شهد المجتمع الدولى فى السنوات القليلة الماضية تناميا غير مسبوق لظاهرة تجنيد الأطفال والمراهقين فى التنظيمات الإرهابية سواء بشكل قسرى أو غير قسرى، والتى أخذت منحى خطيرا حيث تلجأ الميليشيات المسلحة والقوات شبه العسكرية إلى تجنيد الأطفال وتدريبهم لاستخدامهم فى مهمات عسكرية ولوجستية مختلفة. منع وتجريم مشاركة الأطفال فى النزاعات المسلحة ورغم المعاهدات والقوانين والقرارات الدولية التى تم اتخاذها لمنع وتجريم مشاركة الأطفال فى النزاعات المسلحة، فإنها لم تتمكن من الحد من تفشى الظاهرة ليُصبح العالم فى انتظار أجيال من الأطفال والشباب على مستوى من العنف والإرهاب أشد مما يشهده العالم اليوم. وانطلاقا من خطورة هذه الظاهرة، كشف لنا د.نور أسامة عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة والاستشارى النفسى وتعديل السلوك، من خلال كتابه الذى صدر منذ أيام وحمل عنوان «استقطاب وتجنيد الأطفال بالتنظيمات الإرهابية» الجوانب المختلفة، والأسباب وراء ظهور هذه الظاهرة وتفاقمها، والطرق التى تتبعها التنظيمات الإرهابية لتجنيد مزيد من الأطفال، فضلا عن أبرز الأرقام المتعلقة بالظاهرة، وسرد أنواع الشخصيات الأكثر استقطابا والمشاكل النفسية التى قد تطرأ على الأطفال والمراهقين، والتعامل الخاطئ من قبل الأسرة التى تجعلهم عرضة للاستقطاب للتنظيمات الإرهابية. واستطرد قائلا: إن هناك مخاطر كبيرة لسوء استخدام الإنترنت واستغلال التنظيمات الإرهابية لبعض الألعاب الإلكترونية وبعض المواقع التى يتم من خلالها استقطاب الأطفال والمراهقين وتجنيدهم بطرق مختلفة، وأنماط التجنيد وعمليات غسيل المخ التى تجرى معهم وكيفية إخضاع الأطفال لنظام يتبنون بموجبه الفكر الجهادى التكفيرى ويزداد رسوخا فى عقولهم كلما تقدم بهم العمر. مخاطر استخدام التنظيمات الإرهابية منصات الألعاب الإلكترونية وبالفعل تستخدم التنظيمات الإرهابية منصات الألعاب الإلكترونية، حيث إن تلك الألعاب تفضى غالبًا إلى غمر اللاعبين فى واقع وهمى مغاير للذى يعيشونه، ما يسهم فى تشكيل هوياتهم وأفكارهم، مؤكدةً أن تلك التنظيمات تنشر محتوى متطرفًا وأحداثًا إرهابية عبر بعض منصات تلك الألعاب بهدف تجنيد مرتاديها - لا سيما من فئات الشباب والمراهقين. كما أن استخدام هذه الألعاب يعطى المتطرفين فرصةً للدردشة «الآمنة؛ مع من يريدون التحدث معه؛ فهم يستطيعون من خلالها التواصل والتفاعل مع أتباعهم والتنسيق فى ما يتعلق بمخططاتهم الإرهابية دون خوف من كشف هويتهم الحقيقية. كما أن المتطرفين لا يستغلون تلك الألعاب فى التجنيد والدعاية والتواصل فحسب، بل يستخدمونها أيضًا باعتبارها وسيلة لمعرفة أنواع الأسلحة والمتفجرات، والتخطيط للهجمات الإرهابية ورسم السيناريوهات المحتملة لها، مثل ما فعله اليمينى المتطرف «أندريس بريفنيك»، الذى ارتكب مجزرة جزيرة «أوتويا» فى النرويج، وهجوم «أوسلو» عام 2011 الذى أودى بحياة 77 شخصًا، إذ تدرب هذا الإرهابى على محاكاة هجومٍ شاهده فى إحدى منصات تلك الألعاب. فضلا عن أن منفذى هجمات باريس التى وقعت عام 2015، وراح ضحيتها 432 مدنيًّا ما بين قتيل وجريح، قد خططوا ونسقوا لتلك الهجمات عن طريق تواصلهم عبر منصات للألعاب الإلكترونية. فالتلاعب بالإعدادات الأصلية للألعاب الإلكترونية لا سيما ألعاب الحرب والتصويب أو ألعاب العصابات يتيح إضافة محتوى بعينه إلى تلك الألعاب وإضافة أطوار للعبة تحاكى هجمات إرهابية سابقة أو أحداثًا بعينها تثير ممارسة العنف والتدمير. «صليل الصوارم» وهذا يذكرنا بلعبة «صليل الصوارم» التى أصدرها تنظيم داعش الإرهابى لاستهداف الشباب والمراهقين؛ فقد سعى التنظيم من خلال تلك اللعبة إلى تدريب الشباب والأطفال على استخدام الأسلحة، مستعينًا فى ذلك بمؤثرات صوتية دينية تحث على الجهاد وفقًا لمفاهيم داعش المغلوطة. الرئيس السيسى: الإرهاب هو آَفة هذا الزمان - وأكد د.نور أسامة عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة والاستشارى النفسى وتعديل السلوك إن فخامة السيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى 21 يونيو 2016 خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها 71 قال إن الإرهاب هو آَفة هذا الزمان الذى تثبته دعاوى التطرف والعنف فى عقول البشر مشددًا إنه علينا أن نغرس فى هذه العقول قيم التعايش وقبول الآخر، ولما كانت الثقافة انعكاسًا لمنظومة القيم التى يحيا بها الإنسان فعلينا أن نسخر الثقافة والقدرات التكنولوجية لصالح التنمية وتحقيق السلام. - وقال «أسامة» إن فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى شدد أيضا فى كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية التى عقدت بالرياض فى 21 مايو 2017 على أن خطر الإرهاب بات يمثل تهديدًا جسيمًا لشعوب العالم أجمع، مشيرًا إلى أن مواجهته واستئصاله من جذوره «تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقارنة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية». وبعد خطاب السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة، وافق مجلس الأمن الدولى على طلب بعثة مصر لدى الأممالمتحدة بنيويورك، بإصدار نص خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة العربية للأمم المتحدة بالرياض كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن ووافق رئيس مجلس الأمن على طلب مصر، وأقر خطاب فخامة «السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى» كوثيقة رسمية لمجلس الأمن الدولى. - مضيفا أنه إذا أردت أن تحتل وطنًا ليس بالضرورة أن تحتله عسكريًا، يكفيك أن تحتلهُ فكريًا، مما يكون له عظيم الأثر وخاصة فى ظل غياب الدين، وانعدام القدوة، وغياب الأسرة، وبذلك تستطيعُ صناعة أشخاص لديهم فراغ فكرى قادرين على تدمير شعب بأكمله، وإذا نظرنا وجدنا أن الحيوانات المفترسة تحتاجُ للعنف عند إشباع حاجاتهم للأكل فقط وبعد ذلك يكفون عن هذا السلوك، أما بعض البشر فقد يصلُون إلى مرحلة التلذذ بممارسة العنف. تجنيد الأطفال وفى السنوات القليلة الماضية شهد العالم تعرض الأطفال والمراهقين للتجنيد على أيدى الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة، ووفقا لتقرير مفوض الأممالمتحدة السامى لحقوق الإنسان أن هناك جماعة استخدمت 800 طفل تقريبًا فى نيجيريا وأجبر بعض الأطفال والمراهقين على مهاجمة أسرهم لإثبات الولاء، كما أجبرت الفتيات على الزواج ونقل المعدات والأسلحة. وبعض الأطفال والمراهقين كانوا يستخدمون كدروع بشرية فى تفجير القنابل، واستخدمت طفلة عمرها 12 عامًا لتفجير قنبلة بمحطة حافلات ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص. وفى عام 2015 تحققت الأممالمتحدة من 274 طفلا وطفلة تم تجنيدهم فى الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتقديم تدريبات عسكرية إلى ما لا يقل عن 124 طفلا ومراهقا تتراوح أعمارهم ما بين العاشرة والخامسة عشرة وكان من بينهم 18 حالة تتعلق بأطفال لم يتجاوز بعضهم السابعة من عمرهم، وكان من المعروف أن الأطفال المجندين كانوا يستخدمون فى التجسس والاستطلاع ونقل الإمدادات والمعدات العسكرية وتصوير الهجمات الإرهابية بالفيديو للأغراض الدعائية وزرع الأجهزة المتفجرة والمشاركة فى العمليات وحالات القتال. وبالنظر إلى اتساع النطاق التى تصل إليه أيدى الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة فلا يقتصر تجنيد الأطفال واستغلالهم إطلاقًا على المناطق التى بها نزاعات ولكن أيضا هناك أعداد من الأطفال الذين ينضمون للجماعات الإرهابية بإرادتهم ويرحلون عن أسرهم، وغالبًا ما يكون من الصعب الحصول على بيانات هؤلاء الأطفال إلا بعد وفاتهم. فالأطفال والمراهقون الذين تم تجندهم وتستغلهم الجماعات الإرهابية والمتطرفة أدوات بالغة الخطورة فى أيدى الجماعات الإرهابية لارتكابهم أعمالا إرهابية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. منذ قرابة 20 عامًا وجه التقرير المتعلق بأثر النزاع المسلح على الأطفال المعروف باسم «تقرير ما شيل» انتباه العالم الذى ضم نتائج ظاهرة تجنيد الأطفال والمراهقين واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة. وقال: أدت النزاعات الأهلية التى تمر بها بعض الدول فى الشرق الأوسط وإفريقيا إلى تعريض الأطفال إلى أسوأ أنواع العنف والابتزاز، ونبهت تقارير أممية إلى ضياع جيل كامل من الأطفال، بسبب تركهم المدارس وإجبارهم إما على النزوح أو اللجوء والهجرة، إلا أن التداعيات الأخطر تتمثل فى تجنيد الأطفال من قبل التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش وبوكو حرام وجماعة الحوثى». وأضاف إن استقطاب الجماعات الإرهابية للأطفال بدأ منذ الحرب العالمية الأولى فى بريطانيا العظمى، إذ جرى استقطاب 250 ألف طفل فى الحرب، مشيرا إلى أن استقطاب الأطفال يعنى تجنيدهم ودمجهم داخل الجماعة الإهاربية.
استقطاب الأطفال دون 18 عاما واستطرد قائلا إنه يتم استقطاب الأطفال دون 18 عاما داخل الجماعات الإرهابية بواسطة طريقتين، هما الاستقطاب القسرى، والاستقطاب غير القسرى، موضحا أن هناك 15 دولة حول العالم تعد الأكثر فى استقطاب وتجنيد الأطفال والمراهقين، منها 5 دول عربية وأيضا 5 دول إفريقية، و4 دول آسيوية. الأطفال الأكثر عُرضة للاستقطاب وتابع: «الأطفال الأكثر عُرضة للاستقطاب والتجنيد داخل الجماعات الإرهابية هم من يعانون الإهمال والتهميش وسط أسرهم، إذ يصابون بمرور الوقت بما يسمى ب«الاضطراب المُصطنع»، وبالتالى تزداد الرغبة لدى هؤلاء الأطفال فى لفت انتباه الآخرين لهم، ويتم استقطاب هذه النوعية من الأطفال عن طريق مادة مقدمة لهم على السوشيال ميديا. وأشار، إلى أن الأطفال الذين يتعرضون أيضا للعنف الأسرى بكثرة يمكن استقطابهم بكل سهولة ويُسر، إذ إن القسوة تؤثر على المادة البيضاء حول المحور العصبى بالمخ، وبالتالى تزداد التقلبات المزاجية والعصبية لدى هؤلاء الأطفال، وقد تصل إلى الاضطربات والقلق «أى يصبح شخصاغير سوى». 2 3