فى الرابع من نوفمبر من العام 2012 وعلى دقات أجراس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تم إعلان اسم البابا ال 118 حيث وقعت القرعة الإلهية على الأنبا تواضروس أسقف عام البحيرة ليكون البابا 118.. ويصبح البابا الأنبا تواضروس الثانى البابا 118 فى بطاركة الإسكندرية البابا تواضروس الأول كان 45. وقال الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والخمس مدن الغربية والذى كان هو القائمقام فى ذلك الوقت بصوت يمتلئ بالدموع «مبارك مبارك»
وبدأ قداس القرعة بمشاركة الأطفال ال12 الذين تم اختيارهم لاختيار طفل القرعة وارتدوا زى الشمامسة «التونية» وخروجوا فى الموكب مع الأساقفة والمطارنة حتى بدء مراسم القداس، إلى الكاتدرائية فى الساعة 8 صباحا، ثم جلسوا فى الأماكن المخصصة لهم داخل القاعة بالقرب من الأساقفة والمطارنة الذين جلسوا وفق الرتبة والسيامة. اختار الأنبا باخوميوس أحد الأطفال- ويدعى بيشوى جرجس - الذين تم اختيارهم ليختار إحدى الورقات الثلاثة من داخل الأناء الذى وضع فيه أسماء المرشحين الثلاثة – الأنبا رافائيل – والأنبا تواضروس – والقمص رافائيل أفا مينا – الذين سبق أن أعلن فوزهم فى الانتخابات بين 5 مرشحين. ووقع اختيار القرعة الهيكلية على الأنبا تواضروس، ليكون البطريرك ال118 خلفا للبابا شنودة الثالث، وذلك بعد أن بقى كرسى كنيسة الإسكندرية خاليا لمدة 8 أشهر. كل هذه الأحداث احتفل الأقباط بها بمناسبة مرور 12 عاما على إجرائها الأسبوع الماضى وتحديدا يوم 4 نوفمبر والذى يصادف أنه أيضا عيد ميلاد قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ال72. فى ذلك اليوم وقبل بدء قداس القرعة الهيكلية شرح الأنبا باخوميوس أنه حسب نص المادة 17 و18 من لائحة اختيار البطريرك بعد إتمام الفرز يعلن رئيس لجنة الانتخاب أسماء الفائزين حسب عدد أصواتهم وفى المادة 18 يحدد فى المحضر الأحد التالى ليوم الانتخابات لإجراء القرعة. ويتم عمل محضر من نسختين يوقعه أعضاء لجنة الترشيح وأعضاء المجمع المقدس وترسل نسخة فى اليوم التالى لوزارة الداخلية. والقرعة الهيكلية عبارة عن وضع أسماء ثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات فى انتخابات البطريرك يكتب كل اسم على حدة فى ورقة بنفس المقاس وتوضع الثلاث ورقات فى صندوق صغير على المذبح داخل الكنيسة ويتم اختيار طفل معصوب العينين بعد الصلوات لكى يسحب ورقة من الثلاث والاسم الموجود على الورقة يعلن بطريركًا. ومعنى القرعة فى الأساس يعنى نصيب أى أن الفرد يكون نصيبه أن يخصص تمامًا لله وأن الله هو الذى اختاره ليقود الكنيسة. ويذكر تاريخ الكنيسة أن بداية القرعة كانت عند اختيار متياس الرسول والذى اختير من ضمن خمسمائة شخص تم تصفيتهم إلى سبعين رسولا ومن ثم وقع الاختيار على اثنين وذلك بناءً على الشروط التى وضعها الرسل فى ذلك الوقت وكان لا بد من الاختيار بين يوسف برنابة ومتياس الرسول بدلا من يهوذا الأسخريوطى الخائن الذى أسلم المسيح لليهود ومن ثم شنق نفسه ولذلك كان لا بد من اللجوء إلى القرعة.
أما فى مصر جاء مرقص الرسول الذى أدخل المسيحية إليها ومن ثم أسس رتبة الكهنوت، حيث رسم أنيانوس أسقفًا ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة وعندما اقترب وقت استشهاد مرقص اختير أنيانوس الذى كان أعلى رتبة من الكهنة ثم تم اختيار من الكهنة أسقف آخر بدلًا من أنيانوس. وفى ذلك الوقت زادت الخدمة فزاد معها عدد القسوس إلى 12 قسًا وكان هذا هو نواة المجمع المقدس لأنهم كانوا يقومون باختيار الأسقف الذى ينوب عن الآخر الذى صعد إلى البطريركية وبالتالى لم يكن هناك مجال للقرعة. وبعد إنشاء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ظهر علماء كثيرون أمثال أوريجانوس وأكليمنضس واتجه الرأى إلى أن البابا لا بد أن يكون له مجال علمى عالٍ بالإضافة إلى المجال الروحى واستقر الأمر فى النهاية إلى أن يكون البطريرك هو ناظر المدرسة اللاهوتية وكان ذلك منذ البابا يسطس البطريرك السادس إلى البابا بطرس خادم الشهداء 17 وهذا أصبح تقليدًا طوال هذه المدة عندما يتنيح البطريرك يأتون بناظر المدرسة ولم يكن هناك مجال للقرعة. ولكن البابا بطرس قام بتغيير هذا النظام وذلك باختيار أثناسيوس الرسول تلميذه بعد أن قام بالرد فى مجمع نقية والذى شهد له الجميع بحسن الدفاع عن الكنيسة ومن هذه الفترة أخذ كل بطريرك يقوم باختيار تلميذه أو يقوم بتلمذة بعض الأشخاص الذين يتولون بعده البطريركية وذلك حتى القرن الثالث عشر. ومع ظهور القرن الثالث عشر ظهرت القرعة الهيكلية والتى كانت فى أيام البابا كيرلس الثالث الملقب بابن لقلوق وكان ذلك أيام ابن العسال الذى قام بجمع قوانين الكنيسة كلها وعمل أبوابًا خاصة بها وكان البابا الرابع والخامس من المجموعة الصفوى لابن العسال يتحدث عن كيفية اختيار البطريرك وكيفية استخدام القرعة الهيكلية والتى نصت على أنه عند تنازع مرشحين أو تنازع أنصارهما تجرى القرعة الهيكلية ويفضل أن يأتى بغيرهم لئلا يأتى مجروحا، أما ابن كبر فأكد أن فى القرن الرابع عشر فى كتابه إيضاح الخدمة على أن القرعة تتم عند تساوى المرشحين المتساوين والمتماثلين فى الفعال. وبانتهاء هذه الفترة دخلت الكنيسة فى عصر غير مستقر تاهت فيه القوانين ومر عصر مظلم على الكنيسة وكان ذلك بداية من البطريرك يؤانس أسقف البحيرة والتى انتهت فى عام 1957 بوضع لائحة انتخاب البابا والذى نص فيها على أن يكون البطريرك من الرهبان وأدخل عليها القرعة الهيكلية إذا تساوى بينهم. واختير بها البابا كيرلس السادس 116 والبابا شنودة 117 والبابا تواضروس الثانى 118. والقرعة كانت تتم بوضع ثلاث ورقات متساوية فى الطول والعرض ومطبقة بنفس الشكل وتوضع فى طبق ويختم بختم قائمقام ويقوم بالصلاة عليها ثم يختار طفل صغير لاختيار الورقة وإعلان البطريرك الجديد وهذا ما قد حدث مع الأنبا شنودة أسقف التعليم الذى كان معه الأنبا صموئيل أسقف الخدمات والراهب تيموثاوس المحرقى وكان فى ذلك الحين البابا شنودة موجودًا بالدير وأتوا به وتولى الرئاسة الجديدة. وعلى الرغم من وصول عدد بابوات الكنيسة المصرية ل118 بطريركا إلا أن استخدام القرعة الهيكلية لم يتم إلا فى عهد الرئيس عبدالناصر. وفى النهاية نهنئ قداسة البابا تواضروس الثانى بعيد ميلاده الأرضى وتذكار وقوع القرعة الهيكلية عليه.. كل عام وقداستكم بخير.