جاء الحكم الصادر الثلاثاء الماضى بحظر أنشطة حركة حماس فى مصر كالصاعقة على الجماعة الإرهابية وحلفائها من حماس وقطر، لأن حماس كانت قد تجاوزت كل الخطوط مع مصر لدرجة التهديد باختراق الحدود وتدريب الإخوان على الأعمال العسكرية بغزة، والتدخل المستمر فى شئون مصر وكعادة مصر ورغم قسوة ظروفها ظلت كبيرة أمام صغائر الإخوان وحماس، وفور أول رد فعل صغير من مصر بنص حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة حماس «مؤقتًا» وما يتبع عن حماس من جمعيات ومؤسسات وأسباب هذا الحكم ترجع إلى دور حماس فى قضية التخابر المتهم فيها المعزول مرسى وعشيرته بجانب تهريب المساجين من سجن وادى النطرون وهو الأمر الذى رأته المحكمة يؤثر على الأمن القومى المصرى وكانت حماس ورجالها قد اتجهوا إلى استهداف مصر وأداروا ظهرهم للعدو الحقيقى إسرائيل واستمرت عمليات قطع خطوط الغاز التى وصلت إلى رقم 19 آخرها فى يناير الماضى، وإلقاء القبض على بعض رجال حماس منهم القيادى محمد حامد محمود وإخفاء حماس للمتهم باختطاف الضباط المصريين وأمين شرطة على الحدود فى 30 يناير 2011 عقب ثورة يناير، وهو القيادى الحمساوى ممتاز دغمش.. كما أن أجهزة الأمن ألقت القبض على سبعة من حماس بحوزتهم خرائط لمنشآت عسكرية وسيادية، وأبرز الاتهامات الموجهة لحماس هى استهداف الجنود المصريين فى واقعة استشهاد 16 من أبناء القوات المسلحة فى رمضان ولحظة الإفطار واتهامهم بأنهم جيش الكفار وأمام جرائم حماس صدر الحكم للرد على هذه الأعمال العدائية ضد مصر.
وانبثق عن حماس عدة جماعات مسلحة منها كتائب عز الدين القسام وأنصار بيت المقدس، وكلها وجهت عداءها وغلها الأسود ضد مصر لدرجة التلويح باقتحام الحدود المصرية وإثارة الأكاذيب ضد مصر بأنها تحاصر القطاع، إنما الحقيقة الواضحة هى حصار حماس للشعب الفلسطينى ونشر الانقسام والفرقة مع حركة فتح وأصيب قادة حماس بلوثة الكذب بأن الحكم القضائى المصرى يصب فى صالح إسرائيل ويدمر المقاومة وأن فلسطين لن تعود بسبب ذلك، ومصر منحت إسرائيل فرصة لتجريم حماس والقضاء على المقاومة نهائيا.
ونسى قادة حماس أنفسهم لأنهم منذ نشأة الحركة فى 1987 على يد الشيخ أحمد ياسين وسبعة من قيادات الحركة أعلنوا أنهم امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، بل هم ذراعها العسكرية فى فلسطين وكونوا كتائب القسام وتحولوا من العمل تحت اسم «المرابطون على أرض الإسراء» إلى حماس ولم يفعلوا أى شىء للقضية الفلسطينية سوى المشاركة فى انتفاضة الأقصى عام ,2000 وكعادة الإخوان ومن يتبعهم من الغاوين اخترقوا العمل السياسى التشريعى فى البرلمان الفلسطينى عام 2005 وحصلوا على 76 مقعداً من أصل 132 فى الانتخابات التشريعية عام ,2006 وعلى طريقة المغالبة لا المشاركة، وبدأت حربهم ضد فتح للقضاء عليها، وبدلا من توجيه أسلحتهم سويا إلى إسرائيل حملوا السلاح ضد بعضهم البعض ولم يغب الدور المصرى عن فلسطين يوما، فأسرعت وتدخلت لعقد الصلح بين فتح وحماس. نبت الإخوان الشيطانى أضعف القضية الفلسطينية بدلا من دعمها والدفاع عنها، وعندما أصبحت حماس خاتماً فى يد الإخوان لعبوا بهم ضد وطنهم مصر بكل خسة وندالة لأنهم لا وطن لهم ولا عهد سوى مصالح الجماعة ورجالها، وكعادة الإخوان لعبوا على إثارة المشاعر ضد مصر واتهموها برفض عبور الحجاج الفلسطينيين معبر رفح فى 2008 وأدخلوا السعودية فى القضية، إلا أن الجميع لم يلتفت لأكاذيبهم ونفت مصر منع الحجاج الفلسطينيين، كما أكدت السعودية استعدادها لاستضافتهم، وفشلت حماس فى شق الصف العربى واللعب باسم الدين.. وعندما سقط الإخوان فى مصر انطلقت حماس بلا وعى لدعم الإخوان وهاجمت مصر لدرجة أن أقزامها وقفوا على الحدود يهددون مصر ويدربون الخونة الإخوان داخل غزة مكونين «جيش حر» على غرار سوريا، لكن مصر تصدت لأوهامهم وبصدور الحكم أدركت حماس حجمها الحقيقى بدون أى عمل عسكرى، كما كان يطالب البعض لأن مصر أكبر من الصغائر.
وكانت مصر قد نفد صبرها عندما أعلنت حماس أن مصر تتدخل فى شئونها وفى الشأن الفلسطينى وذلك عبر سامى أبوزهرة المتحدث باسم حماس الذى اتهم السفير المصرى فى غزة ياسر عثمان ونائبه السفير طارق طايل بأنهما يتدخلان فى الشأن الفلسطينى ويرسلان تقارير غير حقيقية لما يحدث فى غزة وهو ما ضاق بالمسئولين فى مصر.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل امتدت تطاولاتها إلى اتهام أحد المتحدثين باسمها بأنه يعمل لصالح مصر ضد القضية الفلسطينية لأنه اختلف مع حماس التى ترى نفسها اختزالا لكل الأمة العربية والإسلامية فى الدفاع عن فلسطين والقدس باعتبارهم «المرابطون» على أرض الإسراء.
وتسبب حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى ردود أفعال متباينة داخل قطاع غزة حول حماس وأفعالها وتخيلاتها بأنها يمكن أن تقف ضد مصر وشعبها.
أحمد عساف المتحدث الرسمى باسم حركة فتح يقول: حماس لم تسمع النصائح التى كانت توجه إليها من كل القوى الفلسطينية ومن فتح، كنا نقول لها لا تتدخلوا فى شئون مصر لدورها مع القضية الفلسطينية خاصة أن مصر ليست دولة صغيرة، ومن الطبيعى أن تتحرك ضد ما تفعله حماس، وكنا نتمنى ألا تصل الأمور مع حماس لهذه الدرجة، وعليها أن تعيد حساباتها وأن تكون حركة فلسطينية لا طوق نجاة لجماعة الإخوان، وردا على اتهاماتها لمصر وعدم تدخلها فى شئونها يرى عساف أن حماس تسعى دائما للهروب إلى الأمان ولا تسعى لحل المشكل بل تصديرها إلى الآخرين سواء فى مصر أو فى القطاع.
وعليها أن تواجه المشاكل وتعمل على حلها وتعترف بالأخطاء وعليها التوقف عن توزيع الاتهامات لأن لا أحد يحاصر غزة، والادعاء بأنها المسئولة عن الدفاع عن القضية والشعب حصريا غير صحيح ولدينا مؤخرا ثلاثة شهداء فى قطاع غزة، ماذا فعلت حماس تجاه إسرائيل؟! لم تفعل شيئا، وغير دقيق أن قرار مصر يصب فى صالح إسرائيل، بل ما فعلته حماس هو ما يصب فى الصالح الصهيونى، وما تفعله أيضا من انقسام للصف الفلسطينى يصب فى صالح إسرائيل فقط وعليها أن تعود إلى رشدها مع مصر والجميع، بينما يحمل د.عدنان أبوعامر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة قرار الحظر لمصر وحماس ويرى أنه كان من الأفضل حل الأزمة بشكل غير هذا لأن حماس ليس لها مكاتب فى مصر!! والجانبان المصرى والفلسطينى حملا الموضوع أكثر مما يحتمل، وأرجع سبب توتر العلاقات إلى خلافات وأزمات الإخوان فى مصر، ونبه على ضرورة توحيد الصف ضد إسرائيل وليس الانقسام على أنفسنا.