(مشكاة) فكرة شبابية تبلورت فى عقل فتاتين خريجتى كلية صيدلية جامعة القاهرة، قررتا فى يناير 2015 افتتاح مشروعهما الخاص بإمكانياتهما الذاتية فقط من دون الاعتماد على تمويل مؤسسى، ولأنهما بارعتان فى إدارة الأعمال والنهوض بالمشروعات من خلال تجاربهما السابقة فى سوق العمل والبعيدة نهائيًا عن مجال دراستهما، انتشر مشروعهما سريعًا. المشروع اعتمد على التبادل الثقافى من الدرجة الأولي، ليكون ساحة للجميع بعيدًا عن فروقات السياسة التى أرهقت الشباب، وبالفعل ولدت (المشكاة) بحى المنيل فى القاهرة، فى البداية طبقا الفكرة على نفسيهما من خلال طرح سؤال: ماذا يريد الشباب؟ الإجابة أتت فى توفير جميع احتياجاتهم فى مكان واحد يحتضنهم - فحسب شروق الشريك الأول - إحدى المؤسسات للمشروع: كشباب نبحث دائمًا عن مكان شامل يستطيع إشباع كل احتياجاتنا، من قراءة، طعام صحي، اعتماد على أنفسنا، تطوير مهارتنا وكيفية استغلالها فى سوق العمل، الثقافة الفنية والقدرات الإبداعية وغيرها كثيرً من الخدمات والاحتياجات فى مساحة مريحة لأرواحنا. ومن خلال (مشكاة) وفرنا أنا وشيماء شريكتى فى المشروع كل ما نستطيع توفيره، فخلقنا نادى الكتاب لقراءة الكتب وتداول المعلومات فيجتمع مجموعة من الشباب يناقشون من خلاله الاقتراحات بالكتب الواجب قراءتها، ومن ثم مناقشتها وتحليلها فى جروبات، كمناقشة رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور، قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية أليف شافاق، والكتب المقترحة الرواية 1984 للكاتب الإنجليزى جورج أورويل وكتاب الإسلام بين الشرق والغرب للرئيس على عزت بيجوفيتش الأسبق وتطورالأمر حتى أصبحنا قادرين على توفير مكتبة لبيع الكتب بتكلفة رمزية جدًا. ورش الخط العربي، اللعب على الآلات الموسيقية، اكتساب اللغات المختلفة، تشكيل الكورشيه والهاند ميد، تصفح السوشال ميديا وكيفية جنى الربح من خلالها، بالإضافة إلى دورات فى التسويق وفى إدارة الأعمال، وفى الفوتوغرافيا، كانت من ضمن احتياجتنا وغيرنا من الشباب فوفرنها بأسعار زهيدة، وحققت الورشة نجاحات لنوعين من الأشخاص العاملين والراغبين فى تطوير مهارة أو هواية، وغير العاملين اكتسبوا ما يشبه الحرفة التى توفر لهم العمل والمال فيما بعد. المكان اعتمد على بنتين فى بدايته، ومع الوقت زاد فريق العمل وأصبح هناك 4 أفراد آخرين أغلبهم من الطلبة يعملون فى (مشكاة)، وزادت نشاطاته، فقدم شعاع الأمل الذى يلتف حوله جيل من الشباب الراغب فى اكتساب المهارات فهو مشروع صغيرة برسالة سامية. العروض السنمائية وجدت حيزًا فى مشكاة، حيث يطلق إيفنتات لعروض سنمائية لأفلام قد عرضت من قبل وحصلت على الأوسكار، ومن ثم يتلوها مناقشة مفتوحة عن الإخراج، والسيناريو، والمونتاج، وشخصيات الفيلم والأبعاد الدرامية التى تؤديها تلك الشخصيات. المكان لم يخل من جلسات الموسيقى لإحياء التراث القديم وجلسات الطرب المفقودة فيجد متذوق الموسيقى مقصده فى أحد عازفى العود، الذين يبدعون فى إحياء التراث بأداء تلك الأغانى القديمة. ولأنه مساحة واسعة بديكورات مختلفة أصبح ملاذًا لكتاب كثيرين يقيمون حفل توقيع روياتهم ، وإقامة الندوات الثقافية به. وكمجتمع مصغر يتأثر بالأوضاع الاقتصادية والأحوال الاجتماعية للبلاد، فبعد ارتفاع سعر الدولار وتعويم الجنيه أصبح يعانى من صعوبة فى توفير ميزانية الإعلانات المبوبة على فيس بوك وهو الأمل الوحيد لهم فى خلق الدعاية، لارتفاع التكلفة عليهم. المكان أراد أن يتقبل الجميع بمختلف الثقافات والخلفيات الاجتماعية، احترام العادات والتقاليد كافة، فتكونت الشكمجية، لتكون مرآة الفرد يختبر ضميره من خلالها، فعمًلا بمبدأ الاعتماد على النفس جعلوا الخدمة فى المطبخ ذاتية من يرغب فى شراب أو تناول شيء يصنعه، ويضع فى الشكمجية تكلفته، من دون أن يكون عليه رقيب فالأسعار معلنة وله حرية الاختيار فى مصداقيته. ولأن كل إنسان عبارة عن مصدر اضاءة موجودة تم اختيار لفظة (مشكاة) وهو المصباح المضىء من الداخل، بيكون أداة التجميع والربط بين طاقات النور هذه، فتشع غرفاته نورًا من الإبداع والتألق، وتلتقى من خلاله الخبرات والتجارب وتعم الاستفادات. المكان بديكوراته غير التقليدية، دفع الشباب العاملين (فرى لانسر) يمكثون فيه ساعات طويلة يديرون من خلاله أعمالهم المختلفة، وهدوءه دفع الطلبة للمذاكرة وإنجاز مشاريع التخرج من خلاله أيضًا. وكعادة المجتمع الذكورى دائمًا يرفض عمل الفتيات ونجاحهن، فقد واجهن فى بداية المشروع بعض المضايقات فقط لكونهن فتيات، ولكن التجاهل كان سلاحهن وقد أتى بثماره ومر عامان على افتتاح مشكاة، بتحقيق نجاحات طائلة ومن دون خسائر فادحة. داخل المكان، (الساحة) التى تناسب جلسة الأصحاب بما تحمله من أجواء المقاهى الشعبية بمفارشها الخيمية، وبها مكتبة، لراغبى القراءة، أو الاستعارة لتنمية روح المشاركة الإيجابية بين رواد الساحة. أما (قعدة عربي) فهى مساحة أخرى داخل مشكاة مختلفة تمامًا بما تضمه من مفارش للجلوس على الأرض، وبها ترابيزات منخفضة، وتعتبر مكانًا للانعزال والفصل التام عن العالم الخارجى وهى الأنسب لمن يريد أن يعمل أو يذاكر، والذى لا يتجاوز عدد الجالسين فيها 5 أشخاص للمحافظة على الهدوء والتركيز ويمنع استخدام التليفون المحمول فيها. بينما المشربية، فهى مجهزة للذين يعملون على تحضير مشروعات تخرجهم، أو هؤلاء الذين يقيمون تدريبًا متخصصا فى أحد المجالات، ثم الإيوان، الذى استوحت ديكوراته أجواء جامع الحاكم بأمر الله، برسوماته الجدارية وستائره، وقد هيئ الإيوان لإقامة الورش والدورات التدريبية، فضلا عن كونه مقرا لليلة الفيلم كل خميس.