يعى القائمون على مهرجان الجونة السينمائى فى دورته الثالثة حجم التحديات المتزايدة أمامهم عامًا بعد عام، خاصة بعد النجاح الكبير الذى تم تحقيقه على مدار دورتين متتاليتين والذى وضع المهرجان فى مكانة مرموقة على خريطة المهرجانات السينمائية العالمية. إذا كان التنظيم المتميز، وبرنامج الأفلام القوى -الذى يصل إلى نحو 80 فيلمًا من أحدث إنتاجات السينما التى فازت بالعديد من الجوائز، أو حظيت بعروضها العالمية الأولى فى مهرجانات كبرى، أو حتى ما تم ضمه للعرض فى الدورة المقبلة قبل عرضه فى أى مهرجان آخر- هما سبب تميز المهرجان، فإن عدم وجود أفلام مصرية ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، كان مثار تساؤل كبير، بالإضافة إلى ندرة الأفلام المصرية المشاركة ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، حيث يشارك فيلمان من أصل 23 فيلمًا، وهما (عمى ألوان) للمخرجة «منة إكرام»، و(هذه ليلتى)| للمخرج «يوسف نعمان»، ومن بطولة «ناهد السباعى»، ورغم تأكيد «انتشال التميمى» مدير المهرجان على السياسة المتبعة فيه والتى لا تبنى اختيارات الأفلام بناء على التوزيع الجغرافى، وأن الجودة هى سيدة الموقف، وهى المتسببة فى وجود خمسة أفلام فقط لبلاد عربية ضمن المسابقة الرسمية ليست من بينها مصر (تونس، والجزائر، والسودان، والمغرب، ولبنان) فإن مصر حاضرة وبقوة فى كل تفصيلة من تفاصيل المهرجان، بدءًا من الأفلام القوية التى سيتم عرضها خارج المسابقة الرسمية، وصولًا إلى قائمة الضيوف والمكرمين التى تشمل أسماء رفعت اسم مصر عاليا فى العديد من المحافل الدولية، أو التى غيرت شكل السينما المصرية، وفى السطور التالية نرصد 7 أدلة على الحضور المصرى الطاغى فى الدورة الثالثة للمهرجان... الراحلون يتحدون قيود الإنتاج هل تخيلت يوميًا أن تستمتع بعمل فنى جديد ل«سعيد صالح، وأمينة رزق»، رغم رحيلهما منذ سنوات طويلة، وأن تشاهد رسومات لم ترها من قبل لرسام الكاريكاتير الراحل «مصطفى حسين»، أو أن تشاهد فيلمًا سينمائيًا من تأليف السيناريست الراحلة «نادين شمس»؟ إذا كانت الإجابة بلا، فالمفاجأة أن كل هؤلاء الراحلون يجتمعون فى الدورة الثالثة للمهرجان، حيث يعرض فى قسم أفلام خارج المسابقة الرسمية فيلمان مهمان، أحدهما هو فيلم التحريك (الفارس والأميرة) الذى لا تكمن أهميته فقط كونه كتابة وإخراج السيناريست الكبير «بشير الديك»، أحد رموز الواقعية الجديدة للسينما المصرية، أو أن أحداثه مستوحاة من قصة تاريخية حقيقية جرت فى القرن السابع الميلادى، لكن القوة الحقيقية لهذا الفيلم تكمن فى كونه أول فيلم تحريك عربى مُنفذ بالكامل من قِبل طاقم مصرى خالص ليتحقق من خلاله حلم طال انتظاره منذ ستينيات القرن الماضى باقتحام مجال كان عصيًا على الإنتاج المصرى، حيث ظل الفيلم مشروعًا يواجه العثرات الإنتاجية لمدة 20 عامًا، وهو ما يفسر وجود نخبة من أصوات كبار الفنانين المصريين المشاركين فى إنجاز الفيلم فارق بعضهم الحياة، مثل «أمينة رزق، وسعيد صالح»، كما يضم الفيلم أصواتًا مهمة مثل «محمد هنيدى،ومدحت صالح، ودنيا سمير غانم، وماجد الكدوانى، وعبدالرحمن أبوزهرة، وعبلة كامل». بالإضافة إلى أنه من رسوم فنان الكاريكاتير الراحل «مصطفى حسين»، أما الفيلم الآخر الذى سيتم عرضه خارج المسابقة الرسمية فيحمل اسم (لما بنتولد) وهو آخر سيناريو من تأليف الكاتبة الراحلة «نادين شمس»، وإخراج «تامر عزت» فى ثانى تجاربه الإخراجية الروائية الطويلة بعد فيلمه الروائى الأول (الطريق الدائرى) وأهم ما يميز الفيلم الذى بدأ تصويره فى نوفمبر 2017، أنه تجربة شبابية جدًا تعيد الأفلام الغنائية والموسيقية مرة أخرى للساحة السينمائية بعد غياب، حيث يحتوى الفيلم على تسع أغنيات تقوم بربط أحداث حكايات منفصلة لثلاث شخصيات شابة. كما يتعرض الفيلم لبعض القضايا الاجتماعية الشائكة مثل حب المرأة المسيحية لرجل مسلم، أو الصراع بين جيل الآباء والأبناء، وهو من بطولة «عمرو عابد، سلمى حسن»، والمطرب «أمير عيد» عضو فرقة (كايروكى) فى أول مشاركة سنيمائية له، الجميل فى التجربتين أن بهما نوعًا من التحدى للأنماط السينمائية السائدة، والتى تفرضها أحيانًا الاعتبارات الإنتاجية، حيث تتخوف شركات الإنتاج من الإقبال على إنتاج أفلام التحريك أو الأفلام الغنائية، وربما يرسل هؤلاء الراحلون من عالمهم الآخر إشارة البدء ليتم تحطيم حاجز الخوف، والبدء فى إنتاج هذه النوعية من الأفلام دون تردد. تعاون بين المهرجانات المصرية يعرض فيلم (ستموت فى العشرين) للمخرج السودانى «أمجد أبوالعلا» فى الدورة المقبلة من الجونة ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بعد عرضه العالمى الأول ضمن قسم أيام فينيسيا بالدورة ال76 من المهرجان، ثم مهرجان تورونتو السينمائى، وهو مستوحى عن القصة القصيرة (النوم عند قدمى الجبل) للكاتب الروائى «حمور زيادة»، ومن إنتاج شركة (فيلم كلينك) للمنتج «محمد حفظى»، الجميل أن هذا الفيلم قد شارك مهرجان الأقصر فى دعمه من خلال صندوق ستيب، وكان من المقرر عرضه فى الدورة الثامنة للمهرجان، مارس الماضى، لكن ظروف عدم الانتهاء من تصويرة حالت دون عرضه، وقد وافقت إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية على عرضه فى الدورة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائى، على أن يُعرض بعد ذلك مباشرة فى نادى السينما الإفريقية بدار الأوبرا فى عرض خاص. منصة الجونة وتجارب مصرية شابة يوفر منطلق الجونة السينمائى الفرص للمخرجين والمنتجين العرب لإيجاد الدعم الفنى، والمالى لأفلامهم، ومن بين 133 مشروعًا سينمائيًا، تم اختيار 12 مشروعًا فى مرحلة التطوير، و6 فى مرحلة ما بعد الإنتاج، وتمثل قائمة المشاريع، والأفلام المقبولة7 بلدان عربية، كان لمصر نصيب معقول منها، حيث تم اختيار مشروع فيلم (فى الجون) للمخرج «تامر عشرى» ضمن القائمة النهائية للمشروعات الروائية الطويلة فى مرحلة التطوير، ويشاركه الفيلم الوثائقى الطويل (نافورة الباخشى سراى) ل«محمد طاهر»، أما الفيلمان المصريان المقبولان فى مرحلة ما بعد الإنتاج فهما الوثائقى الطويل (كباتن الزعترى) ل«على العربى»، و (بعيدا عن النيل) ل«شريف القطشة»، ومن الجميل أن العديد من الأفلام والمشاريع التى تلقت دعمًا من منصة الجونة السينمائية فى السنتين الماضيتين، تُعرض هذه الأيام، فى مهرجانات سينمائية مُهمة، مثل تورنتو، وسان سباستيان، كان من بينها الفيلم المصرى (بعلم الوصول) للمخرج «هشام صقر». محمد هنيدى ومينا مسعود وجوه سينمائية مشرفة يستغل المهرجان أى فرصة نجاح عالمية لصانع أفلام عربى من أجل الاحتفاء به، وجاءت المصادفة أن يتم توجيه الدعوة هذا العام لفنانين عالميين من أصول مصرية، وهما المصرى الكندى «مينا مسعود» الذى أدى بنجاح دور علاء الدين، فى النسخة الحية من فيلم (علاء الدين- Aladdin) من إنتاج شركة ديزنى الأمريكية، فى أول دور بطولة له، بجانب النجم، «ويل سميث»، الذى يلعب دور «الجنى»، والممثلة البريطانية «ناعومى سكوت» التى تلعب دور «الأميرة ياسمين». أيضًا تمت دعوة النجم المصرى الأمريكى «رامى مالك» الذى فاز بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن تجسيده لشخصية المطرب ومؤلف الأغانى «فريدى ميركورى» فى فيلم (بوهيميان رابسودى Bohemian Rhapsody) وقد أكد الأول الحضور، بينما اعتذر الثانى نتيجة انشغاله بتصوير فيلم (جيمس بوند) أما الضيوف المكرمون فيأتى على رأسهم النجم الكوميدى «محمد هنيدى»، الذى مثل جيل الشباب فى أوائل التسعينيات، وأحدثت أفلامه نقلة مهمة فى السينما المصرية. إحسان عبدالقدوس و100 سنة من الحضور يحتفى المهرجان هذا العام بالأديب الراحل «إحسان عبدالقدوس» بمناسبة مرور 100عام على ميلاده عن طريق تنظيم معرض خاص لتخليد ذكراه، سيحتوى على كنز من المقتنيات الخاصة به، بالإضافة إلى وثائق كتبت بخط يده، كما سيتم ضمن البرنامج الخاص عرض نسخة مرممة من فيلم (بئر الحرمان) ل«كمال الشيخ»، والمقتبس من قصة ل«إحسان عبدالقدوس»، والذى يعد واحدًا من أهم كلاسيكيات السينما المصرية. السينما فى حفل موسيقى بقيادة موسيقار مصرى بالتعاون مع السفارة الأمريكية، يستضيف المهرجان حفلًا موسيقيًا بعنوان (السينما فى حفل موسيقى) بغرض الاحتفاء بالأعمال الموسيقية الخالدة التى صاحبت أعمالا سينمائية مهمة، وينقسم الحفل إلى جزأين، حيث سيعزف خلال الجزء الأول موسيقى عزفت من قبل فى أفلام هوليوود، بينما يحتفى الجزء الثانى من الحفل بموسيقى المؤلف «نينو روتا» التى جاءت فى أفلام «فيللينى، وفيسكونتى»، وأهم ما يميز الحفل أنه بقيادة الموسيقار «أحمد الصعيدى»، مؤسس ورئيس الجمعية الفيلهارمونية المصرية. خيرى بشارة وملتقى تعليم صناعة الفيلم يستضيف المهرجان ملتقى تعليم صناعة الفيلم الذى يتضمن ورشا لتطوير مشروعات طلاب مدرسة السينما التابعة للجزويت، بالإضافة إلى مجموعة من الندوات، والمحاضرات، والحلقات النقاشية حول الفرص والتحديات التى تواجه طلاب السينما، ويأتى على رأس تلك المحاضرات محاضرة المخرج المصرى الكبير «خيرى بشارة».