على مدار عدة عقود مضت، استطاعت السينما والدراما العربية ترسيخ صورة نمطية عن الفتاة الإسرائيلية، تلك الشابة الجميلة القادرة على إغراء أى رجل عربى بحثًا عن مصلحة أو لتحقيق هدف قومى لبلادها، ربما استنادًا إلى معلومة أساسية مفادها اعتماد أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية على النساء فى تنفيذ العمليات القذرة.. فى السطور التالية نلقى الضوء على ثلاث إسرائيليات قمن بأعمال تجسس فى البلدان العربية. جاسوسة الديمقراطية عميلة للموساد، حاصلة على دكتوراه من جامعة «بار ايلان»، استطاعت العيش فترة طويلة فى 3 دول عربية. الدكتورة نيريت ليف مدت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمعلومات عن تحول المسار الديمقراطى فى فترات انتقال السلطة فى ثلاث دول عربية لا تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل هى المغرب والأردنوسوريا تحت هوية مزيفة باسم طالبة ألمانية جاءت لعمل أبحاث ميدانية عن التحول الديمقراطى فى العالم العربى فى الدول التى تولى الحكم فيها حكام شباب هم الملك عبد الله الثانى ملك الأردن وملك المغرب محمد السادس وبشار الأسد رئيس سوريا وكانت ترسل تقارير مباشرة إلى الموساد بعدما تقربت من الجماعات الإسلامية فى هذه البلدان وأجرت إحصائيات ميدانية عن مدى قبول الشعب للأنظمة الجديدة وسجلت انطباعات الأحزاب الشبابية، كما استطاعت مد أجهزة الأمن بتقارير عن القاعدة وصلتها مع غزة وكسبت ود جماعات محسوبة على الإخوان المسلمين. كما قامت نيريت بعمل دراسات مفصلة عن تلك المجتمعات وتركيباتها الاجتماعية والسياسية عبر شبكة علاقات اجتماعية مع مواطنين من كل الطبقات إلى جانب علاقتها المباشرة مع أعضاء بتنظيم القاعدة والإخوان المسلمين. استطاعت «نيريت» قبل 6 أعوام الوصول إلى معلومة عن نشاط جماعات متطرفة فى غزة قبل أن يتوصل لها جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى وهو ما يمكن أن يشكل خطرًا على «تل أبيب». وقالت نيريت إنها اضطرت للكشف عن هويتها الإسرائيلية فى الأردن بعد أن شكك فيها بعض الأشخاص رغم أنها قالت أنها لم تتحدث أبدا باللغة العبرية ومكالماتها الشخصية كانت باللغة الإنجليزية وكان تشكيك البعض سبب عدم التعاون معها وعدم قبولها فى أى مكان تتردد عليه حيث كانوا يشكون أنها من الشاباك أو الموساد ولكنها كانت تنفى أى صلة لها بأجهزة الدولة الأمنية أو الدبلوماسية وأنها باحثة وطالبة دكتوراه. القاتلة «ياعيل» مقاتلة الموساد فى بيروت عملت فى جهاز الاستخبارات الإسرائيلى 14 عامًا ولاتزال على قيد الحياة وتبلغ من العمر 82 عامًا من مواليد كندا عاشت فى نيو جيرسى بالولايات المتحدة والدها عالم فيزياء ووالدتها ربة منزل من عائلة غير متدينة انتقلت إلى إسرائيل فى نهاية الستينيات بعد تجربة زواج فاشلة. عاشت فى بيروت عدة أشهر فقط بأمر الموساد للتمهيد لعملية ربيع الشباب التى اغتيل فيها 3 قادة من منظمة التحرير الفلسطينية هم محمد يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان عام 1973 بهوية مزيفة كباحثة تعمل على إعداد فيلم وثائقى وهى العملية الأجرأ فى تاريخ جهاز الموساد الإسرائيلي، وأصدرت كتابًا مُنع من التوزيع عن قصة تجنيدها داخل الموساد ورصدت فيه كل جوانب عملية ربيع الشباب الذى بررها الموساد فيما بعد أنها عملية تصفية للمخططين لعملية أوليمبياد ميونيخ التى مات فيها 11 لاعبًا إسرائيليا. كانت ياعيل تسكن فى شقة فى شارع الوليد فى بيروت وهذه الشقة تقع فى الطابق السادس ويملكها لبنانى اسمه فؤاد عبود وكانت شقتا الفلسطينيين المستهدفين أبو يوسف النجار وكمال عدوان فى الطابق السادس من المبنى المقابل وكذلك على شقة كمال ناصر فى الطابق الثالث فى مبنى مجاور وكانت ترى الثلاثة ومن برفقتهم داخل شققهم دون أن تحتاج إلى منظار. التقت ياعيل مع أفيتار وهو أحد أفراد وحدة قيساريا- أى ذراع الموساد الذى ينفذ عمليات الاغتيال- وكان اللقاء بينهما فى مطعم فى بيروت وأبلغته حينها بأن عدوان ونصار والنجار فى البيت اليوم ثلاثتهم بعد ذلك طلب أفيتار منها أن تعود إلى شقتها مباشرة والبقاء منبطحة بعيدا عن النوافذ وبعد ساعات من اللقاء سمعت ياعيل صوت إطلاق نار كثيف وعندما أطلت من نافذة شقتها شاهدت ثلاث سيارات كبيرة ثم أصبح إطلاق النار كثيفا أكثر وكذلك الصراخ وعندما توقف إطلاق النار سمعت أحد يقول باللغة العبرية تعال إلى هنا.. حينها علمت أنه تم تنفيذ عملية ضد الثلاثة وربطت بين الأحداث وبين المعلومات التى نقلتها من قلب بيروت إلى مقر الموساد فى تل أبيب. وأفادت ياعيل فى مقابلة لها فى التليفزيون الإسرائيلى أنها رغبت فى ترك الشقة لكن المالك اللبنانى رفض معللاً رفضه بأن انسحابها المفاجئ سيثير شكوك أجهزة الأمن اللبنانية وأنه اصطحبها بعد ذلك بأيام إلى مطار بيروت لتوفير الحماية لها حيث غادرتها متوجهة إلى بروكسل ومن ثم إلى إسرائيل.. ويشار إلى أن عملية اغتيال القادة الثلاثة خطط لها الموساد وتمت الموافقة عليها فى مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى فى حينه، دافيد إلعازر. ورصد الكتاب الممنوع من النشر عددًا من العمليات الأخرى التى شاركت فيها كعميلة للموساد لكن تفاصيلها لم يفرج عنها حتى الآن ولا تزال سرية. إعدام جاسوسة «شولا» لؤلؤة الموساد اسمها شولاميت كيشك كوهين ولدت فى الأرجنتين عام 1917 فى عائلة يهودية هاجرت إلى إسرائيل ودرست شولا فى مدرسة إفلينا دى روتشيلد وأنهت دراستها الثانوية فى سن السادسة عشرة وتزوجت شولاميت بعد تخرجها فى الثانوية من التاجر اللبنانى اليهودى الثرى جوزيف كوهين الذى كان يكبرها بعشرين عاما وانتقلت للعيش معه فى بيروت فى حى وادى أبو جميل المعتبر يهوديا لتتمكن من الانخراط فى الحياة الاجتماعية فى لبنان ومن إقامة علاقات مع كبار المسئولين الحكوميين وعملت فى وحدته رقم 504 فى الموساد بطلب منها بعدما أمدت جهاز الاستخبارات بمعلومات عن استعداد الدول العربية للحرب على إسرائيل عقب إعلان الدولة.. شولا أهم نساء الموساد وشخصية محورية فى أنشطة تهريب اليهود من لبنان ودول عربية أخرى إلى إسرائيل. فى العام 1961 كشفت الأجهزة الأمنية اللبنانية أعمالها التجسسية وصدر ضدها حكم بالإعدام لكن بعد تقديم التماس تم تغيير هذا القرار إلى السجن 7 سنوات فقط. وبعد أن قضت معظم هذه الفترة، تم إطلاق سراحها فى صفقة تبادل أسرى فى نهاية حرب عام 1967 وهاجرت إلى إسرائيل برفقة عائلتها وعاشت فى القدس حتى وفاتها الشهر الماضى.