الأخيرة يقدم أبوالفتوح وجهات نظر ليبرالية وكأنه الوجه الإخواني المتحرر، ومنها دعوته لقبول ترشيح المرأة والقبطي للرئاسة، ويرون أن مكانه في الجماعة قويت بعد الترشيح عكس ما يتصوره البعض. ويعترف الإسرائيليون أن إحدي أبرز المشاكل الرئيسية التي يعانون منها في المنطقة هي مساندة أوباما للإخوان، حتي إن هذا يؤرقهم وهم يحتفلون بذكري قيام دولتهم ال,63 حيث يري الرئيس الأمريكي فيهم قوة إسلامية معتدلة ستعاون واشنطن علي تطوير مصالحها في العالمين العربي والإسلامي، والغريب أن الإسرائيليين يربطون بين ذلك واغتيال أسامة بن لادن علي أساس أنه يهدف لتحسين العلاقة بين أمريكا والمسلمين بإنهاء حياة منغص علاقاتهم. -- التصورات الإسرائيلية لا تتماشي مع رؤية أوباما في مشاركة الإخوان في الحكم بالمنطقة، مشبهين ما يحدث بأجواء ما حدث مع السادات ومبارك قبل أن يصعد للسلطة ويسيطر علي الأمور بعد أيام الغموض التي أعقبت وفاة «جمال واغتيال السادات»، التي حاول فيها الإسلاميون القفز علي الحكم. ويتردد أن نتانياهو سيحاول فتح باب النقاش مع الرئيس الأمريكي في لقائهما المرتقب، إلا أنه يتحسس الكلام فيه حتي لا يكون رد الفعل سلبيًا. -- القلق الإسرائيلي ليس فقط لأن هذا يضاعف قوة «إخوان فلسطين» حماس، لكن لأنه يقضي في تصورهم علي تحريك السلام المصري ويحوله إلي عدو، وأن أمريكا سترفض أن تتطور الأمور إلي هذا الحد الذي لا تريده، وستجعل هناك شراكة من نوع جديد بين الإخوان وإسرائيل ستؤهل لهدوء بين القاهرة وتل أبيب وسلام فلسطيني إسرائيلي بعد أن تأمر الجماعة حماس بقبول السلام مع إسرائيل، وبالتالي فإن تل أبيب تحاول بهذه التحليلات أن تمارس أكبر كم من الضغوط علي أمريكا والإخوان لتخبئ أكثر ثمار ممكنة من هذه الشراكة المرتقبة.