لا يمكن أن يمر فوز المطرب الكبير هانى شاكر المستحق بمقعد نقيب الموسيقيين بعد منافسة شرسة مع مصطفى كامل، مرور الكرام باعتباره نقطة تحول خطيرة ستلقى بظلالها على مستقبل النقابات الفنية بمصر بعد أن خضعت نتائجها فى السنوات الأخيرة لاعتبارات تأصلت على فكرة الألاعيب الانتخابية ومنطق الخدمات الوهمية لأعضائها واقتحام أسماء من الصفوف الخلفية لا تخدم سوى مصالحها الخاصة واستغلال المركز والمكانة لحساباتها الشخصية وهى الثقافة السائدة فى العهود السابقة، والمحصلة تراجع النقابات الفنية وفقدان هيبتها ودورها. فوز أمير الغناء العربى يعكس وجود رغبة ملحة لكبار نجوم الموسيقى وتلاحمهم مع أمير الغناء لإنقاذ النقابة من السقوط بالإضافة إلى تهذيب الذوق العام والمشاعر النبيلة للتغيير الحقيقى وإعادة البريق والهيبة لها بعد أن تحولت إلى وكر للخارجين عن القانون، حتى تدنى الذوق الموسيقى ووصل إلى مرحلة عبثية بعد اقتحام الدخلاء عليها الذين أفسدوا الذوق الرفيع.. هذه النقابة التى تولى إدارتها عمالقة الموسيقى والغناء ليس فى مصر، بل فى العالم العربى كله فى مقدمتهم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وسيدة الغناء العربى أم كلثوم التى تولت المنصب لسبع دورات متتالية. هانى شاكر لم يتقدم للنقابة طمعا فى منصب أو تطلعا لتحقيق مكاسب والبحث عن دور فى دائرة الأضواء، بل إنه تقدم لتطهيرها من الدخلاء والمدعين والمفسدين. أمير الغناء العربى كما قال عقب إعلان فوزه فى مهمة وطنية وقومية لتظبيط الوجدان واسترداد كرامة المهنة وكبريائها ومكانتها كأعرق نقابة موسيقية فى الشرق الأوسط والتى تأسست عام 1942. و«هانى» قادر على رد اعتبار النقابة وتأهيلها للقيام بدور وطنى فى هذا التوقيت الحساس من عمر الوطن.. والمدهش أن عمومية النقابة انحازت للأسماء اللامعة والمتحمسة لخدمة الموسيقى والغناء وجاءت بمجلس متوازن ومقبول دفع الشارع الغنائى للشعور بالارتياح على مستقبل النقابة العريقة فى مقدمتهم المطربة المميزة نادية مصطفى والموسيقى د. عاطف إمام ود. رضا رجب وحسن فكرى والملحن عمرو طنطاوى إلى جانب أسماء واعدة مثل د. أحمد الصاوى وأحمد رمضان ومحمد أبواليزيد وعلاء سلامة ومنصور هندى. هؤلاء جميعا نجحوا فى تحرير النقابة والموسيقى والغناء من قبضة الجهلاء والمتسلقين وإعلان بدء عهد جديد للنقابة يعيد له الهيبة والكبرياء. فوز «هانى شاكر» باسمه وتاريخه وكتالوجه الغنائى هو نقطة تحول خطيرة فى تاريخ النقابات الفنية وبارقة أمل للمبدعين الحقيقيين لتصدر المشهد وكتابة تاريخ جديد فى هذه الفترة الحساسة من تاريخ أم الدنيا بعد غيبوبة طويلة أفسدت المشاعر ولوثت الذوق العام.∎