كل التحية والتقدير والعرفان للعالم الراحل الدكتور مصطفى كمال طلبة، أبرز الشخصيات المؤثرة عالميًا فى مجال البيئة وصاحب الفضل فى انتباه الدولة للمخاطر التى تهدد البيئة المصرية وأهمها قرار التخلص النهائى من المبيدات المسرطنة عالية الخطورة وحظر استيراد تلك النوعيات الخطيرة وتجريم تصنيعها أو استخدامها، لكن كانت المشكلة الكبرى التى استمرت نحو ثلاثين عاما وجود ما يقرب من ألف طن من المبيدات الخطرة لذلك تم وضع منظومة متكاملة للتخلص الآمن منها ونقلها للخارج إلى دول لديها التكنولوجيا المتقدمة للقضاء عليها تمامًا.. وأدارت وزارة البيئة تلك المنظومة من خلال مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية بالتعاون مع البنك الدولى، وبالفعل تم منذ ثلاث سنوات نقل 220 طنا من مادة اللندين عالية السمية إلى فرنسا التى لديها تكنولوجيا متقدمة للتخلص منها وكانت تلك المبيدات قد وصلت إلى ميناء الأدبية بالسويس منذ سنوات فى شحنة مجهولة المصدر واتخذت إجراءات صحية ووقائية شديدة الصرامة أثناء عمليات النقل لضمان سلامة البيئة المحيطة من هواء وتربة والأشخاص المتعاملون. مؤخرًا، احتفلت وزارة البيئة بالتخلص الآمن من 470 طنا من المبيدات المسرطنة المهجورة أيضًا منذ سنوات فى إحدى مخازن وزارة الزراعة بمدينة الصف بالجيزة، وكانت بمثابة قنبلة موقوتة تهدد السكان المقيمين بالقرب من المخزن وراعت الوزارة قبل وأثناء إجراءات التخلص دراسة الخصائص البيئية للمنطقة وتحليل عينات من تربة المكان وتدريب العاملين القائمين على نقل الكميات الخطرة وتطهير المخزن والمناطق المحيطة ولم يغفل المشروع الجوانب الاجتماعية للسكان من خلال جلسات الاستماع وتلقى الشكاوى.. وقد قام المشروع باتخاذ كافة الإجراءات والتصاريح القانونية لنقل الشحنة وخروجها من مصر لتحرق فى أفران خاصة فى كل من السويدوفرنسا وفقا لاتفاقية بازل لنقل المواد الخطرة بما يحقق التزامات مصر الدولية فى هذا المجال. مع كل التقدير للوزيرة الشابة الدكتورة ياسمين فؤاد، وكل القائمين على هذا المشروع المهم فإن مشكلة المبيدات الخطرة فى مصر لم تنته كاملًا، فهناك حوالى 350 طنًا من المبيدات الخطرة الراكدة مخزنة فى عدة مخازن وهناك زيوت المحولات الكهربائية الملوثة وهى إحدى المواد الأكثر خطورة طبقا لاتفاقية استوكهولم رغم أن المشروع قد نجح فى تجميع ألف طن من تلك الزيوت لكن المشكلة قائمة ومستمرة.. ورغم أنه تم وقف استيراد المبيدات الخطرة تمامًا إلا أن عمليات التصنيع المحلى بشكل غير قانونى ما زالت قائمة، وهنا يأتى دور الرقابة الحازمة ممثلة فى مفتشى وزارة الزراعة فالمبيدات الخطرة المحتجزة أو مخزنة تحت الأعين ومضمونة الحماية لكن كل الخوف من المبيدات مجهولة المصدر والتى يتم استخدامها بشكل سرى وغير قانونى وهو الأجدر بالرقابة والتجريم والمحاسبة.