السيسي يطلع على الجهود المبذولة لتطوير آليات اختيار وتأهيل الكوادر التعليمية    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    تراجع سعر الدولار والعملات اليوم الأربعاء 14-5-2025 بمنتصف التعاملات في البنك الأهلي    إزالة 15 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب أسيوط (صور)    أمير قطر يستقبل الرئيس الأمريكي ترامب في مستهل زيارته للدوحة    الاحتلال يجدد استهدافه لموقع اغتيال السنوار.. وتحقيقات لتأكيد هويته    كاباكا: لن نفرط في حلمنا وتعاهدنا على الفوز أمام المغرب    فليك: كوبارسي وليفاندوفسكي جاهزان.. وا حدث مع أراوخو لم يكن فيه احترام    ياسر يحيى عضو مجلس المصري يتعرض لوعكة صحية بالإمارات    ضبط عنصر إجرامي بتهمة إدارة ورشة لتصنيع الأسلحة في الدقهلية    مشاجرة بالأسلحة النارية بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. وإصابة 6 أشخاص    تدريبات للأداء بورشة حرفية التمثيل في مشروع ابدأ حلمك لشباب الإسماعيلية    يسرا عن مشاركتها في كان السينمائي : يشرفني أن أكون جزءا من المهرجان    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    الرئيس السيسي يبحث خطوات تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان (تفاصيل)    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    الليلة.. ميلان فى مهمة كسر عقدة كأس إيطاليا أمام بولونيا    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    البنك الزراعي المصري يعلن التشكيل الجديد لمجلس الإدارة    براتب 350 دينارا.. وظائف خالية بالأردن    أمن المنافذ يضبط 36 قضية متنوعة ويحقق نتائج كبيرة خلال 24 ساعة    بالصور- حريق في مصنع الهدرجة للزيوت والمنظفات بسوهاج    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في محافظة البحر الأحمر    تأجيل محاكمة 3 متهمين بقتل شاب بعيار نارى بسبب خلافات بشبرا الخيمة ليوليو المقبل    رئيس جامعة المنوفية يلتقي المحافظ لبحث آفاق التعاون المشترك    طرابلس تتحول ل"مدينة أشباح".. ممثلو 30 شركة إيطالية محاصرين بفندق بعاصمة ليبيا    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع مجموعة تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    «فتحي عبد الوهاب» يكشف عن شخصيته الحقيقية في البيت    استعدادًا لموسم الحج.. رفع كسوة الكعبة "صور"    بعد شائعة وفاته.. جورج وسوف يتصدر تريند جوجل    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    إيجاس تتعاون مع هاربور إنرجي للتوسع بعمليات الإنتاج بحقل غاز دسوق    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    ريال مدريد يستهدف مدافع بورنموث الإنجليزي    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    لدعم التعاون العلمي.. سفيرة رومانيا تزور المركز القومى للبحوث    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    شاف: نتائج زيارة ترامب للمملكة تاريخية وطريق للعبور إلى توطين الصناعات والتكنولوجيا    الداخلية: ضبط 558 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    السجن المشدد 10 و15 سنة لشقيقين قتلا جارهما بالشرقية    كرة اليد.. انطلاق بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس اليوم في الأهلي    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    مدرب سلة الزمالك: "اللاعبون قدموا أدءً رجوليا ضد الأهلي"    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطواف حول الأزهر!

خطب رئيس وزراء إنجلترا فى مرة فقال: «إن إنجلترا لا تشرف بشىء قدر شرفها بأن منها وليم شكسبير»، وكانت بريطانيا حينها الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس.. ومع الوقت ومرور الزمن.. ضعفت الإمبراطورية وغابت عنها الشمس، بل غابت شمسها هى أيضًا، وبقيت كلمات كاتب وشاعر عظيم اسمه «شكسبير».. لك أن تتخيل أن دولة كانت هى الأعظم والأقوى على وجه الأرض يقف حاكمها ليفتخر لا بشىء إلا بشخص تناقلت الأجيال إبداعاته وأقواله وأفكاره (!) هنا ثلاثة معانٍ مهمة يجب أن نستلهمها.
المعنى الأول والمباشر هو أن الأمم مهما كانت قوية فإن موطن بقائها وقوتها الحقيقية الذى يعيش ويستمر عبر التاريخ يكمن فيما تقدمه من معانٍ وأشياء إيجابية للإنسانية، والمعنى الثانى أن إعلان المبادئ والأفكار ليس فقط من قبيل الشجاعة المحتومة، ولكن فى الأساس هو انتصار لفكرة مستنيرة وإعلان حرب على أفكار أخرى ظلامية، والمعنى الثالث والأخير هو أن التحيز للوطن فريضة لا يمكن الفكاك منها وأنت تناقش بعض القضايا وتفتح بعض الملفات.. وقد تكون تلك المعانى الثلاثة مداخل ملائمة لمحاولة العصف الذهنى الجادة والهادئة للنقاش حول «القوة الناعمة للأزهر الشريف.. أين وإلى أين»؟ (!)
1000 سنة إشعاع
عبر أكثر من عشرة قرون ظل الأزهر قلعة الإسلام الحصينة، وصرحًا شامخًا يتميز بالوسطية والاعتدال فى الفكر والثقافة. ومركز إشعاع روحى يؤدى رسالة نبيلة لجميع شعوب العالم الإسلامي، حيث ينهل من علومه آلاف الطلاب الوافدين من آسيا وأفريقيا وأوروبا. ويعتبر الجامع الأزهر أهم المساجد فى مصر وأشهرها فى العالم الإسلامى. وبالرغم من أنه أنشئ لغرض نشر المذهب الشيعى عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، فإنه حاليا وعبر قرون مضت كان يدرس الإسلام حسب المذهب السني، وبعدما أسس الصقلى مدينة القاهرة شرع فى إنشاء الجامع الأزهر واستمر بناؤه لمدة عامين حتى أتمه وأقيمت فيه أول صلاة جمعة فى 7 رمضان 361 ه - 972م. وهو بذلك أول جامع أنشئ فى مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر، وقد اختلف المؤرخون فى أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشادة بذكراها.
ولعل ما ذكره الدكتور عبدالرحمن زكى الباحث والمؤرخ فى كتابه (حواضر العالم الإسلامى فى ألف وأربعمائة عام- القاهرة.. منارة الحضارة الإسلامية) يلخص بلغة رشيقة الكثير من الجذور التى ينبغى علينا الوقوف أمامها ونحن نتحدث حول حاضر الأزهر ومستقبله، حيث قال: إن تاريخ الأزهر هو تاريخ الثقافة الإسلامية منذ القرن الرابع الهجرى إلى اليوم، وإذا كانت مصر قد وضعتها الأقدار فى هذا الموقع الخطير على خريطة العالم، حيث تقع مركز اتصال بين القارات، ترسل من أشعتها الثقافية والحضارية إلى شتى أنحاء العالم شرقية وغربية، فإن الأزهر قد نهض فى هذا المكان، ولا يزال يقوم بدور رائع عظيم الأثر فى الفكر الإسلامي، بل الفكر الإنساني، يرسل دعاته وأفكاره فى كل اتجاه ينشر العلم والمعرفة، وقد وقف الأزهر ألف سنة أو تزيد، يصارع الحوادث، فلم يلبث أن تحوّل الأزهر بعد إنشائه إلى جامعة تدرس فيها العلوم الدينية، يجتمع فيها طلاب العلوم والفنون من جميع الأقطار. وكان الخلفاء الفاطميون حريصين على الاهتمام بهذا المعهد الكبير وتزويده بكثير من الكتب وتخصيص موارد باهظة للإنفاق على طلابه الوافدين عليه، وبقى الأزهر منذ إنشائه مسجد الدولة الفاطمية الرسمى وكان الخليفة بنفسه يؤم الناس فى صلاة عيدى الفطر والأضحى التى تقام فيه، وقام الأزهر بدور كبير فى إذكاء الحركات القومية فى مصر فى العصور القديمة والحديثة وقد تجلت زعامته الشعبية بأروع مظاهرها أيام الحكم العثمانى والاحتلال الفرنسى لمصر (1798 - 1801) حينما تولى شيوخه وطلابه قيادة المقاومة الشعبية وتنظيمها، واحتمل الأزهر خلال تلك الحوادث أقسى التضحيات.
منارة العلم والمقاومة
وكان الأزهر ورجاله يغذون الثورات الوطنية بخطبهم وكتاباتهم ويتركون أثراً فعالا فى تكوين شخصيات ثورية مثل أحمد عرابى قائد الثورة العرابية الذى تلقى علومه فى الجامع الأزهر لمدة أربع سنوات، وجمال الدين الأفغانى وعمر مكرم والشيخ محمد عبده، وغيرهم من الذين أثاروا العقول لمحاربة الجهل والظلم والعدوان. وجدير بالذكر أن الزعيم سعد زغلول قائد ثورة 1919 تلقى العلم فى الأزهر وتخرج فيه قبل دراسته للحقوق.
وجامعة الأزهر لا تختلف غايتها عن غاية الأزهر الشريف فى تاريخه المديد إلا من تغيير الخطط وتعديل الوسائل بقدر ما تتطلبه الحياة المتطورة، ولم ينحرف طريقها عن طريق أبيها الجليل «الجامع الأزهر»، حيث إن التاريخ الصحيح يقول إن الأزهر كانت تدرس فى أروقته، إلى جانب التفسير والحديث والفقه والأدب، علوم الفلك والهندسة والطب والرياضة والحساب، وكانت تعقد فيه حلقات العلم للنساء؛ ولذلك فإن الأزهر جزء بارز فى كيان المجتمع الإسلامي، وله تراث مجيد يعتز به كل مسلم فى مشارق الأرض ومغاربها، وكان يجاهد فى ميادين العلم والدين والإصلاح الاجتماعى والخلقى والسياسى فى مصر والعالم العربى والإسلامي، ويبقى كذلك حتى اليوم مقصد طلاب العلوم العربية والثقافات الإسلامية من مختلف الأمم والشعوب.
أزمة التجديد
الكلام عن البعد التاريخى لمؤسسة الأزهر ليس من قبيل «الحكي»، فعندما يدور جدل عريض حاليًا حول استعادة دور الأزهر الذى يعد بمثابة القوة الناعمة للإسلام وليس لمصر فقط، ويطرح الكثيرون أفكارهم فى هذا المضمار ويصوب البعض الآخر سهام اتهاماته، بل رصاصاته نحو الأزهر فلابد من التأكيد أولاً على أن مؤسسة الأزهر لها تأثير عميق فى المجتمع المصرى والعربى والإسلامى ورمزًا من رموز مصر والحضارة الإسلامية. وإنه يتخطى فى الوجدان المصرى كونه مجرد جامع وجامعة، بل إن وجوده على مستوى التأثير السياسى والاجتماعي، أكثر عمقا بسبب أدواره التى اضطلع بها عبر التاريخ والتى ذكرناها آنفًا.
الدكتور عبدالله النجار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد أن مصر والعالم العربى والإسلامى جاءت عليهم أزمنة وكان الأزهر وحده هو منبر العلوم الإسلامية، وحتى البلد الذى نزل فيه الوحى تعلموا علوم الدين على أيدى علماء الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الأزهر لم يتخلف عن مواجهة التطرف وتجديد الخطاب الدينى لحظة، وأن الهجوم على الأزهر الشريف هو هجوم على القيم الوطنية، وأوضح النجار أن منابع العلم الآن كثرت وتشعبت، لكن يظل «الكبير كبيرًا»، والأزهر هو الأسبق على كل الجامعات والفضل فى العلم دائمًا للأسبق واعتبر أن فكرة تجديد الخطاب الدينى ليست ثغرة كما يراها البعض لأن التجديد يقوم فى الأساس على فهم النص وإنزاله على الواقع وليس تهميش النص أو إنكاره والسخرية منه، مشددًا على أن الأزهر هو أهم قوة ناعمة لمصر وأحد أهم أسباب ريادتها وزعامتها عبر كل العصور، حيث إنه مؤسسة علمية سجلت لمصر فى كل الأزمنة أنها رائدة التنوير والوسطية.
وينتقد النجار الباحث إسلام بحيرى قائلا: «مسكين ومش فاهم»، ويعتقد هو والبعض أن تجديد الخطاب الدينى يعنى شتيمة الإمام «البخاري»، الذى أسس هو ورفاقه منهج التوثيق وقدموا للبشرية خدمة يسير عليها مليارات البشر فى الوقت الراهن، وتابع النجار: «إسلام بحيرى ظاهرة ستنتهى قريبًا وسينضم إلى مجاهيل التاريخ لأنه مش فاهم نقد أساسًا».
واعترف النجار بوجود قصور فى بعض الأمور، ولكن يتم التعامل معها أيضًا، فمناهج الأزهر لا تختلف كثيرًا عن كل المناهج التعليمية فى مصر وتحتاج إلى مراجعة وتطوير وتنقيح، وكذلك فإن البحوث والدراسات فى الأزهر وفى مصر كلها بشكل عام تعتمد على الفردية وليس الجماعية كما يحدث فى الغرب، رغم أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسسوا لمبدأ «الإجماع»، ويعنى ذلك أنهم تشاوروا واتفقوا واختلفوا حتى اجتمعوا على أمر، فالدراسات ورسائل الماجستير والدكتوراه يجب أن تكون جماعية وليست فردية لإحداث قدر أكبر من الاستفادة الحقيقية والتطوير.
من جانبه قال د. محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: إن الأزهر كان وسيظل سندًا لمصر وأمته العربية والإسلامية، وأحد أهم قواها الناعمة إن لم يكن الأهم على الإطلاق، مؤكدًا أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يبذل جهودًا حثيثة فى قضية تطوير الخطاب الديني، وأن علماء الأزهر أول من يدركون أن الإسلام لم يأت ليكون حبيسًا فى النصوص، ولعل من عظمة القرآن الكريم أنه لم يتعرض لتفصيلات، ليترك المساحة للعقل البشرى أن يتأمل، لكن هذا لا يعنى القطيعة مع موروثاتنا العلمية كما يتخيل البعض، لأن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى نسف التراث وبناء منظومة جديدة، فهذا أمر غير معقول ولا يتقبله منطق.
الطلبة الوافدون
يستقبل الأزهر الشريف نحو 4 آلاف طالب وافد يدرسون بمنح من الأزهر الشريف ونحو أكثر من 30 ألف طالب وافد يدرسون على حسابهم الخاص، وعدد الفتيات فيهم يبلغ 9154 طالبة، وذلك بالمعاهد الأزهرية المختلفة وجامعة الأزهر ومرحلة الدراسات العليا. ويبلغ عدد الطلاب الوافدين من قارة أوروبا نحو 1341 طالبا وطالبة، ومن دولة الصين 1705 طلاب وطالبات، وفى محاولة من الأزهر لنشر اللغة العربية وتعليم طلاب الأزهر الوافدين من الخارج إلى جامعة الأزهر، وكذلك لنشرها بسلاسة خارج القطر المصرى فى الدول الأفريقية والآسيوية والأجنبية، قرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إنشاء مركز لتعليم اللغة العربية فى بنجلاديش، يقوم الأزهر بتزويده بالمدرسين والمناهج الدراسية. وقد بدأ إنشاء معاهد اللغة العربية بالخارج والداخل لتعليم الأشقاء عبر الأزهر منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر، حيث تم إنشاء مدينة البعوث الإسلامية التى كان ولا يزال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة 30 فدانًا، وتضم طلابًا وافدين من 70 دولة إسلامية يتعلمون فى الأزهر ويقيمون فى مصر مجانًا.
الأزهر وأفريقيا
ربما لا يعرف كثيرون أن أغنى رجل فى أفريقيا وهو النيجيرى أليكو دانجوتي، ويبلغ من العمر 60 عامًا، قد تخرج فى كلية التجارة جامعة الأزهر. وهو مسلم الديانة ويتكلم العربية وبحسب مجلة فوربس فإن ثروته تقدر ب16 مليار دولار ويملك مصانع عديدة للأسمنت والسكر، مع بعض الاستثمارات فى أوروبا والولايات المتحدة. ويساهم ب35 مليون دولار سنويًا فى المشروعات الخيرية ويصنف من أكبر 10 متبرعين للأعمال الخيرية فى العالم.. الدلالة المهمة التى يجب أن تستوقفنا هنا هى الدور البارز والأيادى البيضاء للأزهر على القارة السمراء، ونظرًا لأهمية وجود علاقات تواصل مع المجتمعات الأفريقية وما تتمتع به من تعدد للثقافات حرص الأزهر على إنشاء قسم اللغات الأفريقية عام 1967م ليقوم بمهمة تدريس اللغات الأفريقية الأكثر انتشاراً فى القارة وهى: السواحلية، والهوسا، والأمهرية، والفولانية منذ النشأة وحتى وقتنا الحاضر (2017م)، وذلك حتى يقوم القسم بتحقيق جزء من رسالة الأزهر الشريف وجامعته فى هذه المجتمعات ومنها نشر صحيح الدين وتصحيح المفاهيم المغلوطة والخاطئة التى تضر بالإنسان فى كل زمان ومكان، والتعرف على آداب وثقافات الشعوب الأفريقية، ولم يقتصر القسم فى التدريس على أعضاء هيئة التدريس المصريين وإنما استعان ولا يزال يستعين فى التدريس بمجموعة من أبناء اللغات الأفريقية ممن درسوا فى الأزهر الشريف فى إطار التعاون والتواصل الثقافى بين الأزهر الشريف والشعوب الأفريقية. وحرصاً من الأزهر الشريف على نشر صحيح الدين الإسلامى فقد تم إنشاء شعبة لتدريس الدراسات الإسلامية باللغة السواحلية داخل قسم اللغات الأفريقية باعتبارها أكثر اللغات الأفريقية انتشاراً فى شرق القارة الأفريقية ووسطها يقوم بالتدريس فيها أعضاء هيئة تدريس مصريون وأفارقة من أبناء القارة الأفريقية.
ما له وما عليه
تحضرنى عبارة الدكتور الراحل عبدالغنى الرابحى عميد كلية أصول الدين الأسبق عندما قال فى مقالة له عنونها ب«للأزهر أن يقول»: (لو اعتبرنا الإسلام كتابًا لجاز لنا أن نعتبر عنوانه هو «الأزهر» ومازلت أذكر وأرددُ كلمة حصيفة لمستشرق قالها منذ نصف قرن: «إن الإسلام تتركز مهابته فى ثلاثة أشياء: الكعبة والقرآن والأزهر، فالكعبة هى قبلة الصلاة والقرآن هو دستور الإسلام، والأزهر هو قبلة الفكر والثقافة الإسلامية).. ولنا أيضًا أن «نقول للأزهر» ونسجل عدة ملاحظات للقائمين على المؤسسة التى نفخر بها وسنظل نناقش شئونها وننتقد سلبياتها بكل تجرد ومحبة:
الجدل الثائر دائمًا حول استعادة دور الأزهر كقوة ناعمة ليس فقط لمصر، ولكن للإسلام والعروبة والإنسانية برمتها ورغم ما يحمله كثيرًا من انتقادات وهجوم ضارٍ وشرس إلا أنه أمر صحى وإيجابي، ولا يجب أن يتململ منه مشايخ الأزهر، أو أن ينهروا بعض الباحثين الذين يقدمون رؤى وأفكارًا مختلفة، لأنه لا يملك أحد صكوك الغفران ولا الحق والحقيقة المطلقة، بل يكون الرد على النقد بالنقد والحجة بالحجة.
على مؤسسة الأزهر أن تختار من يمثلها فى الإعلام وخصوصًا على شاشات الفضائيات لأنه وللأسف الشديد يسيء بعض المنتسبين للأزهر إليه بمستواهم الضحل وردودهم غير المقنعة.
المستوى المادى للوعاظ والأئمة ورواد القوافل التى تجوب المحافظات ضعيف للغاية، وهذا ينعكس على قدرتهم على البحث والقراءة والتنقيب والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة ما يعنى فى النهاية ضعفا فى المستوى أيضًا، وهذا الواعظ هو أهم حلقة فى المنظومة لأنه صاحب رسالة التواصل المباشر مع الجمهور.
يطرح البعض بين الحين والآخر مشروعًا لاستقلالية الأزهر ماديًا، وذلك عبر فصله عن مجلس الوزراء والانتخاب الكامل لشيخ الأزهر، وهذه فكرة غير مقبولة لأنها تجعل من الأزهر دولة دينية متعالية لا تتمتع بالشعبية الجارفة ومحبة كبيرة من الناس كما هو حاصل الآن.
كم الفوضى الهائل من الفتاوى تحتاج تعاملا حاسما من المؤسسة الأزهرية.
الأزهر تحول فى الضمير المصرى إلى مرجعية معنوية وأخلاقية وإنسانية حاكمة، ولذلك عبر الكثيرون - وأنا منهم - عن صدمتهم لرفض الأزهر تكفير أعداء الدين والأوطان والشعوب والإنسانية.. الدواعش.
يوجد شبه إجماع على ضرورة تنقيح وتعديل وتطوير المناهج الأزهرية فى جميع المراحل التعليمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.