حينما سألوا الفنانة «كاميليا»: «من أجَمل مِنكِ؟».. أشارت إلى فتاة لطيفة، جميلة، ما زالت فى بدايتها، وقالت: «البنوتة الصغنونة دى اللى اسمها شادية»!.. ورغم أنها لم تعمل مع «شادية» سوى فى فيلمين فقط هُما «صاحبة الملاليم» و«الروح والجسد» عام 1949 لمُنتجهما وبطلهما «محمد فوزي».. لكن «كاميليا» لم تُغير رأيها أبدا! كان هذا هو نفسه رأى «تحية كاريوكا» فى «شادية»، فهى التى رشحتها للمُخرج «صلاح أبوسِيف» فى فيلم «شباب امرأة» عام 1956 وكانت «شادية» فى بدايتها أيضا، وكانت تقول عن «شادية» إنها مثل «البونبون».. بل إنه فى الثمانينيات حينما سألوا «تحية كاريوكا»: «لو أمامكِ زيارة واحدة لإحدى الفنانات، فأى فنانة ستختارين؟». اختارت على الفور «شادية»، رغم أنه كان أمامها اختيار فنانات أُخريات مثل: «فاتن حمامة»، «صباح»، و«هدى سُلطان».. لكن كان سبب اختيارها ل«شادية» كما ذكرت هو: «مينفعش نقول على الفاكهة لا، وشادية كل قعدتها ظريفة وخفيفة، ثم أنا بحب شادية».. وحينما سُئِلت: «من بعد شادية ؟».. صَمتت قليلا، ثُم قالت «فاتن حمامة»!. ترشيح «تحية كاريوكا» ل«شادية» أحدث وقعه لدى «صلاح أبوسيف»، وهو ما شجعه للعمل مع «شادية» مُجددا، وفى عام 1960 عملا معا فى فيلم «لوعة الحب»، وكانت البطولة ل «أحمد مظهر» و«عُمر الشريف»، ووقتها رفضت «شادية» أن يُقبلها «عُمر الشريف» فى الفيلم، مِمَا أثار غضب «صلاح أبوسيف»، فقال لها: «يعنى أحمد مظهر يبوسك وعمر الشريف لا!».. ردت «شادية»: «مش هينفع أبوس عُمر الشريف عشان خاطر فاتن حمامة».. فكان رد «صلاح أبوسيف»: «لقد قام زوجك عماد حمدى بتقبيل فاتن حمامة فى فيلمى لا أنام عام 1957 وكان من إخراجى، فلماذا لا تقومين بنفس الشيء مع عمر الشريف ؟».. ضحكت «شادية»، وقالت بخِفة دمها المعهودة: «لقد استأذنتنى فاتن قبلها وأنا وافقت»!.. ولهذا ليس غريبا أن تُصرح «فاتن حمامة» فى عام 1964: «أعظم مُمثلات مصر: شادية».. هذا لم يمنع مَن الشَد والجَذب بين كُل مِن مُحبى «فاتن حمامة» ومُحبى «شادية».. كانت الصَدِيقات المُقربات ل «شادية» - بعد الاعتزال - هُن: الإعلاميتين «آمال فهمي» و«سَناء مَنصور» والفنانة «سناء جَميل».. وهو ما عبرتَ عنه صراحة «شادية» فى أولى حواراتها الصحفية بعد الاعتزال بعامين تقريبا أى فى عام 1985.. ولهذا فقد دافعت «سناء جميل» عن «شادية» فى عام 1998 بعدما حصلت «فاتن حمامة» على «نجمة القرن» من «مهرجان الإسكندرية السينمائي»، حيث غاب مُعظم النُجوم الكِبار اعتراضا وقتها.. قالت «سناء جميل» صراحة: «لو هتخلوها نجمة القرن تبقى شادية، خاصة أنها جمعت الفن الشامل، من غِناء واستعراض وكوميديا، بل إنها عملت ببراعة فى أدوار مُقتبسة عن نُصوص أدبية لنجيب محفوظ، وأهمها «زُقاق المَدق وميرامار واللص والكَلاب».. هذا التصريح لم يمر مُرور الكِرام، وأثار غضب «فاتن حمامة»، وحدث بينها وبين «سناء جميل» خِلاف استمر حتى وفاتهما!.. رغم أن «سناء جميل» حاولت أن تشرح تصريحها هذا أكثر، فقالت: «فاتن حمامة عظيمة وكل حاجة، لكن كان فى استطاعتها أن تُقدم نموذجا أفضل للمرأة المصرية بدلا مِمَا قدمتهُ، وكأنها دائما امرأة مغلوب على أمرها وضحية»!. كان أن اعترضت «مريم فخر الدين» هى الأُخرى أن يتم مَنح «فاتن حمامة» هذا اللقب أيضا، فقالت: «ممكن شادية أو سعاد حُسنى.. لكن فاتن حمامة لا.. ولو هى نجمة القرن، نبقى إحنا جوارى السينما؟!».. كانت علاقة «شادية» ب«مريم فخر الدين» وطيدة مُنذ زمن، وللتأكيد على ذلك، فقد حكت «مريم فخر الدين» عن واقعة تُظهر مَدى قُرب الاثنتين.. قالت: «استيقظت إحدى المرات من نومى، وكُنت أود أن أُصلى، قرأت الفاتحة، وسجدت وركعت ولا أعرف ما الذى يُمكن أن أقوله فيهما، فخرجت عن صَلاتى لأتصل بشادية، فعلمتنى الوضوء والصلاة وأنا فى الخَمسين مِن العُمر»!. حُب «شادية» ليس بغريب.. حتى على بَاقى الفنانات الأُخريات.. مثلا «لبنى عبدالعزيز» لم تظهر كضيفة شرف طوال حياتها الفنية سوى فى فيلمٍ واحد فقط هو «لا تذكريني» عام 1960 وعن هذا قالت: «ظهرت إكراما وحُبا وعِشقا لشادية، فلولاها ما كنت لأوافق، حتى لو دفعوا لى مليون جنيه»!. ولم تنسَ أيضا «ليلى طاهر» أنه فى عام 1962 فى فيلم «امرأة فى دوامة» أن «شادية» ساعدتها كثيرا فى بدايتها، فلقد كانت «شادية» تقوم بتعطيل التصوير حتى تعود «ليلى طاهر» من امتحاناتها، بل إنها كانت تُرسل ل«ليلى طاهر» الماكيير والكوافير الخاصين بها حتى تظهر فى أبهى صورة!.. لهذا قالت «ليلى طاهر» عنها: «لقد علمتنى شادية الفن والإنسانية».. لم تتغير «شادية».. لتكرر هذا الموقف مرة أُخرى مع «إلهام شاهين» هذهِ المرة.. ففى عام 1984 وتحديدا فى آخر أفلام «شادية» السينمائية «لا تسألنى من أنا»، قَصَتَ «إلهام شاهين» حكاية ما زالت تلمسها من الداخل حتى اليوم.. قالت: «أنا ماكُنتش مِصدقة إنى هشتغل مع شادية وقتها، وكانت لدى امتحانات مُتزامنة مع عملى بهذا الفيلم، فبكيت ورأتنى شادية، فحكيت لها، فما كان منها إلا أن نادت مُخرج الفيلم أشرف فهمى بخِفة دمها المعهودة: يا أش يا أش هغيب 4 أيام عشان عندى ظُروف، فقال لها: تؤمرى يا سِت.. وكان كُل هذا فقط من أجلي»!. علاقات «شادية» الودية القديمة هى ذاتها علاقاتها الحديثة مع فنانات أُخريات.. وليس أدل على هذا مِمَا حكته «سعاد حُسني» عنها، ففى فيلم «الطريق» عام 1965 فرحت «سُعاد حسني» جدا بأنها ستكون بطلة أمام «شادية».. وقالت: «لقد سعدتُ جدا بالوقوف أمام شادية، لكنى بعدها شعرت بالحُزن الشديد حينما علمت بأنه لا يوجد أى مشهد لى معها».. لهذا تحدثت «سعاد حسني» مع المخرج «حسام الدين مصطفي»، فكان رده: «ده فن بلاش لعب عيال»!.. وحين علمت «شادية» أصرت أن تحضر فى يوم تصوير «سعاد حسني» لمشاهدها حتى تلتقط صورا معها للذِكرى. وفى آخر حوار للفنانة «سميحة توفيق» - قبل وفاتها (2008 - 2009) - قالت: «شادية خيرها عليا، فهى الفنانة الوحيدة التى علمتنى كثيرا عن أمور الدين، وهى التى فتحت لى بيتى حتى الآن»!. تأثير «شادية» امتد ليطال الموسيقيين أيضا، فقد فوجئ المُلحن «رياض السُنباطي» باتصال هاتفى من «أُم كلثوم» تطلب منه تلحين أُغنية ل«شادية»، وكانت أغنية «3 شهور ويومين اثنين»، هذا فى الوقت الذى لا يجرؤ فيه «السُنباطي» على التلحين لأى مُطربة أُخرى إلا بعد استئذان «أم كلثوم»!.. بل إن «أُم كُلثوم» لم يفُتها تهنئة وإرسال «باقة ورد» ل«شادية» فى أولى حفلاتها فى الستينيات!.. كان هذا موقفا مُدهشا من «كوكب الشرق»، إلا أنها قالت: «شادية أخف صُوت نِسائى، فصُوتها يُشعرنى بالبهجة، لهذا أوصيت رياض السُنباطى بالتلحين لها». الغريب فى الوقت نفسه أن «شادية» تستطيع أن تجمع الشتيتين!.. لقد كانت «شادية» صديقة ل «جيهان السادات» - بعدها بأعوام - بل إن الاثنتين ظهرتا معا فى أكثر من مؤتمر مِن مؤتمرات المرأة، رغم ما كان معروفا عن العلاقة الشائكة بين «جيهان السادات» و«أُم كُلثُوم»!.. وحينما سُئِلت «شادية» عن رأيها فى «أُم كلثوم»، قالت: «أُحب جميع أغانى أُم كُلثوم، خاصة أُغنية كل ليلة وكل يوم بسهر يا حبيبى، فدائما أبكى عند سماعها».. تِلك الأُغنية - والمعروفة أيضا باسم «يا ترى يا واحشنى بتفكر فى مين؟» - كانت دائما ما تُذكر «شادية» بقصة حُبها الأولى مع ضابط بالجيش، والذى مات فى حرب 1948.. امتد هذا التأثير ليطال نجمات غناء أُخريات من الأجيال التالية لاحقا، فحينما سُئِلتَ «وردة» فى التسعينيات عن الأُغنية التى لطالما تمنت أن تُغنيها من ألحان زوجها «بليغ حمدي»، قالت على الفور: «أغنية خلاص مسافر لشادية والتى لحنها لها بليغ حمدى عام 1972».. وأضافت ضاحكة: «لو كانت لدى هذه الأُغنية فقط من بليغ لكانت كافية جدا بالنسبةِ لى عن مسيرتى الغِنائية كاملة، وكلما كُنت أسمع مقطع: خايفة تلاقى وردة تحلو فى عينيك، فكنت أرد وأقول: ما خلاص لقى الوردة واحلوت فى عينيه يا شادية»!.. بل إن «سميرة سعيد» صرحت بأنها أسمت ابنها الوحيد «شادي» تيمُنا وحُبا فى «شادية»!.. الباحث والمُذيع «محمد شوقي» يروى فى دراسته بعنوان «شادية.. صوت من مصر» أن تكريم «شادية» من «مهرجان القاهرة السينمائى الدولي» لم تكُن المُحاولة الأُولى لإدارة المهرجان، فقد سبقتها مُحاولة من قبل فى دورة (1995 - 1996) لكن المحاولة باءت بالفشل! جاءت بداية التفكير فى التكريم من «هند رستم»، التى كرمها المهرجان فى الدورة التى سبقت اختيار «شادية» لتكريمها.. وقتها اعتلت المُكرمة «هند رستم» المسرح، سلمت على الكاتب الكبير «سعد الدين وهبة» - رئيس المهرجان - وقالت: «شادية أحق مِنى بهذا التكريم، ولا بُد أن يكون هناك تكريم يليق بمكانة وقدر وشعبية شادية».. قام الحضور بالوقوف، وضجت الصالة بالتصفيق، وبالفعل استجابت إدارة المهرجان لهذا الاقتراح - كما ذكرنا - فذهب «سعد الدين وهبة» لمُقابلة «شادية»، فكانت مترددة فى بادئ الأمر لأنها كانت قد اعتزلت ولا تُريد أن يُفسر هذا التكريم تفسيرات عِدة، لكنه أقنعها فى النهاية بمسألة التكريم، ومضت «شادية» بالفعل الدعوات بخط يدها، لكنها فى اللحظات الأخيرة عادت لتعتذر عن هذا التكريم!.. ساء الأمر أكثر، حينما قامت الإعلامية «سناء منصور» - بعد اعتذار «شادية» - فى حفل افتتاح المهرجان بالقول: «شادية موجودة بيننا وفى قُلوبنا».. وهو ما أثار الهرج والمرج بين الحُضور!.. وحاولت «هُدى سُلطان» تدارك الأمر، حينما صرحت: «شادية كانت جاية، لكن ماجتش، والله أعلم بظروفها، لكنها بالتأكيد لم تنسَ الفن، خاصة أن شقيقى محمد فوزى هو أول من لحن لها، وأول من كون شخصيتها التى نعرفها اليوم».. وهو نفس ما حاولت أن تقوله «سميحة أيوب» بشكلٍ آخر: «إحنا مش بنكرم شادية.. إحنا بنكرم مسيرة وتاريخ.. سواء جت أو ماجتش»!. البعض عبر عن خيبة أمله، فمثلا «نبيلة عبيد» قالت: «كنت سعيدة للغاية بتكريم شادية، خاصة ونحن الاثنتين ندين بالفضل للمُخرج والمُنتج حلمى رفلة، لهذا حينما لم تأتِ حزنت بِشدة».. «فريد شوقي» - والذى كان مِن ضِمن المُكرمين بجانب «شادية» - قال وهو على خَشبة المَسرح: «التمثيل مِهنة شَرف.. وعُمره ما كان ذنب نتبرأ منه أو نتوب عنه».. وكأنه تناسى تماما ما صرحت به «شادية» بعد اعتزالها: «أُشاهد أفلامى ولا أُنكر فني»!. الغريب أن «يوسف شاهين» كان الوحيد تقريبا الذى توقع بأن «شادية» لن تأتى إلى المهرجان أو التكريم، وكسب الرهان!.. وقد ترددت الأقاويل وقتها كثيرا حول اعتذارها.. مثلا، مُحبو «شادية» أرجعوا السبب إلى أنها خشيت أن تتعرض لنفس ما تعرضت له «هُدى سُلطان» عندما كُرِمتَ قبلها فى «مهرجان الإسكندرية السينمائي»، وطلب منها «سمير صبري» أن تُغنى شيئا، فغنت «مال القمر ماله» ل«محمد فوزي»، وكانت «شادية» حريصة جدا على مسألة الاعتزال بشكل جدى، ولا تُريد أن يتم إحراجها بنفس الطريقة وأن يُطلب منها مثلا الغناء أو تقديم فقرة فنية.. والبعض قال إنها اتصلت بالشيخ «الشعراوي» لتسأله عن رأيه فى التكريم، فنصحها بالابتعاد وألا تُضيع كُل ما قامت بِهِ فى الأعوام المَاضية! «شادية لها دين فى رقبتى إلى يوم الدين».. هذا ما قالته «بوسي» فى حوار صحفى معها حسب ما قالته لها شقيقتها الفنانة المُعتزلة «نورا» عن «شادية»، والمعروف عن «نورا» أنها هى الأُخرى ترفُض الظُهور، وهو نفس ما ذكره الكاتب «أيمن نور الدين» بإحدى مقالاته، فكتب هذا العام: «الوحيدة التى تسأل عن شادية حتى الآن هى نورا»!. كانت علاقة «نورا» ب «شادية» وطيدة للغاية، لدرجة أنه حين تعبت «شادية» وتعرضت لنزلة برد حادة، لتدخل على إثرها للمستشفى لتُعالج منها وتعود مرة أُخرى لمنزلها فى عام 2016 فكان يُرافقها دائما من الفنانات المُعتزلات - كما تردد - «نورا» و«ياسمين الخيام» فقط!. هذا غريب!.. خاصة ودائما ما يتصدر اسما «سُهير البابلي» و«شهيرة» وعلاقتهما وقُربهُما من «شادية» حتى بعد الاعتزال!.. لكن ما يُثير الجدل حول هذه المسألة هو حِوار إذاعى مع «شادية» - تزامن هذا الحوار مع حديثها الهاتفى للإعلامى «عمرو الليثي» - كان الحديث الإذاعى مُطولا، والغريب أنه غير مُنتشر دون سَبب، وكان بِمُناسبة رأس السنة الهِجرية، وفِيه دار هذا الحِوار: بتعملى إيه فى رأس السنة الهجرية ؟ - أقرأ القُرآن بتدخلى المطبخ تعملى أكل؟ - كان زمان أيام الحفلات.. لكن مش مهم دلوقتى دخول المطبخ. مين من حبايبك بيزورك؟ - حبايبى كلهم ماتوا.. ماحدش بيزورنى خالص.