لقبين حصل عليهما الإعلامى الساخر باسم يوسف خلال أسبوع واحد فقط، فلم يكفه الشهرة والبروباجندا التى حققها محليا وإقليميا وعالميا، خلال عام واحد، من خلال برنامجه «البرنامج»، الأنجح والأكثر مشاهدة فى الشهور الأخيرة، ليحقق شهرة جديدة، ولكن هذه المرة بالسرقة، عندما اقتبس مقالا لأشهر الكتاب فى العالم، وأخذ فقرات كاملة، استعان بها فى مقاله الأسبوعى، بجريدة «الشروق»، دون الإشارة إلى المصدر، ليكتشف الأمر، ويصبح فضيحة أكبر قدرا فى شهرتها، مما حققه خلال عام واحد، هو ومن وراءه، من ملايين فى قناتين هما الأكبر فى الشرق الأوسط «سى بى سى» ثم «إم بى سى». مقدم «البرنامج» الذى يمتلك قدرات فى السخرية والتهكم، مطلوبة فى هذه الفترة، كدور تم ومازال مستمرا، بوجوده فى مشهد إسقاط عرش «الإخوان» فى مصر، ثم استمراره من خلال إعلام حتمى يقدم من خلاله، يمنع عادة للمصريين، بتأليه الرئيس الجديد، سواء كان المشير السيسى، أو غيره، ولكن سقطة «باسم» فى نهاية هذا الأسبوع، جاءت مغايرة لما تعرض له فى بداية نفس الأسبوع، الذى كان فيه مظلوما ومقهورا، باتباع أعمال القرصنة، بالتشويش على برنامجه بطريقة مستفزة، عبر جهات غير معلومة، وسط اتهامات صادرة من برنامجه، وهو شخصيا، بأن الدولة هى التى تقف وراء هذا التشويش، وأن باستطاعتها التشويش على البث كما فعلت مع قناة الجزيرة قائلا: «بالنسبة للحجة الرهيبة بتاعة «ما كانوا يشوشوا ع الجزيرة»، الجزيرة يا باشا اتشوش عليها فعلا، وسابت النايل سات من زمان»، والغريب فى حديث «باسم» عن التشويش، أن حديثه مشوه ومشوش، حيث مازالت القناة القطرية، تبث على القمر الصناعى المصرى، وذلك بحسب الموقع الرسمى للقناة، بعنوان: «ترددات الأقمار الصناعية»، والتى تحمل تردد 11727 على النايل سات، لمشاهدة قناة الجزيرة الإخبارية والجزيرة مباشر، مع تنويه الموقع، بتغيير التردد على القمر الصناعى المصرى، من تاريخ 31 مارس الجارى، ليكون التردد الجديد على القمر المصرى،على التردد 11564 أفقى.
واقعة التشويش على باسم يوسف جاءت بمجموعة من التساؤلات أولها: أيهما أخطر على مصر.. قناة الجزيرة القطرية التى تشوه الحقائق، وتعمل لإعادة تنظيم إرهابى «الإخوان المسلمين»، إلى الحكم، ووجودها كذراع أساسى متطرف فى مخطط هدم مصر.. أم باسم يوسف الذى يقدم برنامجا ساخرا، تتفق أو تختلف معه، ولكنه فى النهاية، لا تتجاوز مهمته عن الناقل لفضائح الإعلام المصرى، ومذيعى وإعلامى التوك شو وما يطرحونه من كوارث تساعد على تفريغ المواطن، ليقدم ذلك مذيع البرنامج، بشكل ساخر، محقا فيه!
سلاح التشويش، إذا كان متاحا فى الاستخدام، ليس فى إطار رفض الدولة والأجهزة السيادية، فى التعدى على حريات الإعلام والفكر والتعبير، ولكن خشية من تكبد غرامات مالية، إذا ثبت تورطها فى التشويش، كان من المنتظر، الخروج به على قنوات «الجزيرة»، الموجودة فى ساحة أعمال العنف بالشارع المصرى، عبر جماعة «الإخوان»، بدلا من استخدامه ضد «باسم»، الذى لن يكون أخطر من القناة القطرية!
التساؤل الثانى المصاحب لأزمة التشويش، يدور حول أن هذه الواقعة ليست الأولى، التى يتعرض لها «يوسف»، فالأولى كانت فى يوم الجمعة 7 مارس 2014 عندما وضح التشويش من حين إلى آخر خلال الحلقة، وهو ما تنبهت إليه القناة، مثلما تنبه ملايين المشاهدين، ومع ذلك كان التشويش بشكل معدم للبرنامج فى الحلقة التالية، 14 مارس 2014 على الرغم من أن تكرار سيناريو التشويش كان متوقعا بشكل أقوى من سابقتها، إلا أن مجموعة «أم بى سى»، التى تمتلك أقوى الإمكانيات على ساحة الفضائيات القادرة على مواجهة ذلك، لم تتحرك، واستسلمت برغبتها أمام ذلك، ليفتح مجالا للشك حول أمرين، الأول أن التشويش يتم من الداخل كنوع من ارتفاع وتيرة الجدل فى الشارع حول البرنامج وإظهاره مقموعا ومرعبا للدولة، الثانى: أن التشويش مرحبا به، لخلق نفس الحالة الجدلية!
التشويش الأول فى 7 مارس، صاحبه بيان معلن فى اليوم التالى، على موقع التواصل الاجتماعى، من صفحة تدعى «الجيش المصرى الإلكترونى رمز العدالة»، حيث قالت مجموعة الهاكرز أنهم نجحوا فى الضغط على «سيرفر» البث الخاص بالقناة، لإحداث تشويش خلال عرض البرنامج، وقال مدير الصفحة: «أنا شخصيًا مش بكره باسم ولا ضده بالعكس أنا من معجبيه، بس حبيت أديله قرصة ودن علشان يخفف شوية من المصطلحات والإسقاطات الإباحية والألفاظ الخارجة، أتمنى تكون الرسالة وصلت، و«بعدين كل شيخ وليه طريقته وإحنا دى طريقتنا فى الهزار»، وأضاف المسئول الذى يحمل اسم «رمز العدالة»: «توضيح اللى حصل مع باسم مش تشويش فى فرق بين التشويش والضغط على جهاز البث واختراقه، التشويش بيكون بأجهزة إرسال بترسل إشارة على نفس التردد ودى مش بتكون إلا مع جهات سيادية وإحنا شباب لا نملك مثل هذه التكنولوجيا».
خيوط أخرى كشفها الخبير الأمنى العقيد خالد عكاشة، الذى قال ل«روز اليوسف»، أن قناة «أم بى سى- مصر»، قامت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والنايل سات، فى تتبع الشبكات الإلكترونية، التى قامت بالتشويش، ليكتشف أن شبكة «رصد» الإخوانية، هى الواقفة وراء ذلك، حيث وجد أن الأدمن الذى يعمل منه ما يسمى «الجيش الإلكترونى» الذى قام بالتشويش، هو ذاته أدمن «رصد»، وذلك من خلال البحث عن المصدر.
وتابع «عكاشة» الدولة لا تقف خلف ذلك، خوفا من الغرامات المالية القاصمة، التى من الممكن أن تدفعها للقناة، فى حالة إثبات تورطها فى ذلك، وهو أمر يمكن اكتشافه من جانب الأجهزة التقنية للقناة، لافتا إلى أن توجه الدولة نحو ذلك، كان يدفعها من قبل، للتشويش على قناة الجزيرة، التى تعتبر أشد خطورة على الأمن القومى المصرى ودعمها للإرهاب،
وعن امتلاك الدولة لأجهزة التشويش، قال «عكاشة»: نمتلك التقنيات والأجهزة، ولكن حدوث مثل هذا الأمر، يكون عبر قرار سياسى، ينفذ عن طريق شركة النايل سات، ويأخذ القرار من جانب الرئيس ومجلس الوزراء وفى نفس الوقت، يكون معلوما للقناة، أن التشويش يتم من جانب أجهزة الدولة، وأضاف: «التقنيات الحديثة تعطى للقنوات بدائل لمواجهة التشويش، لاسيما عندما تكون قناة كبيرة مثل «أم بى سى»، متسائلا: ما هو التصرف الذى اتخذته القناة.. هل تقدمت بشكوى للنايل سات؟!.. هل استخدمت البدائل التقنية خاصه أن التشويش تم من أسبوعين؟! أم هى سعيدة بالآثار الجانبية للتشويش؟!
ننتقل إلى خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حازم عبدالعظيم، الذى قدم تقديرا آخر، وهو أن التشويش على القناة من خارجها، يكون على جميع قنوات المجموعة، ولا يتوقف عند الإعلانات فقط، ثم يعود مرة أخرى مع استمرار الحلقة.
وشن «عبدالعظيم»، هجوما على «باسم يوسف» وذلك بالتزامن مع «سقطة» سرقة المقال من جانب مقدم «البرنامج»، وقال: «لما واحد يسرق مقالة.. يعمل أى حاجة.. من الممكن أن تكون الفقرات التى يقدمها مسروقة هى الأخرى».