فى خطوة وُصفت بأنها الأولى نحو إعادة بناء العلاقة المتصدعة بين الأمير «هارى» وبقية أفراد العائلة الملكية البريطانية، وتحديدًا الملك تشارلز الثانى، التُقطت صور لكبار المستشارين لدى الجانبين خلال لقاء غير رسمى فى لندن. وقد شهدت العلاقة بين دوق ودوقة ساسكس والعائلة الملكية تصدّعًا كبيرًا منذ مقابلتهما الشهيرة مع الإعلامية أوبرا وينفرى عام 2021، التى أثارت ضجة بعدما كشفا عن مخاوف أحد أفراد العائلة بشأن لون بشرة طفلهما آرتشى قبل ولادته. وتفاقم التوتر بعد إصدار الأمير «هارى» مذكراته المثيرة للجدل «Spare»، التى تحدّث فيها عن اعتداء جسدى مزعوم من قبل شقيقه الأمير «ويليام»، وادّعى أن والده الملك «تشارلز» كان يضع مصالحه الشخصية فوق مصلحة ابنه، كما أشار إلى شعور الأخير بالغيرة من زوجته «ميجان». وتصاعد الجدل حين تغيّر مستوى الحماية الأمنية التى يتلقّاها الأمير «هارى» فى «المملكة المتحدة» عقب تخلّيه مع «ميجان» عن أدوارهما الملكية عام 2020 وانتقالهما إلى «كاليفورنيا». وصرّح حينها بأن العائلة والمؤسسات الملكية كانت تأمل أن يدفعه هذا الخطر الأمنى المتزايد إلى العودة. وخسر «هارى» أخيرًا استئنافًا قضائيًا ضد وزارة الداخلية البريطانية، بعد رفض المحكمة العليا طعنه فى قرار اللجنة التنفيذية لحماية الشخصيات العامة (Ravec) بشأن تعديل مستوى حمايته الأمنية داخل البلاد. ووفقًا لما نشرته صحيفة «ميل أون صنداى»، جمعت الجلسة كلًّا من: «ميريديث ماينز»، مديرة الاتصالات الخاصة ب«دوق ساسكس»، «وليام ماجواير»، المسئول عن فريق العلاقات العامة ل«هارى» و«ميجان ماركل» فى «المملكة المتحدة»، و«توبى أندريه»، السكرتير الإعلامى للملك «تشارلز»، وذلك فى نادى Royal Over-Seas League القريب من مقر «كلارنس هاوس». ورغم أن هوية الطرف الذى بادر بالدعوة إلى هذا اللقاء لا تزال مجهولة، أفاد مصدر للصحيفة بأن «الطريق لا يزال طويلًا، لكن قناة التواصل فُتحت للمرة الأولى منذ سنوات. لم يكن هناك جدول أعمال رسمى، بل مجرّد لقاء ودّى على كأس من الشراب، وكان لدى الطرفين أمور يرغبان فى مناقشتها». وأفادت تقارير بريطانية بأن الملك البريطانى «تشارلز» أعرب عن استعداده للقاء نجله الأمير «هارى»، بشرط أن يتوقف الأخير عن مهاجمة العائلة المالكة ويضع حدًّا لسلسلة المقابلات الإعلامية المتكررة، التى وُصفت بأنها لا تنتهى. وقد اعتبر الكثيرون هذه القمة خطوة مهمة فى اتجاه لمّ شمل الأب والابن بعد سنوات من التوتر والانقسام داخل الأسرة الملكية. شروط المصالحة وصرح مصدر ملكى لصحيفة «ميرور» البريطانية بأن الملك لطالما أظهر حبه لابنيه، وكان منفتحًا على اللقاء مع «هارى» متى سمح جدول أعماله ومهماته المزدحم.لكن المصدر أكد أن شرط حدوث المصالحة هو التزام «هارى» بفترة من الهدوء والتوقف عن استخدام الإعلام كمنصة تواصل رئيسية. وفى المقابل، لا تزال العلاقة بين الأميرين «هارى» وشقيقه «ويليام» متأزمة، خصوصًا بعد ما تضمنته مذكرات «هارى» التى تحمل اسم «Spare» من مزاعم عن شجار وقع بينهما بسبب علاقته ب«ميجان ماركل»وهو ما وُصف بأنه كان القشة الأخيرة فى علاقتهما. وفقًا للتقارير الصحفية، فإن الأمير «هارى» كان سيُقدّم دعوةً رسميةً إلى الملك «تشارلز الثالث»، لحضور دورة ألعاب «إنفيكتوس» 2027 التى ستُقام فى «برمنجهام» من 12 إلى 17 يوليو. وهنا تجدر الإشارة إلى أن اختتام هذه الدورة سيتزامن مع عيد ميلاد الملكة «كاميلا» الثمانين. لذلك، من المنطقى الاعتقاد بأنها قد تشكل سببًا إضافيًا للمّ شمل العائلة. ومن جانبهم، يُشير خبراء فى شئون العائلة المالكة البريطانية إلى أن «تشارلز الثالث» وابنه الأكبر لا يزالان مُتشكّكين فى إمكانية المصالحة. لذا، تُشير جميع التوقعات إلى إمكانية رفض دعوة الأمير «هارى». بينما يرى البعض أن السبب الرئيسى لعرقلة اتفاق المصالحة هو الخوف من أن يكشف دوق «ساسكس» مرةً أخرى عن معلوماتٍ حساسةٍ عن العائلة، كما حدث فى الماضى. لهذا السبب، يُتوقع ألا يحضر الملك الدورة. أما فيما يتعلق بالشقيقين، فلا تزال الفجوة بينهما عميقة. وبحسب مصادر مقربة منه، فإن وريث العرش لن يكون لديه أى اهتمام بإعادة تأسيس أى نوع من العلاقة مع شقيقه الأمير «هارى» أو عائلته. وكان الأمير «هارى» قد كشف فى مقابلة مع شبكة «بى بى سى» البريطانية فى مايو الماضى عن رغبته فى المصالحة مع العائلة المالكة، معبرًا عن أسفه لغياب التواصل مع والده، ومشيرًا إلى مشكلات أمنية تتعلق بإلغاء حراسته الشرطية فى «بريطانيا». وتُعد هذه الخطوات مؤشرًا واضحًا على سعى الطرفين لاحتواء الخلافات الممتدة منذ تخلى الزوجين «هارى وميجان» عن أدوارهما الملكية ومغادرتهما «المملكة المتحدة» عام 2020. ويليام يخطط للعرش وقد أثار التباعد الكبير بين الأمير «ويليام» وشقيقه الأمير «هارى»، تساؤلات العديد من الخبراء والمراقبين الملكيين، الذين بدأوا يفترضون أن «أمرًا سيئًا جدًّا» قد حدث بينهما، وقد ناقش الكاتب الملكى «روبرت جوبسون» الأمر مع المصور الملكى «آرثر إدواردز» ببرنامج The Sun's Royal Exclusive- فى وقت سابق- حيث عبر «إدواردز» عن استغرابه من حجم الخلاف بين الشقيقين. قال إدواردز: «كان ويليام وهارى قريبين جدًا طوال حياتهما، فعلا كل شيء معًا، كانا لا يفترقان»، مضيفًا أنه «من المؤكد أن شيئًا خطيرًا قد حدث بينهما جعل «ويليام» لا يتقبل شقيقه إلى هذه الدرجة، وهذا أمر محزن للغاية». وقد كشفت تقارير إعلامية أن الأمير ويليام، ولى عهد بريطانيا وأول من يتولى العرش بعد والده الملك تشارلز، لا يضع الأمير هارى فى خططه المستقبلية للملكية. ورغم ذلك، أوضح «إدواردز» أنه ما زال يؤمن بفكرة «الابن الضال»، قائلًا: يمكنك أن تقول أنا آسف وأتوب وأعد بعدم تكرار الخطأ، وأعتقد أن الملك و«ويليام» سيتقبلان الأمر ويعتبرانها بداية جديدة لكنه شدد أيضًا على ضرورة أن يتوقف «هارى» عن الحديث عن «المؤامرات وما شابه». وهو ما أكده «جوبسون» مشيرًا إلى أن الملك لا يمكنه اتخاذ الخطوة الأولى فى المصالحة، ما لم يشعر بالثقة تجاه ابنه، وأضاف: حتى الآن، لا يوجد ما يدفعه إلى هذه الثقة. «هارى» على خطى والدته ولكن يبدو أن هارى لن يتوقف عن تمرده على عائلته، حيث اختار هذه المرة أن يتوقف على طريقة والدته حيث قرر الأمير أن يسير وسط الألغام فى مشهد امتزج فيه المعنى الرمزى بالبعد الإنسانى. وسط محاولات المصالحة مع العائلة قرر هارى أن يعيد زيارة قامت بها والدته لحقل الألغام نفسه فى أنجولا وسارت بشجاعة متحدية الخطر لتسلط الضوء على معاناة المنسيين خلف خطوط الحرب.. المشهد أعاد إلى الأذهان ليس فقط زيارة أميرة القلوب لحقل الألغام بل أعاد معه ذكريات تمردها على قواعد وبروتوكولات العائلة الملكية البريطانية وسيرها وسط ألغام الرفض والعقاب والتشهير. ومثلما فعلت «ديانا» تمامًا، لم تكن خطوة الأمير «هارى» مجرد عمل خيري، بل إشارة قوية إلى استقلاله المتزايد عن القصر الملكى البريطانى، ورغبته فى السير على خطى والدته من حيث القيم والمواقف، لا البروتوكول والتقاليد. وهو تحديدًا ما تخشاه عائلته حيث إن التشابه بين «هارى» و«ديانا» فى تحدى القصر وانتقاد البروتوكول والسباحة عكس التيار، قد يعيق المصالحة المنتظرة. وتحمل الزيارة أبعادًا سياسية وأسرية، إذ يراها كثيرون رمزًا للمواجهة الهادئة التى يخوضها الأمير ضد المؤسسة الملكية البريطانية، تمامًا كما فعلت والدته فى أواخر حياتها، حين اختارت صوت الضمير على صمت القصر. وخلال زيارته لحقل الألغام ارتدى الأمير نفس السترة الواقية تقريبًا التى ارتدتها والدته أميرة القلوب، وسار بنفس الثبات وسط الأرض القاحلة التى حوّلتها الحروب إلى فخاخ موت. وصرح «هارى» خلال الزيارة بأنه لو لم تزر والدته هذا المكان، لكان من الممكن أن يبقى مزروعًا بالموت حتى اليوم. زيارة «هارى» جاءت ضمن نشاطات مؤسسته لدعم إزالة الألغام الأرضية، وبدت كأنها إعادة تمثيل إنسانى لواحدة من أشهر لحظات «ديانا»، التى ارتدت حينها سترة مضادة للرصاص ومشت بين الألغام متحدية الانتقادات الملكية. وقد بدا «هارى» وهو يسير وسط الألغام كأنه يقول للعالم: «أنا ابن ديانا… ولن أتوقف عن السير فى طريقها». 2 3