لا يزال الرئيس التركى الجديد رجب طيب أردوغان متمسكا باستكمال مخطط المؤامرة على مصر، بعد أن انكسرت أحلامه فى الهيمنة على المنطقة من خلال إرادة الشعب المصرى وقائده، الذى أعاد لمصر وجهها الحقيقى الرافض للتبعية أو الانسياق وراء أحلام المغامرين من أمثال أردوغان. أردوغان، الناقم على ثورة التغيير التى أطاحت بعصابة الإخوان المسلمين الإرهابية، يجدد فى كل يوم دعمه للتنظيم الإرهابى بأوامر من التنظيم الدولى، بل يخطط لتوفير الحضانة للكيانات الوهمية والهشة التى تتحدث عن دعم الشرعية، ومعاملتها كمعاملة الائتلاف الوطنى للمعارضة السورية، الذى يستضيفه فى اسطنبول، حتى يظهر على أنه الداعم والحاضن لكل من يسميهم بالمظلومين والمضطهدين فى المنطقة، لكن الفرق فى الحالة المصرية هو رغبته فى الانتقام، ومحاولة عرقلة كل تقدم تحرزه مصر والسعى لزعزعة الاستقرار الداخلى بشتى الوسائل. ∎ أردوغان ذو الوجهين الازدواجية والكذب هما سمتان أصيلتان فى الإخوان المسلمين، ومن على شاكلتهم، وترسيخا لهذه الازدواجية ناقض أردوغان نفسه فى أربع وعشرين ساعة فقط، ففى حدود ما سمح له الموقف لإظهار دعمه للإخوان المسلمين تنفيذا لأوامر التنظيم الدولى، وجه أردوغان الدعوة لأعضاء الكيانين الوهميين، ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» وما يسمى «المجلس الثورى المصرى» لحضور المؤتمر العام الاستثنائى لحزب العدالة والتنمية الحاكم، حتى يسلم الراية من بعده لوزير خارجيته أحمد داود أوغلو، الذى كان هو المرشح الوحيد لرئاسة الحزب والحكومة. وبناء على دعوة رسمية من حزب العدالة والتنمية شارك أعضاء التحالف والمجلس الثورى المزعومون فى المؤتمر، حيث لن يتاح لأردوغان الالتقاء بهم بعد ذلك إلا سرا. وعقد أردوغان وداود أوغلو لقاءات جانبية على هامش المؤتمر قدم فيها ممثلو الكيانين أسمى آيات الحمد والثناء لأردوغان ورفيقه داود أوغلو بسبب رعايتهما لفلول الإخوان الهاربين إلى تركيا وكان أبرز الحاضرين الدكتور عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولى فى حكومة هشام قنديل، والدكتور جمال حشمت، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، ويحيى حامد، وزير الاستثمار فى حكومة قنديل، والدكتورة مها عزام، رئيس المكتب التنفيذى لما يسمى بالمجلس الثورى المصرى، والدكتور عطية عدلان، رئيس حزب الإصلاح والقيادى بتحالف دعم الشرعية، والمهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة والقيادى بدعم الشرعية، والشيخ مصطفى البدرى، عضو المكتب السياسى للجبهة السلفية ومنسق التحالف بتركيا، و المحامى نزار غراب عضو المكتب السياسى بالحزب الإسلامى وعضو التحالف، والمستشار المعزول وليد شرابى المتحدث الرسمى باسم ما يسمى بحركة قضاة من أجل مصر والأمين العام للمجلس الثورى المصرى، وسلمى أشرف عبد الغفار ابنة القيادى الإخوانى المقيم فى تركيا الدكتور أشرف عبد الغفار، والتى تعرف نفسها على أنها ناشطة حقوقية. بالطبع لم يكن الوقت متاحا لأردوغان ولا لداود أوغلو للاستماع إلى ما يريده فلول الإخوان ومناصروهم فى تركيا، من مطالب تتعلق بتسهيل معيشتهم فى حظيرته ومساعدتهم فى مجال الصحة والتعليم، ولذلك كلف أحد مساعديه، وهو ياسين أقطاى، بجمع هذه المطالب للنظر فيها عندما يحين الوقت. كان هذا هو الوجه الأول لأردوغان، الذى كشف عنه بوضوح عندما التقى ممثلو هذين الكيانين بشكل علنى، وفى مؤتمر الحزب، بغض النظر عما إذا كان اللقاء استهدف الاعتراف بهما كممثلين للشعب المصرى على غرار الائتلاف الوطنى السورى، الذى وجه إليه أردوغان الدعوة كممثل للشعب السورى أم لا، أما الوجه الآخر الذى ناقض به نفسه فهو توجيه الدعوة للقائم بأعمال السفير المصرى فى أنقرة حسين السحرتى لحضور حفل تنصيبه كرئيس للجمهورية فى اليوم التالى مباشرة لمؤتمر الحزب أى فى الثامن والعشرين من أغسطس الماضى. ∎ فى حكم البروتوكول أردوغان كان رئيس حزب العدالة والتنمية ومن حق الحزب أن يدعو من يشاء، ومن حق أردوغان أيضا أن يتصرف مثلما تتصرف «المرأة الكيادة»، لكن أردوغان هو الرئيس التركى وليس فى البروتوكول ما يسمح له بدعوة أمثال هؤلاء فى حفل رسمى بالقصر الجمهورى، ومصر لم ترفض حضور القائم بالأعمال من منطلق المعاملة بالمثل، فقد حضر القائم بالأعمال التركى حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولأن أردوغان أعرب عن انزعاجه من التهنئة التى بعث بها الرئيس السابق عبد الله جول للرئيس السيسى فإن رئيس مصر لم يعره أى اهتمام ولم يرسل له بالتهنئة. لا أحد فى الشارع التركى يفهم ما يفعله أردوغان، وقطاع عريض أيضا داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم لا يفهم إصراره على العناد ضد مصر وقيادتها، وكثيرون منهم يكتشفون فى النهاية، بأنه من أتباع سيد قطب ، ويقع عليهم هذا الكشف كحقيقة مذهلة. ∎ تكثيف المؤامرة خلال الفترة التى كان أردوغان منشغلا فيها بالانتخابات الرئاسية، لم يغفل للحظة واحدة عن الاستمرار فى مخططه الدنىء ضد مصر، فقد شهد شهر أغسطس، الذى أجريت فيه الانتخابات، تكثيف اللقاءات والاجتماعات وإطلاق ما يسمى بالمجلس الثورى المصرى من اسطنبول، وفى الأسبوع التالى عقد اجتماع لما يسمى بتحالف دعم الشرعية، وفى الأسبوع نفسه عقد اجتماع التنظيم الدولى للإخوان المسلمين تحت غطاء الاجتماع الرابع للجمعية العمومية لما يسمى بالمجلس العالمى لعلماء المسلمين برئاسة يوسف القرضاوى، الذى كان هو القاسم المشترك فى جميع هذه الاجتماعات سواء بحضورها أو بتسهيل انعقادها فى تركيا . وقبل ذلك بشهر وأكثر قليلا، وتحديدا فى 27 يوليو الماضى، حرص أردوغان على طمأنة الإخوان المسلمين المقيمين فى اسطنبول على أن دعمه لهم سيستمر، وذلك خلال لقاء لمساعده ياسين أقطاى معهم ومع ممثلين لما يسمى بتحالف دعم الشرعية. وكان من أبرز الحضور من التحالف مجدى سالم رئيس الحزب الإسلامى وجمال حشمت عضو مجلس شورى جماعة الإخوان ومصطفى البدرى منسق التحالف فى تركيا ومحمود فتحى رئيس حزب الفضيلة والمحمدى عبد المقصود عضو مجلس الشعب الإخوانى المنحل. ∎ الخطوة المرتقبة إذن فكل تحركات أردوغان ومساعديه فى الفترة الأخيرة، والحرص على توجيه الرسائل للإخوان باستمراره فى دعمهم، تشى بالخطوة المرتقبة، وهى الاعتراف بهذه الكيانات الوهمية ودعمها، لتوظيفها فى تنفيذ مخطط أردوغان للهيمنة على المنطقة، وقد وجهت المعارضة التركية اتهامات صريحة لأردوغان بإيواء الإرهابيين من مختلف دول المنطقة والعناصر الجهادية التى تذهب لسوريا والعراق من أجل توظيفهم فى اللحظة المناسبة لتحقيق حلمه الذى انكسر بالضربة التى وجهت لتنظيم الإخوان الإرهابى فى مصر.