مثل كرة الجليد، تصاعدت حدة الأحداث فى صحيفة «المصرى اليوم» منذ إطلاق سراح المهندس صلاح دياب مؤسس الصحيفة ونجله «توفيق» على ذمة اتهامهما بحيازة سلاحين ناريين بكفالة مالية. وفى الوقت الذى اشتعل فيه الصراع والضغوط من جانب عدد من الأجنحة داخل الصحيفة المستقلة لتولى منصب رئاسة التحرير الذى خلا باستبعاد محمود مسلم، رئيس تحرير صحيفة «الوطن» الحالى، والضغط من أجل تسمية أحد مديرى التحرير الحاليين رئيسا للتحرير، سادت حالة من الانقسامات داخل مجلس إدارة الصحيفة. فيما أيد عدد منهم تعيين محمد السيد صالح مدير التحرير، القائم بأعمال رئيس التحرير فى المنصب عارض آخرون الفكرة وطالبوا باختيار رئيس التحرير من خارج المؤسسة تلافيا لحدوث أزمات داخل مجلس التحرير، خاصة أن كلاً منهم يعتبر نفسه الأولى برئاسة التحرير على حد قول مصادر مقربة من الأزمة. وأضافت المصادر التى طلبت عدم نشر أسمائها أنه تم عرض عدد من الأسماء لتولى المنصب بعضها من صحف حكومية وأخرى مستقلة وحزبية، وأن مجلس إدارة الصحيفة لايزال يدرس الأسماء المطروحة. وتابعت المصادر أن من بين هذه الأسماء حمدى رزق، رئيس تحرير مجلة المصور، ومحمد أمين الكاتب فى صحيفة الوفد المقرب من مؤسس المصرى اليوم، وأحمد موسى الكاتب فى «الأهرام» ومقدم برنامج «على مسئوليتى» عبر قناة «صدى البلد» المملوكة لرجل الأعمال محمد أبوالعينين، الذى قدم عرضا منافسا للعرض الذى قدمه رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذى يملك حصة فى أسهم المؤسسة لشراء الصحيفة إلى جانب عدة أسماء أخرى أبرزها مجدى الجلاد، رئيس التحرير الأسبق ل«المصرى اليوم» الذى كان قد رحل عن الصحيفة بعد خلافات شديدة مع شريف عبدالودود العضو المنتدب السابق. وقالت مصادر أخرى مقربة من محمد السيد صالح القائم بأعمال رئيس التحرير إن صالح سيرفض رئاسة التحرير حال عرضها عليه من جانب مجلس الإدارة بسبب رغبته فى الاستمرار فى منصبه السابق مديرا للتحرير، موضحا أن صالح الذى ظهر فى الآونة الأخيرة عبر عدة برامج فضائية من بينها «القاهرة والناس» ليس من هواة الظهور الإعلامى. وأضافت المصادر أن مؤسس «المصرى اليوم» الذى يملك الحصة الأكبر من أسهم المؤسسة يعيش حالة تردد شديدة بسبب تسمية رئيس التحرير الجديد خاصة بعد أزمة القبض عليه ونجله والتحفظ على أموالهما فى مشروع «نيو جيزة» فى مدينة 6 أكتوبر. وتابعت أن «دياب» يعيش صراعا بين اختيار رئيس تحرير قوى له تاريخ ومواقف، وآخر يكون تحت السيطرة، موضحة أن «دياب» يخشى أن يدخل بسبب رئيس التحرير القوى فى صراعات مع الدولة بسبب ارتفاع سقف المعارضة داخل الصحيفة، خاصة فى الوقت الذى تتحفظ فيه الرئاسة على أداء بعض الإعلاميين الذين يتبنون موقفا مهاجما للنظام. وقالت: إن «دياب» لا يرغب فى الوقت نفسه فى اختيار رئيس تحرير «تحت السيطرة»، خوفا من تسببه فى تراجع سقف المعارضة، وعزوف القارئ عن الصحيفة، التى أكد مجدى الحفناوى مدير إدارة طباعتها وتوزيعها فى تصريحات خاصة ل«روزاليوسف» أنها الصحيفة الأولى فى توزيعها بين جميع الصحف المستقلة والحزبية، والثانية على الإطلاق توزيعا فى مصر بعد الأهرام. فى السياق نفسه انقسم الصحفيون داخل «المصرى اليوم» حول تسمية رئيس التحرير الجديد، وفيما طالب عدد منهم بتسمية «صالح» رئيسًا للتحرير، باعتباره الأكفأ والقادر على الحفاظ على تماسك الصحيفة، بحكم علاقاته الطيبة بجميع الأطراف، إلى جانب مهنيته، رأى آخرون أنه لابد من اختيار رئيس التحرير، من خارج المؤسسة، خوفًا من حدوث مشاكل، من جانب الأسماء المستبعدة من رئاسة التحرير. وكشفت مصادر مطلعة من داخل الصحيفة، عن وجود لقاءات واجتماعات بالجريدة، وصفتها ب«السرية والغامضة والمغلقة»، وتوقعت تعلقها بالصراعات حول رئاسة التحرير، وقالت: إن من بين هذه اللقاءات، اجتماع توفيق دياب، نجل مؤسس المصرى اليوم، مع محمد السيد صالح، أكثر من مرة، فى لقاءات مغلقة، استمرت عدة ساعات، إلى جانب زيارة محمد سمير، نجل الناقد السينمائى، سمير فريد، الذى كان تولى منصب رئيس التحرير، خلفًا ل«مجدى الجلاد»، وعقده لقاءً مغلقًا مع «صالح»، وإيهاب الزلاقى، مدير تحرير الصحيفة. وقالت المصادر: إن من بين أسباب أزمة تسمية رئيس التحرير الجديد، ما سمته ب«مذبحة الصحفيين»، التى تعرض خلالها أكثر من 60 صحفيًا للفصل من المؤسسة، على خلفية عدم تفرغهم، من خلال العمل فى عدد من القنوات الفضائية، ومن بينها «الحياة»، التى يعمل بها أكثر من 10 صحفيين، إلى جانب «سى. بى . سى» و«النهار» و«دريم». وأضافت المصادر أن الأزمة تتمثل فى عاملين، أحدهما ثورة الغضب بين الصحفيين، الذين لم يتم استبعادهم، بسبب ما سموه فصل زملائهم تعسفيًا، إلى جانب رفض أكثر من مرشح لتولى رئاسة تحرير الصحيفة، توقيع عقده رسميًا مع المؤسسة، قبل إنهاء أزمة المستبعدين، خاصة بعد دخول نقابة الصحفيين على الخط فى النزاع، وتهديدها باتخاذ إجراءات صارمة ضد أعضاء مجلس التحرير، ورئيس التحرير الجديد. وتابعت المصادر أن أكثر من مرشح لتولى المنصب، اشترط أولاً على مجلس الإدارة، تسوية مستحقات المستبعدين المالية، وإعادة أصحاب الكفاءة منهم، إلى العمل، موضحة أن من تم استبعادهم كانوا وباقى صحفيى المؤسسة، وقعوا إقرارات قبل عدة أشهر بالتفرغ الكامل للعمل فى الصحيفة. كان صحفيو «المصرى اليوم»، أبدوا رفضهم لاتخاذ الإدارة عدة إجراءات، اعتبروها تعسفية، من بينها تخفيض عدد العاملين بالمؤسسة، وتكليف رؤساء الأقسام بترشيح الاستغناء عن 50 % من الصحفيين، رغم قيام الجريدة بالاستغناء عن عدد من الزملاء من قبل. واعتبر صحفيو الجريدة هذا الإجراء مجحفًا ومهدًرا لحقوق الصحفيين، ويمثل إهانة للعمل الصحفى، لأنه يتم دون الرجوع للنقابة، وأكدوا استمرارهم فى الدفاع عن حقوقهم، وعدم الاستجابة لضغوط الإدارة، أو أى محاولات تهديد أو ترهيب، وشددوا على أن ولاءهم للمؤسسة التى رفعوا اسمها وجعلوها الأولى بين الصحف. وقالت مصادر مطلعة: إنه مع إعادة هيكلة «المصرى اليوم»، تخلى الكاتب الصحفى محمود مسلم رئيس تحرير الصحيفة عن منصبه، وغادر رئاسة التحرير، فيما أعلن أبو السعود محمد، الصحفى، عضو مجلس نقابة الصحفيين، رفضه تولى رئاسة التحرير، بسبب الأزمات التى تتعرض لها الجريدة، وقال فى تصريحات سابقة: إنه لا يجوز المرور على رقاب الزملاء، ولابد من حصولهم على كل حقوقهم قبل قبول أى منصب بالجريدة. وأعربت نقابة الصحفيين، فى عدة بيانات متتالية، عن قلقها البالغ إزاء التطورات السلبية التى تجرى داخل «المصرى اليوم»، وأدت إلى استقالة مسلم، بسبب «إجراءات جديدة للهيكلة»، ستؤدى حال تطبيقها إلى الاستغناء عن عدد كبير من الزملاء والإضرار بحقوقهم المستقرة التى يكفلها لهم القانون، والتدخل فى شئون التحرير من جانب الإدارة بالمخالفة لكل الأعراف والتقاليد. وأرسل النقيب خطابًا إلى الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم»، حول المبررات التى أدت إلى قيام إدارة الجريدة بمطالبة الصحفيين التوقيع على تعهد يعطى الإدارة الحق فى إنهاء التعاقد بإرادتها المنفردة ودون رجوع الزملاء على المؤسسة بأى مطالبات مالية أو قانونية فى حالة عدم الالتزام بشرط التفرغ للعمل، وتساءل الخطاب عن دواعى هذا الإجراء فى هذا التوقيت، خاصة أن نص التعهد يعفى المؤسسة من الإجراءات القانونية المتبعة فى مثل هذه الحالات، ويجرد الصحفى من حقوقه.