من أجمل ما قرأت عن سيدنا عمر بن الخطاب «رضى الله عنه» أنه كان يخرج ليلاً فى شوارع المدينة وحواريها ليتفقد حال الرعية، وذات ليلة سمع سيدة تذكر زوجها الغائب وتقول شعراً يصف حالها فى غيابه، ولما سأل عنها علم أن زوجها فى الحرب منذ عدة أشهر، فذهب إلى ابنته حفصة «رضى الله عنها» وسألها كم تصبر المرأة على فراق زوجها؟! فأجابته أربعة أشهر أو خمسة أو ستة فعاد أمير المؤمنين إلى بيته وأمر قادة الجيش ألا يحبسوا الجيوش أكثر من أربعة أشهر وأصبح هذا قانوناً يحفظ للمرأة أهم حقوقها قانون صاغته (المرأة وحفصة) وبذلك تشكل قانون «المرأة». وفى إحدى جولات الفاروق سمع طفلاً يبكى بكاء شديداً فاقترب من البيت ليسأل عما به؟ فردت أم الطفل أنها تفطمه وهذا أمر طبيعى أن يصرخ الطفل، ولكن أخذ عمر يحاور الأم إلى أن اكتشف أنها فطمت طفلها قبل موعد الفطام لحاجتها للمائة درهم التى كان يصرفها بيت المال لكل طفل بعد الفطام، فرجع عمر لبيته لا لينام لأن صوت بكاء الطفل ظل فى عقله وقلبه، فأصدر أمراً بصرف المائة درهم للطفل منذ الولادة وليس بعد الفطام ليصبح هذا الأمر قانوناً يحفظ حقوق الأطفال ويحميهم من مخاطر الفطام المبكر. ولم يحاور عمر تلك الأم لما أصدر قانوناً يحمى حق الطفل فى الرضاعة الكاملة وهكذا تشكل قانون «الطفل». وعندما قابل أمير المؤمنين الشخص الذى قتل أخاه زيد الذى كان يحبه كثيراً فى حروب الردة، وكان هذا الشخص قد أسلم وأصبح فرداً فى رعيته قال له: والله إنى لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح، فسأله الرجل: وهل سينقص هذا من حقوقى يا أمير المؤمنين؟ فطمأنه قائلاً «لا»، فمضى الرجل بمنتهى اللامبالاة وهو يقول: مالى أنا وحبك، إذ ليس بينى وبينك غير الحقوق والواجبات ولم يغضب عمر وهو فى قمه السلطة، ولم يأمر بحبس الرجل بل كظم غضبه من جرأة الرجل وسخريته إيماناً منه بحق هذا الرجل فى التعبير، وبذلك تشكل قانون «حرية التعبير». كل هذه القوانين لم تصغها الدولة بل صاغها المجتمع واعتمدتها الدولة لتنظم بها المجتمع. كل هذا يوضح أن الإسلام الحقيقى لا يعرف القتل والتشدد والعنف ضد المرأة، فسيدنا عمر ين الخطاب ثانى الخلفاء الراشدين الذى تولى خلافته عام 13 هجرياً أو فى 634 ميلادياً أى من 1383 سنة اهتم بالأحوال الشخصية حق المرأة وحق الطفل وحرية التعبير.