حالة من الاضطراب غير مفهومة باتت تسيطر على العلاقة بين الرجال والنساء وكأن هذه العلاقة صارت فجأة لوغاريتم يصعب حله أو التعامل معه حتى بالرجوع للمرجع الأشهر فى هذا الأمر «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة». لايمكن إرجاع تزايد حالات الطلاق بشكل شبه يومى فقط إلى انتشار الأفكار النسوية بين شرائح مختلفة فى المجتمع، وإنما يؤكد ذلك على أن هناك حلقة مفقودة بين الطرفين. بمناسبة اليوم العالمى للمرأة والذي يوافق 8 مارس حاولنا تقريب المسافات بين الطرفين فسألنا كلا منهما على حدة عما يريده من الآخر. المرأة بالطبع لها مطالب من الرجل، لا تريده أن يكون «سى السيد»، ولا تريد النموذج الملائكى أو القديس، ولا رجلًا بلا أخلاق، بل تريده رجلاً يعرف معنى الرجولة. الناشطة ندى القصاص، قالت: «فكرة «ظِل رجل ولا ظِل حيطة» مفهوم قديم من أيام سى السيد وقتما كانت المرأة غير متعلمة ولا تخرج من بيت زوجها، لكن الآن المفهوم تغير، فالسُّلطة الأبوية اختفت ولم يعد الأب يحتكر السُّلطة فى البيت. بالتالى أمر طبيعى أن تختلف علاقة الرجل بالمرأة، فالبعض الآن يظن أن الرجولة هى احتكار السُّلطة والمال وليس تحمُّل المسئولية، فى المقابل المرأة هى الأعلى فى نسبة التعليم، وارتفعت نسبة المرأة العاملة، وأصبحت أكثر تحملًا للمسئولية مما مضى، والآن المرأة هى ظل الرجل». وتابعت: «المرأة اليوم ليست فى حاجة للرجل من الناحية المادية ولا الأمان لأنها قادرة على توفير كل ذلك بنفسها لأسرتها بمن فيهم الرجال». صابرين أحمد، متزوجة منذ ثلاث أعوام ولديها بنت واحدة، وتعمل مُدرسة، قالت: إن المرأة لا تستطيع العيش من دون رجل لأنها ستصبح مطمعًا للرجال، وحتى لو الرجل لا يتحمل مصاريف البيت فهو أيضًا موجود رجل فى البيت يوفر عامل الأمان. سعاد محمد، صاحبة محل بقالة، متزوجة وأم ل5 بنات، استطاعت تعليمهن بمفردها، رُغم غياب زوجها الذى سافر إلى ليبيا وانقطعت أخباره، وفتحت محل بقالة صغيرًا، وعندما عاد زوجى بلا أموال عشنا من المحل وزوجت بناتى، فكنت أنا الرجل والست بالبيت، ورفضت الطلاق ف«ضِل رجل ولا ضِل حيطة». وتضيف: «المرأة فى حاجة للرجل كما الرجل فى حاجة للمرأة، لكن عندما يتنازل الرجل عن رجولته ويصبح مجرد ذَكَر، فهنا لا تحتاج المرأة لهذا الرجل. وتضيف نجوى خشبة، تعمل فى شركة تسويق: «المرأة محتاجة من الرجل يكون إضافة إيجابية فى حياتها، وليس عبئًا عليها، فاليوم المرأة أصبحت مستقلة، بل هى أفضل من الرجل فى العمل والبيت، وقادرة أن تحمى نفسها جيدًا، وقادرة على النجاح دون الراجل، ولكن المرأة إذا احتاجت الرجل يحتويها وليس لحمايتها، فكرة أن المرأة تحتاج الرجل بهدف أن يظلل عليها فهذا كلام فارغ. فى السياق نفسه أوضحت نجلاء شابون، مؤسسة حملة «أريد حلًّا» أن مقولة «ظل رجل ولا ظل حيطة» سبب الكوارث الأسرية التى تحدث بالمجتمع، وبالتالى ارتفاع حالات الطلاق بمصر نتيجة الاختيار الخطأ للزوج منذ البداية بهدف هروب من العنوسة أو للإنجاب، والأزمة أن لدينا مطلقات يخفن نظرة المجتمع، مما يجعلهن يوافقن على الزواج من أى رجل، وبالتالى طبيعى أن تفشل الزيجة فيما بعد. وأضافت: «المرأة المصرية أصبحت قادرة على تحقيق ذاتها دون الرجل وتحمُّل مسئولية نفسها والأولاد فى حالة لو عندها أولاد دون الاعتماد على الرجل، فالمرأة ليست فى حاجة إلى الرجل خاصة مع فقد أغلبية الرجال فى مجتمع تحمُّل المسئولية احتياجات البيت، مؤكدة أن المرأة تستطيع العيش دون رجل. د. إيمان عبدالله، أستاذ علم الاجتماع، قالت: إن المرأة لاتزال وستبقى فى احتياج للرجل كما الرجل فى احتياج للمرأة، فهى علاقة شخصيتين متبادلة كل منها يكمل الأخرى، فلا يعيب على المرأة أن تعيش تحت ظل رجل يوفر لها احتياجاتها العاطفية والمادية، والمعنوية والمرأة أيضًا توفر للرجل احتياجاته. وتابعت: لو أصبحت الحياة «ظل رجل ولا ظل حيطة» يبقى الأفضل للمرأة تعيش دون زواج، فالحياة السليمة بين الزوجين هى التبادل والمشاركة بينها، فليس معنى أن المرأة خرجت للعمل أنها ليست بحاجة للرجل، وتنظر للزوج نظرة مادية أنه غير قادر على توفير احتياجاتها. وأكدت أن نجاح المرأة يتوقف على الاختيار السليم للشريك، فالزوج إذا كان متعلمًا ومثقفًا ومنفتحًا على العالم الخارجى فلن يكون نجاحها منافسًا له أو له تأثير سلبى على حياته الزوجية ومستقبل أطفاله، وسيقدم لك كل ما يملك من أجل إسعاد زوجته، أمَّا الزوج الأنانى، والمنغلق عقليًّا وفكريًّا، فربما يرى فى نجاحك إنقاصًا لرجولته وفحولته، فيحاول أن يقف حجر عثرة فى طريق طموحك، كى تظلى حسب رأيه مِلك يديه وخادمة لطلباته، فيخترع العصا التى ستربك عجلتك العملية والعلمية، لكى يحطم ثقتك بنفسك وقدراتك ويبقى المتربع على عرش الزوجية.