حكى الأديب بهاء طاهر أنه حينما كان موظفا باليونسكو زار ضمن وفد من المنظمة دولة كينيا، وفى إحدى القرى شاهد.. طاهر صورة الزعيم «جمال عبدالناصر» على الحائط فى دكان صغيرة بقرية فقيرة، فسأل صاحب الدكان: لمن هذه الصورة، خاصة أنه جرت العادة آنذاك أن تعلق صور رؤساء البلاد. رد الرجل مندهشا على.. طاهر قائلا: «إنه أبو أفريقيا فطلب الأديب الكبير منه اسمه فقال: لا أحد غيره إنه «عبدالناصر» أبو أفريقيا. ذه الصورة، خاصة أنه جرت العادة آنذاك أن تعلق صور رؤساء البلاد. رد الرجل مندهشا على.. طاهر قائلا: «إنه أبوأفريقيا فطلب الأديب الكبير منه اسمه فقال: لا أحد غيره إنه «عبدالناصر» أبوأفريقيا. يقول بهاء طاهر عن هذا الموقف: عشت فى نشوة سعادة وأنا أفخر أمام زملائى بالمنظمة أن رئيسنا وصل إلى هنا بكلمة الحق التى خرجت من هذا الرجل البسيط. عرف العالم كله «ناصر» وآمن به ورفع صورته فى محافله، بل سعى إلى تخليد اسمه بإطلاقه على الشوارع والميادين، عرفانا من العالم إلى هذا الرجل الذى كان حريصا على تدعيم فكرة الاستقلالية عند الشعوب وأخرجها من غياهب الاحتلال إلى عصر القرار الوطنى المستقل. من مشرق الأرض ومغربها، يحمل الكثير من الشوارع اسم الزعيم «جمال عبدالناصر»، من فرنساوفلسطين وليبيا حتى الجزائر، وكينيا والأدغال الأفريقية وخلدت أوروبا اسم ناصر بشارع له فى فرنسا ليكون شاهدا على مواجهته لغطرسة الاحتلال الأوروبى التى عمل على مواجهتها. «عبدالناصر» لم يترك فلسطين يوما بل حمل همّ القضية الفلسطينية فى كل المحافل وتحدى أمريكا وإسرائيل حتى آخر لحظة فى حياته وشارك فى نضال الشعب الفلسطينى ودعم حركات مواجهة الاحتلال، ورد الشعب الفلسطينى على دور «عبدالناصر» فأطلقوا اسم ناصر على أحد الشوارع وآخر حمل اسم «جمال عبدالناصر» وهناك مسجد «جمال عبدالناصر» ومنتزه باسمه فى نابلس ومع مرور مائة عام على ميلاد «عبدالناصر» يبقى «ناصر» فى ذاكرة وقلب الشعب الفلسطينى وفى العام الماضى تم إقامة معرض صور «جمال عبدالناصر» فى فلسطين تحتوى على 23 إطارا تمثل مراحل من حياة عبدالناصر خلال زيارته ولقاءاته بالزعامات الفلسطينية ومنها صور مع «جيفارا». ومن فلسطين إلى لبنان ودوره فى وأد الخلافات اللبنانية وقت قيام الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا ومصر حيث اعترض البعض على الجمهورية المتحدة ووافق البعض فجمع الزعيم شمل لبنان فى خيمة أقيمت نصفها بسوريا والآخر فى لبنان تأكيدا على وحدة الشعوب العربية ووحدة الهدف والمصير وانتهت الخلافات اللبنانية ورد اللبنانيون الجميل للزعيم بشارع باسمه فى بيروت وتمثال بقلب بيروت يزوره العديد من اللبنانيين فى ذكرى ثورة يوليو 1952 كما يضعون أكاليل الزهور فى ذكرى رحيله ولأن الحب ورد الجميل لا يقبل أى إهانة أشعل اللبنانيون الشموع ووقفوا صامتين أمام تمثال «عبدالناصر» عندما حاول بعض الفوضويين والإرهابيين هدم تمثال «عبدالناصر» فى بنغازى كما يتم الآن تجديد تمثال آخر ل«عبدالناصر» فى مدينة بعلبك بلبنان. وإلى ليبيا وتحديدا بنغازى عندما رحل «عبدالناصر» حزن الليبيون عليه خاصة الزعيم الراحل «معمر القذافي» الذى كان يعد نفسه لاستكمال دور «عبدالناصر» القومى العربى وأقام تمثالا ضخما فى بنغازى وميدانا وشارعا ل«عبدالناصر» رد الجميل ليس للعرب فقط بل لكل الدول التى كانت تبحث عن الحرية والتحرر من الاستعمار ولم يكن «ناصر» أو القذافى يعلمان أن العرب سوف يخرج منهم من يزيل التاريخ ويتطاول على الذين ضحوا من أجل أوطانهم وبعد رحيل «القذافي» جاء بعض الغرباء على الوطن وعلى ليبيا وهدموا تمثال «عبدالناصر» من موقعه فى ميدان عبدالناصر ببنغازى المؤسف أن الهادمين كانوا يهتفون «الله أكبر» ولحاهم تسبقهم كأنهم يحررون الأقصي!! وسجلت هذه الواقعة المؤسفة فى فبراير 2012 وهؤلاء هم أعداء «عبدالناصر» حيا وميتا ظلوا فى جحورهم حتى انقضوا على التمثال وهدموه وصبوا كل حقدهم الأسود على عبدالناصر ورغم أن هؤلاء قلة لا تقدر القومية العربية وتاريخ مقاومة الاحتلال إلا أن اسم ومكانة «عبدالناصر» عند غالبية الليبيين سوف تظل بالقلوب بعد صدمتهم من أفعال الإرهابيين ومن ليبيا إلى تونس الخضراء حيث شارع أو «نهج» «جمال عبدالناصر» فى وسط العاصمة تونس وقد رد التونسيون الجميل للقائد والزعيم بإطلاق اسمه على الشارع الرئيسى بالعاصمة فور رحيله فى 28 سبتمبر 1970 ورغم بعض الخلافات وقتها مع الحبيب بورقيبة إلا أنه أطلق اسمه على شارع مجاور ل«عبدالناصر» ويوازيه شارع شارل ديجول وكأنها ذكريات للقيادات من العرب وفرنسا وهو أكبر دليل على تخليد الأسماء التى أعطت وضحت من أجل بلدهم. وفى الجزائر كانت العلاقات الخاصة المصرية - الجزائرية ودور «عبدالناصر» فيها قويًا خاصة علاقة عبدالناصر وأحمد بن بلة ودعم الثورة الجزائرية فى يوليو 1963 وعلاقات قوية ربطت مصر والجزائر وأطلق الجزائريون اسم عبدالناصر على بعض الشوارع فى العاصمة ومدن أخرى، ولا ينسى أحد تاريخ العلاقات القوية بين مصر والجزائر ثم رد الجميل من الجزائر لمصر فى حرب أكتوبر. وفى قلب العاصمة الأردنية عمان يوجد ميدان «جمال عبدالناصر» وتحديدا فى منطقة العبدلى ويربط بين مناطق جبل الحسين والعبدلى وشارع الاستقلال ويعتبر شارع «جمال عبدالناصر» من الشوارع الحيوية وقد أطلق اسم الزعيم عقب رحيله وكان الشارع اسمه دوار الداخلية لوجود وزارة الداخلية الأردنية فيه، لكن تم تغييره وهو تعبير عن حب الشعب والقادة الأردنيين للزعيم «جمال عبدالناصر» ودوره العربى والقومي. وفى سلطنة عمان وضع خاص لناصر، حيث لم يكن حبَّا فقط بإطلاق اسم الزعيم على بعض الشوارع بعمان - بل وصل الحب العمانى لعبدالناصر إلى كتابة رواية بعنوان «الذى لا يحب جمال عبدالناصر» للكاتب الروائى العمانى سليمان المعمرى وأيضا رسالة ماجيستير عن «عبدالناصر» والحركة السياسية فى عمان بجامعة السلطان قابوس فى الفترة من 1954-1968 للباحثة رنان بن حمدان بن سيف واهتمت بكل جوانب ثورة يوليو. وبالكويت يوجد شارع «جمال عبدالناصر» وتم بالمصادفة تجديد الطريق فى ديسمبر الماضى 2017، وليس هذا الشارع فقط بل هو أهم الشوارع فى قلب العاصمة الذى أطلق عليه اسم الزعيم. وفى إمارة الشارقة بالإمارات شارع «جمال عبدالناصر» وهو من أهم الشوارع بالشارقة. وحتى إيران بها شارع «جمال عبدالناصر» اعترافًا بدوره القومي. وفى السودان شارع رئيسى باسم «جمال عبدالناصر» وقد جسد الشعب السودانى حبه ل«عبدالناصر» عقب هزيمة 1967 عندما زار السودان استقبله الشعب استقبالا تاريخيا وهو ما أدهش الأمريكان وقتها وسألوا كيف يستقبل الشعب السودانى رئيسا مهزوما بهذا الحب الذى جعل كل الدول العربية تقريبا تطلق اسم الزعيم على أهم شوارعها وميادينها. ولأن ثورة يوليو كان من أهدافها تحقيق الاستقلال السياسى ل200 مليون أفريقى وهو ما يؤكده د. أيمن شبانة الخبير فى الشأن الأفريقى، وأن ثورة يوليو ساهمت فى دعم الثورات الأفريقية ودعمت 23 حركة تحرير أفريقية ووقفت ضد عنصرية حكومة جنوب أفريقيا وأحب الأفارقة «ناصر» وأطلقوا اسمه على شوارع وميادين بدولهم بل أيضا على مساجد وجامعات تقديرا لدوره، حيث توجد فى أوغندا شوارع ومدارس باسم «جمال عبدالناصر» وأكبر جامعة فى أوغندا أيضا تحمل اسم «عبدالناصر» وأن نيلسون مانديلا عندما زار القاهرة أول مرة ذهب إلى قبر «عبدالناصر» وقال: لقد جئت للقائه بعد 28 عاما وأن السجن سبب تأجيل اللقاء وفى مدينة جوهانسبرج تمثال لعبدالناصر وشارع باسمه. وفى نفس السياق ستظل دول القارة السمراء على عهدها فى الاعتراف بجميل «عبدالناصر» تجاه محاولات تخلصها من الاستعمار وفى غينيا تمثال حديث ل«عبدالناصر» سوف يوضع بجامعة بوكاناكري. والشعب الغانى يعتبر المصريين أخوالهم بعد دور «عبدالناصر» فى زواج المناضل الغانى كوامى نيكروما من المصرية فتحية رزق ويحفظون دعم ناصر لهم فى قضيتهم ضد الاستعمار. وفى كينيا وتنزانيا وغالبية الدول الأفريقية لن تجد دولة إلا وبها شارع أو مؤسسة تعليمية أو ثقافية وتحمل اسم جمال «عبدالناصر». لم يتوقف الأمر عند حدود العرب وأفريقيا بل إن فنزويلا إحدى دول أمريكا الجنوبية أقامت تمثالا لعبدالناصر فى 2013 تكريما له ولتعرف الأجيال الجديدة دوره فى دعم حركات التحرر فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ودول عدم الانحياز وسوف يظل التاريخ شاهدا على تخليد «جمال عبدالناصر» وحافظا دوره فى ذاكرة الشعوب. فى مصر ليس هناك محافظة ليس بها شارع وشارعان وثلاثة تحمل اسم الزعيم «جمال عبدالناصر» فمن الإسكندرية حتى أسوان هناك ميادين وشوارع باسمه. فى الإسكندرية أطلق على أقدم شوارع الإسكندرية اسم «جمال عبدالناصر» أما الوادى الجديد فخلدت اسم الزعيم الراحل بشارع 3 كيلو مترات بمدينة الخارجة، وفى البحيرة هناك شارع باسمه من الطابية حتى مدينة رشيد. أما فى المنيا فيحمل أكبر شوارع مدينة مغاغة اسمه وفى بنى سويف هناك مدينة كاملة تحمل اسمه، وفى السويس هناك ميدان «جمال عبدالناصر» وفى القاهرة وبعيدا عن الشوارع هناك محطة مترو محورية تحمل اسم الزعيم.