شهدت المدينة الجامعية بجامعة القاهرة حالة من التوتر مع بداية العام الجامعى الجديد، بسبب الإجراءات الغريبة المطلوبة لأول مرة فى تاريخ المدن الجامعية، فضلاً عن اللوائح القانونية الصارمة وغير القابلة للاختراق. بدأت قصة المغتربين والمغتربات مع المدينة هذا العام، وكالعادة من صفحات الفيس بوك، ومجموعاته الخاصة بالمدن الجامعية مثل «المدينجية، مدينة الطالبات بالجيزة، مدينة رعاية الطالبات، إدارة الأنشطة الطلابية، وغيرها»، ومع اقتراب موعد بدء الدراسة فى كل عام تنشط هذه المجموعات، وتصبح الصفحات كخلايا نحل لا تخمد ولا تمل من الأسئلة، وإن كانت مكررة عن موعد تقديم الأوراق، أسماء المقبولين، قيمة المصروفات، وغيرها، ورغم أن هذه الاستفسارات تبدو منطقية لا مجال فيها «للفَتى»، لكن كما تقول إسراء أحمد الطالبة بقسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة: الشعب المصرى لا يوجد فى قاموسه كلمة ''لا أعلم''، ولابد أن يضع «التاتش» الذى يخصه، وبالتالى تجد الإجابة على السؤال الواحد بخمسة ردود مختلفة على الأقل، إن لم ينشأ نزاع بين أصحاب الفتاوى، وينقلب المنشور إلى مجموعة من الشتائم المتبادلة. فيش وتشبيه! تضيف إسراء: رغم أن هذا هو عامى الثالث فى الإقامة بالمدينة الجامعية أنا وزميلاتى، لكن أصابتنا الدهشة بسبب كم الإجراءات المطلوبة والمثيرة للتهكم فى آن واحد، بالإضافة للأوراق التى تطلب فى كل عام، وزحام التقديم غير الآدمى، لكن الدولة لم تكتف بذلك، بل زادت الطين بلة، وطلبت منا استخراج صحيفة الحالة الجنائية «الفيش والتشبيه»، وهو ما اعتبرناه مزحة كبيرة استنكرها الجميع، وأفتى البعض أنها مطلوبة من الذكور فقط، ولكن جاءت منشورات صفحات المدن مخيبة لآمالهم حين صرحت نصاً أن الفيش بالفعل سيطبق على البنين والبنات. تحليل المخدرات! أما فاتن السيد الطالبة بكلية العلاج الطبيعى، جامعة القاهرة فتقول: إن القرارات الجديدة لم تقف عند طلب صحيفة الحالة الجنائية، ولكن تبع ذلك طلب تحليل المواد المخدرة من المركز القومى للسموم بقصر العينى، مما أثار الاستغراب والفكاهة فى آن واحد بين الطلاب، وتضيف: انتشرت على سبيل الدعابة عبارات «خلى بالك هتتقفش، قلتلك بطل الصنف» وغيرهما''. دوامة الجداول تقول الطالبة دينا أشرف: إن صفحات المدن بالفيس بوك ظهر عليها جداول مختلفة لمواعيد تسكين الطلبة، فى حين لم يظهر على الموقع الرسمى للمدن الجامعية إلا جدول واحد، وبعد الاعتراف به وتوثيقه بأنه الجدول الأساسى الوحيد، ظهر على صفحة المدينةبالجيزة أن هذا الجدول لتسكين الطلاب فقط وليس الطالبات، وأن مدن الطالبات جدولها يختلف، وتتساءل دينا: هل نصدق الصفحة التى يديرها طلاب أم نصدق الموقع الرسمى؟! من خرج من داره اتقل مقداره! لم تكتف المدن الجامعية بحالة التخبط التى أصابت الطلاب، بل غيرت تقسيم الكليات بداخل المدن مرة أخرى، فأصبحت الطالبات هائمات على وجوههن، لا يعلمن إلى أى مدينة يتجهن، والاعتراض الأكبر كان من طالبات كلية الإعلام، لأن المتعارف عليه فى السنوات السابقة أن مغتربات إعلام يتم تسكينهن بمدينة الجيزة«المدينة الأم» بميدان الجيزة مع كليات الطب والعلاج الطبيعى وغيرهما. بدأت معاناة الطالبة المغتربة من صباح السبت أول أيام الدراسة بالجامعة، فى تمام الثامنة من على شباك استخراج طلب تحليل السموم، وكان الطابور طويلاً لا يرى أوله من آخره، ليس فيه تنظيم وبعيد عن الآدمية استمر لساعات طويلة، وكان لتعطيله أسباب عدة منها «أن ورق الطلبات خلص والمديرة بتمضى غيره وقدامها ساعة ونص» ما أصاب اشمئزاز الطالبات من الموظفين الذين لم يراعوا أنهن قادمات من سفر يصل إلى عشر ساعات إذا كن من آخر الصعيد، الصيحات بدأت تعلو «انتوا فى التكييف وإحنا الشمس هتموتنا، ارحمونا» أما سعيدات الحظ اللاتى انتهين من هذا الطابور بسلام، فاتجهن بعده من الجيزة إلى قصر العينى لإجراء تحليل البول لكشف السموم، فاصطدمن بطوابير أخرى على أبواب المعامل وتعود الطالبة بعد ذلك للمدينة مرة أخرى لتجد ما لا يقل عن أربعة طوابير فى انتظارها، الأول لتسلم «الفيش والتشبيه» والصور الشخصية والثانى طابور الكشف الطبى وبعدها تنتقل إلى المبنى المحدد لها وتقف فى طابور تحديد الغرفة والدور، ثم طابور دفع المصروفات. الأم تلفظ أبناءها لا تقبل لوائح المدن الجامعية هذا العام الطالبات اللائى تقل مسافة محافظاتهن عن 05 كيلو مترا، وتقول الطالبة فاتن الحاصلة على تقدير جيد جدا بكلية العلاج الطبيعى: الموظفون كعادتهم لا يراعون ظروف طالبات الأماكن النائية، فهم يقومون بالتسكين حسب جدول التقديرات، فى حين أن محاضراتنا تبدأ من أول يوم فى الدراسة، فنصل فى أول يوم ونقضيه بالكامل من السابعة صباحا حتى التاسعة مساء على رصيف المدينة الجامعية والباب مغلق فى وجوهنا. مفيش أكل تقول الطالبة نورهان عبدالسلام المقيمة بمدينة الجيزة: إن إدارة المدن الجامعية أصدرت قرارا بأن أول شهر فى السكن لا يتم تسليم فيه أى وجبة غذائية للطالبات، وبررت المدن ذلك بأن المطاعم الرئيسية بها تجديدات. وتضيف نورهان: أظهرت الطالبات استياءهن من ذلك الوضع خصوصا أن الأكل ليس على المستوى المطلوب، ومع ذلك يحرمونهن منه! ورغم أن إدارة الجامعة قررت زيادة المصروفات مائة جنيه كاملة للتغذية، بعد أن كانت مصروفات الإقامة مع التغذية خمسة وستين جنيها لا غير، أصبحت هذا العام مائة وخمسة وستين جنيها، مما أثار غضب الطالبات وأولياء الأمور تحت راية «هو فين الدعم».∎