انفردنا فى العدد الماضى بحوار مع «نور» نجل المطرب الراحل «محمد عبدالمطلب» ونقلنا من خلال الحوار استغاثته من غربته، حيث يعيش فى المغرب بلا مأوى، بعد أن تم طرده من الشقة التى أهداه إياها صديقه، وعاش فيها 12 عاما، لكن بوفاة الصديق، استردت زوجته الشقة باعتبارها جزءًا من ميراثها المستحق عن زوجها، واستطعنا من خلال الحوار معرفة الكثير من الخلفيات حول الحياة التى عاشها «نور» صاحب الثمانين عاما، حيث هاجر للعيش فى المغرب منذ 30 عاما، بعد أن احترق (الكازينو) الذى كان يملكه فى القاهرة، وعمل لسنوات فى المغرب كمتعهد للحفلات حتى أصابه العجز، وقرر التقاعد، والاستقرار فى (الدار البيضاء) لا سيما فى ظل ما يعانيه من جحود من قبل أبنائه فى القاهرة، كما ألقينا الضوء أيضا على مشكلته المتعلقة بتجديد جواز سفره، وما وصفه بتعنت المسئولين فى السفارة ضده، حيث يرفضون تجديد جواز السفر، لعدم امتلاكه بطاقة رقم قومى سارية فى مصر. قطيعة انتهت
تلقى «نور» ردود أفعال واسعة على مدار الأسبوع الماضى، وصف بعضها بالمحاولات الجادة لانتشاله من أزمته، بينما شعر أن البعض الآخر منها مجرد (ركوب للموجة) ومحاولة الظهور فى الصورة، فضلا عن سيل المكالمات المتعاطفة والداعمة له والتى تسببت فى رفع حالته المعنوية، وعلى رأسها مكالمة ابنيه له بعد قطيعة دامت سنوات على حد وصفه، حيث قال :«تحدث إلى ابنى أحمد باكيا، وعرض على إرسال أموال تعيننى فى هذه الأيام الصعبة لكن توقف العمل فى شركات إرسال الأموال مؤقتا حال دون ذلك، لكننى فى المقابل سعيد لأن الضجة التى أحدثتها مناشدتى، جعلتهما ينهيا القطيعة، ويسألا عنى، وساهمت فى أن ينالا رضايا قبل رحيلى».
حظر كلى
يعيش «نور» فى عزلة تامة فى غرفته داخل الفندق المتواضع فى (المدينة القديمة) حيث دخلت المغرب فى حظر كلى أعاق الحركة بشكل كامل، وأعاق أيضا القدرة على مساعدته بشكل أسرع، وفى ظل التحذيرات المستمرة لكبار السن بعدم الخروج من المنازل، اقتصرت حركته على البقال، والمخبز المجاورين للفندق، حيث حصل على جميع احتياجاته منهما بشكل مجانى طوال الفترة الماضية، حتى جاء إليه صديقه «محمد مرادجى» المصور الخاص لملك المغرب، ومنحه بعض النقود، ولبى له كل متطلباته.
محاولات جادة
رنين الهاتف وحده يكسر حالة الصمت التى فرضتها الظروف داخل غرفة العجوز، ومن بين عشرات المكالمات التى وعده أصحابها بحل سريع، جاءت مكالمة الكاتب والسيناريست الدكتور «مدحت العدل» لتمنحه شعورا بالطمأنينة، وعنها يقول : «مدحت الوحيد من الوسط الفنى الذى اهتم بمشكلتى، وسعى إلى حلها بشكل جدى، ورغم أننى لم ألتق به من قبل، إلا أن علاقتى بأخيه الراحل سامى العدل كانت قوية جدا، حيث كنا نعمل فى المجال نفسه، وبينما كان سامى يمتلك كازينو
(salt and pepper) فى الزمالك كنت أنافسه ب (الأندلس) و(خوفو) و(لاتينو) لكن المنافسة لم تؤثر على صداقتنا التى دامت أكثر من عشرين عاما».
وحول ما أشيع يوم الثلاثاء الماضى عن أن اتحاد الفنانين العرب قد تكفل به وأنهى الأزمة بالتضامن مع رجل الأعمال المغربى «محمد صفيح» يقول: «غير صحيح، وكل ما حدث أن رجل الأعمال اتصل بى، وعرض على استضافتى فى منزله بمدينة الرباط، وشكرته على عرضه الكريم، ولم يحدث بيننا أى تواصل آخر».
ومن جانبه قال الدكتور «مدحت العدل»: «عندما علمت بالأزمة التى يعيشها «نور» أجريت اتصالا معه، للعمل على إعادته للقاهرة، لكننى اكتشفت أنه لا يرغب فى العودة، فأجريت اتصالا بنقيب السينمائيين «مسعد فودة» بصفته رئيس اتحاد الفنانين العرب، الذى أجرى بدوره اتصالاته بنقابه الموسيقيين بالمغرب ووعد بالمساعدة، وبعدها جاءنى اتصال هاتفي من صديقى «محمد بكير» مدير الإنتاج فى mbc، وعدنى خلاله بأن الزملاء فى mbc المغرب قد تكفلوا بالأمر، وسيتواصلون مع «نور» من أجل توفير مسكن له فى أسرع وقت، وهو ما تم بالفعل». وأشار «العدل» إلى أنه تأثر كثيرا بقصة «نور» رغم أنه لم يلتق به فى حياته، ليس فقط لأن والده علامه من علامات الفن الشعبى المصرى، ولكنه كان سيفعل ذلك مع أى إنسان فى نفس ظروفه.
إقامة دائمة
بفرحة شديدة، تلقى «نور» يوم الأربعاء الماضى اتصالا هاتفيا من mbc علم من خلاله أنهم قاموا بدفع تكاليف الفندق الذى يعيش به حاليا، وأنهم يقومون بتجهيز شقة له فى الدار البيضاء، سوف ينتقل للإقامة بها فى غضون أيام، وأن الحصار الذى فرضه الحظر الكلى المطبق فى المغرب كأحد تداعيات انتشار فيروس كورونا هو السبب فى تأخر إتمام هذه الخطوة.
وحول ما ذكره مسئول بالخارجية فى مداخلة بأحد البرامج عن أنه يتعين عليه وفقا للقانون العودة إلى مصر عن طريق وثيقة مؤقته تصدرها السفارة، لكى يقوم بعمل بطاقة رقم قومى، واستصدار جواز سفر مجدد، يقول «نور»: «لا أرغب فى العودة، وسأكمل ما تبقى من حياتى هنا، وموقفى قانونى لأن والى الدار البيضاء أصدر تعليماته منذ سنوات بتجديد إقامتى استثنائيا بشكل تلقائى كل 3 سنوات».