حالة من الجدل بين صُنَّاع السينما أُثيرت فور الإعلان الرسمى عن اختيار الفيلم الذى سيمثل مصر فى مسابقة الأوسكار لعام 2021؛ حيث تم الإعلان فى بادئ الأمر بشكل عشوائى عبر مباركات بعض النقاد والسينمائيين لمخرج فيلم (لما بنتولد)، «تامر عزت»، على اختيار الفيلم عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى. ليخرج بعدها «عزت» معلنًا أنه لم يتلقّ أى إخطار رسمى باختيار فيلمه. وبعد مرور أسبوع على الأقل، قامت اللجنة المفوضة باختيار الفيلم المصرى المرشح لتمثيل مصر فى مسابقة الأوسكار، بالإعلان رسميا عن اختيار (لما بنتولد) فى بيان رسمى.. لتطلق نقابة المهن السينمائية بعدها بيانًا أثار فضول البعض؛ حيث نص البيان على اختيار الفيلم وفقًا لتصويت 13 عضوًا فقط من أصل 43 رفض 17 منهم التقدم للمسابقة هذا العام، بينما وافق 21 صوتًا على المشاركة. هؤلاء ال 21 انقسمت أصواتهم إلى 13 صوتًا قاموا باختيار فيلم (لما بنتولد) وثمانية أصوات اختارت فيلم (صندوق الدنيا) للمخرج «عماد البهات»، بينما امتنع 5 أعضاء عن التصويت.
فى نهاية البيان، ناشدت اللجنة المشكّلة لاختيار الفيلم بنقابة المهن السينمائية المسئولين والقائمين على صناعة السينما بالتّدخُّل السريع لإنقاذ الصناعة، ما يدل على عدم وجود أفلام تليق بالمشاركة باسم مصر عالميًا، وهذا ما علمته «روزاليوسف» بعد الكشف عن كواليس التصويت؛ حيث اتهم بعض الممتنعين عن التصويت اللجنة بالتزوير فى عدد الأصوات، خصوصًا أن ع دد الذين امتنعوا يعتبر أكثر من ضعف الذين قاموا بالتصويت.
أعداد غير منطقية
أبدت الناقدة «ماجدة خير الله» تعجُّبها من موقف نقيب السينمائيين «مسعد فودة»؛ حيث قالت إنه كان يجب أن يحسم الأمر لصالح العقل والمنطق، فرغم عدم وجود لائحة ثابتة للجنة اختيار الفيلم المشارك بالأوسكار؛ فإن المنطق هو المتحكم الوحيد فى الاختيار كل عام، حيث قالت إن أعضاء اللجنة 43 عضوًا، قام 18 منهم بالتصويت لصالح عدم إرسال فيلم هذا العام للمشاركة بالأوسكار وهو الفريق الذى انتمت إليه ووصفت أصحابه ب«العقلاء» لأنه لا يوجد فيلم جيد لدرجة تمثيل مصر فى الأوسكار.
وأضافت قائلة: «لن تحدث مصيبة إذا لم يسافر فيلم ليمثل مصر هذا العام فى الأوسكار، خاصة أن الإنتاج السينمائى هذا العام لم يكن بالجودة التى تمثل سمعة مصر بأى شكل. فكان قرارنا الوحيد هو التصويت على عدم إرسال فيلم للأوسكار، مقابل 11 فردًا فقط قاموا بالتصويت لفيلم (لما بنتولد) وليس 13 كما أشيع، ومن سخرية القدر أن بعض القائمين على اللجنة كانوا يرغبون فى ضم الأصوات ال9 التى اختارت فيلم (صندوق الدنيا)، وهو ثانى الترشيحات، على أصوات (لما بنتولد) لكى يتم تضخيم رقم الأصوات لصالحه».
وأكدت «خير الله» قائلة أنها لا تعلم ما المنطق الذى اختارت على أساسه اللجنة الفيلم، وفكرة المغامرة بسمعة مصر السينمائية وسط ترشيحات كبيرة من الدول الأخرى، منها أربع دول عربية أرسلت إنتاجًا سينمائيًا قويًا جدًا للأوسكار، فكيف يتم التهاون مع العمل الذى يمثل مصر ويشاهده أكثر من 6000 عضو من أعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما المسئولة عن تصفية الاختيارات لجائزة الأوسكار؟!
وأنهت «خير الله» حديثها بأنها لا تستطيع أن تصف ما حدث بالتزوير، ولكنها تتعجب من عدم القبول برأى الأغلبية وعدم اتخاذ النقيب موقفًا حاسمًا وعدم مراعاة المصلحة العامة، مؤكدة أنهم استغلوا عدم وجود لائحة أو قاعدة معينة لكى يتلاعبوا بالمنطق.
قد لا نشارك أبدًا
وفى مقابل ال17 عضوًا الذين اختاروا عدم مشاركة مصر هذا العام فى الأوسكار، كان هناك ما يقرب من 20 عضوًا قاموا بالتصويت لفيلمين، من بينهم الناقد «د. وليد سيف»، والذى برر موقف مشاركته بأنه ضد فكرة عدم المشاركة من الأساس؛ حيث قال إنه لا يجد أى مشكلة فى المشاركة حتى لو بفيلم ضعيف لأنه هو المنتج «المتوافر عندنا» حسب وصفه.
وأضاف «سيف» قائلاً:«لو فكرنا دومًا بمنطق وجوب وجود فيلم قوى قد لا نشارك أبدًا..والفن فى البداية والنهاية لا تحكمه القواعد والنظريات بقدر ما يحكمه الذوق، كما أن عدم المشاركة بالأوسكار يعتبر إهانة للفنانين الذين جاهدوا فى ظروف صعبة جدًا وقدموا فنًا محترمًا نتفق أو نختلف معه ولكنه فن محترم وجاد.. لقد كنت من ضمن الأصوات التى رشحت فيلم (صندوق الدنيا)، لكنى أحترم ذوق واختيار الأغلبية فى ترشيح الفيلم الآخر».
رد النقيب.. ومسئول اللجنة
رغم عدم وجود ضرورة حتمية لمشاركة مصر بالأوسكار هذا العام، فإن النقابة أصرت على التصديق بقرار اللجنة وكان يجب الحصول على رأى نقيب السينمائيين «مسعد فودة» الذى أكد أنه لا شأن له فى هذا الأمر، وأن النقابة هى التى تتولى تشكيل اللجنة، أما ما يدور بداخلها والأرقام والتصويت وغيرها مسئولية القائمين على اللجنة فقط.
ومن جانب آخر، رد الكاتب «زين العابدين خيرى» المسئول عن اللجنة على اتهامات بعض أعضائها لهم بالتلاعب وتزوير الأرقام قائلا: «لجنة الأوسكار ليست لها لائحة قانونية أو ضوابط نسير عليها، ولكن هناك آلية جديدة للعمل يتم الاتفاق عليها فيما بين الأعضاء فى كل عام حسب الظروف. وكل القوانين الموجودة هى أن اللجنة تتكون من 43 عضوًا منوطًا بهم اختيار فيلم ليمثل مصر بالأوسكار، وهذا العام كان استثنائيًا بسبب ظروف فيروس كورونا؛ حيث إنه كان من المتعارف عليه عقد اجتماعين أو ثلاثة للوقوف على كيفية العمل والأفلام المرشحة وغيرها من الأمور، ولكن تم عقد اجتماعات إلكترونية عبر تطبيق «الواتس آب» ولم تكن مجدية لعدم مشاركة الكثير من الأعضاء بها. والجديد هذا العام أن هناك مجموعة قررت عدم إرسال فيلم من مصر، والباقون قاموا باختيار الفيلم الأنسب».
وأضاف «خيرى» أنه لا يمكن إضافة أصوات الخمسة الممتنعين عن التصويت إلى ال17 عضوًا الرافضين للمشاركة ليكونوا 22، حيث إن ال17 قاموا بالتصويت ضد تمثيل الفيلم من أساسه، بينما رفض الخمسة التصويت لأنهم لم يشاهدوا الأفلام، فهم ليسوا مع أو ضد تمثيل الفيلم للأوسكار.
ويستكمل قائلاً: «نحن مررنا بعدة مراحل للتصويت، فقمنا فى البداية بطرح تصويت على فكرة المشاركة من عدمها، فقام 31 عضوًا من أصل 43 باختيار المشاركة بالأوسكار. وبناءً عليه قمنا باتخاذ باقى إجراءات اللجنة وحصر الأفلام التى تم إنتاجها وعرضها سينمائيًا خلال العام الجارى، وبعدها قاموا بتصفية الأفلام التى تم اختيارها خلال العام كله إلى ثلاثة أفلام فقط للمنافسة النهائية وهى (لما بنتولد) باختيار 23 صوتًا و(صندوق الدنيا) باختيار 21 عضوًا، والباقون قاموا بالتصويت لفيلم ثالث لم يتم دخوله للتصفيات النهائية.. وفى المرحلة الأخيرة أثناء حصدنا للتصويت على الفيلمين المختارين، قام أحد الأعضاء باقتراح عدم إرسال فيلم للأوسكار هذا العام وقاموا بإعادة التصويت مرة أخرى واختار 17 منهم عدم المشاركة بالأوسكار مقابل 21 عضوًا قرروا المشاركة، وقد قمنا بإقامة عروض خاصة للأفلام المختارة حتى يتم اختيارها بناءً على مشاهدتهم، ولكن لم يحضرها أحد».