3 سيدات أعلنَّ عزمهن الترشح فى الانتخابات الرئاسية، وهو ما يؤكد أن المجتمع يقبل التغيير بعد أن كان لدينا مرشحة واحدة فى انتخابات 2012 وهى بثينة كامل، أما الآن فلدينا ثلاث سيدات هن بثينة كامل، هدى الليثى ناصف وزينة سيد جاد، إلا أن المرشحات الثلاث مهددات بعدم خوض الانتخابات بسبب عدم التمكن من جمع التوكيلات المطلوبة للترشح لأنهن لا يدعمهن أحزاب سياسية أو حركات شبابية أو المنظمات العاملة فى مجال حقوق المرأة، وهو ما دفع البعض إلى القول بأن الفكر الذكورى هو السبب، والبعض الآخر احتفى بمجرد إعلان الترشح الذى يعد مكسبًا حقيقيًا، إلا أنه إلى متى ستظل المرأة المصرية بعيدة عن المنافسة على المنصب الرئاسى خصوصًا أن المرشحة بثينة كامل خاضت تجربة الترشح فى الانتخابات السابقة ولم تستفد منها هذه المرة. المشهد الانتخابى فى ظل وجود المرأة، يدعو للتفاؤل الحذر، لأول مرة نجد 3 مرشحات يحاولن الدخول فى معترك الانتخابات الرئاسية، ففى عام 2012 اقتصر المشهد على بثينة كامل فقط، لكن هذه المرة هناك ثلاث سيدات أعلنّ رغبتهن فى التقدم لخوض الانتخابات الرئاسية، وهن هدى الليثى ناصف، وبثينة كامل، وزينة سيد جاد، غير أن جمع التوكيلات كان عقبة كبيرة أمامهن، وهى ليست المشكلة الأولى والأخيرة التى سيواجهنها، فالمشاكل فى طريق المرأة لأنها امرأة كثيرة ولن تنتهى، فهل نريد مرشحات تقريبا فرص فوزهن منعدمة لنثبت للعالم أن المرأة تستطيع الترشح للرئاسة، أم أن وجودهن فاترينة ديمقراطية غير واقعية، مع ثقافة مجتمعية ذكورية إقصائية للمرأة؟!!
من جانبها علقت هدى الليثى ناصف إحدى المتقدمات لخوض الانتخابات الرئاسية قائلة: فى واقع الأمر نحن نواجه صعوبة فى جمع التوكيلات، التى تجعلنا نتقدم لخوض السباق الرئاسى، ولكن نقوم حاليا بجولات فى مختلف المحافظات لجمع التوكيلات المطلوبة، وبالفعل استطعنا جمع 10 آلاف توكيل حتى الآن، وأريد أن أقول لا تراهنوا على خسارتنا لأننا لدينا كتلة تصويتية تقدر ب30 مليون صوت انتخابى، لن نتركها تذهب إلى مرشحين بعينهم، بل سنحاول أن نكسب جزءًا كبيرًا من هذه الكتلة من خلال برنامج واضح ومحدد، وهو الأمر الذى يدفعنا خلال الفترة المقبلة لعمل مناظرات أمام المرشحين الآخرين، كما أنه ليس من الديمقراطية أن نطلب بعد ثورة 30 يونيو أن يكون المشهد الرئاسى مقتصرًا على حمدين صباحى والمشير السيسى.
أما عن تقبل المجتمع لفكرة ترشح امرأة للرئاسة فتقول: هناك من يرفض وجود فكرة امرأه على سدة الحكم، ولكن هذه المشكلة تنتهى بمجرد التفاعل مع الناس، من خلال المؤتمرات الجماهيرية والندوات، خاصة إذا لمسوا أن من يتحدث إليهم لديه برنامج ورؤية مبنية على دراسة للواقع الاقتصادى والاجتماعى المصرى، وتتفق معها سميرة إبراهيم منسقة حملة «بثينة كامل» فى الانتخابات الرئاسية قائلة: «المشكلة التى تواجه الحملة حاليا ليست فى مدى تقبل المجتمع المصرى لوجود امرأة تخوض السباق الرئاسى، ولكن المشكلة التى تواجهنا حاليا هى جمع التوكيلات، وللأسف فإن إعلان بثينة كامل خوضها للانتخابات الرئاسية جاء متأخرا جدا وهو الأمر الذى جعلنا نحاول مسابقة الزمن لجمع ال 25 ألف توكيل المطلوبين، أما عن المرشحات الآخريات لن نتحدث عنهن، ولكن بثينة أكثر الوجوه السياسية المألوفة فى الشارع المصرى، كما إنها ليست لديها مشكلة فى تعريف نفسها، لذلك موقفها فى الشارع أقوى من بقية المرشحات فى خوض السباق الرئاسى، وعلى الرغم من أنها ليست التجربة الأولى لبثينة، لكن لا يمكننا مقارنتها بالانتخابات الماضية، نظرا لاختلاف الظروف السياسية الحالية عن المرة السابقة، ولكن هناك مشاكل أخرى نواجهها غير جمع التوكيلات، فبثينة لا تنتمى لأى حركة أو حزب سياسى حتى يساندها، كما لا يوجد أى دعم من الأحزاب السياسية لها، بل على العكس هناك أحزاب أعلنت موقفها من المرشحين منذ بداية فتح باب الترشح، فهناك من سيؤيد المشير السيسى، وهناك من سيدعم حمدين صباحى، كما إننا عندما حاولنا استقطاب بعض القوى السياسية أو الثورية لتشكيل تكتل من شأنه تعزيز موقف بثينة لجمع التوكيلات سواء من حركات سياسية أو أحزاب، اكتشفنا أنهم لا يختلفون نهائيا عن الأحزاب الدينية بل على العكس الأحزاب المدنية أكثر إقصاءً للمرأة، بحجة «إيه اللى يخلى ست تنزل الانتخابات الرئاسية»؟!!، إضافة إلى أننا نواجه صعوبة فى تمويل الحملة وأغلب الموجودين فيها ينفقون من مخصصاتهم المالية الخاصة فليس لدينا رأس مال مثل المرشحين الآخرين.
من جانبه يؤكد الدكتور يسرى العزباوى الخبير فى شئون الأحزاب بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، أن فرص المرشحات تكاد تكون منعدمة فى خوض الانتخابات من الأساس بسبب عدم تمكنهن من جمع التوكيلات المطلوبة للتقدم للجنة العليا للانتخابات، كما أن ثلاثتهن يفتقرن لوجود أحزاب سياسية قوية تدعمهن، فلا ينتمين إلى أحزاب سياسية أو تكتلات أو ائتلافات تعزز من موقفهن أو توسع من قاعدتهن الشعبية، المرأة فى حد ذاتها تجد صعوبة بالغة فى خوض الانتخابات البرلمانية فما بالك بالرئاسية والتى تعد أشرس بمراحل، كما أن المنظمات النسائية أو العاملة فى مجال حقوق المرأة لم تعلن عن دعمهن إعلاميا أو شعبيا، كما لا يوجد سيدات أعمال يمولن حملات المرشحات، فمن أين سيأتين بالأموال للإنفاق على حملاتهن، وعلى الرغم من أن المرأة المصرية كانت وقود ثورة يونيو العام الماضى، وكان لها دور بارز فى ثورة يناير، إلا أن فرص فوزها للأسف مازالت ضئيلة، ليس فقط بسبب وجود السيسى فى السباق الانتخابى، بغض النظر عن الوجه المنافس حتى لو افترضنا بأن المنافس لها صباحى أو مرتضى منصور فستكون النتيجة هى الخسارة، وذلك لأننا ما زلنا نعانى من مشكلة ثقافية ومجتمعية فى المقام الأول وهى فكر المجتمع الذكورى، الذى يرى أن الرجل أفضل فى القيادة من المرأة، وهو نفس الموقف الذى يؤمن به قطاع كبير من السيدات اللائى ينظرن للمرأة القيادية أو التى تريد أن تتولى القيادة أو الحكم نظرة دونية من مبدأ «هى عايزة تعمل راسها براس الراجل»، نحن ما زلنا نحتاج لتغيير ثقافة المجتمع الذكورى للإيمان بقدرة المرأة، ومن ينظر للمرأة الأوروبية كإنجيلا ميركل أو حتى مارجريت تاتشر كان ورائهن أحزاب سياسية قوية وحاكمة فى بلدانهن، لم يكن سيستطعن الفوز فرادى دون وجود أحزاب تدعمهن.
أما الدكتور عبد العليم محمد الكاتب والمحلل السياسى فلديه وجهة نظر مختلفة فيقول: «حتى ولو لم نخرج بفائزة لكن على الأقل استطعنا كسر الجمود الخاص بأن الترشح للرئاسة مقصور على الرجال فقط، فكرة خوض امرأة للانتخابات الرئاسية هى تكليل لكفاح المرأة، فهى فى كل الأحوال تجربة إيجابية يجب أن ندعمها ونعزز منها فى المجتمع المصرى، نحن نعلم جيدا أن مشكلة المرشحات هى جمع التوكيلات اللازمة للتقدم للترشح للرئاسة، أما عن فكرة تقبل المجتمع لوجود امرأة فى سدة الحكم فسيأتى اليوم الذى يتقبلها، خاصة أن المجتمع المصرى تقبل أفكارًا مرفوضة كثيرة، فكرة الثورة والخروج على الحاكم فى حد ذاتها كانت من الأفكار المرفوضة لديه، ولذلك لا تحكموا على تجربتهن الآن، ولكن الحكم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة ومدى سهولة الحصول على التوكيلات والدعم والنضج والوعى فى عمل تكتلات حزبية تساندهن فى المرات المقبلة، والذى سيتشكل من هذه التجربة».