بعد أيام قليلة يبدأ طلاب الثانوية العامة فى الانتقال لمرحلة تالية من حياتهم الدراسية نحو الجامعة، فيخوضون مرحلة التنسيق، ويتم تحديد الحد الأدنى لتنسيق الكليات وفقاً لنسبة النجاح وعدد الناجحين. وبالتزامن مع ظهور نسبة التنسيق، تظهر إعلانات عديدة من مكاتب التسفير لتوفر تسهيلات للسفر والإقامة والالتحاق بالجامعات خارج مصر. ويتأهب سماسرة التعليم فى مكاتبهم فى الداخل أو الخارج فى محاولة لحصد نصيبهم من بيزنس مولد التعليم الذى يبدو أن صاحبه غائب دائما! تتولى مكاتب سفريات معروفة فى القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ توفير تسهيلات السفر والإقامة والالتحاق بالجامعات. إعلانات تلك المكاتب منتشرة بشدة حاليا فهو عز الموسم، ومن ضمن هذه الدعاية تجد: «فرصة لطلاب الثانوية لدراسة الطب فى إحدى الجامعات الروسية أو الأوكرانية المعتمدة دون اشتراط المجموع» مع التأكيد أن الدراسة فى الجامعات الروسية والأوكرانية تتعامل بالرغبة وليس بالمجموع. «كلها محصّلة بعضها».. هكذا بدأ «م. ح» حديثه، الذى يعمل منسقًا للسفريات بأحد المكاتب بالإسكندرية. هو سمسار يدعو إليه الطلبة الحاصلين على مجاميع منخفضة، لتحقيق حلم الالتحاق بكليات القمة فى الخارج. ويضيف: «يعنى أول متروح بيتعملك اختبار لغة واختبار فى الكيمياء والفيزياء والأحياء، ولو سقطت بتكتب تعهد إنك تلتزم فى حضور كل المحاضرات». ويعلّق الشاب على حال كليات القمة التى لم تعُد كذلك، فهو نفسه خريج اقتصاد وعلوم سياسية ويعمل فى مجال السفريات. أما عن الإجراءات المطلوبة فيقول: «ملء أبلكيشن، وعمل جواز سفر، وفى خلال 30 يوم بنجيب لك دعوة للسفر فى الدراسة فى الجامعة اللى هنتفق عليها». ويؤكد أن أوكرانيا أسهل من روسيا وأرخص ماديا للطلبة خاصة فى جامعة أوديسا. ويضيف «م. ح»: «بالنسبة للطب مدة الدراسة 6 سنين، والسنة ب4100 دولار يضاف إليها 300 دولار لحجز السكن فى المدينة الجامعية وبتدفع الفلوس دى فى صندوق الجامعة هناك، يتحصل المكتب منك على 3000 دولار شاملة تذكرة الطائرة والتسجيل والدعوة وترجمة الأوراق، وده بعد السفر هناك، المصروفات حتى التخرج تتكلف حوالى 29 ألف دولار. وبعد التخرج يحصل الطالب على كارنيه نقابة الأطباء فالمكاتب معتمدة لدى وزارتى التعليم الأوكرانية والروسية، خاصة من لديهم موقع إلكترونى، ويتم عمل مقابلة فى السفارة هنا والأوراق كلها رسمية وسليمة، وعلى موقع المجلس الأعلى للجامعات الكليات المعترف بها». ورغم تأكيد مكاتب التسفير والسمسرة الدراسية والمنتشرة فى أنحاء البلاد التى تقوم بعمل دعاية على أبواب مكاتب التنسيق وسناتر الدروس الخصوصية ومواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وتويتر، أن الجامعات معترف بها إلا أن السفارة المصرية فى أوكرانيا تؤكد أن مسألة الاعتراف بالشهادة فى مصر غير مضمون بمعنى أنه من الممكن إلغاء الاعتراف فى أى وقت! يقول الدكتور على شمس الدين، عضو المجلس الأعلى للجامعات ورئيس جامعة بنها، إنه يتم تشكيل لجنة لبحث طلبات التحويل ومدى جدّيتها، فالقانون يتيح للمنقولين ذلك، لكن «المسألة أصبحت بها شبهات». ويضيف: «المجلس لا يعترف بهؤلاء إلا عقب إجراء معادلات دقيقة وصارمة، والتحويلات لن تُجرى إلا بعد دراسة تثبت أحقية الطالب فى النقل، كأن يكون والده يعمل فى أوكرانيا أو السودان وانتقل، أو أن الطالب كان يعيش فعلاً فى السودان أو أوكرانيا أو غيرها من البلدان وهكذا». ومن أشهر الجامعات التى يرتادها الطلبة المصريون فى أوكرانيا جامعة خاركوف الوطنية وبجاموليتس وبلتاف وهى الجامعات الثلاث المعترف بها فى مصر لدراسة الطب البشرى ويتم بها الدراسة إما بالروسية أو الإنجليزية. أما عن تكاليف الدراسة فتتراوح ما بين 3 آلاف دولار إلى 5 آلاف عن السنة الأولى. ويؤكد أحد أولياء الأمور أنه قابل الملحق الثقافى هناك واستفسر منه عن إحدى الجامعات هل يعترفون بها أم لا؟ فكان الجواب: نريد فقط أن نحدد خمس أو ست جامعات فى أوكرانيا للاعتراف بها. إذن فالقرار لا يرتكز على بحث علمى بل هو إجراء تقنى، وللأسف هذا الموضوع لا يعانى منه الطالب الأوكرانى أو الأوروبى فلا يوجد مثل هذه الموضوعات قضية معترف بها أو غير المهم أن تحمل شهادة تؤهلك للعمل بمجالها، مثل الذى يحمل إجازة قيادة سيارة غير مهم من أى دولة حصل عليها المهم أن يجيد فن القيادة. ولكن هناك اعتقادًا جازمًا يدخل فى أمور سياسية واقتصادية فى ظل التنافس بين دول العالم لكسب الطلاب العرب للدراسة فى بلادهم. وفى الوقت الذى يؤكد فيه الأمين الأعلى للجامعات فى مصر : «إننا مللنا من إصدار التحذيرات فنحن لن نحمى المغفلين ولن يستطيع النصابون خداعنا. لا معادلة لشهادة أجنبية دون النظر لمجموع الثانوية، وحتى لا نوقع الطالب فى حيرة أكثر ننصحه بالآتى: خلال دراسته للسنة التحضيرية الأولى فى أوكرانيا عليه بمراجعة سفارة بلده أو التعليم العالى فى بلده للاستفسار عن الجامعات المعترف بها حتى يستطيع الالتحاق بها». ويؤكد خبراء التعليم أن زبائن هذه المكاتب نوعان الأول يقع فريسة لأحلامه الوهمية فى الالتحاق بكليات الطب والهندسة وما شابهها بعد إخفاقه فى الثانوية العامة، ويصحو فى النهاية على كارثة، والآخر يعرف أنه يسير فى الطريق الخاطئ، لكن لديه أملا أن يستطيع خداع المجلس الأعلى للجامعات بعد عودته من الرحلة الطويلة، وأن النوع الأخير يسعى عقب السنة الدراسية الأولى للتحويل إلى إحدى كليات الطب فى الجامعات الخاصة المصرية، فلا يكفى أن تكون الجامعة الحاصل منها على الشهادة معتمدة، لأن المجلس الأعلى للجامعات ينظر فى الأساس إلى مجموع الطالب فى الثانوية العامة أو ما يعادلها وقت الالتحاق بالجامعات، سواء كانت فى أوكرانيا أو غيرها من الدول، وأن لا أحد يستطيع خداع المجلس بالتحويل من جامعة إلى جامعة حتى يحصل فى النهاية على شهادة فى الطب من جامعة مصرية دون أى وجه حق.