قوبل إعلان فوز الكاتب أحمد مراد بجائزة التفوق بأكبر وأقوى موجة سخط منذ إعلان أسماء الفائزين بجوائز الدولة الأسبوع قبل الماضى. حداثة مراد فى الكتابة الإبداعية، عمرها عشر سنوات تقريبا، واختلال معايير ال«بيست سيلر» بوجه عام، وتصنيف روايات صاحب «الفيل الأزرق» بالأدب التجارى، بما له من اعتبارات قيمة أدنى، وكلّها شكّلت أسباب الاعتراض والاندهاش، فى أخفّ الأحوال، بين أوساط الكتّاب والمثقّفين من مختلف الأجيال، والاستهجان من أن تنتصر الدولة لمثل هذه المعايير فى الأدب وتتجاهل تجارب أخرى أكثر عُمقا. عدا هذا شابت آليات منح جوائز الدولة هذا العام إجراءات مخالفة للعرف المنظم للوائح المجلس الداخلية ولو بغير قانون صريح.صحيح لا ينص قانون صريح بألا يرأس شخص أكثر من لجنة لفروع الجائزة، لكن اللوائح الداخلية للمجلس الأعلى للثقافة تمنع ذلك. رأس لجنة منح جائزة التفوّق فى الآداب، الكاتب الصحفى والروائى يوسف القعيد، وهو أمر مُخالف للوائح، نظرا لأن القعيد رأس فى نفس الدورة لجنة التشجيعية فى الرواية. قَبِل القعيد، بحسب تصريحه ل«روزاليوسف»، القيام بأعمال رئيس لجنة التفوّق لظروف اضطراريّة، بعضوية أسماء من بينها د. محمد بدوى ود. يوسف نوفل، وعلمت روزاليوسف منه بأن القائمة القصيرة للتفوّق فى الآداب التى جرى التصويت الإلكترونى السريّ عليها، شملت إلى جانب أحمد مراد أربعة آخرين كان من بينهم، صبحى موسى! جدير بالذكر أن تشكيل لجان المجلس جاء فى وقت سابق على تولى الدكتور سعيد المصرى أمانة المجلس، وهو نفسه التشكيل الذى أقرّه الأمين السابق د.حاتم ربيع. من ناحية أخرى، نال كل من د.صلاح فضل ود.مراد وهبة جائزتى النيل فرعى الآداب والعلوم الاجتماعية، فى حين أنهما عضوا الهيئة العليا للمجلس الأعلى للثقافة. يُخوّل القانون الجديد للجان الفحص فى الجوائز الثلاث الكبرى: النيل والتقديرية، يليها بدرجة أدنى جائزة التفوّق، إعداد قوائم قصيرة بالمرشّحين، كذلك الحال فى فروع التشجيعيّة، وهو الأمر الذى لم يكن معمولا به قُبيل إصدار القانون. فقد كان لأعمال لجان المجلس، صفة الاستشارية وكانت الكلمة العليا للمجلس الأعلى ورئيسه وأعضائه فى اختيار الفائزين. فى القانون الجديد تختلف جوائز النيل والتقديرية والتفوّق عن التشجيعيّة، فى أن الأخيرة لا تتدخّل الهيئة العليا وأمانة المجلس الأعلى للثقافة فى اختيار الفائز النهائى بها. أو بمعنى أصّح لا يرجع للمجلس التصويت على قوائم قصيرة فى التشجيعية، لأن هذه الجائزة، كما تجرى العادة، تتطلّب مُتخصّصين فى الفروع المختلفة بها، وكونها قائمة على أعمال بعينها، للجنة الفحص الكلمة العليا والأخيرة فى التعرّض لها وتقييمها ومن ثمّ اختيار الفائز. بينما تلتزم جوائز النيل والتقديرية والتفوّق، كما هو معروف، باسم تُرشّحه جهة ما، ذات اختصاص فى المجال الذى تُقدّم له الاسم المُرشّح، على مجمل أعماله ودوره واستحقاقه. التفوّق بالذات، التى اختير لها أحمد مراد، تسمح إلى جانب ترشيح الجهات الحكومية ذات الاختصاص، أن يتقدّم إليها الشخص بنفسه. وعلمت روزاليوسف أنّ ترشيح صاحب «تراب الماس»، جرى من قبل أكاديمية الفنون، التى تقدّمت بطلب ترشيحه فى فرع الآداب. يدرس المجلس الأعلى للثقافة، أو هكذا يُكثّف رئيسه الجديد الدكتور سعيد المصرى، العمل على تجديد لوائح ومصوّغات اختيار الفائزين، «آليات الاختيار وقوائم المرشّحين محلّ دراسة»، خاصة أن من بين هذه اللوائح، لوائح داخلية يقرّها المجلس بنفسه. فلا ينفى أنه مهما تمّ العمل وفق القانون الجديد بحذافيره، إلاّ أن هناك «تحفّظات على طريقة التنفيذ». أغلب هذه التحفّظات تنال ما أسماه د. المصرى «حق السلطة». فهناك اعتبارات سياسية وجغرافية مثلا تتحكّم فى الجوائز الأدبية، خاصة العربية، وهذا هو المقصود بتعريف حق السلطة، سلطة المانح للجائزة، سلطة المؤسسة، فى اختيار الفائزين. من بين مواد القانون الجديد لجوائز الدولة، أنه لا يجوز ترشيح رؤساء الهيئات وأعضائها والوزراء، وأن يكون اختيار الفائزين مناصفة بين لجان الفحص، وهى لجان فنية متخصّصة، وبين المجلس الأعلى للثقافة. يعين المجلس الأعلى المختص سنويًا لجانًا علمية متخصصة، يشارك فيها من سبق حصولهم على جوائز (النيل - التقديرية - التفوق)، وذلك لفحص وتقييم الإنتاج المقدم لنيل هذه الجوائز.وتشكل اللجان المشار إليها من عدد لا يقل عن خمسة أعضاء، ولا يزيد على أحد عشر عضوًا فى كل لجنة. وتعد هذه اللجان فى موعد تحدده اللائحة التنفيذية قوائم قصيرة تتضمن ضعف العدد المطلوب. يعلن المجلس الأعلى فى أكتوبر من كل عام عن الفروع والموضوعات التي تقرر منح الجوائز التشجيعية عنها. وعلى من يرغب فى التقدم لنيل إحدى هذه الجوائز أن يقدم للمجلس إنتاجه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان. ومن البنود الجديدة فى القانون أن جائزة النيل يمكن منحها أيضًا لأحد المبدعين العرب إلى جانب المصريين، في مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية. وقد نالها هذا العام الكاتب السورى يوسف عبدلكى.