تحت عنوان (هولاكو تطيح بمدير المسرح القومى) انفردنا الأسبوع الماضى بنشر كواليس العمل المسرحى الذى تسبب فى الإطاحة بأحمد شاكر عبداللطيف من رئاسة المسرح القومى، بعد أن تولى المنصب لمدة عشرة أشهر، وشُهد له بالنجاح، حيث قدم استقالته اعتراضًا على تقديم العرض المسرحى (هولاكو) على خشبة القومى لما رآه فى النص من مشاهد فيها تحقير للحكام العرب قد تضر بعلاقات مصر بالدول العربية, الأمر الذى شاركه فيه لجنة القراءة والنصوص بالمسرح القومى ويرأسها الكاتب أيمن سلامة، حيث أصدرت تقريرها بعدم صلاحية تقديم هذا النص على القومى، وكنا قد تحدثنا أيضًا عن رفض أكثر من 20 فنانًا وفنانة بطولة العرض، وانفردنا بصور من الاعتذارات المسببة لكل من الفنانة سوسن بدر، والفنان ماجد الكدوانى ، وتساءلنا عن سر الإصرار الشديد على تقديم النص إذا كان الأصل فى الأشياء هو (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). معركة كلامية الرد على ما نشرناه جاء سريعًا جدًا، ما أشعل الصراع على مدار الأسبوع الماضى، حيث أصدر البيت الفنى للمسرح بيانا ليلة السبت الماضى قال فيه إن «البعض» يحاول افتعال أزمة من استقالة مدير المسرح القومى التى أعزاها البيان إلى غضبه من حركة التنقلات التى أجريت مؤخرًا والتى انتقل بسببها «عبداللطيف» إلى إدارة المسرح الحديث، وقد أجرى البيان تعديلات فى تواريخ الأحداث والوقائع من شأنها أن تغير الموقف تمامًا. زعم البيان أن الاستقالة المسببة التى نمتلك نسخة منها قد تم تقديمها بعد حركة التنقلات رغم أنها مقدمة منذ 11 نوفمبر، بينما اعتمدت حركة التنقلات بعدها بأيام، كما زعم أيضًا أن اعتراض مدير المسرح القومى على النص لم يحدث إلا بعد علمه بنقله، بينما نمتلك نسخة من مكاتبات، وخطابات عديدة رفعها أحمد شاكر عبداللطيف إلى إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح، وإلى الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، يحذرهما فيها من خطورة تقديم هذا النص على المسرح القومى. فى المقابل أصدر الفنان أحمد شاكر عبداللطيف مساء الأحد بيانًا صحفيًا، اتهم بيان البيت الفنى للمسرح بأنه يحتوى على العديد من المغالطات التى تهدف فى الأساس إلى صرف الأنظار عن القضية الأساسية وهى نزع صلاحياته كمدير للمسرح القومى، وقد فند فيه كل هذه المغالطات، واعتبر أن زعم البيت الفنى للمسرح بأن حركة التنقلات الأخيرة عادية هو تبسيط مخل للواقع، ووصفه بالقرار التعسفى الذى يهدف إلى الالتفاف حول الاستقالة المسببة. الصمت سيد الموقف كان لا بد بعد احتدام المعركة الكلامية بين البيت الفنى للمسرح، والمدير السابق للمسرح القومى أن نعود إلى الأطراف الأصلية فى المشكلة، وهما مؤلف العمل الشاعر فاروق جويدة، ومخرجه الفنان جلال الشرقاوى، حيث رفض الشرقاوى التعليق على الأزمة التى وصفها بخلاف بين موظف – يقصد عبداللطيف - وجهة عمله، وبالتالى فالتدخل فيها أمر غير محمود، مشيرًا إلى أن الرد لن يكون سوى بعد تقديم العمل على المسرح، واختتم حديثه بقوله: (احترموا تاريخى المسرحى ولا تعبثوا باسمى بزجه فى مثل تلك المهاترات!). أما الشاعر فاروق جويدة فرأى أيضًا أنه لا تربطه بهذه الأزمة أى علاقة لا من قريب أو من بعيد، فهو مؤلف قدم نصًا للرقابة، ووافقت عليه، وبالتالى لا علاقة له بأى أحداث تجرى بعد ذلك. أبطال العرض يتحدثون إذا كانت الأطراف الأصيلة فى المشكلة قد رفضت التعليق، فكان لزامًا علينا التوجه إلى أبطال العرض المسرحى الذين وقع عليهم الاختيار بعد سلسلة من اعتذارات النجوم المصريين والعرب، وهم أشرف عبدالغفور، وعفاف شعيب، وأيمن الشيوى، بالإضافة إلى أعضاء المسرح القومى، خصوصًا أننا علمنا أن البروفات التى كان يجريها المخرج جلال الشرقاوى منذ ثلاثة أشهر على مسرحه الخاص انتظارًا لحل الأزمة، والانتقال بعدها إلى القومى، قد توقفت منذ أيام. البداية كانت مع الفنان أشرف عبدالغفور الذى قال إنه علم بالطبع بالأزمة المثارة حاليًا حول العرض، لكن من حقه أن يحتفظ بتعقيبه على هذه الأزمة حتى تتضح الرؤية، أما الفنانة عفاف شعيب فقالت: إنها حزينة لما يثار حول نص (هولاكو).. واصفة إياه بالعرض الذى سيعيد أمجاد المسرح القومى مرة أخرى إذا ما تم تقديمه.. وأردفت أنها دعت الفنان أحمد شاكر عبداللطيف لحضور البروفات بنفسه، وألا يعتمد على (السمع فقط) لكنه أبى أن يأتى، وهذا خطؤه، فالمسرحية عكس ما أثير عنها تقف ضد الإرهاب، وتدافع عن الدين الإسلامى. مشيرة إلى أن ما فعله جلال الشرقاوى من أجل تقديم هذا النص لا يمكن أن يفعله غيره، فقد فتح لنا مسرحه على مدار ثلاثة أشهر لعمل البروفات، وأنفق من جيبه الخاص فليس من العدل إلغاء العرض، لكن ماذا نفعل لأعداء النجاح؟!! الفنان أيمن الشيوى يرى أن كل ما حدث على مدار الأسبوع الماضى هو افتعال أزمات غير مبرر، فمن الطبيعى أن تختلف وجهات النظر حول أى عمل فنى، ومن الطبيعى أيضًا أن يخاف كل شخص على منصبه، لكن فى النهاية العمل الفنى يقدم وجهة نظر مؤلفه، ومخرجه، فلماذا لا نمتلك نحن حرية ذلك؟!! أما بخصوص مشهد جامعة الدول العربية، الذى كان جريئًا بعض الشىء، فقد حذف من العرض، وإذا كانت هناك بعض الألفاظ، أو العبارات، أو المشاهد التى يرى فيها أحمد شاكر عبداللطيف ما يقلقه فلماذا لا يتناقش مع المؤلف، خصوصًا أن هناك نية من القائمين على العرض لعرضه عربيًا، والمفاجأة التى لا يعرفها أحد هى أن هناك إحدى الدول العربية كانت ستشارك فى إنتاج العرض قبل أن يذهب للقومى، فكيف كان سيتم ذلك إذا ما كان العرض مسيئًا!! فالمشتغلون بالثقافة لا بد أن يكون لديهم وعى أكثر من ذلك؛ لأن ما يحدث من مهاترات يضر بصورة المسرح، والفن، والثقافة فى مصر. وبخصوص الوضع الراهن يقول: لا أدرى، فقد أبلغت مثلى مثل زملائى بوقف البروفات، وتأجيل العرض الذى كان مقررًا عرضه الشهر المقبل، حيث لم يكن يتبقى سوى صرف الميزانية، لتنفيذ الديكور، والملابس، فنحن كنا جاهزين بشكل كامل، بالتمثيل، والأداء، والحركات، ووصلنا لعمل (بروفة جنرال) على العرض بل وسجلنا الأغنيات بصوتنا فى الاستديو، بعد أن تم تأليفها وتلحينها، كل هذا (بالحب) ودون تقاضى جنيه واحد، اعتمادًا على العقود التى وقعناها مع المسرح القومى؛ لأننا نعمل مع مسرح الدولة، ونعلم أن حقوقنا محفوظة فيه، وإذا كنا نأخذ عربونًا قبل بدء العمل فى أى مسرحية على مسرح القطاع الخاص؛ فإننا لا نتقاضى أى أجر فى القومى إلا بعد 15 ليلة عرض، وبالتالى فقد ضحينا بمجهودنا، ووقتنا على مدى ثلاثة أشهر مضت فى سبيل تقديم عمل فنى راقٍ، وأتمنى ألا تذهب تضحياتنا هباءً.