من دون أى مقدمات؛ تحول موضوع ملابس لاعبى المنتخب المصرى لكرة القدم قبل سفره إلى روسيا إلى قضية رأى عام بعد حالة السخط العام التى سادت مواقع التواصل الاجتماعى، ولم يعد النقاش حول القضية حبيسا بين حسابات جمهور السوشيال ميديا بل أخذ البعض يعطى المسألة أبعادًا أكبر، ودخل مصممو الأزياء المصريون والأجانب على خط السجال الدائر وربما اكتسب الأمر أهميته من طبيعة الحدث الاستثنائية؛ فمصر تشارك فى البطولة بعد غياب 28 سنة عنها. أصبح هناك تقليد متعارف عليه بين المنتخبات المشاركة فى كأس العالم، وهو أن تقوم شركة بتصميم ملابس خاصة بلاعبى كل منتخب تكون عبارة عن «بدلة رسمية»، يرتديها جميع أعضاء الفريق قبل التوجه للمشاركة فى البطولة. حرصت بعض المنتخبات على أن يعكس التصميم بعضا من هويته المميزة، فمثلا أعضاء المنتخب السعودى ارتدوا رابطات عنق خضراء اللون من نفس لون علم بلادهم، وهكذا فعل لاعبو المنتخب النيجيرى الذين ارتدوا زيا فلكلوريا نيجيريا خالصا يحمل ألوان علم بلادهم، وهو ما كان مثار سخرية المصريين على صفحات التواصل حتى أنهم قالوا «اللى يشوف زى منتخب نيجيريا تهون عليه بدلته». ارتدى المنتخب المصرى بدلة مكونة من ستة أزرار على حذاء رياضى أبيض اللون، فى حين ارتدى منتخب تونس جاكيت «كاروه»، فى حين ارتدى لاعبو منتخب البرتغالوألمانيا «الصديرى» الأنيق، وبدا نجوم المنتخب الألمانى وكأنهم مجموعة من ممثلى هوليوود وليس منتخب لكرة القدم. كان المنتخب المصرى الأسوأ حظًا بين الفرق بسبب موجة السخرية التى وجهت له، وفيما أخذ بعض الجمهور يقفون ضد موجة السخرية منعا لأى أمر قد ينال من معنويات اللاعبين قبل البطولة المهمة فإن بعض المعترضين أخذ يكيل الاتهامات إلى الشركة المصممة لبدل المنتخب، ووصل الأمر حد اتهام صاحبها «خالد أوبيا» بالتورط فى عملية نصب على اتحاد الكرة المصرى استنادا إلى معلومة تقول إن عُمر تأسيس الشركة ثلاث سنوات فقط. تحدثنا مع دعاء حسنى استشارى الأزياء فى الشركة المصممة لزى المنتخب الوطنى المصرى لتوضح حقيقة ما تم إثارته فيما يتعلق بالتصميمات، وبدورها أكدت أن التهكم على الملابس لا يعبر عن أى واقع سيئ، وقالت إن هناك مبالغة مفرطة فى التعليقات السلبية من الأغلبية خاصة أن زى المنتخب تم اختياره بعناية فائقة، واختيار شركتنا للتصميم أتى رغم إنشائها منذ ثلاث سنوات فقط لأننا الشركة الوحيدة التى شاركت فى أسبوع الموضة العالمى فى نيويورك. وعن كواليس عملية اختيار التصميمات قالت دعاء: تمت متابعة المنتخب فى كل التفاصيل والمقاسات منذ البداية وحتى تحركهم من القاهرة، وبالتالى جاءت المقاسات مضبوطة بعناية لكن ما حدث من ظهور الزى بشكل غير مهندم راجع إلى سوء الاستخدام، فهذا النوع من البدل الذى يحتوى على ستة أزرار يوجد به من الداخل «زر» إذا لم يقفل جيدًا أو ترك مفتوحا سينعكس ذلك سلبًا على انضباط البدلة على اللاعبين. وأوضحت استشارى الأزياء أن أغلب اللاعبين كانوا يرتدون حقائب الظهر على البدلة ما أصابها بالكرمشة، فضلا عن أن أغلب الصور التى تم التقاطها تمت فور وصول المنتخب قبل أن يهندم نفسه مرة أخرى. وعن السخرية التى أصابت اللاعبين لارتدائهم الأحذية الرياضية بدلا من الحذاء الكلاسيك على البدلة، ألقت دعاء باللوم أيضًا على اتحاد الكرة قائلة: «اللاعبون جميعًا تم تسليمهم أحذية بنية اللون كلاسيك إيطالية الصنع، ولكن أغلب اللاعبين لم يعتادوا على الكلاسيك فتواصل معنا الاتحاد وأكد أن اللاعبين سيرتدون «الكوتش الأبيض» على البدل وأبدينا موافقتنا لأن ما يهمنا هو راحة القدم للاعبين وكان الاتفاق على أن يرتدى الجميع الكوتش، لكن فوجئنا ببعضهم يرتدى الكوتش والبعض الآخر يرتدى «الجزمة الكلاسيك» وهذا ليس من شأننا. وتابعت دعاء: الشركة التقطت للاعبى المنتخب صورا قبل السفر بالبدل وكان الوضع مختلفا تمامًا وحاز التصميم على إعجاب الجميع، أما فيما يخص اعتبار التصميم سيئا مقارنة بتصميمات الفرق الأخرى؛ قالت استشارية الأزياء: منتخب ألمانيا يرتدى نفس اللون أيضًا كما أن الخامة المصنوع منها البدلة ليست «سواريه» كما يدعى البعض فهى خامة مناسبة لكل أوقات اليوم. ما أفزع الجميع هو تكلفة البدلة إذ ذهب البعض للقول بأن تكلفة بدل المنتخب تكلفت 20 مليون جنيه، فى الوقت الذى أكدت دعاء أن تكلفة البدلة الواحدة تبلغ 1000 دولار، لأنها مصممة من خامة لا تستخدم إلا فى إيطاليا ومعروفة جدًا لدى رجال الأعمال. وعن كيفية حصولهم على عرض التصميم، أوضحت أن الشركة قدمت عرضا لأعضاء مجلس الاتحاد المصرى لكرة القدم، عقب فوز المنتخب الوطنى على نظيره الكونغولى فى تصفيات كأس العالم، لنتمكن من اقتناص حق الرعاية فى منتصف شهر مارس، بعد منافسة مع 3 شركات أخرى. تم عرض 40 تصميما مختلفا لبدل رجالى، تنوعت ألوانها بين الأسود والأزرق القاتم، مستخدمين أقمشة غير منقوشة، ووقع الاختيار على البدلة المصممة لأنها تناسب طبيعة الأجسام الرياضية لكونها بستة «زراير»، فضلا عن أنها تلقى رواجًا فى خطوط الموضة العالمية خلال السنوات الماضية، بينما يرتدى الجهاز الإدارى والفنى بدلا سوداء بتصميم مختلف. وتابعت دعاء: الشركة تعتزم إجراء جلسة تصوير احترافية لعبدالله السعيد بالبدلة ذاتها لتأكيد إطلالته المتميزة، خاصة أنه أكثر لاعب حاز على السخرية والانتقاد، لافتة أن الشركة اتبعت مدرسة حديثة فى التصميمات. لم يكن تصميم البدلة فقط أكثر شيء حاز على النقد، لكن وضع الشركة المصممة لبدلة المنتخب، اللوجو الخاص بها، بدلا من وضع اللوجو الخاص بالمنتخب الوطنى أو علم مصر أو حتى شعار اتحاد الكرة، أو تركها فارغة دون لوجو كدعاية لنفسها ليزيد من رداءة شكل البدلة، وفقًا لوصف الجماهير لها، الأمر الذى بررته دعاء بأن اتحاد الكرة ترك للشركة حرية وضع اللوجو من عدمه، وأن لوجو المنتخب أو اتحاد الكرة، كان غير ملائم مع البدلة على عكس اللوجو الخاص بالشركة. فيما علق مصمم الأزياء أحمد حافظ قائلا: «التصميم ليس له علاقة بموضة 20172018، فهو تصميم هندى منتشر من قرابة الست سنوات، وطالما أن الشركة قادرة على التصميم كان عليها أن تصمم البدل بطريقة تتناسب مع ارتداء الكوتش، وبالتالى كان الشكل الأنسب هو أن يكون البنطال طوله على أول الكوتش حتى يظهر كاملا وألا يرتدى معه اللاعبون رابطة العنق إطلاًقا». وأشار حافظ إلى أنه لابد أن يكون هناك مصمم أزياء «إستايلس» مع المنتخب خاصة أثناء التقاط الصور، وإذا تحدثنا عن الجانب الفنى فأغلب لاعبى المنتخب قصار القامة وتتراوح أطوالهم بين 162 ل170، وبالتالى لا يتناسب معهم «ستايل» البدلة على الكوتش لأنها ستظهر اللاعب أشبه «بفطوطة». وعن وضع لوجو الشركة بدلا من علم مصر أكد أنه فعل مهين تمامًا يعتمد فقط على الترويج للشركة، فالمنتخب السعودى على سبيل المثال ارتدى رابطة عنق على شكل علم السعودية، وإذا كانت حجة الشركة أن اللوجو أفضل على البدلة فكان يمكن وضع لوجو علم النسر الذهبى أيضًا لأن الأهم هو مظهرنا فى الخارج. واعتبر أن مشهد ظهور اللاعبين بارتداء بدلة تلمع لا يليق إلا بالحفلات، ويليق بالمطربين وليس بمنتخب كرة قدم يمثل مصر فى حدث يشهده العالم كله، وبالتأكيد سينعكس الأمر بالسلب على كل بيوت الأزياء المصرية. وعلق حافظ على كرمشة البدلة التى بررتها الشركة بأنه نتيجة ارتداء شنطة «ظهر»، قائلا: هذا كلام فارغ، «الكرمشة» نتيجة سوء خياطة وتفصيل لأن من المعروف أن البدلة يوضع بها من الداخل حشو حتى لا تتعرض ل«الكرمشة» نهائيًا، وإذا افترضنا أن حديثهم صحيح فلماذا تصل الكرمشة حتى الكمام؟، مؤكدًا أن الثمن المعلن عنه بعيد تمامًا عن الصحة.