لا أستطيع أن أقول إن التمثيل كان حلمى منذ الطفولة ولكننى كنت من عشاق «إسماعيل يس، فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولى، عبدالمنعم إبراهيم» وغيرهم من جيل العباقرة.. فأعمالهم جعلتنى أحب فن التمثيل. طفولتى كانت طفولة ممزوجة ما بين الإصابات والمناوشات ولكنها لم تخلُ من الضحك، فقد كنت طفلًا شقيًا جدّا. هوايتى المفضلة كانت ركوب الدراجات وكنت أعشقها جدّا وبسببها فقدت «سِنتى»؛ حيث تعرضت لحادث بدراجة أحد أقاربى.. بعدها حاولت أن أجد لنفسى رياضة أخرى، فنصحنى شقيقى بلعب كرة القدم ولكنى فشلت فيها أيضًا؛ لأننى تعرضت لإصابة كانت نتيجتها فقدان ذاكرة مؤقت؛ حيث اصطدم رأسى بالكرة. وفى السنة الثانية من الجامعة وبالتحديد فى كلية حقوق جامعة عين شمس بدأ الاحتكاك بمسرح الجامعة بتقديم بعض العروض المسرحية الروائية التى تقدم باللغة العربية الفصحى، وكان رئيس الفرقة وقتها «مصطفى خاطر». تلك العروض المسرحية لم يكن بها أى ارتجال أو كوميديا فهى نص مأخوذ عن روايات أدبية نلتزم بها، إلى أن جاءت مسرحية «شيزلونج»، وهى أحد عروض مسرح الدولة التى كانت محطة للانتقال إلى المسرح الارتجالى.. المسرحية كانت تتناول أحداث ثورة 25يناير وكان المخرج «محمد الصغير» قد وضع لها الفكرة العامة وكانت وظيفتنا كممثلين الارتجال حسب الظروف التى تمر بها البلاد؛ خصوصًا أن كل أسبوع من العرض كان يتم التعديل على الحوار، بمعنى أن الأوضاع فى مصر كانت تتغير كل يوم، فتارة نتحدث عن الانتخابات البرلمانية وتارة نتناول حدثا آخر، فنقوم بتعديل الفكرة. وقد جاء لمشاهدة العرض الفنان «أشرف عبدالباقى»، وكانت هذه هى المرّة الثانية التى يرانا فيها بعدما كان يأخذنا «سامح حسين» معه فى كواليس السيت كوم «راجل وست ستات» وكان مؤمنًا بنا لدرجة كبيرة ويرى فينا مشروعات لنجوم كوميديا من العيار الثقيل، ومن هنا انتقلنا معه إلى محطة أوسع.. تجربة «تياترو مصر» الذى أصبح بعد ذلك «مسرح مصر».. كانت تلك التجربة بمثابة «كورس» مكثف للتدريب على الارتجال وكيفية صُنع الإفيه ووضعه فى مكانه الصحيح ومتى نزيد فى حجم المشهد ومتى نقلل منه. بمعنى أن الضحك ليس مجرد إفيه أو نكتة تقال. وهذا ما أومن به؛ لأنه من وجهة نظرى أن الممثل الكوميدى لا بُد أن يكون لديه قبول فى بداية الأمر عند المشاهد ومن بعدها يستطيع بخيالة الواسع أن يضع الضحكة على وجه المتفرج، كما أن المسرحيات التى كنا نقدمها على مدار المواسم السابقة كانت تجهز على مدار يومين، ما يجعلنى أبذل مجهودًا أكبر وكنا دائمًا أنا وزملائى وأستاذ «أشرف» والمؤلف «نادر صلاح الدين» فى اجتماعات متواصلة طوال أيام العروض المسرحية لمناقشة كل التفاصيل، ومنها متى نخرج عن النص ومتى نلتزم به.. ورُغم أن مدارس الارتجال ليس مُرحبًا بها عند الكثيرين، وأنه لا بُد من تقديم مسرح جاد أو مسرح كوميدى مغلف برواية قادرة على الصمود لسنوات كما كان يفعل «محمد هنيدى» أو «محمد صبحى» أو «أحمد آدم» وإن كان بعضهم أيضًا كان يخرج عن النص أحيانًا ويرتجل؛ فإن تجربة «مسرح مصر» كانت مختلفة. فى «مسرح مصر»، أصبح لى بعض اللازمات التى أخذ الأطفال يكررونها من بعدى، والأطفال أعتبرهم الجمهور الحقيقى لنا، الذى جذب بعد ذلك الأسرة لمشاهدتنا. ومن تلك اللازمات «نى نى نى نى» التى أشتهر بها جدّا وتركت أثرًا كبيرًا عند الجمهور. استفادتى من «مسرح مصر» كانت كبيرة جدّا، فالأستاذ « أشرف» فى بدايتنا قال لنا مقولة لاأزال أتذكرها حتى الآن، وهى أن الكوميديان الضعيف هو من يلعب على مثلث الدين والسياسة والجنس، بينما الكوميديان القوى هو من يستطيع أن يبتكر إفيهات من مواقف حياتية تهم الجمهور ولا تترك أى انطباع مسىء، وهذا ما جعل لنا شعبية أخرى عند المشاهدين، فجمهور «مسرح مصر» من كل الفئات العمرية ومن كل الطبقات الاجتماعية أيضًا، فالجمهور هنا يأتى للمسرح وهو على يقين أنه يضحك، والحمد لله يتحقق هذا.