أطلقت وزارة البيئة مبادرات كثيرة لفصل مكونات القمامة من المنبع؛ وذلك لاستغلال المواد المستهلكة وإعادة تدويرها للاستخدام فى أمور مختلفة مرة أخرى، ويعمل الفصل من المنبع على تسهيل إعادة تدوير المخلفات الصلبة؛ خصوصًا الورقية والبلاستيكية منها. مؤسسة «آدم» للتنمية أطلقت مبادرة «زبالة ستور» لفصل القمامة من المنبع بمقابل مادى لكل كيلو من المخلفات، فالكيلو جرام من عبوات المياه الغازية الفارغة «الكانز» ب5 جنيهات، والعبوات البلاستيكية سعر الكيلو جرام منها جنيهان، أما عبوات المياه المعدنية فيبلغ سعر الكيلو جرام منها 3 جنيهات، أما فوارغ زيت القلى فسعرها جنيهان، والزجاج 25 قرشًا، العيش القديم 50 قرشًا». المشروع يتألف من سلسلة متاجر لشراء القمامة، أطلقته مؤسسة آدم للتنمية الإنسانية التى أُنشئت منذ عامين ونصف العام، وتعمل على توعية المجتمع للتبرع بالدم وتعليم البدو الصناعات الحرفية. وفى مهرجان القمامة الذى أقيم لأول مرة منذ عام استهدف العمل على توعية المواطنين بأهمية إعادة تدوير المخلفات، وما يحقق من عائد منها. «روزاليوسف» التقت عماد أنور صاحب مبادرة زبالة ستورز، التى بدأت عملها كمبادرة منذ 6 أشهر من خلال صفحة بفيسبوك بها 49 ألف متابع، وتحولت إلى مشروع. عماد يقول «زبالة ستورز تستهدف توعية المواطنين بأهمية المخلفات وإعادة استخدامها وتدويرها، وهناك عائد من ذلك، منها وقف إلقاء القمامة بالشارع، ثانيًا تستفيد مصانع البلاستيك والورق والكارتون والزجاج والسماد، من خلال توفير المواد الخام التى يعملون بها فى مصانعهم، ثالثًا توفير فرص عمل للخريجين الذين يعملون معنا فى جمع القمامة من المنازل، رابعًا عملية التوعية التى نقوم بها من خلال مشاركة الأطفال لنا؛ خصوصًا المتسربين منهم من المدارس، وفى ذلك واجهنا فئة كبيرة منهم سواء فى منطقة العمرانية بالهرم أو فى مناطق راقية كمدينة نصر والمهندسين، وتلك الفئة منهم الزبالون أنفسهم الذين رفضوا التعاون معنا بينما تعاون معنا أبناؤهم بعد أن وجدوا الموضوع مربحًا من حيث المقابل المادى. ينبش هؤلاء الأطفال القمامة ويفصلون البلاستيكيات عن المعلبات والزجاج والورق، كل شيء بمفرده فى كيس بعيدًا عن أعين آبائهم الزبالين الذين رفضوا التعاون معنا، وليس ذلك فحسب بل انضم إلينا أبناء البوابين الذين يرفض آباؤهم ذهابهم للمدارس وتعليمهم لأنهم يريدون أن يعمل أبناؤهم من أجل المال فحسب. وأضاف عماد إنه من المواقف التى لن ينساها عندما طلب منه طفل العمل بفرز القمامة ليشترى لأمه هدية فى عيد الأم، وهو الأمر الذى شجع أصدقاءه على الانضمام إلينا، ويجمع المستهلك (القمامة)، وإذا وجد برطمانات زجاج أو بلاستيك ينظفها أولاً من السوائل، ولو كانزات يجب أن تكون فارغة حتى لا يكون لها رائحة. وأشار إلى أن جمع أعقاب السجائر يُدر دخلاً هائلا، فكل 35 عقب سيجارة يساوى ورقة، وهى فى الأصل كنوز لم ندركها بعد، ومن هنا وضعنا شعارات (طفيتها _ مترميهاش _ عقبها _ مترميهوش)، وهناك أيضًا تجميع قشور التين الشوكى، فبدلًا من انتشار القشور فى الشوارع، نجمعها لإعادة تدويرها وإنتاج أسمدة زراعية منها بدلًا من استيرادها، وقصة التين الشوكى هى أننا اتجهنا إلى عربة تين شوكى، واشترينا القشور منه ب5 جنيهات، وفوجئنا ب20 بائع تين فى اليوم التالى يأتون إلينا بأنفسهم بقشور التين الشوكى لبيعه لنا كمخلفات وهو الأمر الذى أشعرنا بنجاح المشروع بشكل كبير. وعن المشاهد التى أثرت فيه من جامعى القمامة، حصولهم على عدد كبير من الكتب الخارجية التى مازالت محتفظة بشكلها رغم استعمالها، وهو الأمر الذى دفعه لإرسالها للجمعيات الخيرية والمساجد والكنائس لمساعدة الطلاب المحتاجين لهذه الكتب للمذاكرة فيها؛ خصوصًا أن معظمها يخص كتبًا خارجية للثانوية العامة، التى يشترونها بمبالغ ثمينة. أما الأمر الآخر فهو وجود كتب تاريخية وكتب علمية ودينية تُعَد كتبًا قيمة جدًّا ومنها ما هو غير متوافر فى المكتبات، وهو ما حصده فى منطقة المنيل. وتحت شعار «بفلوسها هانعلم غيرنا» قال أحمد - أحد شركاء عماد فى المشروع: إن المقصود هنا فئتان، الأولى تعليم البدو الصناعات اليدوية، والحرفة الرئيسية التى بدأنا بسببها المشروع، وذلك لما لدى البدو من حرف بدوية مميزه جدًا تحتاج للانتشار، ثانيًا تعليم النساء الأميات، لأننا ندرك أن المرأة معلمة الأجيال وأساس المجتمع. وأضاف: «المشروع يمول نفسه ذاتيًا؛ حيث نشترى المخلفات من المنازل ونوزنها ونبيعها لأصحاب المصانع بأسعار السوق الأصلية؛ خصوصًا أن هناك موردين يتبعون سياسة تجويع المصانع من المواد الخام وهى المخلفات التى يعملون بها ثم يبيعونها لهم بضعف الثمن، وهو ما يؤدى لرفع سعر المنتج فيما بعد. وأوضح أن الأسعار التى توفرها «زبالة ستورز»، أقل أسعار موجودة فى السوق، ومن أبرز عملائنا السفارة البريطانية، وقصتها جاءت من خلال موظفة من مسئولى العلاقات العامة فى السفارة تواصلنا معها وتعاونت معنا لأكثر من مرة وكانت عميلة عادية لدينا دون أن ندرك حينها طبيعة عملها وبعد أن وثقت فينا، خاطبت السفارة ووافقوا على بيع القمامة لنا وأصبحوا من أهم عملائنا الآن. وأضاف أنور: إن المشروع مازال فى بدايته، ولم يحقق الانتشار الذى نطمح له، وبحسب اتفاقنا مع وزارة البيئة بدأنا بمنطقة العمرانية لأنها من المناطق العشوائية التى تنتشر فيها القمامة بشكل كبير فى الشوارع، وكان سبب الترشيد تغيير ثقافة تلك المناطق، وعلى مستوى المحافظات، متواجدون فى القاهرة والجيزة والإسماعيلية والشرقية والأقصر. وقال إنهم يسعون لاستغلال المناسبات لعمل مهرجانات تحمل شعارات زبالة ستورز المتعددة، ومنها (مترميش زبالتك.. عشان ليها تمن.. إحنا هنشتريها - زبالتك مترميهاش.. وزنها هنبدلها لك فلوس - بفلوسها هانعلم غيرنا - سجل اسمك.. عنوانك.. مترميش.. زبالتك.. بوزنها هنديك فلوس - زبالتك استثمرها مترميهاش - زبالتك افرزها افصلها متلخبطهاش). وأكد أن هناك تعاونًا مع وزارة البيئة من خلال جهاز شئون الدولة للبيئة وحى العمرانية ووزارة التضامن الاجتماعى والاتحاد العام للجمعيات الأهلية والكشافة البحرية وهيئة النظافة بالقاهرة الكبرى والمحافظات التى نتواجد فيها، والمخزن الرئيسى يتبع المواصفات القانونية لوزارة البيئة؛ الذى يوجد به الميزان الرئيسى موجود فى منطقة العمرانية بالهرم، وهو المركز الذى يتم فيه تجميع كل القمامة التى نأتى بها من القاهرة الكبرى، بينما فى المحافظات فكل محافظة لها مخزنها لصعوبة استقدام القمامة من المحافظات. وعن الصعوبات التى يواجهونها منذ بداية المشروع، قال أحمد إن أصعب شيء عربات النقل، لأنهم يستقدمونها تبع مصاريف المشروع، وهو الأمر الذى يجعل سائقى النقل يظنون أننا رجال أعمال ولدينا المال الوفير ويطلبون منا مبالغ كبيرة تصل لألف جنيه فى النقلة الواحدة، رغم وجود عدد كبير من المتطوعين من الوكلاء لدينا عليهم المجهود الأكبر فى تجميع القمامة من العملاء، وثانى الصعوبات العنصر البشرى، حيث إن الأفراد يرفضون العمل معهم خوفًا على سمعتهم لأنهم يعملون فى الزبالة فتصبح مهنتهم «زبالين»، وهو الأمر الذى لا بد من تغييره وتغيير نظرة المجتمع للزبال أو العاملين فى هذا المجال، ونعانى من عدم وجود موظفين، فالمشروع كله يعمل به 4 موظفين فقط، عماد أنور صاحب المشروع والمشرف عليه وموظف المخرج وهو رجل من ذوى الاحتياجات الخاصة معه بكالوريوس تجارة، وسائق نقل ومدير تشغيل يتحرك مع السيارات، إلى جانب المتطوعين الذين بلغ عددهم 50 أو 60 متطوعًا منهم مصممون ووكلاء. الأتيليه مؤسس المشروع كشف لنا نيته إقامة مهرجان للزبالة فى 14 أكتوبر المقبل يتضمن أتيليه، تحت عنوان (recycle fashion show)، وهو فى طور الإعداد الآن، بمشاركة متطوعين من (Designers) من كليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية بجامعات القاهرة وعين شمس لتصميم الفساتين وأزياء الأتيليه. وأضاف: إن العرض سيكون مخصصًا للأطفال وسيقوم على تصميم أزياء للأطفال من مخلفات القمامة، كأكياس الشيبسى والكارتون والورق وورق الجرائد. ورغم تأكيدات عماد أنور صاحب مبادرة زبالة ستورز، على ضرورة تغيير نظرة المجتمع للعاملين فى هذا المجال؛ فإنه واجهته تلك النظرة هو الآخر من أمه التى رفضت فكرة عمل ابنها فى الزبالة أيا كان نوعها؛ حيث ذكر أنها كغيرها من الأمهات التى أرادت لابنها عملاً ثابتًا ودخلاً ثابتًا ذا صيت محترم لا تشوبه شائبة، رغم أن العمل ليس حرامًا ولكنها نظرة المجتمع، لكنها فى النهاية اقتنعت بعد أن رأت تفاعل الناس معه. هذا رغم موافقة زوجته الفنانة التشكيلية ريهام السنباطى، التى منذ بداية المشروع كفكرة دعمته وعملت معه متطوعة بالمشروع، مشيرًا إلى عزمه إطلاق برنامج زبالة المدارس والجامعات بمحاضرات توعية لأهمية فصل القمامة وإعادة تدويرها.